تتجدد أزمة الثانوية العامة ويكثر الحديث عن كيفية تطويرها كل عام، وكأن التعليم المصري انتهى من كل مشاكله ولم يتبق سوى الثانوية العامة التي يجب أن تتطور لينصلح حال التعليم، ومع ذلك لم يحدث تطورا لمناهج هذه المرحلة من خلال الحكومات المتعاقبة سوى مجرد "قص ولصق". فمنذ عام 2008، أصبح تطوير الثانوية العامة أزمة كل حكومة تتولى زمام الأمور، ففي هذا العام انعقد المؤتمر القومي لتطوير الثانوية العامة برئاسة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وخرج المؤتمر بعدة توصيات شملت ضرورة تطوير الثانوية العامة وإنشاء جذع مشترك بين التعليم الثانوي العام والتعليم الفني، وأن تكون الشهادة الثانوية شهادة منتهية يحق لحاملها أن يدخل الجامعة أو أن يكتفي بها، كما أوصى المؤتمر بضرورة أن يكون دخول الجامعات قائم على اختبارات قدرات، وتلك التوصيات التي هاجمتها لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشوري برئاسة الدكتور فاروق إسماعيل، آنذاك، أصبحت فيما بعد الأعمدة الرئيسية لمشروع تطوير الثانوية العامة، والذي عرف بنظام الثانوية العامة الجديد، وبدأ تسويقه بعد ثورة 25 يناير، وقت البرلمان المنحل والذي كانت تسيطر عليه جماعة الإخوان الإرهابية برئاسة الدكتور سعد الكتاتني. ووقت أن كان جمال العربي وزيرا للتربية والتعليم في عام 2011، اعتمد مجلس الشعب المنحل، نظاما جديدا للثانوية العامة، كخطوة أولى نحو إحياء مشروع الحزب الوطني المنحل، الذي سوقته الجماعة الإرهابية باعتباره مشروعها للارتقاء بالتعليم، وتطويره، وغير مجلس الشعب المنحل نظام الثانوية العامة من نظام العامين إلى شهادة العام ، وكان العام الماضي آخر عام يؤدي فيه الطلاب امتحان الشهادة الثانوية بنظام العامين وطلاب يؤدون الامتحانات بنظام العام الواحد، والعام الجاري يؤدي جميع طلاب الثانوية العامة الامتحانات بنظام العام الواحد، عدا الطلاب الراسبين والمقيدين على النظام القديم. ورغم أن مشروع الثانوية العامة الجديد كان شبه جاهز منذ أعوام خلت، إلا أن الحكومة الإخوانية، لم تنفذه وأخذت تقدم نفسها على أنها هي منتج المشروع الفعلي، وشكلت عدة لجان بين التربية والتعليم والتعليم العالي بحجة إعداد مشروع للثانوية العامة، وهي اللجان التي كان يشرف عليها القيادي الإخواني المهندس عدلي القزاز مستشار وزير التربية والتعليم السابق إبراهيم غنيم، وأنفقت تلك اللجان أكثر من ثلاثة ملايين جنيه على اجتماعاتها، دون أن تقدم شيئا جديدا غير اختصار أو تحديث بعض الأفكار القديمة التي وضعت من قبل، وكان الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم الحالي واحدا من الذين شاركوا في إعداد مشروع الثانوية العامة الجديد وقت أن كان رئيسا لقطاع التعليم الفني بالوزارة، وذلك قبل محاولات الجماعة الإرهابية السطو على المشروع. الجمهورية الثالثة مع عهد الجمهورية الثالثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، بدأ العد التنازلي لبلورة الشكل النهائي لنظام الثانوية الجديدة التى لم تتغير فى بنودها الكثير عما كان مطروحا أيام نظام مبارك، والمتوقع أن يكون مشروع الثانوية الجديد على رأس المشاريع التي تقدم للبرلمان القادم، لإقراره كقانون جديد. ووفقا لمشروع للثانوية العامة الجديدة؛ فإنه يهدف إلى ربط الثانوية العامة والتعليم الفني بجذع مشترك، بغرض تربية الطلاب وتعليمهم بحيث يكونوا قادرين على الاستمرار في التعلم مدى الحياة واستكمال دراستهم في الجامعة، وهذا الهدف يتعارض مع أحد أساسيات المشروع القائم على أن تكون شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية، وتعني أنها تعادل شهادة الدبلوم الفني التي يحصل عليها الطالب في المدرسة الفنية سواء صناعية أو زراعية أو تجارية، وبناء عليه فأن الطالب له الحق في دخول الجامعة أو الاكتفاء بالشهادة الثانوية والدخول بها إلى معترك سوق العمل، وهو ما يتنافى مع الأهداف الموضوعة للمشروع، حيث إن ما يتعلمه الطالب في الثانوية العامة لا يمكنه من اقتحام مجالات سوق العمل. الأساس الثاني للمشروع يتمثل في "الجذع المشترك" بين الثانوية العامة والدبلومات الفنية، وهي نفس التوصية التي أوصى بها المؤتمر القومي لتطوير الثانوية العامة عام 2008، وتهدف تلك التوصية إلى إعداد طالب ثانوي يلم بأساسيات التعليم الفني والعام عن طريق التدريب أثناء الدراسة، بحيث يكون مؤهلاً للعمل، وذلك في حالة أن يختار الطالب عدم استكمال دراسته الجامعية، ونظام الجذع المشترك مطبق في عدد كبير من دول العالم وعلى رأسها إيطاليا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة وبعض البلدان العربية الأخرى. جذع مشترك الجذع المشترك في الثانوية العامة الجديدة يقوم على إلغاء نظام الشعب المتبعة حاليا في الثانوية، والتي تقسم الطلاب إلى علمي وأدبي، وتغيير نظام الشعب إلى نظام المجموعات، وهذه المجموعات تؤهل الطلاب إلى الجامعة وفقا للمواد التي يدرسونها، بحيث تتحول المواد إلى مواد تؤهل للكليات الأدبية ومواد تؤهل للكليات الهندسية ومواد تؤهل للكليات الطبية ومواد تؤهل للكليات العلمية، ومواد مؤهلة للكليات الفنية. وتوصلت اللجان المشتركة بين التربية والتعليم والتعليم العالي، إلى البقاء على نظام التنسيق مع تطوير العمل بنظام قبول الطلاب في الجامعات، بحيث يتم تقسيم مكتب التنسيق إلى 4 قطاعات، بدلاً من النظام الحالي، بحيث يقسم المكتب الكليات إلى كليات العلوم الأساسية والطبية، والكليات الهندسية، والكليات الأدبية والفنية وتشمل الكليات النظرية مثل الآداب ودار العلوم والإعلام والفنون الجميلة والتربية الفنية، والكليات القانونية وتشمل كليات الحقوق، وكليات إدارة الأعمال، والكليات الهندسية والحاسبات والمعلومات، وتسمى كل مجموعة من تلك المجموعات في مكتب التنسيق بمسمى قطاع، ووفقا للمشروع الجديد سيكون كل طالب بعد الحصول على الشهادة الثانوية محددا رغباته في الكلية التي يريدها وفقا للمواد التي درسها وتؤهله لدخول الكلية، بحيث يكون مكتب التنسيق بالنسبة له وسيلة مرور للكلية التي درس موادها لتؤهله للجامعة. وكان المشروع يرتكز على أن يتم عقد امتحانات قبول للطلاب، وكانت الإشكالية هي كيفية تطبيق تلك الامتحانات، ومن يقوم بتنفيذها هل هي التربية والتعليم أم التعليم العالي؛ ولكن توصلت اللجان المختصة بدراسة الوضع النهائي للمشروع إلى رفض عقد امتحانات قبول للطلاب؛ بسبب عدم وجود ضمان لشفافية تلك الامتحانات، وخوفاً من المحسوبية التي قد تطرأ على تلك الامتحانات، وكان رفض تلك الامتحانات هو أحد الأسباب التي دفعت اللجان المختصة بالمشروع بالإبقاء على نظام التنسيق باعتبار أنه الأكثر شفافية، مع تطوير نظام عمل مكتب التنسيق بحيث يتم اعتماد مجموع معين لكل كلية والطالب الذي اجتاز هذا المجموع ودرس المواد المؤهلة لتلك الكلية يكون من حقه الالتحاق بها، ويحق للطالب أن يتقدم إلى التنسيق خلال 5 سنوات من حصوله على الثانوية العامة، بحيث إنه إذا أراد أن يؤجل دخوله الجامعة لمدة عام أو عامين أو ثلاثة أو أربعة فإنه يحق له التقديم إلى الجامعة وفقا لاشتراطات مكتب التنسيق في سنة حصوله على الثانوية العامة؛ ولكن بعد 5 أعوام لا يحق له التقدم لمكتب التنسيق، وهناك انتقادات موجهة لهذه الجزئية من المشروع إذ كيف يستطيع الطالب استكمال دراسته الجامعية إذا انقطع لمدة 4 أعوام مثلا عن التعليم بعد الثانوية العامة، كما أن هذه الجزئية تتعارض مع هدف التعليم المستمر الموضوع ضمن أهداف المشروع. المواد الاختيارية المؤهلة للجامعات ويحدد نظام الثانوية العامة الجديد للطالب موادا اختيارية تكون مؤهلة لدخول الجامعة وفقا للتخصص الذي اختاره، بينما يدرس جميع الطلاب في مختلف التخصصات موادا مشتركة تسمى المواد الإجبارية، وتضم المواد الإجبارية والتي يدرسها جميع الطلاب في الثانوية العامة في مختلف الصفوف على مواد اللغات سواء العربية أم الأجنبية، ومواد الهوية وتشمل التربية الدينية والتربية القومية والجغرافيا والتاريخ، بالإضافة إلى مواد حديثة مثل مهارات التفكير، وتكنولوجيا المعلومات وهي مواد تهدف دراستها إلى تأهيل الطالب لتعلم أساسيات العصر الذي يعيش فيه. وبحسب المشروع الذي وصل إلى مراحله النهائية قبل تقديمه إلى البرلمان القادم، فإنه يحق لطالب الثانوية العامة أن يدرس ثلاثة مواد مؤهلة لدخول الجامعة، وهذه المواد تؤهله للدخول ضمن أحد قطاعات التنسيق، ويتم تدريس تلك المواد على السنوات الثلاثة، وكان هناك مقترح بتغيير هذا النظام والاعتماد على أن يدرس الطالب مادتين مؤهلتين للجامعة في الصف الثالث الثانوي؛ ولكن اللجان المكلفة بدراسة المشروع تميل إلى اعتماد النظام الأول بحيث إنه يمكن الطالب من التأهل بشكل جيد للجامعة. يتسم النظام الجديد بشيء من المرونة، حيث إن الطالب إذا رغب في تغيير مسار دراسته في أثناء المرحلة الثانوية، فيمكنه تغيير المواد المؤهلة واختيار مواد أخرى نظير تحمل نفقات المواد الجديدة. الساعات المعتمدة وهناك اتجاه إلى اعتماد نظام الساعات المعتمدة في تدريس المواد الإجبارية والمواد الإختيارية لطلاب الثانوية العامة؛ ولكن تطبيق مثل هذا النظام يعني وجود معلمين مدربين على نظم التعليم الحديثة، ونظم التقويم المستمر الذي يمثل أحد ركائز المشروع، وهو ما لم يتضح آليات تطبيقه بعد في النظام الحديث؛ ولكن على كل حال لن يقل عدد الساعات التي يدرسها الطالب للمواد الإجبارية عن 24 ساعة أسبوعيا، وبالنسبة لمواد التخصص أو المواد الاختيارية، فلن تزيد مدة الدراسة عن 6 ساعات. يحدد المشروع مدة الدراسة ب 36 أسبوعا دراسيا في كل عام، وتبدأ الدراسة وفقا لما هو متبع حالياً خلال الأيام العشرة الأولى من شهر سبتمبر في كل عام، وتنتهي في شهر يونيه من العام الذي يليه، وينص المشروع على أن اختبارات إتمام الشهادة الثانوية هي اختبارات قومية تتم بشكل مركزي، وهو الأمر المتبع حاليا، ولكن المشروع الجديد يدرس إمكانية تعديل نظام طباعة الامتحانات، من خلال دراسة نظام طباعة الاختبارات إلكترونيا، بحيث تكون هناك نماذج متعددة من الامتحانات الجاهزة في كل مادة، ويوجد في كل لجنة ماكينة طباعة ويتم بضغطة زر طباعة أسئلة الامتحان في كل لجنة في نفس التوقيت بحسب عدد الطلاب الممتحنين، وهذا لتفادي تسريب الامتحانات، وتوفير نفقات الانتقال والتأمين وغيرها. ووفقا للنظام الجديد، فإنه لا يحق للطالب الذي لم ينجح في التقويم الشامل الذي يتم على مستوى المدرسة، وهذا التقويم يتم من خلال الأسبوع الأول من مايو في كل عام، ويدخل الطالب الاختبار القومي للشهادة الثانوية بعد النجاح في التقويم الشامل، وعقد اختبارات الدور الأول في منتصف يونيه، بينما يعقد الاختبار في الدور الثاني للطلاب الراسبين في ماجة أو مادتين أما من رسب في 3 مواد فيعد راسبا ويعيد العام الدراسي، والطالب الذي يدخل اختبارات الدور الثاني لا يحق له الحصول على أكثر من 50% من درجات المادة.