يأتى يوم الحادى والعشرين من مارس فى كل عام، ليحتفل المصريون بمناسبة غالية على قلوبنا جميعاً، وهى عيد الأم، هذا العيد الذى بدأت الاحتفالات به على يد الأخوين «مصطفى وعلى أمين» ، بعد أن جائهم رسالة من أم تشكو جفاء اولادها وسوء معاملتهم لها، فقرروا تخصيص يوم ليكون عيداً للأم، ووقع الاختيار على أول أيام فصل الربيع، 21 مارس، ليكون رمزاً للتفتح والصفاء والمشاعر الجميلة، واحتفلت مصر بأول عيد أم فى 21 مارس سنة 1956 ، ومن مصر خرجت الفكرة إلى البلدان العربية الأخرى. ولكن هذا العام، حرم الكثير من الأمهات من الاحتفال بهذا العيد، بعد أن فقدن أبنائهم الذين ضحوا من أجل الوطن، والبحث عن الحرية، غاب عنهن أولادهن ليس فقط خلال أحداث الثورة المصرية العام الماضى، وإنما تم إحداث مؤامرات مدبرة للنيل من الشباب المصرى، والانتقام منهم لأنهم قاموا بالثورة، فنجد أحداث ماسبيرو، وأحداث السفارة الإسرائيلية، وأحداث محمد محمود، وأحداث مجلس الوزراء، ومجزرة بورسعيد، والكثير والكثير، وفيات ومصابين وحالات عجز، ورغم ذلك لم يعرف أمهات الشهداء من قتل أولادهن ! «أمهات الشهداء» فى عيد الأم اليوم الأربعاء، يتساءلوا هل رد الجميل لكل أم فقدت أبنها أو ابنتها قرارات المحاكم بتبرئة الضباط من قتل المتظاهرين؟ ... ماذا لو فقد أحد أعضاء المجلس العسكرى ابنه خلال الثورة المصرية.. هل كنا سنجد احكام ببراءة الضباط القتلة؟ «أمهات الشهداء» لا يطالبن سوى بالقصاص، لا يردن تعويضاً مالياً، ولا أن يعقد الكتاتنى ورفاقه جلسات وجلسات لمناقشة مسألة زيادة تعويضات الشهداء إلى 100 ألف جنيه، لماذا لم يعقدوا جلسات وجلسات لمعرفة من قتل هؤلاء؟ ... بس خلى بالك تعويضات الشهداء لمن مات خلال الثورة العام الماضى، وهيتم خصم التعويضات 30 ألف اللى خدهم قبل كده دا مال دولة مش مال سايب ... ياعنى اللى ماتوا خلال احداث ماسبيرو أو محمد محمود أو مجزرة بورسعيد لسه مش عارفين موقفهم إيه؟ .... متفهمش غلط وتظلم البرلمان .. أحنا مستنين تقارير لجان تقصى الحقائق ! «أمهات الشهداء» ينتظرن القصاص، ولن يتنازلن عنه مهما حدث، لأن ببساطة «الضنا غالى، ولما حد يقعد يكبر فى ابنه قصاد عينه ومرة واحدة يروح منه فى ثانية تبقى كنوز الدنيا متعوضنيش عن ابنى» ... هكذا قالت والدة أحد الشباب الذى ضحى بحياته من اجل مستقبل أفضل لنا جميعاً. الكثير من «أمهات الشهداء» فقدن الأمل فى القصاص فى الدنيا، ولكن لم ولن يفقدوا الأمل فى القصاص فى الآخرة، كى تشفى قلوبهم، فالمخلوع ورفاقه ينعمون بحياة كريمة، وزوجته تزوره، وكأن شىء لم يكن، هكذا تقول والدة أحد الشهداء، وتختم حديثها، أن «مبارك والعادلى هم القتلة الحقيقيين، ولكن القضاء المصرى مش هيجيب لينا حقنا، أحنا مستنين حقنا من قضاء الله عزوجل» . ختاماً... تحية لكل أم فقدت أبنها، وقبلة على جبين كل أم ضحى ولدها من أجل حرية هذا الوطن، الذى لولاه لما قامت الثورة، وانتصرت«مشيها انتصرت» ، وتحدث كل واحد منا بحرية دون قيود، وسيظل التاريخ يذكر دائماً هؤلاء الشباب الذين ضحوا بأرواحهم الغالية فداء للوطن، ولحرية هذا الشعب، والتخلص من مبارك الطاغية. تحية لكل شهيد فقد حياته فى سبيل هذا الوطن، وفى مقدمتهم خالد سعيد، الذى كان البداية لثورة الشباب، ورسالة للشهداء .. أنتم بكل تأكيد فى مكان أفضل مما نحن عليه الآن .. ولا يوجد أدنى شك فى ذلك.