كتب-محمد جعفر أربعة أيام، قام خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسى بأول جولة أوروبية له منذ توليه الرئاسة في يونيو الماضى، لتوضيح حقيقة الأوضاع فى مصر واستعادة مكانتها على الساحة الدولية. إالتقى الرئيس، الزعماء السياسيين وكبار المسؤولين فى إيطالياوفرنسا، لإجراء محادثات متعلقة بالشأن الاقتصادى والوضع الإقليمى، لا سيما الملف الليبى، وحشد الدعم على المستويات كافة، اقتصاديًّا وسياسيًّا، فضلا عن التعاون لمواجهة اتساع خريطة الإرهاب. تكتسب الزيارة أهميتها من أن فرنسا تعتبر عضوا مهما فى مجلس الأمن، ولديها تأثير كبير فى القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة، كما أن إيطالياوفرنسا تعتبران عضوين كبيرين فى الاتحاد الأوروبى، ولاعبين هامين على الساحة الدولية كدولتين صناعيتين كبريين مصنعة للسلاح. إيطاليا إيطاليا، أولى محطات السيسى فى أوروبا، لها أهمية خاصة على الصعيد الاقتصادى، لأنها تعد الشريك التجارى الأول لمصر على مستوى الاتحاد الأوروبى، والثالث عالميًّا بعد الولاياتالمتحدة والصين، وبلغ التبادل التجارى بينها وبين مصر نحو 6 مليارات دولار فى 2013، كما تعد خامس أكبر مستثمر أوروبى فى مصر. زيارة السيسى لروما أسفرت عن دعم إيطالى لجهود القاهرة فى مكافحة الإرهاب، وتطابق فى وجهات النظر بشأن خطورة الوضع فى ليبيا، وأهمية تعزيز الجهود كافة لحل الأزمة. وبشأن الأزمة الليبية ظهر جليًّا إدراك رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينتسى خطورة الأوضاع هناك على كل من إيطاليا ومصر وأوروبا. وتقارب الموقف الإيطالى مع نظيره المصرى بشأن أهمية التوصل إلى حل سلمى، وتأكيد رفض التدخل الخارجى فى الشأن الليبى إلا بما ينفع الشعب ويدعم خياراته، ومساعدته فى بناء مؤسساته، خصوصًا الجيش والشرطة. وعن أهمية الزيارة قال وزير التجارة والصناعة منير فخرى عبد النور، المرافق للسيسى فى زيارته، إن «الزيارة لها هدفان رئيسيان، أحدهما اقتصادى لطمأنة مستثمرى إيطاليا بشأن تغييرات وقوانين جديدة تمكن من خلق بيئة جذب للاستثمارات إلى مصر، والثانى والأهم الحصول على دعم سياسى من الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبى لمصر فى مواجهة الإرهاب». وأنهى الرئيس زيارته لإيطاليا مساء الثلاثاء بإبرام صفقات اقتصادية كبيرة، واجتمع بمجلس الأعمال المصرى الإيطالى وشهد توقيع 5 اتفاقيات اقتصادية بقيمة 540 مليون دولار فى عديد من المجالات، تتضمن ضخ استثمارات جديدة بقيمة 100 مليون دولار فى أحد المصانع لإنتاج مكونات السيارات فى مدينة الإسكندرية، ويقوم بتصدير نحو 70% من منتجاته إلى الخارج. وتقدر قيمة الاستثمارات الحالية فى هذا المصنع ب180 مليون دولار، وستزيد 100 مليون إضافية، كما سيتم ضخ استثمارات بقيمة 440 مليون دولار خلال مرحلتين لإنتاج الكهرباء من الطاقة المتجددة سواء أكانت طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، وسيقام المشروع فى جبل الزيت. الفاتيكان من جانبها تتبعت وسائل الإعلام وكبريات الصحف الأوروبية الزيارة، وسلطت الضوء على لقاء السيسى البابا فرانسيس الثانى فى الفاتيكان، باعتبارها أول زيارة من نوعها يقوم بها رئيس مصرى خلال ثمانى سنوات، بعد آخر زيارة للرئيس المخلوع مبارك التى زار فيها المقر البابوى فى الفاتيكان. وتهدف زيارة السيسى على ما يبدو إلى تعزيز علاقات مصر مع الكنيسة الكاثوليكية ومعالجة العلاقة المتوترة بينها وبين الأزهر منذ عام 2011، بسبب تصريحات البابا السابق عن اضطهاد المسيحيين. من جانبها، قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن الغرض من الزيارة المصرية لأوروبا هو تنسيق التجاوب مع القوات المدعومة من الحكومة للقتال ضد الميليشيات المسلحة فى ليبيا، مشيرة إلى أن كلا من مصر وفرنسا يتفقان بأن تهديد الميليشيات فى ليبيا يجب أن يواجه بنفس الاهتمام الذى يحظى به تنظيم «الدولة الإسلامية»، فى العراقوسوريا. بدورها قالت صحيفة «جالف نيوز» الإماراتية الناطقة بالإنجليزية «إن هذه الجولة المصرية تأتى وسط تحركات من جانب السيسى لإصلاح علاقات مصر مع الغرب التى أصابها الفتور». وحول أهمية الزيارة قال السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إنها تعكس تقديرا لمواقف البابا فرانسيس إزاء الانفتاح على الحوار مع الدين الإسلامى، والجهود التى يبذلها، من أجل مكافحة الفقر والدفاع عن القضايا ذات الطابع الإنسانى والتنموى، بالإضافة إلى مساعيه لوقف التدخل العسكرى فى سوريا. وذكرت صحيفة «أفنيرى» الإيطالية أن بابا الفاتيكان البابا فرانسيس وجه دعوة إلى الرئيس السيسى للقائه، لأنه يرغب فى التباحث معه حول الأحداث الجارية فى الشرق الأوسط، فاختصه بزيارة تخلو من الطابع البروتوكولى. وأكدت الصحيفة، التى تعتبر الجريدة الرسمية للكنيسة الكاثوليكية الإيطالية، أن لقاء السيسى وأمين عام الفاتيكان بيترو بارولين، ركَّز على التقارب بين الكنيسة الكاثوليكية والشعب المصرى، خصوصا فى المرحلة الانتقالية السياسية بمصر، موضحة أن أمين عام الفاتيكان طالب السيسى بضرورة تطبيق كل المواد الدستورية التى تكفل حق المواطن فى الحريات الدينية، وبحث سبل التعايش السلمى بين جميع شرائح المجتمع ومواصلة السير على طريق الحوار بين الأديان. فرنسا وفي باريس التي وصل إليها السيسى مساء الثلاثاء، التقى الرئيس خلالها نظيره الفرنسى ووزير الدفاع جان إيف لودريان، ووزير الخارجية لوران فابيوس، ورئيس مجلس الشيوخ جيرارد لارشيه، ورئيس مجلس النواب كلود بترلون فى جلسات مغلقة صباح الأربعاء، ليتناقشوا فى عديد من القضايا المحلية والإقليمية، وبالأخص القضية الليبية، والحرب ضد الإرهاب. وفى ساحة «فوبان» بباريس، قامت جمعية «لم الشمل» بتنظيم وقفة ترحيب واحتفال بزيارة الرئيس فرنسا، شارك فيها عديد من الجمعيات الأهلية الممثلة للجالية المصرية، ونظمت احتفالية بساحة «إنفاليد» بالعاصمة وأخرى بساحة «لاباستيل» مساء الأربعاء تخللتها عروض موسيقية. وعلى الجانب الفرنسى، اهتمت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، بزيارة الرئيس الأولى «قصر الإليزيه» فى باريس، ونوهت الصحيفة الفرنسية بأن «الملف الليبى» جاء على رأس الموضوعات المطروحة للنقاش بين الزعيمين، وأشارت إلى تصريحات السيسى الحصرية لقناة «فرانس 24» بأنه يجب على المجتمع الدولى، بمساعدة أوروبا وأمريكا، تعزيز ودعم الجيش الوطنى الليبى للتصدى للإرهاب، ومساعدة الدولة الليبية على إعادة بناء مؤسساتها، كما أشارت إلى تصريحه باستعداد مصر لمساعدة الجيش والبرلمان الليبى. وذكرت «لوفيجارو» أن المفاوضات بشأن عقود الأسلحة العسكرية بين مصر وفرنسا كانت فى صلب اللقاء بين السيسى ووزير الدفاع الفرنسى، خصوصًا بعد تصريح السيسى ل«فرانس 24» بأن «صفقات السلاح بين مصر وفرنسا تتوقف على تسهيلات السلطات الفرنسية، وما يمكن أن تقدمه فرنسا لمصر». من جانب آخر، رحّب حزب الجبهة الوطنية اليمينى بفرنسا، من خلال بيانه الصادر عن إيميريك شوبارد، مستشار مؤسس الحزب للشؤون الدولية وعضو البرلمان الأوروبى، بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لبلاده، قائلا بالنيابة عن الحزب «مرحبا بكم فى باريس»، حسب ما نقلته صحيفة «لوبوان» الفرنسية. احتفالات وفي ساحة «فوبان» بباريس، قامت جمعية «لم الشمل» بتنظيم وقفة ترحيب واحتفال بزيارة الرئيس لفرنسا، شارك فيها عديد من الجمعيات الأهلية الممثلة للجالية المصرية، حسب ما أكده رئيس الجمعية وليد الحريرى على صفحته الشخصية. وستقام احتفالية أخرى بساحة «إنفاليد» بباريس بمناسبة الزيارة الأولى للسيسى لفرنسا، وتوقع رئيس رابطة الجالية المصرية بباريس، صالح فرهود، أن تشارك أعداد غير مسبوقة، تصل إلى عدة آلاف من المصريين المقيمين فى فرنسا والقادمين من كل أوروبا فى الاحتفال. كما تشهد ساحة «لاباستيل» مساء اليوم وقفة ترحيبية أخرى تتخللها عروض موسيقية.