نجح التنظيم الدولى لجماعة الإخوان فى زرع عناصره داخل مؤسسات ومنظمات دولية تعمل فى مجال حقوق الإنسان، على نحو جعل هذه المؤسسات وتلك المنظمات أقرب إلى فروع للجماعة، منها منظمات دولية عاملة وفق أسس موضوعية عامة مجردة. ولم يتوقَّف مخطط التنظيم الدولى عند هذا الحديث، بل استطاع شراء مواقف وذمم شخصيات تشغل مواقع دولية مهمة، لا سيما الآتين منهم من العالم الثالث، وتحديدًا من بعض الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وبعض الدول الآسيوية الفقيرة، حيث تستخدم الأموال القطرية وأموال التنظيم الدولى للجماعة فى شراء ذمم هذه الشخصيات، ومن ثَمَّ تتبنَّى تلقائيًّا مواقف الجماعة وتردد أقوالها. فى واشنطن ونيويورك التقينا عشرات النماذج من هذه الشخصييات التى تعمل فى منظمات ومراكز بحثية، فنجدهم ينبذون فى الندوات والمؤتمرات للدفاع عن الجماعة، عن مرسى والمرشد، يرددون مقولات الجماعة عن انقلاب 30 يونيو، وقتل الآلاف فى «رابعة والنهضة». ومن بين المنظمات الدولية التى تم زرع عناصر إخوانية داخلية بها، وتقديم أموال لها لتغطية أنشطتها، منظمة «هيومن رايتس ووتش»، تلك المنظمة الدولية التى تعمل فى نطاق الدفاع عن حقوق الإنسان وكشف الانتهاكات التى تقع فى أى مكان فى العالم. ومنذ ثلاثين يونيو بدأت المنظمة تركِّز على الأوضاع فى مصر، وبدا واضحًا أن فريق المنظمة الذى جاء إلى مصر يعمل كأداة لجماعة الإخوان، فقد تغافل الفريق تمامًا جرائم الجماعة وميليشياتها المسلحة، وركَّز على جهود رجال الشرطة فى مواجهة الجماعات الإرهابية، لم ترصد المنظمة أيًّا من الجرائم الكبرى التى ارتكبتها الجماعة وميليشياتها المسلحة، لم تسجِّل اقتحام أقسام الشرطة، وقتل وسحل الضباط وضباط الصف والجنود، وحرق الكنائس والأديرة التاريخية، لم تسجِّل أيًّا من هذه الجرائم، سجَّلت فض اعتصامَى «رابعة والنهضة» واعتبرتهما نموذجًا على الاستخدام المفرط للقوة، لمعسكر جرائم الاعتصامَين، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى الأسلحة التى كانت موجودة داخل الاعتصامَين. وقد اختارت المنظمة الإعلان عن تقريرها حول الاعتصامين فى الذكرى السنوية الأولى، وهو قرار متعمَّد للإثارة والتهييج، فالمفترض أن عمل هذه المنظمات لا علاقة له بتنقيته من هذا النوع إلا إذا جاء فى سياق التنسيق مع التنظيم الدولى، بحيث يستخدم التقرير فى التشهير بالنظام المصرى لخدمة مخطط الجماعة. ومع دعوة الجبهة السلفية والتنظيم الدولى للجماعة إلى «ثورة مسلحة» فى الثامن والعشرين من نوفمبر الجارى، تحت مسمى «ثورة الشباب المسلم»، طلبت المنظمة رسميًّا الوجود فى البلاد لمراقبة الأحداث فى ذلك اليوم، وهى أول مرة فى تاريخ عمل المنظمة التى تطلب فيها مراقبة أعمال عنف مسلحة متوقعة من جماعات خارجة على القانون، وتتقيَّد معلومات المنظمات الحقوقية المصرية الوطنية بأن أعضاء من المنظمة دخلوا البلاد فرادى لأسباب متنوعة، وأنهم ينوون التنسيق لكتابة تقارير تتحدَّث عن عنف جهاز الشرطة ضد المتظاهرين فى الثامن والعشرين من نوفمبر الجارى، يفعلون ذلك وهم يعلمون تمامًا أن الدعوة هى لثورة مسلحة ضد النظام، وهو أمر غير مسبوق فى تاريخ المنظمات العاملة فى مجال حقوق الإنسان، ولا توجد دولة فى العالم تتعامل سلميًّا مع مسيرات مسلحة، فالدولة مسؤولة عن تأمين مواطنيها وحماية المنشآت العامة والممتلكات الخاصة، ومن ثَمَّ من حقها أن تستخدم القوة لحفظ الأمن والاستقرار ومواجهة كل مظاهر الخروج على القانون، ومن حق مصر محاسبة أعضاء هذه المنظمة الذين يعملون ضد الأمن القومى للبلاد.