دعت أكثر من شخصية مصرية رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى إلى تحقيق إنجازات سريعة أو الرحيل وترك السلطة، وهناك من حدثنا عن الرحيل مباشرة، مؤكدًا أنه سوف ينزل إلى الميادين قريبًا للمطالبة برحيل الرئيس، أيضًا هناك من خيّر الرئيس بين تحقيق الأمن والقضاء على الإرهاب، أو الرحيل وترك السلطة. ويبدو أن حديث «الرحيل» أصبح متكررًا على لسان عدد من الشخصيات العامة على نحو بات يثير الاستغراب الشديد، صحيح هناك من بين الداعين إلى الرحيل شخصيات تتسم بالمراهقة السياسية، ولا تقدر أبعاد ما تقول، ولكن الصحيح أيضًا أن هناك شخصيات محترمة ناضجة تعى ما تقول، وكلمتها مسموعة ومقدرة مثل الكاتب وحيد حامد. وفى تقديرى أن من يطالب الرئيس بالرحيل ليست لديه رؤية متكاملة عن دوافع المطالبة أولا، وعن ماذا بعد الرحيل ثانيًا؟ فمن ناحية أولى فإن السؤال الموجه لدعاة الرحيل هو: ما مبررات هذا الطلب؟ هل فشل الرجل فى أداء مهامه؟ فى الحقيقة أن الرئيس يمارس سلطاته منذ نحو خمسة أشهر فقط لا غير، وفى الأشهر الخمسة حقق إنجازات كبيرة على الصعيدين الداخلى والخارجى، فقد بدأت مشروعات ضخمة مثل قناة السويس، وبناء مليون وحدة سكنية، وهناك عشرات المشروعات فى الطريق، لا سيما بعد عقد المؤتمر الاقتصادى فى مارس القادم. على الصعيد الأمنى تحسنت الأوضاع الأمنية كثيرًا، وانتقلنا من اللا دولة إلى الدولة، وجرى تأمين البلاد بالكامل، صحيح استمرت أعمال شغب أنصار الجماعة، ولكن الصحيح أيضًا أنها جماعة تعيش بيننا، ومن ثم فالتعامل معها صعب للغاية، ولا ننكر أن هناك تحسنًا كبيرًا فى المناخ الأمنى فى البلاد. يبقى الإرهاب الذى يحارب قواتنا المسلحة ورجال الشرطة فى شمال سيناء، وهو وضع غاية فى الصعوبة والتعقيد، فمساحة سيناء نحو 64 ألف كيلومتر مربع، معظمها صحراء جرداء ومناطق جبلية وعرة ومغارات طبيعية شديدة الوعورة، وقد أصبحت على مدار السنوات القليلة الماضية ملاذًا للجماعات الإرهابية من شتى أنحاء العالم، وفى سنة مرسى استوطن الإرهاب المنطقة تمامًا، وأصبحت ترسانة للسلاح القادم من السودان، وليبيا، والإرهابيين من غزة عبر أكثر من 1500 نفق. ورغم صعوبة الموقف وتعقيده، تواصل القوات المسلحة ومعها الشرطة حربها على الإرهاب فى شمال سيناء، وتقدمت مصر لأول مرة على إغلاق الأنفاق مع القطاع وإخلاء الشريط الحدودى، والإعداد لحفر بحيرة على الحدود، لضمان عدم حفر أنفاق من جديد. على الصعيد الخارجى حققت مصر على مدار الأشهر الخمسة الماضية اختراقات كبيرة، فكان لقاء الرئيس مع نظيره الأمريكى ومن قبله تنشيط العلاقات مع روسيا، وكسر الجليد فى العلاقات المصرية مع الاتحاد الأوروبى. إذن نستطيع القول إن الرئيس يحقق إنجازات ملموسة على الصعيدين الداخلى والخارجى، وهى إنجازات مقدرة نظرًا إلى حالة التردى التى كانت قد وصلت إليها البلاد، ولا يعنى ذلك أنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان، بل هناك مجالات كثيرة نرى التطوير فيها بطيئًا، وهناك مخاوف لم يتعامل معها بجدية، لكن كل ذلك لا يبرر حديث بعض الشخصيات المحترمة، مثل وحيد حامد عن ضرورة الرحيل، بل ما ننتظره هو طرح رؤى وأفكار وبرامج لمساعدة الرئيس فى تحقيق إنجازات فى مجالات محددة، كما أن مثل هذا الحديث هو فى تقديرى قفزة إلى المجهول، فنحن مع رئيس جاء من مؤسسات الدولة، ويعمل معها بتناغم كامل وأى ملاحظات قابلة للتعامل معها فورًا.