أزمات اقتصادية كبيرة شهدتها مصر خلال فترة السنوات الثلاث الأخيرة، أدت إلى نقص حاد فى توفير المنتجات البترولية التى تحتاج إليها السوق المحلية لتغطية حجم الاستهلاك المتزايد بصورة غير مسبوقة، وهو ما تسبب فى ظهور عدد من المشكلات، كان من أهمها «أيام الظلمات»، التى عاشها المواطن المصرى بسبب الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائى، نتيجة نقص كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطات التوليد، إضافة إلى ضعف قدرات التوليد، وتوقف بعض المحطات عن العمل بسبب دخولها الصيانة. مشكلة نقص الوقود ترجع إلى عدة أسباب رصدتها «التحرير»، من ضمنها عدم وجود خطة قومية لحل مشكلات الطاقة بصفة عامة، والتيار الكهربائى بصفة خاصة، إضافة إلى عملية التضليل الكبيرة التى تسبب فيها وزير بترول مبارك، سامح فهمى، وإعلانه عن اكتشافات وهمية، وأرقام عن الاحتياطى من الغاز اتضح بعد ذلك أنها «مفبركة»، وقيام وزارته بالاقتراض من الشركاء الأجانب لتجميل صورته أمام القيادة السياسية، وكذلك الاعتماد بنسبة تصل إلى 95% على الوقود البديل لتوليد الطاقة الكهربائية، دون البحث عن مصادر للطاقة الكهربائية فى غير المنتجات البترولية. تأسيس شركات خدمات وطنية.. بدلا من الأجنبية «التحرير» فى أعداد سابقة اقترحت من خلال استطلاعاتها لرأى عدد من الخبراء حلولا للنهوض بقطاع البترول المصرى، ورأت أن تواصل فى هذا العدد استكمال طرحها لأربعة حلول جديدة قدمها متخصصون فى شأن الطاقة ك«روشتة» إلى الهيئة العامة للبترول للنهوض بالقطاع، من بينها الحد من انتشار شركات الخدمات التى تسيطر عليها بعض الشركات الأجنبية، إلى الحد الذى أدى إلى حصول شركتين فقط على أكثر من 15% من الإنتاج على مدار الخمسين عاما الماضية، رغم وجود شركات خدمات مصرية تعمل بكفاءة عالية، بشهادة قيادات القطاع، الذين اقترحوا إنشاء مجموعة شركات على مستوى عالٍ، تكون الهيئة العامة للبترول شريكا فيها بنسبة تزيد على 50%، وهى شركات خدمات تعمل فى مجال الاستكشاف، وتكون مهمتها الأساسية عمل الدراسات الاستكشافية من خلال الدراسات الجيولوجية، وتصوير الأقمار الصناعية، وما هو متاح لدى الهيئة العامة للبترول من دراسات ومعلومات، كما تقوم بعمل البحث «السيازمى» ثلاثى وثنائى الأبعاد، وتتكون قياداتها من خبراء الاستكشاف، إضافة إلى الاستعانة بالشباب من شركات البترول المختلفة لنقل الخبرات، وإعداد جيل جديد من القيادات تستطيع أن تتحمل المسؤولية مع المستوى الوسيط من الجيولوجيين الموجودين بشركات الإنتاج. تعزيز تكنولوجيا الاستكشاف الأرضى الحل الثانى، حسب الخبراء، تطرق إلى إنشاء شركات خدمات متخصصة فى أبحاث الخزان الأرضى، ومن الممكن أن تشارك فيها شركات خدمات مصرية من الموجودة حاليا، المشهود لها بالكفاءة، وتدخل فى شراكة مع الهيئة العامة للبترول بنسب متساوية، أو أزيد قليلا من نصيب الهيئة، بينما جاء الحل الثالث كإنشاء شركات خدمات فى مجال صيانة الآبار، تتكون من خبرات من مهندسى هندسة البترول، وهندسة الحقول لعمل الصيانة والاختبارات، وتشارك فيها شركات خدمات مصرية أيضا، تكون مهمتها التحكم فى المياه فى الآبار، وعمل صيانة للمواسير، والقيام بعمليات التنمية اللازمة لهذه الثروة. «logging» لتطوير خدمات مسح الآبار «logging» هو الاسم الذى يطلق على شركات خدمات المسح للآبار، الذى جاء كحل رابع للأزمة البترولية، على أن يتضمن أخذ العينات، وعمل التحاليل اللازمة لها، والاعتماد على الجيولوجيين المصريين المشهود لهم بالكفاءة للعمل فى هذا المجال. وحول القول السائد بأن إنشاء مثل هذه الشركات يحتاج إلى نفقات كبيرة، فإن خبراء قطاع البترول يفندون خطأ هذا القول بضربهم مثلا بدولة الهند التى يصل إنتاجها اليومى إلى 3 ملايين برميل، وتعتمد اعتمادا كليا على شركات الخدمات المحلية، كما أن المعدات المطلوبة لهذه الشركات متوافرة فى عدد كبير من الشركات، وبعقد مقارنة بين قيمة هذه المعدات، وما حصلت عليه شركات الخدمات الأجنبية، يتضح أن الفارق كبير للغاية، ويصب فى مصلحة إنشاء الشركات المحلية، وتشجيع الشركات القائمة فى السوق بالفعل. الاعتماد على النقل النهرى لشحن المنتجات أما بالنسبة إلى المشكلة الثانية، المتمثلة فى نقص المنتجات البترولية المختلفة فى عدد من المناطق، وعلى رأسها محافظات الصعيد، فإن الخبراء يرجعون هذا إلى عدة أسباب، من ضمنها المافيا المسيطرة على المستودعات لعدة سنوات، دون أن يكلف مسؤول واحد بالهيئة نفسه بالضرب بيد من حديد على كل من يتسبب فى هذه المشكلة، حيث يقوم بعض القائمين على هذه المحافظات بتخصيص حصص بعض المحطات إلى محطات أخرى، وهو ما يتسبب فى مشكلات الازدحام والتكدس، إضافة إلى عدم توافر وسائل نقل المنتجات بصورة تكفى حجم الاستهلاك، وهو ما دعا إلى التفكير مؤخرا فى الاعتماد على النقل النهرى لنقل المنتجات، خصوصا أن بعض الشركات الأجنبية لديه أسطول نقل خاص بها، مثل «توتال» الفرنسية، و«موبيل» الأمريكية، يصل إلى محطاتهما فى جميع أنحاء الجمهورية، إضافة إلى تخصيص حصص بعض المحافظات فى معامل تكرير تبعد عن هذه المحافظات بمسافات كبيرة، ومنها على سبيل المثال تخصيص حصص بعض محافظات الصعيد من معامل تكرير موجودة بمدينة الإسكندرية، كما أن هناك مشكلة عدم عدالة التوزيع على المحطات التابعة لشركات التوزيع المملوكة للدولة، التى تمثل نحو 90% من عدد المحطات الموجود فى المنطقة، وتحصل هذه المحطات على كميات توازى أو تزيد قليلا على الكميات التى تحصل عليها المحطات التابعة للشركات الأجنبية والخاصة، وزاد الأمر صعوبة الخصم الواقع على حصص القطاعات الحكومية المختلفة من الحصص المخصصة لاستهلاك المواطنين، ومنها حصة السكك الحديدية، وشركات المقاولات، وشركات السكر، والشركات العامة الأخرى.