بينما تتصارع الحركات والأحزاب التونسية في معركة يمكن وصفها ب«اللحظة الفارقة» في تاريخ تونس، تشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم نداء تونس العلماني وأعلنت مصادر بالحزب أنه حصل على أكثر من 80 مقعدًا مقابل 67 للنهضة الإسلامية في البرلمان الجديد. نداء تونس هو تحالف لحركات يمينية وسطية؛ قيادات من نظام زين العابدين بن علي السابق وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي المنحل، ونقابيين، ويساريين، وبعض المستقلين. يسعى التحالف إلى الاحتفاظ بالحريات الشخصية للمجتمع التونسي وتطوير البرنامج الاقتصادي الذي سيحسن الاقتصاد التونسي على مدار 10 سنوات. فضلا عن أن رئيس الحزب الباجي قائد السبسى مرشحًا للرئاسة في الانتخابات المقررة نوفمبر المقبل ووفقا لمحللين لديه فرصة كبيرة في الفوز بالمنصب. اعتمد نداء تونس في الحملة الدعائية للانتخابات البرلمانية على تكتيك الترهيب من خصمه «النهضة» وما قد يفعله من تقييد للحريات الشخصية للتونسيين ما دفع بالفعل كثير من التونسيين إلى التصويت إليه، خصوصًا مع عجز الحركة الإسلامية عن تقديم أي أسباب مقنعة تجعل الشعب التونسي يستعيد ثقته فيها. النهضة التي تعتبر الحزب السياسي الأساسي في تونس تواجه مقاومة شرسة من الشعب والعديد من المنظمات المدنية والسياسية التي تخشى سيطرته على البلاد ومحاولة أسلمة المجتمع التونسي الذي يعتبر استثناءًا حيث يعتبر خليطًا ما بين الاعتدال الديني والانفتاح السياسي والحريات الفردية. كما أن تجربة النهضة السابقة في الحكم أثارت اتهامات بأنها تخفي أجندات سلفية تسعى سرًا إلى جعلها طريقة حياة في تونس. لكن قيادات الحركة تنفي هذا تمامًا لأن النهضة ملتزمة بالحفاظ على أسلوب الحياة التونسي وبالحريات والتطور الاقتصادي، مدعية أنه ترغب في التعاون مع الأحزاب الأخرى لإنجاح هذه الانتخابات بحسب صحيفة هفنتون بوست الأمريكية. تفوق نداء تونس على النهضة قد يكون «نكسة هائلة» لها، بعد ما حققت نجاحًا ساحقًا في انتخابات الجمعية التأسيسية 2011. ونقلت هفنتون بوست عن بوجمعة الرميلي أحد مؤسسي نداء تونس المتوقع فوزه رسميًا، أنهم يفضلون التعاون مع حركات ذات أجندات مشابهة لأجندتهم وقريبة من برامجهم وتفكيرهم والنهضة ليست كذلك. لم يتقدم نداء تونس بهذه المؤشرات على النهضة فحسب بل على الترويكا الحاكمة، والتي تشمل أيضا حزبي التكتل الديمقراطي الذي يتزعمه رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر، والمؤتمر من أجل الجمهورية الذي أسسه الرئيس المؤقت منصف المرزوقي. وهزيمتهما المدوية تعني أنهما سيتراجعان إلى فئة الأحزاب ضئيلة التمثيل، مقابل صعود أحزاب أخرى قد تشارك في الائتلاف الحاكم المقبل ومن ضمنها الجبهة الشعبية اليسارية والاتحاد الوطني الحر وآفاق الليبيراليين. لكن يرى محللون كلا الحزبين لن يفوز بأغلبية مطلقة في الانتخابات الحالية وأن الفائز سيسعى إلى تأليف تحالف لتشكيل الحكومة. وبما أن أكثر من 100 حزب يتنافسون في الانتخابات ربما ينتهي الأمر ببرلمان تونسي أشبه بقطة من الفسيفساء المكونة من أحزاب صغيرة.