وفقًا لما قاله القرضاوى فإن زعيم «داعش» أبو بكر البغدادى كان كادرًا إخوانيًّا!! لا مفاجأة فى الموضوع، فمنذ أن نشأت الجماعة وهى الحاضنة الأساسية التى خرجت منها كل الجماعات الإرهابية التى تدعى -زورًا وبهتانًا- أنها تجاهد من أجل الإسلام!! بعد بضع سنوات من نشأة جماعة الإخوان تم تكوين «النظام العسكرى الخاص» لها تحت إشراف حسن البنا نفسه، وما لبث أن بدأ نشاط النظام الخاص، وسقط أول ضحية له، ولم يكن من جنود الاحتلال البريطانى الذى كان يجثم على صدر مصر، بل كان مواطنًا من بورسعيد تجرّأ على الخلاف السياسى مع الجماعة (!!) لتتحول سنوات الأربعينيات وبداية الخمسينيات من القرن الماضى إلى موسم للاغتيالات، لم تفرق فيه رصاصات الجماعة بين قاضٍ مثل الخازندار، وسياسى مثل رئيس الوزراء النقراشى، بل وصلت رصاصاتهم، وطرودهم الناسفة إلى مَن يختلفون معهم من أعضاء الجماعة نفسها!! ثم كان صدامهم مع ثورة يوليو، ومحاولتهم اغتيال عبد الناصر، ليغيبوا عن الساحة عشر سنوات، ثم تكون العودة مع مؤامرة 65 على خلفية أفكار سيد قطب التكفيرية وبقيادته. ولسنوات ظلت الجماعة تحاول إنكار أن أفكار سيد قطب التكفيرية هى التجسيد الحقيقى لدعوتها، كانت تحاول تصدير موقف مخالف للجماعات الإرهابية، إلى أن انتهى الأمر «مع حكم الإخوان مصر» إلى إعلان آخر مرشد للجماعة علنًا أنه يفتخر بكونه محمد بديع القطبى «نسبة إلى سيد قطب»، وكان هذا إعلانًا بأن القلة التى ظلت على حُسن نيتها داخل الجماعة لم يعد لها مكان، بعد أن ظهر أن الوجه الحقيقى للجماعة هو وجه التنظيم الخاص والفكر القطبى وجذوره منذ منشئ الجماعة التى خرجت من عباءتها كل أفكار التطرف ودعاوى التكفير وجماعات الإرهاب التى تدعى الانتساب إلى الدين الحنيف. من هنا.. فليس فى حديث القرضاوى عن نشأة زعيم «داعش» فى أحضان الإخوان ما يفاجئ، ولكنه يؤكد صحة موقفنا من أن الحرب على الإرهاب لا بد أن تكون شاملة، وليست حربًا على «داعش» فقط كما تريد أمريكا!! خصوصا إذا كانت واشنطن تعدنا بحرب طويلة تستمر لسنوات، بينما تترك «داعش» يتمدد ليهدد بغداد نفسها (!!) وبينما صنعاء تسقط فى يد الحوثيين، والإرهاب يصل إلى باب المندب (!!) وبينما ليبيا تقاوم عصابات الإرهاب التى تريد أن تحولها إلى مركز لتهديد استقرار كل دول المنطقة!! وحديث القرضاوى عن نشأة زعيم «داعش» فى أحضان الإخوان الذى لا يفاجئ من يعرف الجماعة ويقرأ تاريخها، يطرح عديدًا من التساؤلات حول دعم أمريكا وحلفائها للجماعة وهى تسرق الثورة وتستولى على الحكم فى مصر، ثم بعد أن أسقطها الشعب فى 30 يونيو!! كما يطرح أيضًا العديد من الشبهات حول توقيت إطلاق «داعش» وامتدادها، واقتران ذلك بادعاء الحكمة أو الاستهبال الحقيقى حين يقال إن «داعش» هو النتيجة التى علينا أن نتجرعها بسبب سقوط «المعتدلين!!» مثل الإخوان!! لم يكن الأمر فى حاجة إلى حديث القرضاوى عن زعيم «داعش» لتأكيد حقيقة أن طريق الإرهاب واحد، وأن مصدره منذ عشرينيات القرن الماضى لم يتوقف عن أن يكون منبع كل جماعات التكفير والتطرف.. يكفى هنا أن نتذكر أنه حين وصل الإخوان إلى حكم مصر، وفى ظل الرعاية الأمريكية الكاملة لهم، كان تحالفهم مع أعتى الجماعات الإرهابية، وكان تركهم سيناء فى قبضة الإرهاب، وكانت الصورة التذكارية التى لن تغيب من ذاكرة الوطن، والرئيس المعزول مرسى يحتفل بأكتوبر وسط القتلة، وكانت جمعة «قندهار» التى جعلت شعب مصر يدرك إلى أى هاوية يساق، ثم كانت منصة رابعة التى انطلقت من فوقها تهديدات تحالف الإرهاب بلغة واحدة لا مكان فيها لعقل أو اعتدال، بل تهديد بأنهم رأوا رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها، منعتهم 30 يونيو من تنفيذ ذلك فى مصر، ففعلوها فى سوريا والعراق، ليؤكدوا أن الطريق واحد.. من الإخوان إلى «داعش».. وبالعكس!!