قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إنه في منطقة مستقطَبة وعالم مُعّقد، يُمثل تنظيم "داعش" خطرًا مُحْدقًا يُهدّد عددًا كبيرا من الدول منها الولاياتالمتحدة. ورأى "كيري" في مقال نشرته اليوم صحيفة "نيويورك تايمز" أن مواجهة داعش وأجندته الإبادية، تتطلب ائتلافًا عالميًا يستخدم أدوات سياسية وإنسانية واقتصادية وإنفاذية للقانون ومخابراتية لدعم القوة العسكرية. وأشار وزيرالخارجية الأمريكي إلى أن داعش يمثل تهديدًا يتجاوز مداه تخوم المنطقة بالإضافة إلى الذبح والصلب وغيرهما من أعمال الشر المَحْض التي أودت بحياة آلاف الأبرياء في سورياوالعراق ولبنان بينهم مسلمون سُنّة ممن يزعم مقاتلو التنظيم محاكاتهم في المذهب. وقال "كيري" إن جذور داعش تمتد إلى ما كان يُعرف ب"القاعدة" في العراق" والذي اكتسب خبرة تجاوزت العشر سنوات في مضمار العنف وليد الفكر المتطرف، وقد تمّكن التنظيم من استقطاب قوة قتالية صلبة ،قوامها جهاديون متشددون ذوو تطلعات عالمية، وقد استغل التنظيم احتدام صراع في سوريا واشتعال توترات طائفية في العراق. ولفت وزير الخارجية الأمريكي إلى أن هناك ثمة دليل على أن هؤلاء المتطرفين،إذا لم يجدوا رادعًا فإنهم لن يقفوا عند حدود سورياوالعراق. وأضاف كيرى فى مقاله: "لقد أظهر مقاتلو داعش وحشية مثيرة وقسوة بالغة، إنهم لا يتورعون، إلى جانب ذبح المسلمين الشيعة والمسيحيين موّسعين نطاق الصراع العرقي والطائفي، عن انتهاج استراتيجية محسوبة في قتل أبناء المذهب السُني الذي يدّعون اعتناقه في سبيل ضمّ المزيد من الأرض وقد صدم ذبح الصحفي الأمريكي جيمس فولي ضمير العالم". ورأى وزير الخارجية الأمريكي أنه عبر استجابة متحدّة تقودها أمريكا قوامها أوسع ائتلاف أممي ممكن، لن يستطيع سرطان داعش من الاستشراء في أجساد دول أخرى،و لدينا دليل قائم بالفعل في شمال العراق، مشيرًا إلى أن الحكومة العراقية بدعم من الحكومة الأمريكية استطاعت الاتفاق على حكومة جديدة شاملة، وهي خطوة ضرورية لعزل داعش . ونوّه كيري عن لقاء سيجمعه هو ووزير الدفاع تشاك هيجل الأسبوع المقبل، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "ناتو" في ويلز، بنظرائهما الأوروبيين بهدف الحصول على أوسع نطاق ممكن من الدعم.. وعقب اللقاء سيغادر كلاهما إلى الشرق الأوسط بحثا للائتلاف عن مزيد من الدعم بين الدول الأكثر تعرضا للتهديد بشكل مباشر.. وأشار إلى أنه في سبتمبر المقبل ستترأس أمريكا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وستنتهز الفرصة لبناء ائتلاف واسع وإلقاء الضوء على خطر المقاتلين الأجانب المنضمين إلى صفوف داعش وأثناء جلسة الجمعية العامة سيرأس أوباما لقاء قمة لمجلس الأمن لوضع خطة للتعامل مع هذا الخطر الجماعي. وقال وزير الخارجية الأمريكي "في هذه الحرب، ثمة دور تضطلع به كل دولة.. بعض الدول ستقدم دعما عسكريا مباشرًا وغير مباشر،فيما ستقدم دول أخرى مساعدات إنسانية ماسة لملايين المُشرّدين والضحايا في أرجاء المنطقة ". وأضاف:"كيري" قد أثمرت جهودنا بالفعل عن انضمام الكثير من الدول لهذا الائتلاف وما من شك أن ثمة اهتمامات أخرى، ولكن لا يليق بأي دولة دعم الفظائع التي يرتكبها تنظيم داعش، ولا يمكن لدولة تدعي التحضر أن تغضّ الطرف عن المساعدة في القضاء على هذا السرطان. وتابع: "إن أعمال الدواعش الفظيعة وحدّت صَفّ دول جوار تفصل بينها صراعات تقليدية على المصالح وحشدتها لدعم الحكومة العراقية الجديدة. وبمرور الوقت، سيبدأ هذا الائتلاف في البحث عن مصادر تمويل داعش وغيره من التنظيمات ذات الأجندات الفكرية المشابهة". وأردف الوزير الامريكى قائلا "لا شك أن بناء ائتلاف هو أمر صعب، ولكنه أفضل طريق للتصدي لعدو مشترك.. عندما اجتاح صدام حسين الكويت عام 1990، لم يتحرك الرئيس جورج بوش الأب ووزير خارجيته جيمس أيه بيكر الثالث بمفردهما ولم يتسرعا، وإنما عمدا إلى بناء ائتلاف من دول عملت معا في تناغم واستطاعت إحراز نصر سريع". واختتم كيري مقاله بالتأكيد على أنه "يمكن هزيمة المتطرفين فقط عندما تتّحدْ دول مسؤولة مع شعوبها في مواجهة هؤلاء المتطرفين".