قال الكاتب البريطاني ديفيد جاردنر، إن الصراع المحتدم في سورياوالعراق وإن اتخذ مظهر الحرب الدينية الشبيهة بحرب الثلاثين عاما التي اكتسحت أوربا في النصف الأول من القرن السابع عشر، إلا أنه عند التدقيق في حقيقة الأمر ليس كذلك. ورأى في مقال نشرته «الفاينانشيال تايمز» أن ثقة محاربي تنظيم «داعش» عند حديثهم عن دولة الخلافة هي وليدة لحظة الانتشاء الذي أحدثه انتصار مفاجئ، وأنها سرعان ما ستزول، وقال «جاردنر» إن ثقة الدواعش في قيام دولتهم «جهادستان» مستمدة من تداعي دول المنطقة المحكومة بأنظمة قمعية تدفع أبناءها المختلفين طائفيا إلى التطرف دفعا. وأكد «جاردنر» أن هذه ليست حربا دينية بقدر ما هي صراع على السلطة في منطقة تغلبت فيها الطائفية على القومية، ووقفت فيها السعودية وإيران، القوتان الأكثر استفادة، «تتناديان مطلقتين كلاب الحرب "الطائفية" من إسارها» بحسب تعبير وليام شكسبير. وقال جاردنر إن زمام فتنة الطائفية يفلت من الأيدي التي تلمسها، فضلا عمن يطلقها. وحمّل صاحب المقال بعضا من اللوم فيما آلت إليه المنطقة على اجتياح العراق عام 2003 بقيادة أمريكية، وما أسفر عنه من تغليب كفة الشيعة «التي هي أقلية بين تعداد المسلمين عامة لكنها أغلبية في العراق وإيران»، على نحو أشعل فتيل فتنة بين أبناء المذهبين كتلك التي شهدها القرن السابع. واتهم الكاتب رئيس الوزراء نوري المالكي، بتأجيج تلك الفتنة بنزعته الطائفية والإقصائية لأبناء المذهب السني من العراقيين، ورأى أيضا أن سياسة الغرب إزاء سوريا أضافت مزيدا من البنزين على النار؛ بإعلان دعم السنة المعارضين في مواجهة العلويين الشيعة، هذا ترك فجوة أمام المتطرفين ليظهر تنظيم مثل «داعش» على الساحة بين سورياوالعراق حاملا لواءً سُنيا رغم أن الدين هنا ليس هو الدافع الأساسي. وقال «جاردنر»، إن تنظيم «داعش» وجد سبيلا إلى فلول جيش النظام البعثي السابق في العراق، وكذلك القبائل المحتجة على حكم المالكي.. وبهذا فإن الطائفية، وليس الدين، استطاعت إنعاش فلول كيانات مثل البعثيين واللادنيين من تنظيم القاعدة وجعْلهم في خندق واحد ضد أبناء المذهب الشيعي الذين بات لهم بعد قرون من التهميش كيانا يدافعون عنه يمتد من العراق وحتى بيروت.