زيارة الرئيس السيسى للسعودية أمس، ثم زيارته فى الغد لروسيا، تمثلان تحركًا مهمًّا وسط الظروف الصعبة التى تمر بها المنطقة. العلاقات الثنائية بين مصر والسعودية تمر بمرحلة غير مسبوقة من التنسيق والتعاون المشترك، موقف الأشقاء فى السعودية من ثورة 30 يونيو ومساندتهم لشعب مصر ضد المؤامرة التى استهدفت مصر وجيشها موقف لا ينسى، والدعم السياسى والاقتصادى فى وجه محاولات أمريكا وحلفائها، وأذنابها لحصار النظام الجديد كان حاسمًا فى مساعدة مصر على عبور الأيام الصعبة. روسيا أيضًا كانت أكبر القوى العالمية التى سارعت إلى تأييد مصر ومساندة شعبها، والتى أعلنت بلا تردد استعدادها لإمداد مصر بما تحتاج لمواجهة الحصار الذى حاول البعض فرضه علينا بمنع السلاح عن مصر وهى تقاتل إرهابًا منحطًّا نعرف الآن أنه كان -وما زال- جزءًا من مؤامرة أكبر تريد إغراق الوطن العربى كله فى الفوضى وتعريضه للدمار. تنمية العلاقات الثنائية ودعم التعاون فى جميع المجالات الاقتصادية والسياسية سيكون بالطبع أساس المباحثات، بما فى ذلك قضايا التسليح، وربما التعاون النووى السلمى مع الجانب الروسى. لكن ملفا أساسيا سيكون حاضرًا فى كل المباحثات، وهو الأوضاع الخطيرة التى تمر بها المنطقة العربية فى ظل التمدد غير المسبوق لجماعات الإرهاب التكفيرية الذى يثير كل الشبهات عن الجهات التى تدعمه، بقدر ما يثير المخاوف بعد أن أصبح التهديد لا يستثنى أحدًا فى المنطقة العربية. إذا كان الأمر بالنسبة إلى مصر التى نجت من المؤامرة بمعجزة صنعها شعبها فى 30 يونيو هو أنها تواجه «حرب وجود» كما قال الرئيس السيسى، فكيف يكون الأمر مع معظم الدول العربية.. من سوريا التى يتم تدميرها، إلى العراق الذى وقع ما يقرب من نصف أراضيه تحت سيطرة داعش فى بضعة أسابيع! إلى ليبيا حيث سقطت الدولة واستباحت عصابات الإرهاب أراضيها.. إلى فلسطين التى يذبح أطفالها على يد إرهاب أكثر انحطاطًا من إسرائيل التى لا تبخل عليها أمريكا بالمال أو السلاح أو الدعم السياسى لتؤدى مهمتها!! إقامة جبهة عربية لدحر موجة الإرهاب التى تجتاح العالم العربى هى مهمة أساسية لا بد من القيام بها فورًا، ومصر والسعودية هما القاعدة الرئيسية لهذا التحالف ومعها دول شقيقة يدق الإرهاب أبوابها.. بدءًا من الجزائر وحتى الأردن ودول الخليج. ما يجرى الآن هو استخدام الإرهاب لممارسة الضغط على الدول التى رفضت مؤامرة إغراق العالم العربى فى الفوضى تمهيدًا لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد كما يتمنونه، المطلوب ليس فقط أن نصمد فى وجه المؤامرة بل أن ننتقل لمحاصرة بؤر الإرهاب وقطع خطوط إمدادها وضرب مصادر تمويلها، وحشد رأى عام عالمى يدرك أن تهاون حكوماته أو دعمها المستتر لقوى الإرهاب سوف يرتد عليه، وأنه ليس صحيحًا أن الوحش الذى تم إطلاقه على البلاد العربية سيظل هناك فقط، لا إنه سيحتفظ ب«الجميل» لمن دعموه من أجل مصالحهم، وليتذكر هؤلاء من الذى أخذ بن لادن ورفاقه إلى أفغانستان ليجدوهم بعد ذلك فوق رؤوسهم فى نيويورك!! هذا الملف سيكون موجودًا بلا شك على طاولة مفاوضات السيسى فى روسيا، التفاهم مع موسكو ضرورى، فهى طرف أساسى فى الحرب الدائرة فى سوريا، وهى طرف مباشر أو غير مباشر «عن طريق إيران» فى ما يدور فى العراق، وهى تعرف أن الإرهاب يهدد مصالحها مثلما يهدد العرب. انحياز موسكو لحل سياسى فى سورياوالعراق سوف يكون عاملا أساسيا فى توحيد الجهود لضرب الإرهاب الذى أصبح يهدد الجميع، استخدام موسكو لنفوذها فى وقف المذبحة التى تجرى بحق الشعب الفلسطينى أمر مهم لفك التحالف بين إرهاب إسرائيل وإرهاب داعش وأخواتها!! لا نتحدث عن استقطاب دولى جديد، ولكن نتحدث عن تعاون مشترك فى وجه الخطر، وعن إرهاب لا مفر من مواجهته، وعن مخططات لم يعد أصحابها يخفون أهدافهم ولم يعد بإمكاننا أن نتجاهلها والخطر يحاصرنا من كل اتجاه.