مهما كان حجم الحزن الذى يسكن قلوبنا على سقوط ضحايا جدد للإرهاب، فإن ذلك لا ينبغى مطلقا أن يقلل من ثقتنا بأنفسنا، ولا من حجم الإنجاز الذى حققناه حتى الآن بإسقاط الحكم الفاشى الإخوانى، وبمنع المؤامرة لاستقطاع غزة عن الوطن وتحويلها إلى بؤرة واسعة للإرهاب الدولى، وبالتصدى لكل محاولات الحصار السياسى والاقتصادى لمصر عبر الضغوط التى مارستها قوى كبرى مثل أمريكا، ما زالت تلعق جراح هزيمة مخططها للتحالف مع الإخوان، والذى أسقطه شعب مصر العظيم فى 30 يونيو. فى الأيام الماضية، احتفل «إخوان الإرهاب» ب30 يونيو وبقدوم شهر رمضان الكريم على طريقتهم.. اغتالوا الصبية ياسمين ابنة حارس سنترال أكتوبر ومعها أمها بكميات هائلة من المتفجرات. وزرعوا القنابل فى محطات المترو، لكن قوات الأمن كشفتها ونجحت فى التعامل معها. وارتكبوا جريمة منحطة جديدة بقتل أربعة من المجندين فى واقعة تذكرنا بمذبحتى رفح السابقتين. وأخيرًا زرعوا المتفجرات فى محيط «الاتحادية» ليسقط ضحايا من رجال الشرطة والمدنيين، وربما كانت الكارثة ستكون أكبر لو انفجرت هذه القنابل فى حشود جماهيرية كان مقررًا أن تذهب فى هذا اليوم لتحتفل بذكرى ثورتها فى 30 يونيو. وبغض النظر عن أى أخطاء أو أوجه تقصير من الأجهزة الأمنية فى التعامل مع الأحداث الأخيرة، فإن الحقيقة الأساسية التى لا ينبغى أن تغيب عنا هى أن معركتنا مع الإرهاب طويلة ومعقدة، وأننا -مع كل ما أنجزناه فى العام الأخير من ضربات لجماعات الإرهاب بقيادة الإخوان- ما زال أمامنا شوط طويل حتى نتمكن من استئصال الإرهاب من جذوره. إن نظرة واحدة على ما يجرى فى المنطقة تؤكد أن وباء الإرهاب الذى يضرب فى العراق وسوريا وليبيا واليمن لا يمكن أن ينسى هزيمته فى مصر بسقوط حكم الإخوان، وسيظل يحاول «مدعوما من القوى الخارجية والإقليمية التى يعمل لحسابها» زعزعة الاستقرار وضرب الأمن فى مصر لفترة طويلة قادمة. ولعلنا نلحظ هنا أنه فى الوقت الذى كان «إخوان الإرهاب» ينشطون فى مصر مع ذكرى ثورة 30 يونيو. كان رئيس الوزراء التركى أردوغان يستضيفهم فى إسطنبول للتآمر على مصر. ولم يعد خافيًا أنه لا أردوغان ولا من استضافهم يمكن أن يتحركوا إلا بتعليمات مَن يشرف عليهم من القوى الكبرى وأجهزة مخابراتها. وفى نفس الوقت كانت جماعة «داعش» تنقل إرهابها من العراق وسوريا إلى باقى المنطقة، وتعلن قيام دولة الخلافة الإسلامية بقيادتها ومد نشاطها إلى كل أنحاء دولتها المزعومة (!!) وتأتى المبايعة السريعة من بعض «الإخوان» لزعيم «داعش» خليفة للمسلمين، لكى تؤكد أن الخط موصول بين كل جماعات الإرهاب، وأننا إذا كنا قد أنقذنا مصر من أن تكون قاعدة لإرهاب مماثل بإسقاط حكم الإخوان، فإن المعركة ضد الإرهاب ما زالت مستمرة، والخطر على كل دول المنطقة يزداد ضراوة، والحاجة إلى استراتيجية موحدة لضرب هذا الوباء أمر لم يعد يحتمل التأجيل. من هنا فإن ثقتنا بأنفسنا لا يمكن أن تهتز بحادثة هنا أو هناك، ويقيننا بسحق الإرهاب لن يتأثر مهما كان الألم على سقوط ضحايا جدد لإرهاب منحط. أى أخطاء ونحن فى قلب المواجهة لا بد من تصحيحها وأى تقصير لا يمكن التهاون فيه، لكن الشعب كله سيقف مساندًا للدولة وهى تخوض المعركة لسحق هذه العصابات الإجرامية واستئصال الإرهاب من جذوره والقصاص لشهدائنا من هؤلاء القتلة الذين أساؤوا إلى الدين وخانوا الوطن. معركتنا ضد الإرهاب ليست معركة أمنية نتركها للجيش والشرطة. إنها معركة شاملة لا بد لنا فيها من استخدام كل مصادر قوتنا الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولا بد أن نخوضها مدركين أن سلاحنا الأساسى هو وحدتنا الوطنية.. تلك الوحدة التى استطعنا بها إسقاط حكم الإخوان الفاشى قبل عام، والتى لا غنى عنها لاستكمال مهمة إنقاذ الوطن باستئصال هذا الإرهاب المنحط من جذوره. الجنة للشهداء، والعار لإرهاب منحط يسىء إلى الدين ويخون الوطن.