الجيش الجزائري: القضاء على إرهابي في عملية عسكرية غربي العاصمة    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 بالمصانع بعد التحديث الأخير    تعرف على تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات بداية الأسبوع    أسماء.. الأوقاف تفتتح 19 مسجدًا الجمعة المقبل    الجيش الأمريكي "يشتبك" مع 5 مسيرات فوق البحر الأحمر    يعيش في قلق وضغط.. هل تُصدر المحكمة الجنائية مذكرة باعتقال نتنياهو؟    مواعيد مباريات اليوم لمجموعة الصعود ببطولة دوري المحترفين    طقس اليوم حار نهارا مائل للبرودة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمى بالقاهرة 30    ما المحظورات التي وضعتها "التعليم" لطلاب الثانوية خلال الامتحانات؟    تكلف 3 ملايين دولار.. تفاصيل حفل زفاف الملياردير الهندي في الأهرامات    أمير هشام: تصرف مصطفى شلبي أمام دريمز الغاني ساذج وحركته سيئة    المندوه: كان يمكننا إضافة أكثر من 3 أهداف أمام دريمز.. ولماذا يتم انتقاد شيكابالا بإستمرار؟    مواعيد مباريات اي سي ميلان المتبقية في الدوري الإيطالي 2023-2024    ميدو: هذا المهاجم أكثر لاعب تعرض للظلم في الزمالك    عيار 21 يتراجع الآن لأدنى مستوياته.. سعر الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم في الصاغة    صحف السعودية| مطار الملك خالد الدولي يعلن تعطل طائرة وخروجها عن مسارها.. وبن فرحان يترأس اجتماع اللجنة الوزارية العربية بشأن غزة    انخفاض جديد.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 29 إبريل 2024 في المصانع والأسواق    بعد وفاة والدتها.. رانيا فريد شوقي فى زيارة للسيدة نفسية    مصرع شخص وإصابة 16 آخرين في حادث تصادم بالمنيا    علييف يبلغ بلينكن ببدء عملية ترسيم الحدود بين أذربيجان وأرمينيا    إصابة 13 شخصا بحالة اختناق بعد استنشاق غاز الكلور في قنا    ختام فعاليات مبادرة «دوّي» بكفر الشيخ    عمره 3 أعوام.. أمن قنا ينجح في تحرير طفل خطفه جاره لطلب فدية    مجتمع رقمي شامل.. نواب الشعب يكشفون أهمية مركز الحوسبة السحابية    خالد الغندور يوجه انتقادات حادة ل محمد عبد المنعم ومصطفى شلبي (فيديو)    سامي مغاوري يكشف سبب استمراره في الفن 50 عامًا    رابطة العالم الإسلامي تعرب عن بالغ قلقها جراء تصاعد التوتر في منطقة الفاشر شمال دارفور    «مسلم»: إسرائيل تسودها الصراعات الداخلية.. وهناك توافق فلسطيني لحل الأزمة    شاهد صور زواج مصطفى شعبان وهدى الناظر تثير السوشيال ميديا    شقيقة الفلسطيني باسم خندقجي ل«الوطن»: أخي تعرض للتعذيب بعد ترشحه لجائزة البوكر    سامي مغاوري عن صلاح السعدني: «فنان موسوعي واستفدت من أفكاره»    بعد عامين من انطلاقه.. برلماني: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم    تموين الإسكندرية: توريد نحو 5427 طن قمح إلى الصوامع والشون    برلمانية: افتتاح مركز البيانات والحوسبة يؤكد اهتمام الدولة بمواكبة التقدم التكنولوجي    بعد طرح برومو الحلقة القادمة.. صاحبة السعادة تتصدر ترند مواقع التواصل الاجتماعي    "السكر والكلى".. من هم المرضى الأكثر عرضة للإصابة بالجلطات؟    السفيه يواصل الهذيان :بلاش كليات تجارة وآداب وحقوق.. ومغردون : ترهات السيسي كلام مصاطب لا تصدر عن رئيس    إخلاء سبيل سائق سيارة الزفاف المتسبب في مصرع عروسين ومصور ب قنا    فراس ياغى: ضغوط تمارس على الأطراف الفلسطينية والإسرائيلية للوصول لهدنة في غزة    تحرك عاجل من الخطيب ضد السولية والشحات.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    فيديو.. سامي مغاوري: أنا اتظلمت.. وجلينا مأخدش حقه    من أرشيفنا | ذهبت لزيارة أمها دون إذنه.. فعاقبها بالطلاق    أيمن يونس يشيد بتأهل الأهلي والزمالك.. ويحذر من صناع الفتن    فهم حساسية العين وخطوات الوقاية الفعّالة    العناية بصحة الرموش.. وصفات طبيعية ونصائح فعّالة لتعزيز النمو والحفاظ على جمالها    «حياة كريمة».. جامعة كفر الشيخ تكرم الفريق الطبي المشارك بالقوافل الطبية    ضربة للمحتكرين.. ضبط 135 ألف عبوة سجائر مخبأة لرفع الأسعار    ربان الكنيسة السريانية الأرثوذكسية في مصر يحتفل بعيد الشعانين ورتبة الناهيرة    البابا ثيودروس الثاني يحتفل بأحد الشعانين في الإسكندرية    الإفتاء توضح حكم تخصيص جزء من الزكاة لمساعدة الغارمين وخدمة المجتمع    دعاء في جوف الليل: اللهم جُد علينا بكرمك وأنعم علينا بغفرانك    3 حالات لا يجوز فيها الإرث شرعًا.. يوضحها أمين الفتوى    وزير الاتصالات: 170 خدمة رقمية على بوابة مصر الرقمية    الاستعداد للعريس السماوي أبرز احتفالات الرهبان    بالصور.. الوادي الجديد تستقبل 120 طالبًا وطالبة من كلية آداب جامعة حلوان    مصرع شاب في انقلاب سيارة نقل بالوادي الجديد    طريقة تحضير بودينج الشوكولاتة    محمد أبو هاشم: حجاج كثر يقعون في هذا الخطأ أثناء المناسك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مروريات
نشر في التحرير يوم 02 - 01 - 2012

الحقيقة أن هناك فوضى مرورية غير عادية فى مصر اليوم، وقد أبدى صديق لى دهشته من التكاثر السرطانى للسيارات مؤخرا، كأن الناس لا يكفون عن شراء السيارات منذ قامت الثورة. السبب كما يبدو هو تراخى قبضة المرور أو زوالها، مما جعل السيارات تقف صفين وثلاثة صفوف، والسير عكس الاتجاه وكل الحرمات المرورية التى خرجت للسطح. الطرق السريعة تزداد تعقيدا، حتى إن المسافة من القاهرة إلى طنطا قد تبلغ ثلاث أو أربع ساعات.. لو أردت الوجود فى المطار من محافظتى فعليك التحرك قبلها بأربع ساعات!
الحقيقة أن المصريين يحتاجون إلى ثقافة مرورية تبدأ من الصغر وتختلف عن (رجل المرور صديق الطفل -عندما تصير الإشارة حمراء لا تعبر الطريق- إلخ).. الدليل ما رأيته منذ أيام: صبية فى المدرسة الإعدادية يتراهنون على النوم فى عرض الطريق أمام السيارات المسرعة فى شارع مزدحم، والفائز هو من يسيطر على أعصابه لفترة أطول فلا ينهض إلا عندما توشك السيارة على تمزيق جسده! والجديد هو أن الصبية يسبُّون من يحاول منعهم ويركلونه فى ساقه ويقذفونه بالطوب!
دائما هناك تلك السيارة السمجة التى تصر على السير عكس الاتجاه فى ساعة الذروة، دعك من العربجى الذى يصر على السير العكسى بعربته الكارو وسط الزحام.. لا أحد يجرؤ على الاعتراض فهو رجل مكافح أرزاقى، بينما نحن مجموعة من المترفين الذاهبين لشرب الخمر وممارسة الزنى.
ثقافة قطع الطريق صارت أصيلة لدى الجميع.. يمكنك أن تقرأ فى الصحف كل يوم عن قرية كذا وقرية كذا التى قطعت الطريق احتجاجا على كذا. سائق تاكسى يحكى لى كيف اتصلتْ به زوجته من قريته وقالت له إنها مريضة.. قريته أقرب إلى مدينة صغيرة، لذا لا يعرف الكُلُّ الكُلَّ. عاد إلى القرية ليجد أنها محاصرة بالأهالى المحتجين لسبب ما ومنعوه من الدخول، رغم أنه أقسم لهم أنه ابن القرية!
هناك كذلك ثقافة كشافات المرور.. فإما أن يطفئوها تماما فتفاجأ بشبح مظلم أمامك فجأة، وإما أن يعموك بها.
معظم حوادث المرور فى مصر تأتى من لفظتى (خلص) و(اخطفها) كل واحد يريد أن يخطفها وتكون النتيجة وبيلة. إن إحساس السائقين بالخطر صفر، لا أحد يتوقع المصائب أبدا.
ثقافة تدمير الممتلكات مهمة كذلك.. رأيت سيارة إسبرانزا جديدة تماما، وواضح أنها بيعت لصاحبها منذ أيام، وقد حفر أحدهم على جانبها بالسكين (عادل يحب منى) مع القلب الضرورى! السؤال هنا: لماذا لا يحبان بعضهما بعيدا عن هذه السيارة؟ وما نوعية قصص الحب التى تبدأ بهذا التخريب؟ لا شك أن الأمر لا يخلو من حقد طبقى كذلك. المطلوب (أن نحرق قلبه) ولا شك أن الفتاة ضحكت كثيرا وهى ترى مرح حبيبها.
أما عن سيارات التاكسى المتنكرة فى ثوب سيارة ملاكى فحدِّث بلا حرج:
عندما قررت محافظة القاهرة أن تجدد سيارات الأجرة فيها، بيعت سيارات الأجرة القديمة بملاليم مقابل أن يظفر أصحابها بسيارات حديثة يدفعون ثمنها بالتقسيط. عبقرىٌّ ما خطر له أن يبيع تلك السيارات العتيقة للمحافظات، وهناك قام البعض بتغيير لونها لتصير سيارات خاصة. النتيجة أن تلك السيارات العتيقة الملاكى ملأت محافظات مصر، ويعمل عليها سائقو سيارات أجرة، لكنهم يتظاهرون بأنها سياراتهم الخاصة.. بالتالى هم لا يدفعون ضرائب سيارات الأجرة ويظفرون بنوع من الحرية.
كنت متأخرا عن موعد مهم، عندما فوجئت بسيارة خاصة عتيقة الطراز تتوقف أمامى.. رأيت السائق الذى يلف عنقه بمحرمة عريضة ويضع عوينات سوداء يصرخ فى وجهى بتلك الطريقة الهامسة:
«تاكسى!»
هنا فهمت أنها سيارة أجرة متنكرة من تلك السيارات التى ملأت المدينة. بالطبع هو لا يبدو كسيارة أجرة لهذا لا بد أن ينادى معلنا بضاعته.. فى الوقت نفسه لا يصرخ بصوت عال جدا وإلا سمعه رجال شرطة المرور!
هكذا توكلت على الله وفتحت الباب وجلست. هذه ليست سيارات، بل هى أدوات تعذيب من القرون الوسطى. لا بد أن قضاة محاكم التفتيش كانوا يرغمون ضحاياهم على الجلوس فى أشياء كهذه. حددت له وجهتى فى شارع المعتصم فتوكل على الله وشغل المحرك.. ثم سألنى:
«شارع المعتصم؟.. أين هو؟. هل تعرفه؟»
هنا فهمت أنه ليس سائق أجرة محترفا كذلك. يعتمد علىّ كلية لمعرفة الاتجاه. فهمت كذلك أنه يعتمد على الركاب من الرجال فقط. ما من امرأة ستقبل ركوب سيارة خاصة ما لم تكن امرأة خليعة. وأنا أستبعد أن تركب امرأة خليعة أو غير خليعة أداة جز الأعشاب هذه.. سوف تصاب بارتجاج مخى وتموت.
رحت أشرح له أين يوجد شارع المعتصم، فقال لى بلهجة متوسلة:
«طبعا الأستاذ طيب وابن ناس، ويهمك أن لا تقطع عيشى.. لهذا أتوسل إليك.. أنا أدعى (أسامة محمود).. أقيم فى 82 شارع الحلو.. والآن قل لى: ما اسمى؟»
قلت فى تردد:
«أسامة محمود..»
«برافو.. أقيم فى 82 شارع الحلو.. أنت ابن خالى ونحن ذاهبان لزيارة عمتك المريضة.. اتفقنا؟»
شرح لى الأمر.. سيارته تبدو كسيارة أجرة متنكرة. هو يبدو كسائق سيارة أجرة متنكر.. لهذا يتوقع فى أى لحظة أن يستوقفه شرطى مرور ليطلب رخصته. شرطى المرور سوف يشك فى أننى زبون، لهذا سوف يسألنى عن اسمى وعلاقتى بالسائق، غالبا سيسألنى عن اسم السائق، فإن لم أعرف استنتج أننى مجرد زبون.
فهمت.. وهكذا ظللت طيلة الوقت أردد لنفسى الدرس.
لم أتنبه إلا عندما وجدت رجل الشرطة يستوقف السيارة، ينظر إلىّ فى شك كأننى أخفى فى ثيابى شحنة مخدرات، ثم ينظر إلى السائق.. تفحص الرخصة بعناية، ثم سألنى إن كنت أعرف السائق، قلت بصوت مبحوح وفم جاف بسبب الكذب:
«أسامة محمود.. 82 شارع الحلو، عمتى مريضة».
ابتسم كأنه عاش هذا الموقف مرارا، ثم التفت إلى السائق ليسأله:
«وما اسمه هو؟»
يا للكارثة!
هنا تذكرت أن السائق لا يعرف اسمى ولم يسأل. أنا أبدو ك(أحمد) ولا يحتاج المرء إلى ذكاء شديد ليخمِّن ذلك، لكننى بدوت للسائق (مصطفى)، وهو ما قاله. ومن الغريب أن شرطى المرور اكتفى بذلك وأطلق سراحنا.
كل مشكلاتنا تبدأ بالتعليم وتعود إليه كالعادة.. نحن نحتاج إلى ثقافة مرورية تبدأ من الصغر، وأحمل هذه المسؤولية على عاتق البيت والمدرسة والدعاة. بالمناسبة: هل سمعت فى حياتك خطيب مسجد يتكلم عن آداب المرور؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.