الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أمر إلهى تكرر فى مواضع عديدة فى القرآن الكريم، مثل قوله تعالى: «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون» (آل عمران: 104). وهذا الأمر الإلهى فى غاية الأهمية، إذ يبنى جانبا أساسيا من جوانب الشخصية الإنسانية السوية، من خلال مشاركتها الفعالة فى حياة مجتمعها، ودفاعها القوى عن قيم الخير والحق والجمال، ووقوفها الراسخ فى وجه الشر والظلم والقبح. ومن ثم فالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، هو الصفة المميزة لخير أمة أخرجت للناس. كما فى قوله عز وجل «كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر» (آل عمران: 110). فإذا كانت حرية الرأى والتعبير مكفولة فى كل المجتمعات الديمقراطية، إلا أنها يجب أن تصبح فى مجتمعنا بعد الثورة حقا وواجبا أيضا. فالمشاركة الإيجابية فى شؤون المجتمع واجب وطنى على كل مصرى ومصرية. أما هذه الأغلبية الصامتة منذ عقود طويلة، فعليها الآن أن تخرج من كمونها فى قبور الصمت المهين، وتشارك فى بناء مصر الجديدة. ولنذكر ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم عن حق الطريق «غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر» (متفق عليه). فهذه واجبات على كل إنسان سوى. وهنا يبرز دور العلماء، والمفكرين، وأهل الرأى، والمثقفين فى قول كلمة الحق، والدفاع عن الصالح العام، أو مصلحة الأمة. فعن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، قوله «أفضل الجهاد كلمة حق عند إمام جائر» (أخرجه أبو داوود والترمذى). وهنا يجب أن نشير إلى دور عظيم قام به عدد كبير من الأقلام الشريفة، والأصوات النبيلة التى قالت كلمة الحق بمنتهى الشجاعة فى زمن نفاق مبارك وعائلته. وقد قال تعالى «وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون» (آل عمران: 187). فكثير ممن نصفهم بالعلماء ورجال الدين، عبر تاريخ البشرية، لم يقولوا كلمة الحق، وصمتوا، أو نافقوا الحكام فى مقابل ما يحصلون عليه من فتات الحياة الدنيا! ومن الواجب علينا هنا أن نذكر للتاريخ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، كلمات شيخ الأزهر، وفضيلة المفتى، والبابا شنودة، وغيرهم كثير، وكثير جدا، نذكر كلماتهم جميعا فى أيام ثورتنا العظيمة! فقد وقفوا إلى جوار الطاغية الظالم، وفى مواجهة الثوار الأبطال، وها هم كلهم يتملقون الثورة بعد سقوط الديكتاتور! والآن فلنعلم جميعا أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، ومن ثم لن يصمت شعبنا مرة أخرى على ظلم، ولا قهر، ولا طغيان. وأى قيادة فاسدة فى أى موقع ستجد من يحاربها بكلمة الحق، وأى فساد فى أى مكان فى مصر سيجد بإذن الله من يكشفه، وأى تلاعب فى أى انتخابات قادمة سيثير الجماهير للثورة من جديد.