«تطوير مناهج التعليم»: تدريس 4 لغات أجنبية جديدة في المرحلة الإعدادية    تصل إلى 260 ألف جنيه.. أسعار الحج البري 2024    نقيب الزراعيين: مشروع زراعة نبات الجوجوبا يوفر العديد من فرص العمل    خسائر الاحتلال الإسرائيلي تتوالى.. تفعيل صافرات الإنذار في تل أبيب ومقتل جندي بغزة    لاعبا التجديف ببورسعيد يحصدان البرونزية في كأس العالم البارالمبي بسويسرا    منتخب الساق الواحدة يتأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026    سقوط أمطار على مناطق متفرقة من القاهرة والجيزة رغم ارتفاع درجات الحرارة    «البحوث الإسلامية»: الجنازات أخلاق نبوية وليست مجاملة اجتماعية (فيديو)    وكيل صحة مطروح يتابع جاهزية مستشفى رأس الحكمة لبدء تنفيذ خطة التأمين الطبي    معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية يكشف نتائج تجربة دمج الذرة الرفيعة مع القمح في إنتاج الخبز    مصطفى كامل يكرم نقيب موسيقيين لبنان    شيماء سيف تحكي عن موقف كوميدي بسبب تعرضها للمعاكسة    عاجل.. رومانو يكشف موعد الإعلان عن مدرب برشلونة الجديد    ما هو سِنّ الأضحية المقررة شرعًا؟.. الأزهر للفتوى يوضح    تعرف مواعيد برنامج إبراهيم فايق الجديد والقناة الناقلة    رئيس «الرقابة والاعتماد» يبحث مع محافظ الغربية سبل اعتماد المنشآت الصحية    للحفاظ على سلامتهم.. القومي للتغذية يقدم نصائح للحجاج أثناء أداء مناسك الحج    «كاف» يحسم جدل 3 لقطات تحكيمية مثيرة في مباراة الأهلي والترجي    رئيس مدينة الأقصر يشهد تكريم الأطباء المثاليين    مراسل إكسترا نيوز: شاحنات المواد الغذائية المقدمة لغزة مساعدات مصرية خالصة    تصل ل9 أيام متتابعة.. موعد إجازة عيد الأضحى ووقفة عرفات 2024    «شاب المصريين»: الرئيس السيسي أعاد الأمل لملايين المواطنين بالخارج بعد سنوات من التهميش    الجامعة العربية تشارك في حفل تنصيب رئيس جمهورية القمر المتحدة    أيهما أفضل الاستثمار في الذهب أم الشهادات؟.. خبير يوضح    هل يجوز الدعاء بالزواج من شخص محدد؟ أمين الفتوى يرد    وزير الخارجية يشدد على ضرورة وقف اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين بالضفة    أفضل طرق التعبير عن حبك للطرف الآخر على حسب برجه الفلكي    تراجع إيرادات فيلم "Kingdom of the Planet of the Apes"    رئيس الوزراء الباكستاني يشيد بقوات الأمن بعد نجاح عملية ضد إرهابيين    في ذكرى وفاتها.. تعرف على أعمال فايزة كمال    وزارتا الصحة المصرية والكوبية تناقشان مستجدات التعاون فى تصنيع الأدوية    وحدات السكان بشمال سيناء تعقد ندوات توعوية تحت مظلة مبادرة «تحدث معه»    غرق شاب بشاطئ بورسعيد    عمرو دياب يرصد تطور شكل الموسيقى التي يقدمها في "جديد×جديد"    وزير الأوقاف يلتقي بالأئمة والواعظات المرافقين لبعثة الحج    احصل عليها الآن.. رابط نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 الترم الثاني في جميع المحافظات    دعوة للتمرد على قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي.. ما علاقة نجل نتنياهو؟    عميد الدراسات الأفريقية: "البريكس وأفريقيا" يبحث دور مصر المحوري في التكتل الدولي    أطعمة تحميك من انسداد الشرايين- تناولها بانتظام    فرقة مكتبة دمنهور للتراث الشعبي تمثل محافظة البحيرة بمهرجان طبول الدولي    محطات مهمة بواقعة دهس عصام صاصا لعامل بسيارته بعد إحالته للجنايات    عضو "مزاولة المهنة بالمهندسين": قانون 74 لا يتضمن لائحة    الأحوال المدنية تستخرج بطاقات الرقم القومي للمواطنين بمحل إقامتهم    ترحيل زوج المذيعة المتسبب فى مصرع جاره لأحد السجون بعد تأييد حبسه 6 أشهر    اعرف قبل الحج.. الركن الثاني الوقوف بعرفة: متى يبدأ والمستحب فعله    وزير الري: تحسين أداء منشآت الري في مصر من خلال تنفيذ برامج لتأهيلها    العمل: استمرار نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية في المنشآت بالمنيا    وزير قطاع الأعمال يتابع تنفيذ اشتراطات التصنيع الجيد بشركة القاهرة للأدوية    وداعًا للأخضر.. واتساب يتيح للمستخدمين تغيير لون الشات قريبًا    علاء خليل: ما حققته مصر بالرقعة الزراعية الآن لم يحدث منذ 200 سنة    وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة    سعر الريال السعودى اليوم الأحد 26-5-2024 أمام الجنيه المصرى    النائب أيمن محسب: الدفاع عن القضية الفلسطينية جزء من العقيدة المصرية الراسخة    شاومينج ينشر أسئلة وإجابات امتحانات الدبلومات الفنية على تليجرام.. والتعليم تحقق    الرئيس الفرنسي يتوجه إلى ألمانيا في زيارة دولة نادرة    مصطفى شوبير: لا توجد مشكلة مع الشناوي.. وكولر حذرنا مما فعلناه ضد الوداد    أول تعليق من مدرب الترجي بعد الخسارة أمام الأهلي في نهائي دوري أبطال أفريقيا    مروان عطية: هدف رامي ربيعة «ريحنا».. وتفاجأت بنزول ديانج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيديوهات التشفى والانتقام
نشر في التحرير يوم 26 - 04 - 2014

شعرت بغمّ وهمّ كبيرين بعد مشاهدتى شريط الفيديو الذى بلغت مدته 16 دقيقة، وأصدرته جماعة «أنصار بيت المقدس» الإرهابية للمدعو أبو مريم، الذى قام بتفجير نفسه وسيارته فى مقر مديرية أمن الدقهلية قبل أربعة أشهر. وبعده بأيام أصدرت الجماعة الإرهابية الأخرى المسماة «أجناد مصر» شريط فيديو مدته نحو 24 دقيقة، تبنت فيه ثمانى عمليات إرهابية دفعة واحدة، استهدفت كمائن رجال الشرطة من نوفمبر 2013 وحتى مطلع الشهر الحالى أمام جامعة القاهرة.
وألحقت «أجناد مصر» شريط الفيديو بسلسلة بيانات تبنت فيها المسؤولية عن مزيد من العمليات الإرهابية، التى استخدمت فيها قنابل محلية الصنع مخلوطة بكميات من المسامير والأجسام المعدنية المدببة، لضمان أن تؤدى إلى القتل ويتم تفجيرها عن بعد، التى باتت تخصّصها بوضوح، والتى كان آخرها قتل العميد أحمد زكى من قوة الأمن المركزى فى ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، بعد ركوبه سيارة نصف نقل للتمويه من أمام منزله فى مدينة 6 أكتوبر.
الإرهابيون زعموا أنهم تمكنوا من لصق العبوة الناسفة فى سيارة العميد زكى منذ فترة ولم يتم اكتشافها، وأنهم اختاروا التوقيت المناسب لتفجيرها كى يضمنوا اصطياد الهدف الثمين مع عدم إلحاق الأذى بالمارة فى الشارع. كما وجه بيان «أجناد مصر» الشكر لمن وصفهم ب«المتعاطفين» الذى يقدمون لهم معلومات بشأن أماكن إقامة وتحركات ضباط الشرطة المستهدفين.
شريط فيديو «أنصار بيت المقدس» لم يكن الأول من نوعه، وسبقه شريطان ظهر فى الأول ضابط الجيش السابق الذى حاول اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم أمام منزله فى سبتمبر، وفى الثانى انتحارى شاب من أبناء سيناء فى أثناء تجهيزه تفجير مقر مديرية أمن جنوب سيناء فى أكتوبر، وقام فيه بإلقاء خطاب قصير أكد فيه تمسكه بإقامة الخلافة الإسلامية، التى رآها قادمة من دون أى شك.
أما إمام مرعى، أبو مريم، البالغ من العمر 41 عاما، والأب لأربعة أطفال، فقال إنه على أتم الاستعداد لفراقهم فى سبيل الله، وأوصى إخوته فى الجماعة الإرهابية ب«إعداد العشرات بل المئات من أمثالى من المجاهدين».
المحزن فى خطاب أبو مريم المضطرب أنه حاول تقديم كل المبررات لعمله الإرهابى، بداية بالزعم أن الجيش المصرى يتلقى أوامره من الكنيست الإسرائيلى، ولذلك فهو يمنعه وأمثاله من الجهاد لتحرير المسجد الأقصى، ومرورا بالسماح للقوات الأمريكية قبل 11 عاما كاملة بالمرور من قناة السويس لضرب العراق، ونهاية بالقول إن الجنود المصريين يوفرون الحماية «للكفار والأنجاس الذين يتقلبون فى رمال أرض مصر عرايا فى طابا وشرم الشيخ»، متناسيا أنه لم يعد هناك أصلا سائحين أجانب كفار أنجاس يتقلبون عرايا أو بملابسهم كاملة بسبب العمليات الإرهابية التى يقوم بها وأقرانه على مدى الشهور العشرة الماضية.
المشترك بين الشرائط التى أنتجها تنظيما «أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر» أن كليهما يبدأ باستعراض سلسلة من المواجهات الدموية التى جرت بين الشرطة والجيش، من ناحية، ومؤيدى التيار الإسلامى وجماعة الإخوان، من ناحية أخرى، منذ 3 يوليو وعزل الرئيس الإخوانى محمد مرسى، مع التركيز على أحداث فض اعتصامى رابعة والنهضة، وما صاحبهما من قتل للمئات وصور بشعة أخرى لجثث محروقة وأخرى تجمعها الجرارات، طبعا بمصاحبة أناشيد دينية تدعو إلى الجهاد والاستشهاد بلكنة غير مصرية وأقرب للخليجية، حتى وإن كان المنشدون من المصريين.
ولاستثارة الهمم ونخوة الرجولة فى بلدنا الذكورى، تتم إعادة مشاهد بالسرعة البطيئة زيادة فى الدراما لرجال شرطة وهم يعتقلون فتيات محجبات ومنقبات من جامعة الأزهر، مع تجاهل تام بالطبع، أن كثيرات من الأخوات الفاضلات لديهن فتوى المشاركة فى الجهاد عبر توصيل زجاجات المولوتوف والقنابل البدائية للإخوة المناضلين فى سبيل الله، وأن قوات الشرطة لم تلق القبض عليهن وهن نائمات فى سكن الطالبات.
والمشترك أيضا هو أن كلا التنظيمين الإرهابيين يزعم أن ما يقوم به هو مبرر شرعًا بزعم القصاص والثأر، وأملا فى «شفاء صدور» أهالى وأحباء القتلى والمصابين والمعتقلين القابعين فى غياهب السجون مع كل ما يلقونه من مهانة ومعاملة غير إنسانية.
ما أصابنى بالحزن والإحباط الشديدين هو التطابق التام بين ما ورد فى هذه الشرائط الأخيرة، التى بثها عبر مواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت، والبيانات التى كانت تصلنا كصحفيين مطبوعة أو عبر الفاكس فى أعوام إرهاب التسعينيات من القرن الماضى فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، والشعور أننا ندور فى نفس الحلقة المفرغة: أجهزة أمنية مصممة أن القبضة الأمنية الحديدية هى الطريقة الوحيدة الممكنة للتعامل مع هذه الجماعات لكسر شوكتهم، وجماعات تصمم على أن ترد على القتل بالقتل ثأرا وانتقاما.
ولم يتعلم تنظيما «بيت المقدس» و«أجناد مصر» الدرس الأهم من التسعينيات، وهو أنه مهما كانت فداحة الخسائر التى تلحق بأجهزة الأمن، فإنها تبقى الأقوى بكل ما تملكه من عتاد ودعم شعبى يفوق التعاطف مع الجماعات الإرهابية، لتصبح النتيجة فقط زيادة أعداد الأمهات من الثكلى والحزانى، ولن يشعر أحد بالتشفى أو إرضاء غرائز الثأر والانتقام.
ويبقى الفارق أن إرهاب الحقبة الحالية أشد فتكا وأكثر تقدما وسهولة، خصوصا بعد اكتساب الشجماعات الإرهابية مثل القاعدة وغيرها خبرات قتالية متقدمة فى أفغانستان والعراق والصومال على مدى السنوات العشر الماضية، وانهيار الأوضاع فى ليبيا بعد الإطاحة بالقذافى، مما سهل تهريب السلاح بكميات كبيرة إلى مصر، وتساهل مرسى مع تنامى نفوذ الجماعات الإرهابية فى سيناء.
كيفية إيجاد ثغرة فى هذه الدائرة المغلقة من العنف سيكون التحدى الأكبر أمام الرئيس المقبل، مع إدراك أن الهدف الأساسى يجب أن يكون حفظ دماء كل المصريين لكى تتوقف الأمهات عن البكاء وتُشفى كل الصدور بحق، ولو بعد حين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.