ربما كان انسحاب القوات الأمريكية من العراق بعد نحو 9 سنوات من الاحتلال مناسبة قيمة تستحق الاحتفال، لكن الساسة الذين كانوا مكممى الأفواه فى عهد الرئيس الراحل صدام حسين يأبون إلا أن يكون العراق فى أزمة. فمنذ انسحاب آخر جندى أمريكى من العراق صباح الأحد الماضى، يعيش العراق على وقع أزمة سياسية تتعقد ساعة بعد ساعة، حيث صدرت مذكرة اعتقال بحق نائب الرئيس طارق الهاشمى، وبدأ ائتلاف «العراقية» الذى ينتمى إليه الهاشمى فى مقاطعة جلسات البرلمان والحكومة. مذكرة الاعتقال المفاجئة التى صدرت على خلفية «قضايا تتعلق بالإرهاب»، تزامنت مع سعى رئيس الحكومة نورى المالكى إلى إقالة نائبه صالح المطلك من منصبه بعدما وصفه ب«الديكتاتور». والهاشمى والمطلك هما شخصيتان سنيتان من أبرز قياديى قائمة «العراقية» (82 نائبا من بين 325، و9 وزراء من بين 31). وتترافق هذه التطورات المتسارعة مع مطالبة محافظات تسكنها غالبيات سنية بالتحول إلى أقاليم مستقلة. وانضم أعضاء فى مجلس محافظة ديالى التى تسكنها غالبية سنية الأسبوع الماضى إلى مطالب محافظات أخرى بالتحول إلى أقاليم، وأعلنوا أنه جرى جمع تواقيع 15 عضوا فى المجلس من بين 29 للمضى فى الإجراءات الرسمية. وكان مجلس محافظة صلاح الدين التى تسكنها أيضا غالبية سنية قد أعلن فى 27 أكتوبر المحافظة إقليما مستقلا إداريا واقتصاديا، الأمر الذى رفضته الحكومة المركزية فى بغداد. بدوره، تمكن مجلس محافظة الأنبار، كبرى محافظات العراق، من جمع تواقيع 16 عضوا من بين أعضائه ال29، وذلك لإجراء استفتاء شعبى حول المطالبة بإعلان المحافظة، التى تسكنها غالبية سنية كذلك، إقليما مستقلا كذلك. وتنص المادة 119 من الدستور العراقى على أنه «يحق لكل محافظة أو أكثر، تكوين إقليم بناء على طلب بالاستفتاء عليه». وتشير المادة 120 إلى أن الإقليم يقوم «بوضع دستور له يحدد هيكل سلطات الإقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على أن لا يتعارض مع هذا الدستور»، أى دستور العراق. وتحمل دعوات إنشاء الأقاليم بعدا طائفيا بحسب بعض السياسيين، بينما يرى فيها آخرون حقا دستوريا.