كتبت د. غادة شريف 14/9/2010 فى «المصرى اليوم» مقالة بعنوان: «أنا المصرى الرعروع» جاء فيها: نحن ولا فخر من سلالة المصريين الذين عبدوا حكامهم الفراعنة، وكان الفراعنة بدورهم ينظرون للمصريين على أنهم رعاع حتى يوم أن أمرهم رمسيس الثانى بالجرى خلف سيدنا موسى فى البحر، اندفعوا بمنتهى الهبل خلفه! وإلا ما فى واحد اعتذر علشان عنده غسيل!.. وحيث إن مفرد رعاع.. رعروع.. فأنا رعروعة.. إلخ». وبغض النظر عن الهزل فى مقام الجد، والسخرية بدلاً من الجدية، ومهانة شعب بأكمله (رعاع) بدلاً من الاحترام والافتخار، إلا أننى سأناقش ما كتبت بموضوعية شديدة! أولاً.. لقد وقعت يا دكتورة فى خطأ منهجى قاتل.. ألا وهو خلط العلم (التاريخ) بالدين، وليتك أصبت فى واحد منهما.. ولكنك أخطأت فى كليهما.. فلا رمسيس الثانى هو فرعون الخروج تاريخياً أو دينياً.. ولا شعب مصر اندفعوا مثل «الهبل» وراء موسى النبى، وعليك قراءة «رمسيس الثانى» لعالمة الآثار الفرنسية، كريستين لاروش دى نوبل كور، هذا الكتاب طبع منه مليون نسخة، كذلك دينيا.. فرعون الخروج لم يكن لديه أطفال، أما رمسيس الثانى فكان لديه عشرات الأطفال! خبرينى من أى مصدر أتيت بهذا الكلام؟! أما قولك إنهم كانوا يعبدون ملوكهم! يكفى قولهم: على لسان الإله: أنا الإله واحد أحد ليس لى كفواً أحد، أو: أحد.. أحد.. لا ثانى له، أو إنه السميع البصير الذى يجيب دعوة الداعى إذا دعاه (معبد، كوم أمبو). كان خطاب العرش موجهاً لكبير الوزراء: أعلم أن الماء والهواء سينقلان إلىّ كل ما تفعل فى الخفاء.. كن عادلاً.. وليكن نبراسك هو «ماعت» ربة العدالة. هل قرأت الرسائل التسع للفلاح الفصيح..؟! وكيف كان يخاطب محافظ وادى النطرون: اعدل فما أنت بعادل.. أسرع برد مسروقاتى.. مالك بطىء.. هل عينك الملك محافظا على الإقليم.. حتى تكون معيناً للصوص وقطاع الطرق؟! أؤكد لك.. لو أنك كتبت رسالة مثل هذه لأحد المحافظين.. لما وجدت نفسك بعدها! أما أن هذا الشعب العظيم (الرعاع فى نظرك) لا يثور فهذا جهل تام بالتاريخ.. قامت الثورات المصرية ابتداء من الأسرة السادسة (عصر الاضمحلال الأول) ثم الثورة العارمة وطرد 3 ملايين هكسوسى (جرذان الصحراء) على يد سقن رع، كاموس، أحمس، ثم ثورات مصر ضد الفرس ثم ضد البطالمة، ثم ضد الرومان 48 ق.م، 280 بعد الميلاد.. حتى احترقت مكتبة الإسكندرية، واضطر الرمان للاستنجاد بالحامية السورية لإخضاع الثورة، ثم 7 ثورات ضد العرب.. كان أخطرها ثورة البشموريين التى اضطرت إلى مجىء المأمون بجيش مائة ألف.. حرقوا قرى بأكملها.. قتل فيها 800.000 مصرى، ولماذا نذهب بعيداً..؟ ها هى ثورة سعد ضد الإنجليز، 18، 19 ضد السادات.. وعشرات المظاهرات والاعتصامات فى الوقت الراهن، وتقولين بعد ذلك إنه شعب لا يثور.. لا تنسى أننا نحكم عسكرياً وبقانون الطوارئ منذ 1952! كيف يكون هذا الشعب «رعاعا».. وهم فجر الضمير؟! تقول عالمة المصريات الألمانية «هامرشتاين»: «كيف كان سيكون حال العالم بدون الحضارة المصرية القديمة!». كيف كنا «رعاعاً» ونحن أول من عرف الإله الواحد، والرياضيات (قوانين الدائرة والمثلث)، 36 بردية جمعها أرشيبالد، تشيز، مانج، بل لو زرت المتحف البريطانى ستجدين جمجمة مصرية بها عملية تربنة.. مكتوباً تحتها: أول جراحة مخ فى التاريخ 3000 ق.م.. حين كان العالم كله ومعهم جرذان الصحراء.. فى الكهوف..! حين سألوا فرانسيس باكون.. كيف تتقدم أوروبا..؟ قال: أن يكون لها تاريخ.. ولأنه ليس لأوروبا تاريخ فقد أخذت التاريخ اليونانى الذى قال عنه أفلاطون (ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر) أنت لا تعرفين أن طاليس، أفلاطون، سولون، فيثاغورث.. جاءوا إلى مصر وأقاموا فيها حتى يتعلموا منها! يدعو للحزن والأسى ما كتبت.. ولديك أروع وأعظم تاريخ.. أصاب الناس شرقاً وغرباً بالولع بالمصريات.. وإذا كنت ترين فى نفسك أنك من الرعاع... رعروعة.. فأنا أرى فى نفسى.. أنى ابن حضارة قال عنها شامبليون: «يتداعى الخيال ويسقط بلا حراك تحت أقدام الحضارة المصرية القديمة». المصرى اليوم