انقطاع المياه بمدينة طما في سوهاج للقيام بأعمال الصيانة | اليوم    المقاومة الإسلامية في العراق تستهدف مناطق حيوية في تل أبيب وبئر السبع بإسرائيل | فيديو    جناح ضيف الشرف يناقش إسهام الأصوات النسائية المصرية في الرواية العربية بمعرض أبو ظبي    محمد مختار يكتب عن البرادعي .. حامل الحقيبة الذي خدعنا وخدعهم وخدع نفسه !    عيار 21 بعد الانخفاض.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الجمعة في الصاغة    أسعار اللحوم اليوم 3-5-2024 للمستهلكين في المنافذ ومحلات الجزارة    "عيدنا عيدكم".. مبادرة شبابية لتوزيع اللحوم مجاناً على الأقباط بأسيوط    إسرائيل: تغييرات في قيادات الجيش.. ورئيس جديد للاستخبارات العسكرية    طائرات الاحتلال تستهدف محيط مسجد "أبو شمالة" في تل السلطان غرب رفح الفلسطينية    ملف يلا كورة.. قرعة كأس مصر.. موعد مباراتي المنتخب.. فوز الزمالك.. وطلب الأهلي    جمال علام: أناشد جماهير الأندية بدعم منتخب مصر.. والاتحاد نجح في حل 70% من المشكلات    خالد الغندور: محمد صلاح «مش فوق النقد» ويؤدي مع ليفربول أفضل من منتخب مصر    إبراهيم سعيد: مصطفى شوبير لا بد أن يكون أساسي فى تشكيل الأهلي علي حساب الشناوي وإذا حدث عكس ذلك سيكون " ظلم "    أحمد الكأس: سعيد بالتتويج ببطولة شمال إفريقيا.. وأتمنى احتراف لاعبي منتخب 2008    «تغير مفاجئ في الحرارة».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    خبيرة أسرية: ارتداء المرأة للملابس الفضفاضة لا يحميها من التحرش    «دفاع الشيوخ»: اتحاد القبائل العربية توحيد للصف خلف الرئيس السيسي    «زي النهارده».. اليوم العالمي لحرية الصحافة 3 مايو 1991    جامعة فرنسية تغلق فرعها الرئيسي في باريس تضامناً مع فلسطين    ليفركوزن يتفوق على روما ويضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    طبيب الزمالك: شلبي والزناري لن يلحقا بذهاب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. الأوقاف تفتتح 19 مسجداً بالمحافظات    قفزة كبيرة في الاستثمارات الكويتية بمصر.. 15 مليار دولار تعكس قوة العلاقات الثنائية    موعد جنازة «عروس كفر الشيخ» ضحية انقلاب سيارة زفافها في البحيرة    تحذير شديد اللهجة حول علامات اختراق الواتساب    ميزة جديدة تقدمها شركة سامسونج لسلسلة Galaxy S24 فما هي ؟    مجلس الوزراء: الأيام القادمة ستشهد مزيد من الانخفاض في الأسعار    سفير الكويت: مصر شهدت قفزة كبيرة في الإصلاحات والقوانين الاقتصادية والبنية التحتية    رسائل تهنئة شم النسيم 2024    الحمار «جاك» يفوز بمسابقة الحمير بإحدى قرى الفيوم    أول ظهور ل مصطفى شعبان بعد أنباء زواجه من هدى الناظر    ماما دهب ل ياسمين الخطيب: قولي لي ماما.. انتِ محتاجة تقوليها أكتر ما أنا محتاجة أسمعها    شايفنى طيار ..محمد أحمد ماهر: أبويا كان شبه هيقاطعنى عشان الفن    حسام موافي يكشف سبب الهجوم عليه: أنا حزين    بسعر 829 جنيها، فاكسيرا توفر تطعيم مرض الجديري المائي    بعد تصدره التريند.. حسام موافي يعلن اسم الشخص الذي يقبل يده دائما    سفير الكويت بالقاهرة: رؤانا متطابقة مع مصر تجاه الأزمات والأحداث الإقليمية والدولية    فلسطين.. قوات الاحتلال تطلق قنابل الإنارة جنوب مدينة غزة    مباراة مثيرة|رد فعل خالد الغندور بعد خسارة الأهلى كأس مصر لكرة السلة    أمين «حماة الوطن»: تدشين اتحاد القبائل يعكس حجم الدعم الشعبي للرئيس السيسي    تعرف على طقس «غسل الأرجل» بالهند    البطريرك يوسف العبسي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يحتفل برتبة غسل الأرجل    خطوات الاستعلام عن معاشات شهر مايو بالزيادة الجديدة    برج السرطان.. حظك اليوم الجمعة 3 مايو 2024: نظام صحي جديد    د.حماد عبدالله يكتب: حلمنا... قانون عادل للاستشارات الهندسية    جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 لجميع التخصصات    بسبب ماس كهربائي.. إخماد حريق في سيارة ميكروباص ب بني سويف (صور)    بطريقة سهلة.. طريقة تحضير شوربة الشوفان    «يا خفي اللطف ادركني بلطفك الخفي».. دعاء يوم الجمعة لفك الكرب وتيسير الأمور    مدير مشروعات ب"ابدأ": الإصدار الأول لصندوق الاستثمار الصناعى 2.5 مليار جنيه    محافظ الجيزة يزور الكنيسة الكاثوليكية لتقديم التهنئة بمناسبة عيد القيامة    تركيا تفرض حظرًا تجاريًا على إسرائيل وتعلن وقف حركة الصادرات والواردات    القصة الكاملة لتغريم مرتضى منصور 400 ألف جنيه لصالح محامي الأهلي    صحة الإسماعيلية تختتم دورة تدريبية ل 75 صيدليا بالمستشفيات (صور)    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تغضب مصر‏..!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 29 - 01 - 2011

نحن أحوج خلق الله اليوم‏..‏ لكي تنظر إلي مصر بحب‏..‏ صحيح أنه من حق الشباب المصري أن يثور عندما لا يجد قوت يومه‏..‏أو وظيفة يفتح بها بيتا ويستر بها حاله‏..‏ بعد سنوات دمع وعرق وهوان حتي حصل علي الشهادة‏.!‏ ومن حق كل رب بيت أن يجد ما يطعم به عياله‏..‏ لا أن يجد أطفاله يتضررون جوعا‏..‏ فماذا تنتظر منه‏..‏ هل نريده أن يفعل ما قال أبوذرالغفاري‏:‏ ينزل إلي الناس رافعا سيفه؟
أم يجد حكومة حانية لا نريدها ذكية ولكن حكومة جديدة تحتضن همه وترفع عن كاهله تلالا من المشاكل ترسبت وكبرت وزادت عبر ثلاثين عاما؟
من حق الشباب أن يثور‏..‏ وأن يجد من يسمعه‏..‏ وأن يتكلم ويقول‏..‏ فمصر طول عمرها صانعة تاريخ ولكم جاهدت وتعبت وعانت ودفعت من دمها وعرقها حتي أصبحت كما هي الآن مصر العظيمة ذات التاريخ المجيد‏..‏ ألم تسأل الحكومة الذكية نفسها‏:‏ لماذا خرجت الجماهير إلي الشوارع تهتف بسقوطها‏..‏ ببعد أن أصبحنا نركب عربة السبنسة في قطار الأمم‏,‏ أنه الفساد والتزوير والتجاهل لكل آلام الناس‏..‏ أنه الغلاء الذي يكوي كل إنسان‏.‏
لا نريد عنفا من رجال الأمن فهؤلاء هم أولادنا واخواننا واخواتنا ولا نريد من الجماهير الغاضبة مرغمة أن ترد بالمثل؟
أنني اليوم أعيد إلي أفكاركم وعقولكم واسماعكم ما كتبته هنا عن الإنسان المصري العظيم ووصاياه العشر‏.‏ لعلنا نتعظ ونفهم‏.‏
هو أول من وجه ناظريه الي السماء من بني الإنسان وهو راكع ساجد متضرع‏,‏ وقال‏:‏ لا إله إلا الله سبحانك‏..‏ لك الحمد ولك الشكر‏..‏ رب العزة والملكوت‏.‏
وهو أول من عبد الله الواحد الأحد من دون أهل الأرض جميعا‏.‏
وهو أول من سجد لله الواحد القهار إيمانا واحتسابا وصدقا ويقينا‏.‏
وهو أول من آمن بالله وباليوم الآخر وبالبعث بعد الموت‏..‏ وبالجنة والنار‏..‏ وبالحساب والعذاب‏..‏ وبالثواب والعقاب‏.‏
وهو أول شعوب الأرض التي بعث الله إليها الرسل والأنبياء وانزل إليها الكتب والرسالات السماوية‏..‏ فأرسل الله اليه سيدنا ادريس عليه السلام أول الرسل قبل نحو‏7‏ آلاف عام‏.‏
ثم أرسل اليه أخناتون العظيم الذي أزعم ومن خلفي طابور طويل من عقلاء القوم فينا أنه نبي ورسول من تلك الباقة من رسله وأنبيائه الذين لم يذكرهم في قرآنه ومحكم آياته‏..‏ كما جاء في الآية الكريمة‏:‏
منهم من قصصنا عليك‏..‏ ومنهم من لم نقصص‏.‏
ويقول سبحانه وتعالي في كتابه الحكيم في سورة الزخرف‏:‏ وكم أرسلنا من نبي في الأولين‏.‏
ويقول سبحانه في سورة يونس‏:‏ ولكل أمة رسول‏...‏
ما أروع أن نشاهد أخناتون أول من أرسي ديانة التوحيد بعد أن زلت وتاهت في دروب الكهنة وسدنة الملوك والسلطان‏..‏ وهو يناجي ربه في الهزيع الأخير من الليل‏,‏ قبل أن يبزغ أول شعاع من ضوء الشمس‏:‏
أنت خالق البذرة في المرأة
والذي يذرأ من البذرة أناسي
وجاعل الولد يعيش في بطن أمه
ومهدئا إياه حتي لا يبكي
مرضعا إياه حتي في الرحم
وأنت معطي النفس حتي تحفظ الحياة علي كل إنسان خلقته
وحينما ينزل من الرحم‏(‏ رحم أمه‏)‏ في يوم ولادته
فأنت تفتح فمه كلية
وتمنحه ضروريات الحياة
وحينما يصير الفرخ في لحاء البيضة
فأنت تعطيه نفسا ليحفظه حيا في وسطها
وقد قدرت له ميقاتا في البيضة ليخرج منها
وهو يخرج من البيضة في ميقاته الذي قدرته له
فيصيح ويمشي علي رجليه حينما يخرج منها‏.‏
وما أكثر تعدد أعمالك
إنها علي الناس خافية
يا أيها الإله الأحد
الذي لا يوجد بجانبه إله آخر
لقد خلقت الارض حسب رغبتك
وحينما كنت وحيدا لا شيء غيرك في الوجود
خلقت الناس وجميع الماشية والغزلان
وجميع ما علي الأرض
مما يمشي علي رجليه
وما في عليين مما يطير بأجنحته
فإنك تضع كل إنسان في موضعه
وتمدهم بحاجاتهم
وكل إنسان لديه قوته
وأيامه معدودات
والألسنة في الكلام مختلفة
وكذلك تختلف أشكالهم وجلودهم
لأنك تخلق الأجانب مختلفين
‏.................‏
‏................‏
الحضور أمامي‏..‏ ثلاثة‏:‏ الدكتور سيد كريم عالم المصريات المعروف‏+‏ د‏.‏ نديم السيار صاحب كتاب المصريون أول الموحدين‏+‏ اللواء حسام سويلم صاحب الدراسة العظيمة تحت عنوان‏:‏ مصر هي ثمرة التوحيد‏.‏
أسأل العارفين الثلاثة‏:‏ هل حقا الإنسان المصري هو اول من عرف الله من البشر جميعا‏..‏ وان اول رسالة للتوحيد نزلت بأرض مصر؟
الجواب لسيد العارفين الدكتور سيد كريم‏:‏
اذا حاولنا البحث عن جذور رسالة التوحيد فلسوف نجد ان اول رسالة للتوحيد نزلت علي ارض مصر‏.‏
يقول المؤرخ بتري في كتابه ضمير الحضارة‏:‏ إن شعب مصر كان اول شعب آمن بالله‏,‏ اول من أمن بأن هناك إلها واحدا للجميع‏,‏ آمن بهذه الحقيقة قبل مولد الزمان‏,‏ فكان اول من نادي بالتوحيد‏,‏ ذلك التوحيد والايمان بالخالق هو الذي بني حضارة مصر التي خلدت بخلود العقيدة‏,‏ عبروا عن الإله آتون بالقوة الخفية الكامنة التي تهب الحياة وتسير الكون‏,‏ عرفوا سر الوجود‏,‏ فآمنوا بالحياة والروح والبعث والحساب والعالم الآخر‏.‏
لقد اجمع العلماء علي أن أول رسالات الخلق والتوحيد التي عرفتها البشرية‏,‏ وكانت منارا لها قد خرجت من مدينة أون عين شمس حاليا وان تلك الرسالة بما حوته من تعاليم وتشاريع وتفاصيل بناء المجتمع الانساني‏,‏ لابد أن تكون رسالة سماوية سبقت العقل البشري كما وصفها المؤرخ المصري القديم‏(‏ مانيتون‏)‏ عام‏9500‏ من التقويم المصري الكهنوتي‏,‏ أي منذ‏12500‏ سنة‏.‏
ثم يشير د‏.‏ كريم الي مراحل حمل رسالة التوحيد خلال عصور مصر القديمة‏,‏ فيقول‏:‏
بعد رسالة التوحيد الاولي التي خرجت من أون واستمرت ألفي سنة خضعت مصر بعد ذلك لمختلف المذاهب وتعدد الآلهة‏,‏ فقامت ثورة التوحيد الثانية علي يد الملك مينا نرمر موحد القطرين ومؤسس الاسرة الاولي‏,‏ الذي قام بحربه المقدسة لتوحيد البلاد بتوحيد الإله الواحد الذي رمز له بصقر السماء‏.‏
ثم عادت الدعوة مرة ثالثة لرسالة التوحيد في مصر الاهرامات‏,‏ ورمز للإله الواحد بقرص الشمس‏(‏ رع‏),‏ ثم كانت آخر رسالات التوحيد التي نادي بها اخناتون في الاسرة الثانية عشرة‏,‏ ثم بعد ذلك خرج بها سيدنا موسي حاملا رسالة التوراة‏.‏
يتدخل اللواء حسام سويلم بقوله‏:‏ ولكنك يا د‏.‏كريم لم تشر في هذا السرد التاريخي الرائع إلي رسالات التوحيد التي سبقت بعث سيدنا موسي عليه السلام في مصر‏,‏ ذلك ان هذه الرسالات‏(‏ الاولي والثانية والثالثة‏),‏ لابد وأن يكون لها ارتباط برسل الله تعالي الذين جاءوا الي مصر قبل بعث سيدنا موسي عليه السلام‏,‏ وهم سادتنا إبراهيم واسحاق ويعقوب واسماعيل ويوسف‏,‏ وغيرهم عليهم جميعا الصلاة والسلام‏,‏ واذا كانت الآثار المصرية التي اكتشفت حتي الآن لم تشر اليهم‏,‏ فإن هذا لا ينفي وجود آثار اخري لم تكتشف بعد‏,‏ ولم يحن موعدها وتحمل ما يؤكد ثمرة بعثهم بين شعب مصر في ايمان هذا الشعب بالله الواحد الأحد‏,‏ واثر ذلك علي حضارة المصريين القدماء‏.‏
أنظر إلي الدكتور نديم السيار صاحب الباع والذراع في كشف سير الأولين وحكايات الغابرين من خلال سلسلة كتبه عن رسالة التوحيد واقول‏:‏ مالي أراك ساكتا لا تتكلم؟
قال‏:‏ لأن رفيقي لم يذكرا نبيا عظيما نزل في مصر وعلم المصريين رسالة التوحيد قبل الزمان بزمان‏.‏
قلت‏:‏ كلنا منصتون لكي نفهم ونعرف‏..‏
قال‏:‏ لقد قلت ان مصر القديمة قد عرفت الأنبياء واستشهدت بآيات الله‏..‏ واضيف اليها ما جاء في سورة النحل‏:(‏ ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن أعبدوا الله‏...)‏
اذن وبنص القرآن الكريم ما من أمة من الأمم إلا وقد بعث الله اليها رسولا‏..‏ فما بالنا بتلك الأمة المصرية التي كانت أقدم الأمم علي الاطلاق‏,‏ والتي يرجع تاريخها وحضارتها الي عصور ما قبل التاريخ‏..‏ ممتدة علي مدي آلاف السنين‏.‏
لاشك إذن ان الله سبحانه قد أرسل الي تلك الأمة المصرية رسلا وأنبياء‏.‏
وهنا يذكر الإمام محمد أبوزهرة‏:‏ انه يجب علينا ان نعتقد ان دعوات الي التوحيد الخالص بعبادة إله واحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‏..‏ قد توردت علي العقل المصري‏..‏ وبعيد أن ينفي تماما عن المصريين في مدي خمسة آلاف سنة ازدهرت فيها حضارتهم ونمت أن تكون قد وردت عليهم عقيدة التوحيد بدعوة من رسول مبين‏.‏
وكان من بين أولئك الرسل والانبياء الذين أرسلهم الله الي المصريين القدماء‏..‏ النبي العظيم ادريس عليه السلام‏,‏ والذي كان من ألقابه كما يذكر القفطي والألوسي والشهرستاني والمسعودي وابن حزم وغيرهم اللقب‏(‏ هرمس‏),‏ وهو اول داع الي التوحيد‏.‏
ويذكر الألوسي‏:‏ وكان ادريس قد ولد بمصر‏,‏ فدعا الخلق الي عبادة الله تعالي فأجابوه حتي عمت ملته الأرض‏,‏ وكانت ملته هي توحيد الله تعالي‏.‏
كما يذكر المقدسي‏:‏ أن ادريس هو أول من دعا الناس الي عبادة الله‏..‏
وكذلك أيضا يذكر القفطي وابن العبري وابن ابي اصيبعة وغيرهم‏.‏
يتدخل اللواء حسام مسلم بقوله‏:‏
اذا تذكرنا قول المولي عز وجل وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله‏,‏ فإننا لابد أن ندرك انه كان يوجد بمصر علي الدوام والاستمرار تبعية لرسل الله تعالي الذين وردوها منذ فجر التاريخ‏,‏ وكانت لرسالاتهم جذور وآثار متبقية ومتمثلة في هداية قلوب هذه التبعية المؤمنة الي خالقها‏,‏ وديانة أهلها بدين الإسلام‏,‏ مصداقا لقوله تعالي‏:‏ إن الدين عند الله الإسلام‏,‏ وقوله تعالي‏:‏ شرع لكم من الدين ما وصي به نوحا والذي أوحينا اليك وما وصينا به إبراهيم وموسي وعيسي أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه‏,‏
ثم جاءت الشريعة المحمدية الخاتمة لرسالات الرسل كاملة مكملة لدين الله الواحد‏,‏ وهو الإسلام‏,‏ إذا تذكرنا وأدركنا هذه الحقيقة‏,‏ فسوف يتبين لنا ثمرة وانعكاس رسالات رسل الله الكرام الذين جاءوا الي مصر قديما فيما حملته لنا حضارة المصريين القدماء من آثار تدل عليهم‏.‏
ولقد جاء في كتاب النصرانية والإسلام للدكتور عزت الطهطاوي ص‏115‏ عن مذكرات العلامة الأثري مايستون قوله‏:‏
إن هناك أنبياء ورسلا قاموا بنشر الدعوة الي الله بين المصريين القدماء‏,‏ ودعوا الي توحيده وعدم الاشراك به‏,‏ وأخص هؤلاء نبي الله إدريس عليه السلام‏,‏ الذي انتقل من مصر الي الهند ليستأنف دعوة التبشير والوحدانية الي الله‏,‏ وقد كان علي علم كبير بلغات أهل الأرض جميعا‏,‏ فقد كان يحدث كل قوم بلغتهم ولهجاتهم‏,‏ ويذكر المؤرخون أن نبي الله ادريس عليه السلام ولد بمدينة ادفو في وسط مصر‏,‏ وانه كان يسمي‏(‏ حورس‏),‏ كما كان اول من عرف العلوم الكونية والجيولوجيا والرياضيات‏.‏
وتقول كتابات المصريين القدماء المسجلة في آثارها عن حورس ان من الكتابات التي وجدت علي حزامه انه قال‏:‏
حفظ فروض الشريعة من تمام الدين‏,‏ وتمام الدين من كمال المروءة‏,‏ وخاصة من خواص الإنسان التقي‏..‏
كما كتب حورس علي فراش صلاته‏:‏
السعيد من نظر نفسه في مرآة صلاته وعبادته‏.‏
كذلك من اقواله‏:‏ حياة النفس في الحكمة وموتها في الجهل‏.‏
قلت‏:‏ وماذا قدم سيدنا إدريس عليه السلام للمصريين؟
د‏.‏ نديم السيار‏:‏ انه هو الذي وضع للمصريين القدماء أركان الدين والعبادة‏,‏ كما كانت له مواعظ ووصايا‏.‏
يقول هنا المؤرخ الأثري أحمد نجيب‏:‏ وأرسل الله للمصريين هرمس ويعرف عندنا باسم إدريس ونقل المقريزي في كتابه التنبيه والأشراف ان سكان مصر القدماء يعتقدون نبوة هرمس‏..‏
وقال علماء اليونان‏:‏ إن هرمس ألف كتبا كثيرة تشتمل علي النصائح والوصايا وأركان الدين والعبادة‏..‏ إلخ‏..‏ هذا ما رواه أفلاطون الحكيم وبلوتارك وغيرهم‏.‏
ومن بين تلك الوصايا الهرمسية الإدريسية ما كان يعرف بالوصايا العشر‏.‏
ويذكر المؤرخ كليمانت السكندري انه كان في مصر القديمة كهنة متخصصون في تدريس هذه الوصايا العشر التي تنطوي علي اصول العبادة والتقوي المصرية‏.‏
أما عن المحتويات الكاملة لهذه الوصايا العشر الإدريسية‏,‏ فليس لدينا حتي الآن نص يحدد ذلك‏,‏ ولكن يمكننا الرجوع الي كتاب آخر ينسب ايضا للنبي إدريس هرمس‏,‏ وهو المعروف باسم كتاب الموتي والذي تذكر عنه موسوعة الديانات والعقائد انه يعتبر أول كتاب في تاريخ البشرية فيه ذكر للعالم الآخر والحساب‏,‏ وهو كتاب كان يقدسه المصريون علي عهد الفراعنة‏,‏ معتقدين أنه من الكتب المنزلة‏.‏
وفي هذا الكتاب فصل يسمي إنكار الخطايا وفيه يعلن الميت يوم الحساب براءته من الآثام والخطايا‏,‏ وبديهي أن كل جزئية من هذه الانكسارات تعني أنه في تعاليم دينهم أوامر ووصايا تنهاهم عن فعل ذلك‏..‏ فإذا قال مثلا‏:‏ لم أقتل‏,‏ فمعني ذلك ان في كتبهم المقدسة تبليغ إلهي بالنهي عن القتل‏:‏ لا تقتل‏..‏ وبالمثل في قوله‏:‏ لم أسرق‏..‏ لم أكذب‏..‏ الخ
ولسوف نكتشف أن هذه التعاليم والوصايا المصرية الإدريسية تتماثل تماما مع الوصايا التي أنزلها الله علي سيدنا موسي عليه السلام‏.‏
وهنا يقول الباحث إبراهيم غالي‏:‏ الدور الثاني الموسوي نسبة ابي موسي عليه السلام مطبوع بطابع مصري‏,‏ ومما يؤيد هذا الرأي تشابه اعترافات الميت فصل الانكارات في كتاب الموتي والوصايا العشر‏.‏
أسأل‏:‏ ماذا تقول هذه الوصايا العشر المصرية؟
د‏.‏ نديم المسيار‏:‏ طبقا لما جاء في هذه الوصايا المصرية العشر كما هي مسجلة في كتاب الموتي ومقارنتها بوصايا سيدنا موسي العشر‏..‏ وانه بناء علي هذه الوصايا العشر‏,‏ عقد الله ميثاقه مع بني إسرائيل‏..‏ ذلك الميثاق‏(‏ العهد‏)‏ الذي جاء ذكره في القرآن الكريم‏:(‏ ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل‏...)‏ المائدة‏.12‏
ففي التوراة‏:(‏ فقال الرب‏:‏ ها أنا قاطع‏(‏ عهدا‏)‏ قدام جميع شعبك‏..‏ إلخ‏..‏ احفظ ما أنا‏(‏ موصيك‏)‏ اليوم‏..‏ إلخ‏:‏ لاتقتل‏..‏ لا تزن‏..‏ لا تسرق‏(‏ إلي آخر هذه الوصايا العشر‏).‏
وقال الرب لموسي‏:‏ اكتب لنفسك هذه الكلمات‏..‏ لأنني بحسب هذه الكلمات قطعت‏(‏ عهدا‏)‏ معك ومع إسرائيل‏,‏ فكتب علي اللوحين كلمات العهد‏(‏ الكلمات العشر‏),‏ وهذه الكلمات العشر هي ذاتها‏(‏ الوصايا العشر‏).‏
وكما رأينا‏,‏ فإن هذه‏(‏ الوصايا العشر‏)‏ التي كتبها الله لموسي‏,‏ كانت تتضمن الدستور الأخلاقي الذي يجب أن يتبعه المؤمنون‏,‏ وهي نفسها الاوامر التي نجدها في جميع الأديان السماوية الحالية‏..‏ وقد سبق أن رأينا أنها هي ذاتها الموجودة في الكتب الدينية لقدماء المصريين‏..‏ منسوبة الي نبيهم هرمس إدريس‏..‏ أي أن أولئك المصريين القدماء كانوا يلتزمون في حياتهم الأخلاقية بكل ما في هذه‏(‏ الوصايا العشر‏)‏ التي حددها الله سبحانه‏.‏
لنبدأ بالوصايا العشر كما جاءت في توراة موسي‏:‏
ثم تكلم الله بجميع هذه الكلمات قائلا‏:‏
‏*‏ لا تقتل‏..‏
وهي في كتاب الموتي‏:‏ أني لم أقتل
‏*‏ لا تزن‏..‏
وهي في كتاب الموتي‏:‏ إني لم أرتكب الزنا‏..‏
‏*‏ لا تسرق
وهي في كتاب الموتي‏:‏ إني لم أسرق‏..‏
‏*‏ لا تشهد علي قريبك شهادة زور‏.‏
وفي كتاب الموتي‏:‏ اني لم أشهد شهادة زور‏.‏
‏*‏ لا تشته امرأة قريبك‏..‏
وفي كتاب الموتي‏:‏ ولم أشته زوجة قريب أو صديق‏..‏
‏*‏ لا تكذب‏..‏
وهي في كتاب الموتي‏:‏ إني لم أكذب‏..‏
‏*‏ لا تغتصب قريبك ولا تسلب‏..‏
وهي في كتاب الموتي‏:‏ اني لم أغتصب ولم أسلب‏..‏
‏*‏ ثم لا ترتكب جورا في الوزن ولا في الكيل‏.‏
وفي كتاب الموتي‏:‏ إني لم أطفف الميزان‏..‏ ولم أغش الكيل‏.‏
‏..............‏
‏.............‏
أصوات الجماهير الجماهير الغاضبة تصل الينا من خلف الشباك‏..‏ أسأل صاحب كتاب المصريون أول الموحدين‏:‏ هل النبي هرمس هو نفسه النبي إدريس؟
قال‏:‏ نعم‏.‏
قلت‏:‏ ومن يقابله في الديانة المصرية القديمة أوزوريس أو حورس أو تحوتي؟
قال‏:‏ أعتقد تحوتي‏..‏
ويفاجئنا سيد العارفين د‏.‏ سيد كريم بقوله‏:‏ الذي أعرفه ان الحكيم آني هو مؤلف كتاب الموتي قبل نحو أربعة آلاف عام‏.‏
قلت مقاطعا‏:‏ ياسيدي في اعتقادي واعتقاد أهل العلم والمعرفة وعقلاء القوم فينا وفي غيرنا‏..‏ أن الحكيم آني أنزله المصريون القدماء منزلة الانبياء والرسل‏..‏ فلم لا يكون مثل اخناتون نبيا أو رسولا أرسله الله الي قومه في مصر‏,‏ ولم يجئ ذكره في القرآن الكريم آخر الكتب السماوية الذي ختم به الله الرسالات السماوية بالإسلام وجعل نبينا محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين‏.‏
د‏.‏ سيد كريم‏:‏ لن نجادلك فيما تزعم وتقول‏..‏ ولكننا نتكلم الآن عن رحلة الإنسان بعد الموت‏,‏ وقد حفظ التاريخ لنا‏,‏ في هذا الموضوع المثير‏,‏ عملين خالدين‏:‏ رسالة الغفران للشاعر العربي الفيلسوف أبي العلاء المعري و الجحيم للشاعر الايطالي الخالد دانتي الليجيري‏.‏
وجوهر كل من العملين رحلة في العالم الآخر‏,‏ نري فيها أحوال الناس بعد أن انتقلوا اليه‏,‏ ولايزال النقاد مختلفين حول العلاقة بين العملين‏:‏ هل ظهر كل منهما مستقلا‏,‏ أو تأثر أحدهما بالآخر؟
لكن النقاد لم يلاحظوا العمل الثالث الذي سبقهما بعدة قرون‏,‏ وصاحب هذا العمل هو الحكيم آني مؤلف كتاب كتاب الموتي منذ أربعة آلاف سنة‏.‏
وقد وصل الينا النص الذي كتبه آني في بردية واحدة‏,‏ عرضها‏40‏ سنتيمترا‏,‏ وطولها ثلاثون مترا‏,‏ ويحفظها الآن المتحف البريطاني
وفي هذه البردية‏,‏ يزعم آني أنه مات وسافر الي العالم الآخر‏,‏ ثم عاد ليروي التجربة‏,‏ ويصف آني رحلة الروح يوما بيوم‏,‏ منذ تفارق الجسد‏,‏ الي أن يتم تحنيطه‏,‏ وتجري له المراسم الجنائزية‏,‏ ثم رحلة المومياء الي الشاطيء الغربي للنيل‏,‏ حيث يتم دفنها‏,‏ ثم انتقال الروح في موكب الشمس عبر الفضاء‏,‏ حتي تصل الي المحكمة التحضيرية‏,‏ التي يتصدر منصتها اثنا عشر قاضيا يمثلون بروج السماء الاثني عشر‏.‏
وفي هذه المحكمة يتعرف الميت علي البرج الذي ينتمي إليه‏,‏ والذي كان مسيطرا علي صفاته وسلوكه في الحياة ويتزود بنصائح ممثل البرج وتعاليمه التي تعينه علي مصاعب الرحلة المقبلة‏.‏
نسأل‏:‏ ولكن‏,‏ ماهي هذه الرحلة المقبلة؟
د‏.‏ سيد كريم‏:‏ إنها تمر بسبع سماوات متعاقبات‏,‏ يصف كلا منها بالتفصيل‏,‏ ويصور ما تحتوي عليه من كائنات ومخلوقات‏,‏ وما يتعلق بكل منها من اساطير وحكايات‏,‏ وما يجب أن يتلي فيها من تعاويذ وأدعية
ثم يصل آني الي المحطة الاخيرة‏,‏ وهي محكمة الآخرة‏..‏ هنا يتربع الإله اوزير علي عرشه السماوي‏,‏ يشع النور من جسده‏,‏ ويضيء قاعة المحكمة بأكملها‏.‏
ويصف آني اجراءات المحاكمة‏,‏ والميزان‏,‏ والملكين اللذين يسجلان الحسنات والسيئات‏,‏ والأسئلة التي يوجهها القضاة‏,‏ والاجوبة التي أعدها مقدما‏,‏ والدفاع الذي استعد به‏.‏
ويصدر الإله اوزير في النهاية حكمه بتسجيل ولادة آني في عالم الخلود‏.‏
وينتقل آني من المحكمة الي ما سماه جنة الخلد
ويبدأ يصف هذه الجنة‏,‏ كيف انها مكونة من سبع طبقات‏(‏ أو سبع جنات‏)‏ تبدأ بجنة الابرار‏,‏ ثم جنة شهداء حرب العقيدة‏,‏ ثم جنة المرسلين‏,‏ وجنة الملائكة‏,‏ ثم تستمر صعودا حتي تبلغ أعلي درجات الجنة‏,‏ وهي جنة النور التي يقوم فيها عرش الإله‏.‏
ويواصل آني وصف الجنة فيقول‏:‏
فيها نهر من خمر‏,‏ ونهر من لبن ينزل من ثدي نوت‏,‏ ونهر من عسل‏,‏ وحقول من القمح‏,‏ سنابله من ذهب‏,‏ وفيها ملابس لا تتسخ ولا تبل‏,‏ وفيها شباب دائم‏,‏ وجسم لا يعرف المرض أو التعب أو الفناء‏,‏ وليس فيها أرواح خبيثة‏,‏ أو شريرة‏,‏ أو حيوانات كاسرة‏,‏ أو حشرات‏!‏
قلت‏:‏ إنها نفس الجنة التي وعد بها الله عباده الصالحين‏,‏ ولكن هل وصل آني إلي جهنم والعياذ بالله وعذاب النار؟
سيد العارفين يقول‏:‏ آني لا يفوته بالطبع أن يصف الجحيم ايضا‏..‏
والجحيم الذي يزعم انه شاهده يتألف من سبع طبقات كالجنة‏,‏ وهذه الطبقات في حقيقتها سبع بحيرات للعذاب‏,‏ ومنها بحيرة ماؤها من لهب‏,‏ يلقي فيها المجرمون فيتعذبون‏,‏ ولكن لا تحترق أجسادهم‏,‏ ولا يموتون‏,‏ وفيها بحيرة تزخر بالتماسيح الجائعة المفترسة‏,‏ وبحيرة ثالثة تسكنها الحيات والثعابين السامة‏..‏
ولا ينسي آني وصف زبانية هذا الجحيم‏,‏ وكيف انهم جميعا وحوش وحيوانات ضارية‏,‏ وكيف يتفننون في تعذيب أهل الجحيم‏.‏
وقد يقال‏,‏ هنا ايضا‏,‏ ان فكرة الذهاب الي العالم الآخر والعودة منه لا يشترط أن تكون مسروقة من آني الفرعوني‏,‏ وقد تكون خطرت لأبي العلاء أو لدانتي الليجيري دون أي صلة بالأصل الفرعوني القديم‏.‏
قلت‏:‏ ياسيدي القرآن الكريم لم يترك شاردة أو واردة إلا وذكرها‏,‏ كما يقول الحق عز وجل‏:‏ ما فرطنا في الكتاب من شيء
ولقد ذكر القرآن الكريم رحلة الإسراء والمعراج الذي شاهد فيها الرسول الكريم أحوال الناس بعد البعث‏..‏ وعذاب الآخرة‏..‏ والثواب والعقاب‏..‏ ومنازل أهل الجنة ومنازل أهل النار‏.‏
‏................‏
‏...............‏
سألت د‏.‏ سيد كريم‏:‏
هل صحيح أن المصريين القدماء أسهموا في بناء الكعبة أيام سيدنا إبراهيم وسيدنا إسماعيل أو بعدهما؟
قال سيد العارفين‏:‏
لقد ذهب المصريون القدماء إلي الجزيرة العربية لأول مرة عام‏2280‏ قبل الميلاد عقب الأسرة السادسة‏,‏ عندما هرب اهل منف عقب ثورة الرعاع وعصر الاضمحلال الي الجزيرة العربية‏.‏
ويصف لنا المؤرخ المصري القديم ايبيور كيف هرب أهل منف الي الصحراء الشرقية وجنوب الوادي‏,‏ وعبروا البحر الاحمر الي الجزيرة العربية‏,‏ حيث أطلق عليهم بنومناف ومنهم السيدة آمنة أم سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم‏,‏ كما أطلق عرب الجزيرة علي مهاجري مصر اسم جرهم ومعناها مهاجرو مصر وهي القبائل التي نسب إليها مساعدة سيدنا إبراهيم وولده سيدنا إسماعيل عليهما السلام في بناء الكعبة‏.‏
كما لجأت إليهم السيدة هاجر المصرية أم سيدنا إسماعيل‏,‏ عندما تركها سيدنا إبراهيم عند الكعبة‏,‏ لأنها لم تكن علي علم بلغة أهل الجزيرة العربية‏,‏ فبحثت عن قبائل جرهم المصريين الذين قاموا بإيوائها ووليدها‏,‏ وفي إشارة الي مشاركة قبائل جرهم المصرية في بناء الكعبة‏.‏
يقول زهير بن أبي سلمي في معلقته المشهورة‏:‏
فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله
رجال بنوه من قريش وجرهم
أما زيارة المصريين القدماء للكعبة بالجزيرة العربية بعد اخناتون‏,‏ فقد ورد ذكرها في كتاب‏(‏ ديانة التوحيد وعصر أخناتون‏)‏ للدكتور سليم حسن‏,‏ التي اشارت الي زيارة المصريين القدماء للبيت العتيق بمكة المكرمة‏,‏ خاصة في مواسم الحج في أعياد منف وأخناتون‏.‏
ومن الزيارات المشهورة التي أمكن تسجيلها زيارة سيدنا موسي عليه السلام بمرافقة النبي شعيب‏.‏
كما قام بالحج الي الكعبة قائد حملة رمسيس الثاني الذي كان ينتمي إلي طوائف التوحيد‏,‏ الذي حملته زوجة فرعون كسوة للكعبة صنعتها في مصر‏,‏ وقام برفعها علي حوائط الكعبة‏,‏ وكانت زوجة فرعون هذه هي التي قامت بتربية سيدنا موسي صغيرا‏,‏ وذكرها القرآن الكريم بأنها كانت من المؤمنين‏.‏
قلت‏:‏ حتي سنوات قليلة مضت كانت كسوة الكعبة تصنع في مصر في دار الكسوة الشريفة‏..‏ وكان يوم خروجها لسفرها إلي مكة هو يوم عيد عند المصريين يطلقون عليه اسم يوم المحمل‏..‏
‏.....................‏
‏....................‏
قبل أن نفترق‏..‏ أترككم مع قمة الحكمة المصرية التي كان يحفظها ويعيش عليها أهل مصر في الزمن الذي لن يعود‏:‏
لا تنم في الليل وأنت خائف من الغد
لأننا لا ندري عندما ينبثق الفجر ماذا يكون عليه الحال في الغد؟
فالإنسان لا يعلم ما سيكون عليه الغد
الله في كماله
والإنسان في عجزه
لا تقولن‏:‏ لست أحمل خطيئة‏..‏
ولا تجهدن نفسك في إثارة النزاع
أما الخطيئة فأمرها عند الله
وهو الذي يختمها بأصبعه
وليس في يد الله إنسان كامل
ولا يقف العجز حائلا أمامه
فإذا أجهد الإنسان نفسه ليصل إلي الكمال
فإنه في لحظة يهدمه‏(‏ بنفسه‏)‏
كن رزينا في عقلك‏,‏ وثبت قلبك
ولا تجعلن من لسانك سوطا للآخرين
ومن قلبك مخزنا للأحزان‏.‏
‏...................‏
‏..................‏
نحن كلنا اليوم كما قال الصديق الدكتور مصطفي الفقي في انتظار ان يتدخل الرئيس‏..‏ فبيده الحل‏..‏ وعنده الانقاذ‏!{‏

[email protected]'


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.