السيسي يهنئ البابا تواضروس بمناسبة عيد القيامة المجيد    جامعة المنيا تحقق معدلات مُرتفعة في سرعة حسم الشكاوى    تفاصيل مشروعات الطرق والمرافق بتوسعات مدينتي سفنكس والشروق    تعرف على أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم السبت    رفع أطنان من المخلفات وصيانة أعمدة الإنارة في كفر الشيخ    بإجمالي 134 مليون جنيه، رئيس مياه سوهاج يتفقد مشروعات مدينة ناصر وجهينة    القاهرة الإخبارية: تقدم ملحوظ في مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة    كوريا الجنوبية: ارتفاع عدد الهاربين للبلاد من الشمال لأكثر من 34 ألفا    "3 تغييرات".. التشكيل المتوقع للأهلي ضد الجونة في الدوري المصري    إصابة 8 أشخاص في انفجار أسطوانة غاز بسوهاج    ضبط 37 مليون جنيه حصيلة قضايا إتجار بالنقد الأجنبي    الصحة السعودية تؤكد عدم تسجيل إصابات جديدة بالتسمم الغذائي    «البدوي»: الدولة تتبنى خطة طموحة للصناعة وتطوير قدرات العمال    محافظ الوادي الجديد يهنئ الأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    حملات لرفع الإشغالات وتكثيف صيانة المزروعات بالشروق    عاجل| مصر تكثف أعمال الإسقاط الجوي اليومي للمساعدات الإنسانية والإغاثية على غزة    روسيا تسقط 4 صواريخ أتاكمز أوكرانية فوق شبه جزيرة القرم.    إندونيسيا: 106 زلازل ضربت إقليم "جاوة الغربية" الشهر الماضي    مصرع 14 شخصا إثر وقوع فيضان وانهيار أرضي بجزيرة سولاويسي الإندونيسية    جيش الاحتلال يقصف أطراف بلدة الناقورة بالقذائف المدفعية    «الرعاية الصحية» تعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات عيد القيامة وشم النسيم    صافرة كينية تدير مواجهة نهضة بركان والزمالك في نهائي الكونفدرالية    عفروتو يرد على انتقادات «التقصير والكسل»    وزير المالية: الاقتصاد بدأ بصورة تدريجية استعادة ثقة مؤسسات التصنيف الدولية    «الإسكان»: دفع العمل بالطرق والمرافق بالأراضي المضافة حديثاً لمدينتي سفنكس والشروق    أمر اداري لمحافظ الأقصر برفع درجة الاستعداد بالمراكز والمدن والمديريات فترة الاعياد    «أتوبيسات لنقل الركاب».. إيقاف حركة القطارات ببعض محطات مطروح بشكل مؤقت (تفاصيل)    سفاح فى بيتنا.. مفاجآت فى قضية قاتل زوجته وابنه    "دفنوه على عتبة بيتهم".. أبوان يقيدان ابنهما ويعذبانه حتى الموت بالبحيرة    "تطبيق قانون المرور الجديد" زيادة أسعار اللوحات المعدنية وتعديلات أخرى    5 ملايين جنيه إيرادات أفلام موسم عيد الفطر أمس.. السرب في الصدارة    تامر حسني يوجه رسالة لأيتن عامر بعد غنائها معه في حفله الأخير: أجمل إحساس    طرح البوستر الرسمي لفيلم «بنقدر ظروفك» وعرضه بالسينمات 22 مايو    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    ما حكم الإحتفال بشم النسيم والتنزه في هذا اليوم؟.. «الإفتاء» تُجيب    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    «القومي للمرأة» يشيد بترجمة أعمال درامية للغة الإشارة في موسم رمضان 2024    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    أسعار البيض اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    الصحة توجه نصائح هامة لحماية المواطنين من الممارسات الغذائية الضارة    رئيس هيئة الدواء يشارك في اجتماع «الأطر التنظيمية بإفريقيا» بأمريكا    عمرو وردة يفسخ تعاقده مع بانسيرايكوس اليوناني    تشكيل أرسنال المتوقع أمام بورنموث| تروسارد يقود الهجوم    بايدن يتلقى رسالة من 86 نائبا أمريكيا بشأن غزة.. ماذا جاء فيها؟    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    إسماعيل يوسف: «كولر يستفز كهربا علشان يعمل مشكلة»    حفل ختام الانشطة بحضور قيادات التعليم ونقابة المعلمين في بني سويف    مصرع شاب في حادث اليم بطريق الربع دائري بالفيوم    سبت النور.. طقوس الاحتفال بآخر أيام أسبوع الآلام    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    دعاء الستر وراحة البال .. اقرأ هذه الأدعية والسور    عضو «تعليم النواب»: ملف التعليم المفتوح مهم ويتم مناقشته حاليا بمجلس النواب    دينا عمرو: فوز الأهلي بكأس السلة دافع قوي للتتويج بدوري السوبر    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 9 أدعية تزيل الهموم وتجلب الخير    طبيب يكشف سبب الشعور بالرغبة في النوم أثناء العمل.. عادة خاطئة لا تفعلها    أخبار التوك شو| مصر تستقبل وفدًا من حركة حماس لبحث موقف تطورات الهدنة بغزة.. بكري يرد على منتقدي صورة حسام موافي .. عمر كمال بفجر مفاجأة    المفتي: تهنئة شركاء الوطن في أعيادهم ومناسباتهم من قبيل السلام والمحبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد المنعم سعيد سخر من البرادعي قبل الثورة لأنه توقع التغيير في مصر بعد شهور
د. هشام عيسي يقدم قراءة جديدة لمقالات كبار المنافقين والمعارضين في عصر
نشر في صوت الأمة يوم 21 - 08 - 2011

· صفوت الشريف قال: ديمقراطية مصر تنفرد بها في العالم وأن ذلك يرجع لتوجيهات الرئيس مبارك
· سمير رجب ألف كتابا بعنوان «قال فصدق» وكتب يقول: هل تعلمون لماذا يلقي محدودي الدخل كل الاهتمام ؟
· مقالات عبدالحليم قنديل كانت أول معول لهدم النظام المباركي في ظل سياسة القمع
· مفيد فوزي وصف أبناء مبارك بالملائكة وكتب : إن جمال وعلاء لم نعرف عنهما شيئا يقترب من الخطأ البشري!
· يواصل عبدالحليم مقالاته الرائعة وكأنه يكتبها من خلال بلورة سحرية تكشف المستقبل فيقول: عقارب الساعة تدور بسرعة إلي النهاية والعد التنازلي لنظام مبارك يمضي إلي لحظة الصفر
لسنوات عديدة قبل الخامس والعشرين من يناير الماضي قررت أن انقطع عن قراءة الصحف القومية.. فقد اصبح تحمل بعض ما يكتب فيها يفوق كل احتمال ولعل بعض الامثلة مما كتب حينها يوضح ذلك وهي كتابات نقلتها من بعض صحف النظام السابق فقد كتب السيد محمد عبدالمنعم رئيس تحرير مجلة روز اليوسف: إذا اردنا الصدق والإنصاف فإن حجم إنجازات حسني مبارك يبلغ أضعاف إنجازات محمد علي باشا وجميع حكام مصر من تاريخها.
وكتب السيد سمير رجب «الذي ألف كتابا عن مبارك بعنوان / قال فصدق» كتب يقول: هل تعلمون لماذا يلقي محدودو الدخل في مصر كل رعاية واهتمام؟ السبب بسيط.. لأن الرئيس حسني مبارك يعتبر واحدا منهم وبالتالي فهو ينحاز لهم بلا حدود.. إن قيادة مبارك الحكيمة قدوة ومثل وعزة ومجد إلي يوم الدين.
والسيد مفيد فوزي يكتب: إن للرئيس مبارك ولدين جمال وعلاء لم نعرف عنهما شيئا يقترب من الخطأ البشري!!
وتنشر هذه الصحف تصريحا لصفوت الشريف: إن ديموقراطية مصر تنفرد بها في العالم والفضل في ذلك يرجع إلي توجيهات الرئيس مبارك.
هذه بعض الأمثلة وهناك الكثير من هذه العينة.
لم أقدر علي التحمل فقاطعت كل صحفهم وإن كنت مضطرا لأن استثني صحيفة الأهرام لأسباب عملية واجتماعية واضحة وذلك رغم التدني الذي حدث لهذه الصحيفة الشامخة منذ أن أنشأها الأخوان «تقلا» لتصبح أهم الصحف المصرية والعربية ثم آلت إلي هيكل ليقفز بها إلي آفاق عالية لتحتل مكانا مرموقا بين صحف العالم بأسره ويصبح هو واحدا من أبرز عشرة صحفيين في المحفل العالمي.. أصبحت الأهرام هي النافذة الوحيدة التي أطل منها علي ما تسطره أقلام منظري النظام السابق رغم أنها كانت تتميز بالبعد عن الحقائق وبالمغالطات وتجنب وقائع الفساد وتمتلأ بالهجوم الجارح علي معارضيه.. أخذت اقطع قصاصات تحمل أمثلة من هذه الكتابات لأرد عليها في صحف المعارضة وبرغم ذلك.. فقد كنت اتراجع في معظم الأوقات حيث رأيت أن معظمها لايستحق أن يرد عليه كما أن صحف المعارضة كانت تمتلأ بما يدحض أكاذيبهم ويرد علي افتراءاتهم.
مرة واحدة تخليت عن هذا القرار وكان السبب هو أن ثلاثة نواب من الحزب الوطني يتصدرهم المدعو رجب حميدة وقفوا اثناء إحدي جلسات مجلس الشعب يطالبون وزير الداخلية بإطلاق النيران علي المتظاهرين المطالبين بحقوقهم حيث أن الامر قد زاد عن الحد في نظرهم ووجب الردع ولعلهم كانوا يعدون الداخلية ليوم أكبر ومظاهرات اشد كما حدث في ثورة الغضب ورغم أن ما فعله النواب الثلاثة قد هز أركان المجتمع وأنكره كل المفكرين والكتاب ونشطاء حقوق الإنسان وتصدر الخبر معظم الصحف المصرية وبعض الصحف الاجنبية إلا أن الأهرام صدر في اليوم التالي دون أن يشير ولو في سطور قليلة عن ذلك بل كان الخبر الذي تصدر الصفحة الأولي عن لاعب كرة رفع اصبعه في مواجهة الجمهور بعد إحرازه هدفا فأثار ضحة وتعددت التفسيرات.. هل رفعة احتفالا بالهدف أم نكاية في الخصم وأشارت الجريدة إلي مزيد من التحقيق عن ذلك داخل العدد أما المقالة الرئيسية للسيد رئيس مجلس الإدارة فكانت نقدا لاذعا وتجريحا يصل إلي السباب للدكتور محمد البرادعي واتهمته بالانتهازية التي أدت إلي نجاحه في تجديد رئاسته للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وكانت تلك هي المرة الوحيدة التي كتبت فيها ردا بعنوان : الأهرام الجديد.
بعد ثورة يناير.. حدثت انتفاضة أخري ولكن في المنزل وصدر فرمان من ربته بالتخلص من كل القصاصات التي تملأ المكان وقالت ألا يكفينا ما نلاقيه من الكتب التي عمت كل ارجاء المنزل ووصلت إلي كل الغرف مثل غرفة المعيشة وغرفة الطعام!! علي الأقل نتخلص من الجرائد.
أخذت اراجع كل الصحف قبل التخلص منها وبدت لي أنها تحمل بعض الطرائف حين تقرأ في ضوء ماحدث بعد الثورة وما كتبه المؤيدون والمعارضون قبلها فقررت أنه يستحق التسجيل والتعليق وقررت أن أختار مقالا للسيد عبدالمنعم سعيد باعتباره افضل كتابهم وأقدرهم مقالا بعنوان «عودة السياسة إلي مصر» والذي صدر في عدد الأهرام السبت 25 سبتمبر 2010 يقول الكاتب:
عادت السياسة مجددا للساحة المصرية فحتي وقت قريب للغاية هيمن رهانان اساسيان علي الحديث عن مستقبل السياسة في مصر الأول رهان زاعق للغاية ومنتشر في مشارق الأرض ومغاربها بالتمني أحيانا وبمعلومات ناقصة في أحيان أخري وبنظرة قاصرة في أحيان ثالثة.. رأي أن البلاد في طريقها إلي تغيير جذري انفجاري ثوري من نوع أو آخر هذا الرهان وجدناه ذائعا عاليا في الفضائيات التليفزيونية وحتي في صحف سيارة استبد بها الشوق إلي إنفجار مدو وتبنته حركات سياسية وجدت في سلالم النقابات ومداخلها مع كاميرات التليفزيون وعدسات المصورين ما يعطيها المتعة والقدرة علي تغيير التاريخ.
بعد ذلك راح الكاتب يستغرب أن صحافة ومؤسسات عالمية تصدق هذا الكلام وأخذ يعزو ذلك إلي أن هذه الصحف لاتدقق كثيرا فيما تكتب «طبعا علي خلاف صحفنا القومية في نظر الكاتب».
ويسطرد قائلا إن الأمر بدا وكأنه رواية عالميةعن ثورات ديمقراطية برتقالية وبنفسجية خاصة بعد أن جاءها فارس من فيينا علي حصان أبيض يحمل نوبل في يد وظواهر عصرية مثل الفيس بوك في يد أخري ثم يسجل الكاتب بكل ثقة أنه سرعان ما انقلب السحر علي الساحر وانصرف عنه المؤيدون ويعود الكاتب إلي الأحوال في مصر فيقول إن الدولة المصرية قادرة علي الاستمرار وفيها من التقاليد واحترام الكتاب ما يصعب تجاوزه سواءمن داخلها أو خارجها ومن ناحية أخري فإن التغييرات الجارية في مصر تجعل الأحوال افضل كثيرا مما يشاع ويتحدث عن التنمية التي بلغت 6.4% واستثمار بلغ قرابة تريليون خلال الخمس سنوات الاخيرة واموال في البنوك بلغت 800 مليار جنيه واحيتاطي بلغ 34 مليار دولار و800 شركة عام 2008 و4 ملايين شاب أصبحوا من أصحاب المشروعات ولذلك فإن الحديث عن ثورة وشيكة كان نوعا من اضغاث أحلام وظهر أن الجمعية الوطنية للتغيير لاتختلف عن كثير من العناوين التي انتشرت في مصر خلال السنوات الاخيرة مثل«كفاية» وكل من انبثق منها أو قلدها مثل «الحملة الشعبية للتغيير» والتجمع الوطني للتحول الديمقراطي و«شايفنكوا» وشباب «6 إبريل».
بعد ذلك تحول الكاتب إلي الكلام عن الانتخابات القادمة ووصف قرار الوفد يوم 17 سبتمبر بخوضها ب«المشهد الباهر» خاصة أن باقي الأحزاب الأخري ستخوض الانتخابات وهي «التجمع»والناصري» و«الجيل» و«الأحرار» و«شباب مصر» و«العربي الإشتراكي» و«التكافل» و«الشعب» و«الجمهوري» والاتحادي الديمقراطي «سمعت عن معظم هذه الاسماء لاول مرة في هذا المقال وانتهي الكاتب إلي نتيجة رائعة هي أن السياسة المصرية عادت إلي مجراها الطبيعي وأثني علي حزب الوفد الذي يحاول الوصول إلي السلطة من خلال الطرق الطبيعية وهي المشاركة في الانتخابات التي قال عنها إنها سوف تجري في ظل تغطية إعلامية لم تعرفها مصر في تاريخها واصبح مستحيلا علي أي صاحب رأي ألا يجد مجالا لعرض افكاره في ظل منافسة موضوعية بين توجهات متعددة تفرض نفسها بطريقة غير مسبوقة وبعد أن اثني علي الحزب الوطني القوي والذي يضم ثلاثة ملايين مواطن بينهم أعظم الكفاءات قال إن الحزب الوطني بات جاهزا لمنافسة ديمقراطية شريفة ونزيهة مع الاحزاب الأخري «تذكر سيدي القارئ أنه يتكلم عن آخر انتخابات العهد الماضي» وختم الكاتب يقول « إن ماجري عمليا خلال الفترة الأخيرة هو هزيمة اتجاه المقاطعة وكل من حاولوا دفع البلاد إلي لحظة ثورية لم ترغب فيها أبدا وببساطة فإن الجسد السياسي المصري أثبت كما كان الحال دائما إنه رفض الهوامش والحواشي وحركات الإحتجاج العديدة.
وعن البرادعي يقول «إنه كان ممكنا أن يكون إضافة للتطور الديموقراطي لمصر لو أنه كان مستوعبا للكتاب المصري وعلي استعداد للمشاركة في التطور الديمقراطي من خلال القنوات الشرعية وواضح أن الدكتور البرادعي لم يقرأ الكتاب فلم يلبي دعوة الإنضمام إلي هذا الركب فهو يصرح في مؤتمر مائدة التغيير الذي عقد يوم 7 سبتمبر 2010 «قبل 4 شهور من الثورة» وذلك بمناسبة مرور عام علي بدء نشاط الحملة يصرح قائلا: إن أي نظام لم ينتخب حرا وشريفا ليس له شرعية وعندما طلبوا منا أن ندخل المعبد الذي أقاموه سنقول لهم إنه معبد متهالك وسوف يسقط عاجلا أو آجلا ويقول إنه لاتوجد سياسة في مصر بل نظام قمعي ويقرر في ثقة أن التغيير سوف يحدث بعد شهور وأن العام القادم يقصد 2011 سوف يكون حاسما.
نكتفي بهذا القدر وننتقل إلي نوع آخر من الكتابة كتبه اثنان من المثقفين كانت دراستهم الاكاديمية أبعد ما يكون عن العلوم السياسة أو الاقتصاد ونترك لك الحكم سيدي القارئ ايهما افضل واصدق.
أولهم هو ذلك الرجل العجيب الذي كان أول من دق المعول في أعمدة المعبد الذي اقامه النظام المباركي ألا وهو الدكتور عبدالحليم قنديل الذي تخرج في كلية الطب وكان ترتيبه عند التخرج من المتقدمين «أظنه كان ثاني دفعته» وهو ما يؤهل لأن يشق طريقه الاكاديمي بسهولة في المجال الطبي ليصبح في الغالب واحدا من اساتذة الطب المرموقين والذين يشار إليهم بالبنان ومع ذلك فقد هجر الطب سريعا إلي الصحافة وعزف عن الاستمرار في ممارسة مهنة توفر له الرزق الوفير وتدفعه إلي مكانه إجتماعية عالمية هاله مايحدث للوطن فكرس حياته لمقاومة نظام القهر والذي حكم البلاد فحولها إلي ضيعة يمرح فيها اتباعه وأغواته يسلبون خيراتها ويعادون أبناءها ويحالفون أعداءها.
تصدي لهم عبدالحليم ليس بكتاباته فحسب بل بنشاطه الهائل الذي أوقد اللهيب في شوارع مصر وميادينها وكان واحدا ممن اسسوا حركة كفاية وهي المسمار الأول في نعش النظام السابق الذي دوخه هذا الرجل الضعيف في بنيانه والعملاق الهائل في صلابته وعناده والذي قطع انفاسهم وهم يلاحقونه في كل مكان ويباعدون بينه وبين قرائه باقصائه عن الصحف التي تولي رئاسة تحريرها وحقق لها النجاح ولما عجزوا عن ردعه حاولوا الاعتداء علي حياته في مشهد اثار كل المصريين لما حفل به من خسة ونذالة بالغين لندع كل ذلك ولننتحي جانبا لنقرأ فيه بعض ما كتب.
في مقال بعنوان عفو الرئيس ونقد الرئيس يقول ربما لن يستطيع أحد أن يوقف عقارب الساعة أو أن يعيدها إلي الوراء فالحقوق التي تنتزع هي التي تبقي وتدوم.
وفي مقال آخر يقول لقد انتهي النظام إلي وضع ميت تماما وكما يحشر المرء علي هيئته عندما يموت كذلك تحشر النظم وسوف يحشر نظام مبارك علي هيئته الراهنة كمجرد قبضة أمن ويد قابضة علي الزناد وديكتاتور ضائع في الغيبوبة حتي وإن ظلت المظاهر توحي بنفس ونبض أو ظل الأغوات يهتفون باسم رب العائلة أو سيدتها أو ابنها وسوف تبدو الهتافات كلحن جنائزي من نوع فريد فهم لايحملون علي رؤوسهم تاج الرئيس والعائلة بل هم أقرب إلي حملة النعش إلي أن تجري مراسم الدفن الأخيرة.
وفي مقال بعنوان انتظار انفجار يقول تبدو مصر كما لو كانت بلدا في انتظار حريق وكما لو كان صيفها الحارق قد اتي مبكرا في عز شتاء يناير كتب هذا المقال في فبراير 2009 وحدثت الثورة في يناير 2011 وفي مقال بعنوان مصر عند خط العاصفة يقول ما اجمل مصر هذه الأيام الحبلي بغضب ثوري عظيم مصر الصارخة بإضرابات الطلق الحامي يقول هذه مشاهد من نظام في سكراته الأخيرة وهذه كلها صور من نظام سوف يفاجئه الخطر من حيث لايحتسب.
ويواصل عبدالحليم مقالاته الرائعة وكأنه يكتبها من خلال بلورة سحرية تكشف المستقبل فيقول: عقارب الساعة تدور بسرعة إلي النهاية والعد التنازلي لنظام مبارك يمضي إلي لحظة الصفر هذه كلها عوارض الايام الأخيرة بمعني أننا بصدد العاب أخيرة لنظام ذاهب ثمة نظام يتراجع وثمة شعب يصحو من غيبوبته ويتقدم في اضطراد إلي عصيان ومقاومة مدنية وإلي انتفاضة تستعجل الساعة.
بعد الثورة عاد حليم إلي مكانه فتولي رئاسة تحرير «صوت الأمة» وحصل علي جائزة التفوق عن دول البحر الأبيض «في مقابل روبرت فيسك» الذي حصل عليها عن اوروبا واصبح الشباب يتسابقون إلي الاستماع لاقواله ويهتدون بتجاربه النضالية وتتسابق الفضائيات لاستضافته.
ثم ننتقل إلي رمز آخر فريد في حياتنا السياسية والادبية والاجتماعية ألا وهو الدكتور علاء الأسواني وإذا كان عبدالحليم قنديل قد هجر الطب مبكرا فإن علاء أتم دراسة طب الاسنان في جامعة القاهرة وعين نائبا في المستشفي الجامعي نظرا لانه ايضا من أوائل دفعته والنيابة كما يعلم الاطباء هي الخطوة الأولي نحو احتلال المناصب الاكاديمية في كليات الطب والتي تتدرح من نائب إلي استاذ مساعد ثم استاذ اسرع علاء إلي الولايات المتحدة ليلتحق بجامعة إلينوي ليواصل الدراسات العليا في طب الاسنان في واحد من اكبر المراكز العالمية لطب الاسنان ويعود علي بلده ليمارس المهنة بنجاح كبير ولكن موهبته الادبية الهائلة كانت تغلي في داخله لتفجر أولي محاولاته في هذا المجال بالقصة الرائعة «الرجل الذي اقترب ورأي» لتكون علي رأس المجموعة القصصية نيران صديقة والتي تكشف عن قامة شاهقة في الأدب يبدواصاحبها وقد تمكن من كل آلياته كما أنه قرأ ودرس الفن الروائي العالمي مما يحير المرء في تصور كيف استطاع أن يوفر الوقت لكل هذا الابداع.
حصل الدكتور الاسواني علي 7 جوائز عالمية عن الادب من اليونان وفرنسا وايطاليا والنمسا والمانيا وتوجها بحصوله علي جائزة التفوق من جامعة الينوي ليكون المتوج رقم 43 من ابناء هذه الجامعة طوال تاريخها وترجمت أعماله إلي 31 لغة واعتبر واحدا من أهم ثلاثين روائيا في العالم وضربت روايته عمارة يعقوبيان الرقم القياسي في المبيعات محليا وعالميا.
لم يقتصر علاء علي كتابة الرواية فبدأ بكتابة المقالات السياسية ليصبح واحدا من أنبل وأشهر معارضي النظام السابق واصبحت كتاباته محط انظار المثقفين من كل الاتجاهات والشباب الحالمين بالمستقبل وترجمتها الصحف العالمية كمؤشر للمقاومة ضد النظام تعالي الآن نفتح حقائب هذا الكتاب الفذ في مقال بعنوان الحملة المصرية ضد التوريث يكتب: إن كنت ترفض الظلم والاستبداد أو تتطلع إلي حياة كريمة تستحقها انت واولادك تعال وانضم إلينا بإذن الله سوف نصنع مستقبل مصر ولن ننتظر حتي يصنعونه علي هواهم ووفقا لمصالحهم آن الأوان لكي نفارق مقاعد المتفرجين ونصنع بأيدينا المشهد القادم وفي مقال آخر يقول المشكلة هنا ليست في اشخاص ولكن في طبيعة النظام الذي يحكم مصر فهذا النظام لم ينتخبه احدوقد استولي علي السلطة واحتفظ بها بالقوة وبالتالي فإن لديه هواجس ضد أي شخص يتمتع باحترام الشعب المصري.
وتحت عنوان «المماطلة في الاصلاح الاقتصادي» يقول إن الاحوال في مصر لم تعد تحتمل ويستحيل أن نستمر بهذه الطريقة ملايين المصريين يعانون من الفقر والبطالة والظلم والقمع وقد يأسوا من المستقبل لدرجة الانتحار أو الفرار من بلدهم بأي طريقة في وسط هذا البؤس الشامل تنعم قلة محظوظة بالسلطة الدائمة والثروات الطائلة التي لايعرف مصدرها الوضع في مصر مرشح للانفجار في اي لحظة - انفجار مروع لا يعرف مداه احد ولا عواقبه.
وفي مقال آخر تحت عنوان «الانهيار الكبير» مصر تنهار بينما الرئيس مبارك الذي حكمها ربع قرن فهبط بها إلي الحضيض لايشغله الآن إلا توريثها لإبنه.. واجبنا جميعا أن نتحرك لننقذ بلادنا من مصير أسوأ.
هل رأيت أيها القارئ مدي الفرق الشاسع بين رؤيتين.
الروية الأولي لكاتب متخصص لا ينقصه العلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.