كنا نطلق علي الأعمال التي ظاهرها الجد بينما هي تدفع إلي تغييب وعي الناس عن قضاياهم الأساسية اسم " اللهو الخفي " ..و نطلق هذا الاسم علي ذلك الشيء "الخفي" الذي يحرك الأمور لإلهاء عباد الله الطيبين ..و بدلاً من أن يهتم الناس بمعالجة أمور البلاد و القضاء علي جذور الفساد و الاهتمام باستقلال القضاء و غير ذلك من الامور الهامة..أصبح الناس يهتمون بالدستور أولاً أو الانتخابات أولاً .. ويتصارعون في ذلك.. مع أن لكلٍ وجهة نظر.. ويحرص "اللهو الخفي" علي أن يقسم الناس إلي أقسام فينشغل كل قسم بما هو فرح به ..و للهو الخفي إعلام متخصص ..يجعلك تغرق في أخبار حسين سالم مثلاً .. و البحث عنه كمتهم هارب .. و الحديث عن القانون الأسباني الذي تجنس حسين سالم بجنسيته..و ذلك باعتبار أن حسين سالم شريك للرئيس السابق في جريمة إهداء الغاز لإسرائيل بأسعار رمزية مع أن الرئيس السابق نفسه موجود علي أرض مصر..و هذه السياسة الخاصة باللهو الخفي تجعلك لا تبحث في أمر الوزير الذي وافق علي هذه الاتفاقية البغيضة.. وأمر الرئيس الذي مازال يسكن في شرم الشيخ.. ولا أمر البرلمان الذي وافق أعضاؤه و رئيسه علي مثل هذه الاتفاقيات و بالرغم من ان كل هؤلاء تحت أيديدنا لكن الإعلام يجعلك تنظر إلي أسبانيا و تبحث عن حسين سالم ..و اللهو الخفي يتمتع بذكاء نادر .فهو يسعدك ببعض الأخبار السارة ..كمحاكمة بعض ضباط الشرطة .."و جلسة تروح و جلسة تيجي.." و بعد أن كان يتجمع الآلاف حول أبواب المحكمة يبدأ الناس في الملل و تفرج المحكمة عن الضباط " ويا دار ما دخلك شر..و لا قتل..ولا تعذيب"..مع أن مكتب النائب العام به أكثر من عشرة آلاف من البلاغات الحقيقية من المواطنين الأبرياء و قد تم حفظها جميعاً بواسطة النائب العام نفسه ..كما حصدت السجون ما يقرب من أربعمائة من القتلي و الآلاف من المعذبين ولا يتم فتح التحقيق في بلاغ واحد ..و إنما يقوم "اللهو الخفي" بتقديم بعض الضباط علي سبيل المثال وعلي سبيل إلهاء الشعب ..و حتي هؤلاء الضباط رغم قلة عددهم فإنهم يحضرون المحاكمات في الصباح ثم يذهبون إلي أعمالهم و كأن شيئاً لم يحدث ..و يظن اللهو الخفي أنه قد نجح في خداع الشعب و أنه قد فرغ الثورة من مضمونها و ينسي الحكمة القائلة "إنك تستطيع أن تخدع بعض الناس بعض الوقت...و لكنك لن تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت"..و قد تصور اللهو الخفي أيضاً أنه نجح في خطته حينما وجد البعض يحلم بمقعد الوزير و هو يحمل حقيبه كتب عليها الحقيبة الوزارية بينما يستعد الآخر لاستلام "الشاكوش" ...ذلك الذي يمسك به رئيس مجلس الشعب و هو يردد كلمة " موافقة"...ثم يطرق بالشاكوش عالفاضي و المليان ..لكن سرعان ما استيقظ الجميع و بدأ الناس يعيدون الحساب ذلك أن من فتح باب المطار لقاتل المصريين علي العبارة مازال طليقا..و من أمسك بسلك الكهرباء ليصعق به المعتقلين مازال طليقاً..و من قام بتحريك الدعاوي الجنائية الوهمية ضد الأبرياء مازال طليقاً.. ومن سرطن لنا الغذاء و السماد مازال طليقاً..و مازال العدل عنا بعيداً...أما النقاء و الشفافية فهي أبعد..و المجرمون يعيشون بيننا.. إن بعض هؤلاء مازال يحكمنا حتي الآن ..صحيح أننا قد بدأنا أولي الخطوات علي الطريق الصحيح... ولكن علينا أن نكمل الطريق..و علينا أن نجتمع مرة أخري علي ما طالبنا به..و أن نعرف أن قانون الثورات لا يعرف : اللهو الخفي " و إنما يعرف اليقظة الدائمة و إرجاء الأحلام إلي ما بعد إنجاز الواقع .. فمن الأحلام ما قتل . و بهذه المناسبة ..فقد عثرت امرأة عجوز علي الفانوس السحري فتمنت أن تعود إلي سن الشباب فجعلها العفريت في سن الثلاثين ..إلا أنها طلبت المزيد فجعلها في سن العشرين و ظلت تطلب المزيد حتي وصلت إلي سن السبع سنوات ..فأصابتها الحصبة...و ماتت و عجبي مختار نوح