· إلغاء دستور 71 يعني إلغاء التعديلات عليه · المادة 28 تتعارض مع الشريعة الإسلامية المصدر التشريعي لأي قانون هو الذي يحدد قوته الإلزامية.. كما أنه يحدد درجته بين القوانين.. فحينما يكون مصدر القانون هو الشعب كله كما يحدث في الإستفتاء مثلاً..فإن القوة الإلزامية لهذا النص المستفتي عليه تسمو علي سائر القوانين وتعلو عليها.. باعتبار أن مصدرها هو الشعب نفسه و من هنا فتكون الاستفتاءات عادة علي النصوص الدستورية و علي الأمور ذات الطابع الجلل.. .ثم يأتي بعد ذلك القانون الذي يكون مصدره البرلمان و يعد هذا القانون الذي يصدر من المجلس التشريعي (البرلمان) هو المرتبة الأقل من حيث القوة الإلزامية.. فلا يجوز له أن يخالف الدستور.. ثم تأتي بعد ذلك اللوائح من حيث الترتيب التي يكون مصدرها الإلزامي هوإرادة الجمعيات العمومية للمؤسسة أو مجالس الإدارات المختلفة و بإنزال هذه المقدمة علي ما تم في استفتاء 19 مارس بشأن بعض التعديلات الدستورية فإننا نقول إن هذه التعديلات قد اكتسبت القوة الإلزامية الناشئة عن إرادة الشعب مما جعلها في مرتبة الدساتير التي لا يجوز مخالفتها.. .فألصقت هذه التعديلات بدستور 1971 و نصوصه من حيث القوة الإلزامية فكانت في مرتبة الدستور الذي لا يجب أن يخالفه أحد.. إلا أن المجلس العسكري وعقب هذا الاستفتاء مباشرة قام بإلغاء دستور 1971 كله بتعديلاته ثم عاد المجلس العسكري ليصدر إعلاناً دستورياً جديداً في 30 مارس 2011.. تضمن بعض المواد المطابقة من حيث النص لما تم الاستفتاء عليه في 19 مارس و كان ذلك في 30 مارس 2011.. . فهل تكون القوة الإلزامية لهذه النصوص نابعة من مصدرها وهو المجلس العسكري أم تكون نابعة من الاستفتاء الذي تم عليها في 19 مارس 2011؟!.. ذلك أنه في الحالة الأولي لا تكون لهذه النصوص قدسية الدساتير و لا حصانتها أما إذا كانت هذه النصوص قد استمدت مصدرها الإلزامي من الإستفتاء فإنها تكون في حصانة الدساتير وقوتها الإلزامية.. وانطلاقاً من هذا المعني فإنه يجب التركيز علي عدة نقاط بشأن ما انتهي إليه استفاء 19 مارس الذي أسفر عن ميلاد بضع نصوص دستورية جاءت تعديلاً للدستور المصري الدائم الصادر في عام 1971.. . فأما عن النقطة الأولي.. فإن التعديل الذي تم استفتاء الشعب عليه إنما هو تعديل لنصوص بعينها تم النص عليها في دستور بعينه و هو الدستور الدائم الصادر في عام 1971.. و ينبني علي ذلك أن إلغاء الدستور المشار إليه، إنما يعني إلغاء التعديلات المرفقة و الملحقة بنصوصه.. النقطة الثانية وهي أن إعادة إدراج النصوص بذاتها و التي كانت من حيث الميلاد تعديلاً لنصوص دستورية وردت في دستور 1971 الذي تم إلغاؤه، لا يعطي لها القوة الإلزامية الصادرة من الاستفتاء و لا يمنحها تميز النص الدستوري الذي وافق عليه الشعب كتعديل لدستور 1971 و إنما تكتسب هذه النصوص قوتها الإلزامية الجديدة من قوة سلطات المجلس العسكري في التشريع..و التي هي قابلة للتعديل أو الإلغاء حسب إرادة المجلس العسكري , و بحكم أنها سلطات استثنائية يحق للمجلس العسكري استخدامها بتفويض من الشعب.. النقطة الثالثة.. إنه و بناء علي ما سبق فلا يجوز الحديث عن المواد المستفتي عليها في 19 مارس إلا بحكم كونها تعديلات دستورية طرأت علي دستور 1971 و قد تم إلغاؤها بإلغاء هذا الدستور ثم أعاد المجلس العسكري إدراجها في الإعلان الدستوري..ولا يعد ذلك من قبيل الجدل الذي لا ينبني عليه العمل...بل إنه يترتب عليه عمل كبير لا سيما في إمكانية إلغاء أي مادة من هذه المواد أو الطعن عليها فهي بصدورها من المجلس العسكري و بالأمر العسكري إنما تعد من قبيل الدرجة الأدني من الدستور المستفتي عليه من الشعب و تعد أيضاً من تشريعات الضرورة التي يجوز الاعتماد عليها مؤقتاً بعد أن قام المجلس العسكري بإلغاء دستور 71 استجابة للثورة . أما عن النقطة الرابعة فهي تدور حول إمكانية الطعن أو المطالبة بإلغاء كل أو بعض النصوص التي كان قد تم الاستفتاء عليها ثم ألغيت بإلغاء دستور 1971.. .كما يمكن الحديث عما أصاب الاستفتاء من عوار موضوعي كنا قد أشرنا إليه في أبحاث سابقة أما الآن فيمكن إلغاء تلك النصوص دون أن نتعرض لقوة الاستفتاء أو نصطدم بها...فعلي سبيل المثال فقد ورد في الاستفتاء نصوص متباينة إلا أن الشعب قد أجبر علي التصويت علي النصوص بطريقة الإجمال.. و هذا عيب دستوري خطير..إلا أن الأخطر من ذلك هو أن تشتمل النصوص المستفتي عليها علي نص يصطدم بالمستقر من القواعد الدستورية ذلك أن المادة 28 من الإعلان الدستوري والتي تمنح لجنة الانتخابات الرئاسية وهي لجنة إدارية بالطبع -حتي ولو تكونت من قضاة- فيمنحها حصانة لكل ما تتخذه هذه اللجنة من قرارات.. .حتي ولو كانت قرارات واضحة البطلان فهي نافذة رغم أنف الجميع.. ولهذه اللجنة صلاحيات واسعة..فلها أن تحدد مكان اللجان و عددها وطريقة التصويت ثم لها أن تستبعد من تشاء من المرشحين دون معقب.. ذلك أن اختصاصها يبدأ من تاريخ فتح باب الترشيح و حتي إعلان نتيجة الانتخابات...وكل هذه الصلاحيات تم منحها لهذه اللجنة الإدارية دون أي رقابة من القضاء لقرارات اللجنة. و قد استهدف من صاغ هذه المادة أن يجعل لها كل الصلاحيات حتي صلاحية الفصل في الاختصاص لنفسها..فهي تفصل في اختصاصاتها لصالح نفسها وكذلك لم يكلفها حتي مشقة إخطار المواطنين بالقرارات الصادرة منها.. فجعل قراراتها نافذة بذاتها دون أي إعلان.. .ولا يمكن و الحال كذلك - وفقاً للنص- وقف تنفيذ قرارات اللجنة أو الطعن عليها أو حتي الاعتراض بأي صورة.. و من هنا فإن هذه اللجنة هي التي تحدد شخص رئيس الجمهورية وليس الشعب.. فإذا ماقامت اللجنة باستبعاد من تراه.. بقرار باطل فإن الشعب كله لا يمكنه الطعن علي هذا القرار الباطل...و هذا النص المرفوض من الناحية الدستورية ولد مع الأسف مطابقاً لنص التعديلات الدستورية رقم 174 لسنة 2005 والتي كان الرئيس السابق محمد حسني مبارك حريصاً علي صياغتها بهذا الشكل المعيب حتي يضمن استبعاد من يراه من المرشحين.. .ثم تم نقل النص بعيوبه و بصياغة أسوأ من سابقتها في التعديلات الدستورية التي تم الاستفتاء عليها في 19-3.. مما أسبغ عليها حصانة دستورية رغم تعارضها مع الشريعة الإسلامية التي لا تجيز تحصين أي قرار أو حكم قضائي من الطعن عليه فضلاً عن دستور 71 الملغي نفسه والذي نص علي عدم جواز تحصين القرارات الإدارية من الطعن عليها.. . الخلاصة إذن و النتيجة المترتبة علي ذلك أنه بإلغاء دستور 71 يتم إلغاء المادة 28 المشار إليها بكل ما بها من عيوب.. .وكذلك سائر المواد المستفتي عليها.. ويترتب علي إعادة إدراج هذه المادة بقرار عسكري في الإعلان الدستوري الصادر في 30 مارس 2011، إمكانية المطالبة بإلغائها دون أن نصطدم بالاستفتاء المشار إليه. النقطة الأخيرة أنه لا يجوز لأحد أن يتمسك بالاستفتاء الشعبي عند مواجهة الآخر عند الحديث عن المصدر الإلزامي للنصوص المستفتي عليها في 19 مارس 2011.. ذلك أن الاستفتاء علي هذه المواد جاء كاستفتاء علي تعديل النصوص الواردة في دستور 1971.. .ثم قام المجلس العسكري بإلغاء هذا الدستور و تعديلاته.. .فشمل الإلغاء تلك التعديلات التي كان مصدر الإلزام فيها الاستفتاء الشعبي طالما أن الإلغاء كان لاحقاً للاستفتاء، و إذ يعود المجلس العسكري إلي إدراج هذه النصوص من جديد بمقتضي الإعلان الدستوري الصادر منه في 30 مارس 2011.. فهو بذلك يجعل مصدر القوة الإلزامية للنصوص هي إرادة المجلس العسكري و ليست إرادة الاستفتاء الشعبي...حتي و لو تطابقت النصوص التي تم إدراجها في الإعلان الدستوري مع النصوص التي تم التصويت عليها كتعديل لدستور 71 و ذلك لأسباب عديدة منها : 1- أن الاستفتاء حينما يصدر علي تعديلات لدستور 71 فهو يكون مرتهناً بواقع و طبيعة هذه التعديلات وبحكم أنها تعديلات لدستور كان و مازال حياً...في ذلك الوقت...حتي و لو كان معطلاً و تكون النتيجة للتصويت العام مرتهنة بوضع أن الشعب قد وافق علي تعديل لنص رأي أن هذا التعديل هو الأفضل في ضوء ما تم عرضه عليه من معطيات الاستفتاء.. وفي ضوء أنها مجرد تعديلات مؤقتة.. أما أن يتم نقل هذه الموافقة المرتهنة بظروفها إلي واقع آخر أو اعتبارها تشريعاً أصلياً.. ثم تتم استعارة ما تم من موافقة عليها باعتبارها تعديلات لدستور سابق !! فهذا لا يجوز وفق الأصول الفقهية و القانونية . 2- إن التعديلات تلازم النص الأصلي وجوداً و عدماً فعلي سبيل المثال لو أصدر البرلمان تشريعاً بتعديل بعض مواد القانون المدني فإن هذه التعديلات تظل مصاحبة للقانون المدني الساري.. وفي حالة إلغاء القانون المدني الساري أو تغييره.. تفقد التعديلات صفتها الإلزامية كتشريع صادر من البرلمان.. ثم إذا حدث أن أصدر أحد الوزراء المختصين قراراً وزارياً يحمل نفس التعديلات التي قد تم إلغاؤها وبنفس نصوصها.. فلا تكتسب هذه التعديلات قوتها التشريعية البرلمانية لأن مصدرها الإلزامي هو القرار الوزاري و لا تنسب إليه قوة البرلمان الإلزامية ذلك أن القانون الذي تم إلغاء نصوصه و ما صاحبه من