اكتشفت قيمة مهمة للمثل الشعبى القديم حينما شاهدت ضمن مجموعة من كبار الصحفيين ونقاد الفن فى مصر فيلم «أسرار عائلية» وانتهى العرض وأنا لا يسيطر على رأسى سوى جملة واحدة وهى الجنازة حارة والميت فيلم «أسرار عائلية»، فالفيلم الذى انتفض له الجميع غضبا وتضامنا بمجرد اعلان مخرجه هانى فوزى ان الرقابة على المصنفات الفنية ورئيسها أحمد عواض يتعسفان ضد ابداعه لم يخرج عن كونه فيلماً ارشادياً للاب والام كي لا يصبح ابنهما ضمن قائمة الشواذ جنسيا والحقيقة اننى لو اعرف ان المستوى الفنى للفيلم ضحل للدرجة التى رأيته عليها لما اضعت قرابة الساعتين من وقتى فى مشاهدته. ولكن الحقيقة كنت مضطراً مثل غيرى لتلك المشاهدة لان مخرج الفيلم كانت دعوته لنا بمثابة استغاثة ضمنية واحتكام لضمائرنا لاننا جميعا بلا أى مصلحة فى منع اوعرض الفيلم وربما لاننا نمثل الضمير الموضوعى الفاصل بينه وبين الرقابة وبين ذوق المشاهد. الفيلم يطرح فكرة فى غاية الاهمية والخطورة وهى المثلية الجنسية عند الفتيان فى مرحلة المراهقة ولكن للاسف لم يستغل المؤلف محمد عبد القادر والمؤلف المخرج هانى فوزى تلك الفكرة البراقة الخصبة والجديدة على مصر والعالم العربى وتناولوا العمل بسطحية بالغة افسد عمق الفكرة الثرية بسيناريو ركيك ومشاهد مهترئة واداء تمثيلى اضعف مما يكون وإن كان بطل الفيلم محمد مهران قدم بإجادة حالة مغايرة لصورة المثلى فى السينما المصرية كما ان الاخراج انتقص كثيرا من رصيد هانى فوزى كمؤلف قدم افلاما مهمة فى تاريخ السينما مثل «ارض الاحلام» لفاتن حمامة، «بحب السيما» لمحمود حميدة وليلى علوى، «بالالوان الطبيعية» لاحمد عزمى ويسرا اللوزى. سوء مستوى فيلم «أسرار عائلية» وازمته مع الرقابة على المصنفات الفنية جعلنى اعود بذاكرتى للافلام التى قدمها رئيس الرقابة الحالى احمد عواض كمخرج فلم اجد سوى افلام من نوعية «كذلك فى الزمالك»، «كلم ماما» و«اريد خلعا» و«بون سواريه»، «كتكوت» لمحمد سعد والمشاع عنه انه كان يخرج افلامه وقتها بل وتردد ان سعد طرد عواض من اللوكيشن آنذاك لاجده مخرجا محدود الامكانيات وبلا موهبة لم يحقق نفسه حيث انه بلا تاريخ فلم تحقق افلامه اى نجاح على المستويين النقدى والجماهيرى عدا فيلم كتكوت لذا شعرت نهما شديدا منه ولهاثا شنيعا بالبحث عن نقطة ضوء على كرسى رئيس الرقابة وعجلته على ذلك جعلته يتورط فى معركة مفتعلة منه قبل صناع الفيلم الذى لا يمت للسينما بصلة لتجد فى النهاية ان الجنازة حارة والميت فيلم «اسرار عائلية» وربما دخلوا تلك الازمة مع الرقابة لتحقيق رواج للفيلم بدلا من انفاق مئات الآلاف على الدعاية . اختار عواض فى هذه الازمة ان يسكن برجا عاجيا يتحدث من اعلاه مع الاعلاميين بجملة واحدة لكل من يسأله عن ازمة فيلم «اسرار عائلية» وهى: لا تعليق وانا ضميرى مرتاح وسأرد بالمستندات فى الوقت المناسب.. بل ويزيد رئيس الرقابة ويكتب على الفيس بوك انه يتعرض لابتزاز وضغوط رهيبة للموافقة على هذا اللافيلم. ما هذا البحث المستميت عن بطولة وهمية، لماذا يريد عواض ان يظهر بمظهر الشهيد المذبوح على جثة هذا اللافيلم ؟ ولماذا هو دائم تصدير فكرة انه يتحمل ما هو فوق احتماله؟ واذا كان الامر كذلك فلماذا لايترك المنصب لغيره ممن هم اكثر قدرة على المواجهة؟ ولماذا كل هذه العصبية التى يتعامل بها عواض مع كل من حوله، فالامر لا يستحق وانا اذكر عواض بانه كان فى مقدمة صفوف المبدعين الذين كانوا يطالبون دوما بالغاء الرقابة وانا اسأله هنا اى ضمير لك مرتاح؟ هل ضمير رئيس الرقابة الذى يطبق القوانين البالية ام ضمير الفنان لا اقول المبدع الباحث دوما عن مساحات اكبر من الحرية ضد قمع السلطات القاهرة للابداع من الرقابة واحيانا الازهر والكنيسة واحيانا اخرى بتدخل الجهلاء ليكونوا اصحاب رأى ويؤلبوا الرأى العام على عمل لم يتم مشاهدته بعد؟ عن اى ضمير يتحدث عواض وهويشهر ويشنع بفيلم هو امين عليه عبر الفيس بوك قائلاً: انا ارفض الابتذال مهما زايد على موقفى المدعون واتمسك بحرية التعبير ومتمسك بمواجهة الابتذال باسم الفن وهنا اسأله من جديد اذا كان هذا الفيلم ابتذال فلماذا وافقت عليه الرقابة فى زمن الاخوان ولماذا مررته انت بعد وضع 13 ملحوظة وانا اقول ملحوظة وليس مشهدا اراها كلها مستحقة الا اربعة فقط وهذه وجهة نظرى الخاصة جدا . وفى النهاية رأيى ان توافق الرقابة على طرح الفيلم للعرض العام بعد الالتزام باربع ملاحظات فقط سأقولها للمخرج والمؤلف ويجب ان تكون لافتة «للكبار فقط» ملازمة للعرض وتطبيقها بشدة لان موضوع الفيلم شائك، وحينما يحدث ذلك سيعرف عواض انه ورط نفسه وجهاز الرقابة فى معركة مع فيلم لا يستحق المشاهدة اصلا نشر بالعدد 676 بتاريخ 25/11/2013