السعودية تطلق خدمة أجير الحج والتأشيرات الموسمية.. اعرف التفاصيل    أسعار اللحوم والأسماك والبيض اليوم 10 يونيو    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. 10 يونيو    استشهاد فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية    حدث ليلا: فيديو صادم للسنوار.. ومحتجزة سابقة تشعل الغضب ضد نتنياهو    السعودية تستضيف ألف حاج من ذوي شهداء ومصابي غزة بأمر الملك سلمان    فون دير لاين تعرب عن ثقتها من إعادة انتخابها لولاية أخرى    لأول مرة مقاتلات أوكرانية تضرب عمق المناطق الروسية    محمد عبدالمنعم خارج الأهلي مقابل 240 مليون جنيه    توافد طلاب الثانوية العامة على اللجان.. والتفتيش بالعصا الإلكترونية    موعد صلاة عيد الأضحى في الكويت 2024 والساحات المخصصة.. استعدادات مكثفة    شاومينج يتحدى التعليم ويزعم تسريب امتحانات التربية الدينية والوطنية    نجوم الفن يهنئون ياسمين عبدالعزيز لتعاقدها على بطولة مسلسل برمضان 2025    لميس الحديدي: رحلتي لم تكن سهلة بل مليئة بالتحديات خاصة في مجتمع ذكوري    مع فتح لجان امتحانات الثانوية العامة 2024.. دعاء التوتر قبل الامتحان    تعرف على ما يُستحب عند زيارة النبي صلى الله عليه وسلم    الفلسطيني أمير العملة يتوج بذهبية بطولة العالم بلعبة "المواي تاي"    ضياء رشوان: الرئيس السيسي يضع عينيه على المستقبل    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»: رئيس «اتصالات النواب» يزف بشرى سارة عن مكالمات التسويق العقاري.. وعمرو أديب عن مدرس الجيولوجيا: «حصل على مليون و200 ألف في ليلة المراجعة»    ترامب يطالب بايدن بالخضوع لاختبارات القدرات العقلية والكشف عن المخدرات    تراجع أسعار النفط لثاني جلسة على التوالي في تعاملات اليوم    تركي آل الشيخ يعلن مفاجأة عن فيلم ولاد رزق ويوجه رسالة لعمرو أديب    واشنطن تدعو مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار يدعم مقترح الهدنة فى غزة    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الزمالك: شيكابالا أسطورة لنا وهو الأكثر تحقيقًا للبطولات    الكشف على 1346 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بقرية قراقص بالبحيرة    «لا تنخدعوا».. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر (موجة حارة شديدة قادمة)    «كنت مرعوبة».. الفنانة هلا السعيد عن واقعة «سائق أوبر»: «خوفت يتعدي عليا» (خاص)    خالد البلشي: تحسين الوضع المهني للصحفيين ضرورة.. ونحتاج تدخل الدولة لزيادة الأجور    البابا تواضروس يصلي عشية عيد القديس الأنبا أبرآم بديره بالفيوم    رئيس منظمة مكافحة المنشطات: رمضان صبحي لازال يخضع للتحقيق حتى الآن    "ده ولا شيكابالا".. عمرو أديب يعلق على فيديو مراجعة الجيولوجيا: "فين وزارة التعليم"    ضمن فعاليات "سيني جونة في O West".. محمد حفظي يتحدث عن الإنتاج السينمائي المشترك    ضياء رشوان ل قصواء الخلالي: لولا دور الإعلام في تغطية القضية الفلسطينية لسُحقنا    دعوة للإفراج عن الصحفيين ومشاركي مظاهرات تأييد فلسطين قبل عيد الأضحى    المنوفية في 10 سنوات.. 30 مليار جنيه استثمارات خلال 2014/2023    هؤلاء غير مستحب لهم صوم يوم عرفة.. الإفتاء توضح    عند الإحرام والطواف والسعي.. 8 سنن في الحج يوضحها علي جمعة    الحكم على طعون شيري هانم وابنتها على حبسهما 5 سنوات.. اليوم    وصفة سحرية للتخلص من الدهون المتراكمة بفروة الرأس    عددهم 10 ملايين، تركيا تفرض حجرًا صحيًا على مناطق بالجنوب بسبب الكلاب    بمساحة 3908 فدان.. محافظ جنوب سيناء يعتمد المخطط التفصيلي للمنطقة الصناعية بأبو زنيمة    عمر جابر يكشف كواليس حديثه مع لاعبي الزمالك قبل نهائي الكونفدرالية    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2024 في القاهرة والمحافظات (رابط متاح للاستعلام)    النسبة التقديرية للإقبال في انتخابات الاتحاد الأوروبي تقترب من 51%    نقيب الصحفيين: نحتاج زيادة البدل من 20 إلى 25% والقيمة ليست كبيرة    "صحة الشيوخ" توصي بوضع ضوابط وظيفية محددة لخريجي كليات العلوم الصحية    عمر جابر: سنفعل كل ما بوسعنا للتتويج بالدوري    مقتل مزارع على يد ابن عمه بالفيوم بسبب الخلاف على بناء سور    تعرف على فضل مكة المكرمة وسبب تسميتها ب«أم القرى»    اتحاد الكرة يكشف تطورات أزمة مستحقات فيتوريا    القطاع الديني بالشركة المتحدة يوضح المميزات الجديدة لتطبيق "مصر قرآن كريم"    المستشار محمود فوزي: أداء القاهرة الإخبارية مهني والصوت المصري حاضر دائما    عوض تاج الدين: الجينوم المصرى مشروع عملاق يدعمه الرئيس السيسى بشكل كبير    مصر في 24 ساعة| لميس الحديدي: أصيبت بالسرطان منذ 10 سنوات.. وأحمد موسى يكشف ملامح الحكومة الجديدة    لميس الحديدي تكشف تفاصيل تهديدها بالقتل في عهد الإخوان    شعبة الدواجن: حرارة الجو السبب في ارتفاع أسعارها الأيام الماضية    محافظ المنوفية يفتتح أعمال تطوير النصب التذكاري بالباحور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجاسوس عزام يزعم أن الموساد جند مسئولاً كبيراً بمصلحة السجون المصرية لتهريبه مقابل 700 ألف جنيه وأن رجال الكوماندوز الإسرائيليين يتنكرون في صورة سعوديات منتقبات
نشر في صوت الأمة يوم 09 - 01 - 2010

· الموساد يستأجر طائرة هليكوبتر من السعودية تحت غطاء نقل بنات"شيخ كبير" إلي مصر
· الإسرائيليون ينتظرون بفندق في الرياض وأسلحتهم تتضمن عدة رشاشات إسرائيلية "عوزي" وأجهزة كاتمة للصوت!
· المسئول المصري قادر علي دخول كل سجون مصر ولديه نفوذ في ليمان طره المسجون فيه عزام
· رجل أعمال سعودي للإسرائيليين: كل طلباتكم مجابة "حتي لو طلبتم طائرة حربية"!
· جوازات سفر مزورة لنقل قوة الكوماندوز الإسرائيلية من الكويت وأمريكا وأوروبا الي السعودية
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن ظهور فكرة تهريب الجاسوس عزام عزام بعملية عسكرية في "مجلس البيرة" علي شاطئ هرتزليا في تل ابيب، كما كشفت عن رجل الموساد المسئول عن تمرير البضائع الإسرائيلية إلي السعودية تحت غطاء شركة ألمانية، والأسئلة الصعبة التي ناقشتها خلية الموساد: كيف يمكن إدخال قوة كوماندوز إسرائيلية إلي مصر سرا؟ وكيف يمكن إدخالها إلي السجن؟ وكيف يمكن إدخال الأسلحة اللازمة؟ وهل يمكن تنفيذ العملية بدون أسلحة نارية؟ كما عرضنا كيف استعان الموساد بعضو كنيست تنكر في زي امرأة للهروب من السجن، وله عقلية اجرامية. تنفرد "صوت الأمة" بنشر مذكرات الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام الذي أدين بالتجسس علي مصر، وتم الإفراج عنه في صفقة تبادلية بين مصر وإسرائيل، أثارت رضا البعض وسخط البعض الآخر. وتتضمن هذه المذكرات التي تعرضها "صوت الأمة" علي مدار 10 حلقات العديد من المفاجآت والأسرار والأحداث التي طالت الحكومة وأجهزة الأمن وعددا من رجال الأعمال والقانون ورئيس احد اكبر أندية كرة القدم في مصر، فضلا عن تداخل الأمر مع قضايا التنصير والجاسوسية وحكايات العشق والغرام أيضا! وتكشف عن تداخل عالم الجاسوسية مع البيزنس والسياسة والتطبيع.
في نهاية شهر مارس 2000، اتصل "م. ه" برجل الأعمال شموئيل بلاتو شارون وطلب مقابلته. وقال: "اعتقد ان ثمة طريق لاح لنا، انه أمر قد يهمك".
منذ مقابلتهم الأولي في مكتب "ديزنجوف سنتر"، أي قبل ذلك بعامين، اكتفي الاثنان باللقاء معا لسبع مرات تقريبا، وكانت هذه اللقاءات بينهما فقط أحيانا، وفي أحيان أخري كان دان تسالكا يحضر هذه اللقاءات. وكان الرجل الملقب ب"الدماغ" حاضرا في إحدي المرات.
كان القرار الاستراتيجي الذي اتخذه الثلاثة عقب اللقاء الأول مع بلاتو شارون، أنهم لن يقدموا علي تنفيذ أية عملية "انتحارية". كان واضحا لهم انه إذا لم يجدوا حلولا منطقية سيكون عليهم نسيان الموضوع. كما تعهد الثلاثة بان يستغرقوا الوقت اللازم لهم من اجل بلورة ودراسة خطة عملية لإنقاذ عزام، يكون من المحتمل نجاحها واقعيا، دون أن تورط دولة إسرائيل سياسيا مع مصر.
خصص دان تسالكا شهورا طويلة لجمع المعلومات الاستخباراتية الدقيقة. وعن طريق جواز سفره الأمريكي، الذي يتحول اسمه فيه ليكون "توم ألدان"، تمكن تسالكا من دخول مصر والمملكة العربية السعودية بكل حرية، واستغل كل علاقاته الشخصية التي نسجها في هاتين الدولتين خلال عمله في مجال التجارة والاستيراد والتصدير تحت غطاء كونه مديرا عاما في شركة تسويق منتجات غذائية أمريكية ألمانية.
وكانت الخطة التي انتهوا إليها تقضي بأن يدخل أفراد الكوماندوز الإسرائيليين إلي مصر، متنكرين تحت أسماء مستعارة، علي متن طائرة هليكوبتر قادمة من السعودية. وفي الأحاديث التي أجراها تسالكا مع عناصر محلية في مصر تبين أن رجال أعمال سعوديين اعتادوا علي إجراء زيارات دائمة إلي مصر، بغرض التجارة أو السياحة أو لتلقي العلاج والخدمات الطبية، واعتاد جزء كبير منهم التنازل عن خدمات شركات الطيران واعتياد استئجار طائرات خاصة، سواء كانت هليكوبتر أو طائرات مدنية، من عدة شركات طيران خاصة تعمل في الرياض ومكة المكرمة.
وعندما بدأ تسالكا التعمق في الموضوع، تبين له ان اغلب الزائرين القادمين من السعودية إلي القاهرة لتلقي العلاج الطبي كانوا من النساء! وسرعان ما أدرك أن الأمر يتعلق في الأساس ببنات عائلات شيوخ أثرياء في المملكة يفضلن تلقي الخدمات الصحية الخاصة في مصر بعيدا عن العيون التي ترصد تحركاتهن في بلادهن، وقيل له إن ذلك أمر معتاد ومعروف، وان السلطات المصرية، وخاصة في مجال الخدمات الصحية، تشجع هذه الظواهر وتعمل علي تخفيف كل الإجراءات البيروقراطية التي تتعلق بتلك الزيارات، بما في ذلك تسهيل المرور بسرعة ودون فحص أمني من مطار القاهرة واليه.
وتمكن تسالكا من مشاهدة إحدي الطائرات القادمة من السعودية بهذه الطريقة في مطار القاهرة. وهبط من الطائرة نساء كثيرات برفقة أربعة رجال فقط.، وخلال ثوان معدودة حملتهم 3 سيارات ليموزين سوداء ذات زجاج أسود قاتم كانت في انتظار وصولهم. وقد أنهي هذه الترتيبات السريعة رجلان فقط مع اثنين من العاملين بالمطار تولوا أمر نقل الحقائب التي بلغ عددها 30 حقيبة، وفي خلال 3 دقائق فقط كان هذا الوفد النسائي السعودي قد غادر مطار القاهرة.
وعلي أساس تلك المعلومات التي جمعها تسالكا تبلورت خطة إنقاذ الجاسوس عزام عزام من سجنه بالقاهرة: قوة الكوماندوز الإسرائيلية تسافر إلي المملكة العربية السعودية في هيئة متنكرة عبر جوازات سفر مزورة وعبر عملية تمويه يتم تحديدها مسبقا، وسوف يصل كل واحد من أفراد هذه القوة، منفردا من أوروبا ومن الولايات المتحدة الأمريكية ومن الكويت، وفي المقابل تقضي الخطة المفترضة بأن يقوم رجل سعودي علي صلة بدان تسالكا باستئجار طائرة هليكوبتر في المملكة العربية السعودية، من إحدي شركات الطيران الخاصة، عبر رجل يقدم نفسه علي انه موظف بقصر احد الشيوخ ويطلب طائرة لنقل بنات الأسرة إلي مصر.
وفي اليوم المحدد يصل افراد قوة الكوماندوز الإسرائيلية إلي جناح في احد الفنادق الواقعة بمدينة الرياض. وسوف يتم استئجارها قبل العملية بعدة شهور باسم رجل أعمال سعودي، وهناك من المفترض ان تتم المرحلة الاخيرة قبل الخروج لتنفيذ العملية والحصول علي اسلحتهم الشخصية، التي تتضمن عدة رشاشات إسرائيلية من طراز عوزي بالاضافة إلي أجهزة كاتمة للصوت!
وخلال الزيارات الثلاث التي اجراها تسالكا إلي الرياض، ادرك انه لن تكون هناك اية مشكلة في شراء الاسلحة التي يريدها بكل انواعها من السعودية، بل ان مسئولي الاتصال السعوديين ابلغوه بان كل طلباتهم مجابة "حتي لو طلبتم طائرة حربية" علي حد تعبير احدهم!
وتقرر انه بعد تخزين السلاح المطلوب لتنفيذ العملية، يتم وضعه في جيوب سرية بالحقائب. وفي حالة اصرار رجال الأمن في المطار بالقاهرة أو الرياض علي تفتيش الحقائب، سوف يغادر 8 من افراد قوة الكوماندوز الإسرائيلية ارض المطار متنكرين في صورة نساء سعوديات منتقبات.
ووفقا للخطة، من المفترض ان تبقي قوة الكوماندوز الإسرائيلية في القاهرة لثلاثة ايام قبل يوم تنفيذ العملية الذي سيتمركزون فيه في فيلا يتم استئجارها في حي المعادي الهادئ بالقاهرة، وتقرر ان يكون يوم التنفيذ هو آخر يوم في شهر رمضان، عشية عيد الفطر.
وتبين تحريات تسالكا، ان العادة قد جرت منذ سنين، علي ان جزءاً كبيرا من السجانين وموظفي السجون يحصلون علي اجازاتهم في فترة العيد التي تبدأ من آخر ليلة في رمضان، وربما قبلها، وان السجون تعمل حينئذ بالحد الادني من موظفيها، ولم يكن سجن ليمان طرة الذي يقبع فيه عزام، مختلفا عن غيره من السجون في ذلك.
وخلال السنتين اللتين مرتا منذ التفكير في هذا الموضوع، اجري تسالكا عدة زيارات إلي منطقة سجن ليمان طرة، حيث ادرك انه الاقرب إلي الطريق الدائري المؤدي إلي وسط القاهرة، وشاهد ان السجن تحيط به اسوار ارتفاعها 5 امتار تقريبا، ويعلوها اسلاك شائكة. وبالاضافة إلي السور الخارجي هناك سور داخلي بارتفاع 4 امتار، ومع ذلك وضع الخطة المجنونة لاقتحام السجن وتهريب عزام عزام!
تقضي الخطة التي وضعها فريق من قدامي العاملين بأجهزة المخابرات الإسرائيلية، وعلي رأسها الموساد، بأن تدخل قوة كوماندوز إسرائيلية الي سجن ليمان طرة في مصر عبر البوابة الحديدية الكبيرة، التي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من السور الخارجي. ووفق الخطة، تحتاج القوة الي بضع دقائق لعبور السور من الجنوب الي الشمال حتي الوصول الي السجن نفسه. كما ان بوابة الدخول التي تقع في السور الداخلي تؤدي الي مبني ادارة السجن، وهو عبارة عن صفين من الغرف الصغيرة، يفصل بينهما طريق اسفلتي.
وسجل تسالكا في تحرياته عن سجن ليمان طرة انه طوال ساعات النهار والليل يقوم الحراس بالتجول في الخط القائم بين السورين الداخلي والخارجي. بالاضافة الي ذلك تم رصد 4 ابراج حراسة في الموقع يعلوها حراس علي مدار الساعة. وتبين من التحريات ان السجانين الذين يبقون للحراسة ليلا يخرجون الي وحدة السجون مع حلول الظلام ويتجمعون في احدي حجرات ادارة السجن. وربما مرة او مرتين اثناء الليل اعتاد السجانون القيام بجولات دورية بين الوحدات الادارية في السجن، وكان حرس السجون في كل عنبر لا يزيد علي 20 سجانا! وكان التقدير وقتها انه عشية عيد الفطر سيكون عدد الحراس القائمين علي السجن اقل نسبيا!
ووفقا للخطة الموضوعة سوف تصل قوة الكوماندوز الاسرائيلية الي بوابة الدخول علي متن سيارتين، وسوف يخرج اثنان او ثلاثة من القوة الاسرائيلية الي حراس السجن. وكي يحظي رجال الكوماندوز الاسرائيلية بأقرب نقطة ممكنة من الموقع سوف يقدمون انفسهم علي انهم تابعون لاجهزة الامن المصرية وانهم احضروا اثنين من السجناء الامنيين معهم، وبعد ذلك تسيطر قوة الكوماندوز علي حراس السجن، علي ان يبقي احد افراد القوة الاسرائيلية علي بوابة السجن في وضع الحراسة، بينما يستمر الباقون في الدخول الي البوابة الداخلية للسجن. وسوف يقومون هنا باستخدام نفس الطريقة التي استخدموها عند السيطرة علي البوابة الرئيسية، سوف تسيطر قوة الكوماندوز الاسرائيلية علي حراس السجن في الفترة الليلية، وبعد ذلك يدخلون، عن طريق مفاتيح احد السجانين الي عنبر السجناء، ويقومون باخراج الجاسوس الاسرائيلي عزام عزام من سجن "التجربة". ووفقا للخطة اذا سارت الامور علي ما يرام، من المفترض الا تستغرق العملية كلها اكثر من 20 دقيقة.
في الاستاد
وسط 80 الف مشجع ملأوا استاد سانتياجو برنباو، في اسبانيا، وذات يوم من ايام الاحد في شهر اكتوبر 2003، جلس رجل الاعمال الاسرائيلي شموئيل بلاتو شارون في المدرجات، مرتديا بنطلون جينز وبلوفر اسود وجاكيت خفيفاً، لمشاهدة مباراة ريال مدريد مع فريق أشبيلية في الدوري الاسباني، هكذا كان يبدو الامر، لكن شارون في الحقيقة لم يكن جالسا لمشاهدة المباراة، وانما للترتيب لمباراة من نوع آخر!
قبل ذلك بايام تلقي شموئيل بلاتو شارون اتصالا هاتفيا من صديقه اللبناني الفرنسي جيرار كمال الذي قال له: "هل تذكر الموضوع الذي تحدثنا فيه؟ وما اذا كنت استطيع مساعدتك؟ اعتقد ان عندي ما يفيدك".
فأجاب شارون في حرص: "انا افهم ما تتحدث عنه.. انا اسمعك".
قال كمال: "الموضوع معقد قليلا ولا اريد ان اتحدث عن التفاصيل في التليفون، هل ستسافر الي اوروبا قريبا؟!
اجاب شارون بلا تردد: "عندي موعد نهاية الاسبوع المقبل في مدريد، وانت من المدعوين علي حسابي".
قرر الاثنان ان يلتقيا في مكان عام منعا للفت الانظار، فاقترح جيرار كمال، الذي يعشق كرة القدم، ان يكون اللقاء في مدرجات الاستاد خلال مباراة ريال مدريد مع شبيلية.
ووسط التشجيع الحماسي للجماهير، والذي لم يتوقف للحظة واحدة خلال المباراة، وجد الاثنان ان الجو مناسب كي يتحدثا في موضوعهما، بعد ان امعنا النظر جيدا في وجوه المشجعين المحيطين بهما حتي يتأكدا من عدم وجود من يراقبهما.
قال كمال: "انت تعرف انه بعد وفاة داني شمعون، قائد ميليشيا نمور الاحرار المسيحيين في لبنان، فضل الكثيرون من اعضاء الميليشيا، مثلي، ان يرحلوا من لبنان بحثا عن حياة جديدة، فهاجر البعض الي اوروبا، خاصة فرنسا، وكان هناك من فضل الانتقال الي دول عربية مثل الاردن والسعودية وقطر ومصر. وكان لدينا قائد كبير، اعتقد انك لا تعرفه، اختار ان يهاجر الي مصر لان زوجته مصرية! وكان رجلا ذا عقل كبير وجاداً وجرئاً جدا وأميناً للغاية. وقد حافظت علي علاقتي به، مثلما حافظت علي علاقتي ببقية الرفاق".
تفهم شارون تعمد كمال عدم ذكر اسم صديقه الذي يتحدث عنه. وتابع كمال: "باختصار هذا الرجل بعد خبرته الطويلة في ميليشيا نمور الاحرار، نجح في الحصول علي وظيفة في مصلحة السجون المصرية، ونجح في الفوزز بثقة قادته".
توقف كمال عن الحديث وتلفت يمينا ويسارا للتأكد من انه لا يوجد من يتنصت عليهما، ثم قال: "وبمرور السنين حظي صديقنا علي عدة ترقيات، وتولي مناصب مهمة في المصلحة، وصدق او لا تصدق، ولكنه يشغل الآن منصبا كبيرا جدا في مصلحة السجون المصرية!".
تجمد شارون في مكانه من روعة المعلومات التي يسمعها، ثم سأل صديقه: "هل تحدثت معه؟". فاجاب كمال: "وماذا تتوقع؟! طبعا تحدثت معه عدة مرات خلال الاسابيع الاخيرة، وعرفت منه عدة امور مهمة، فقد اخبرني انه منذ 6 شهور اصيب بازمة قلبية شديدة، جعلته يواجه صعوبة شديدة في مواصلة عمله وتلقي عرضا باحالته للمعاش. وقال لي انه كان سيرحب بالتقاعد لولا ابنته التي تدرس في جامعة بالارجنتين".
هنا قال شارون: "ارجو ان توضح اكثر".
فقال كمال: "ما فهمته منه انه يرسل كل راتبه تقريبا الي ابنته من اجل دراستها ونفقات حياتها في الارجنتين، وهو يخشي انه عند احالته للمعاش، لن يتمكن من تدبير نفقات ابنته".
قال شارون فورا: "هذا جيد.. ما المبلغ المطلوب؟"
سارع كمال الي القول: "20 الف دولار سنويا، فاذا تعهدنا بدفع هذا المبلغ لمدة 5 او 6 او 7 سنوات، يكون الحديث عن مبلغ يتراوح بين 100 و 140 الف دولار".
عندها قال شارون: "اوكي، هذا مفهوم. السؤال الآن هو إلي اي حد يستطيع هذا الرجل مساعدتنا في تهريب عزام من السجن؟ هل تحدثت معه في ذلك؟".
اجاب كمال: "لا، لم اتحدث معه حتي احصل منك علي موافقتك اولا علي المبلغ، وثانيا خفت ان يكون هناك من يتجسس علي الهاتف، وقلت له فقط ان هناك صديقا يمكنه ان يساعدك في ذلك، وانه ربما تكون هناك مصلحة مشتركة بينكما فيساعد كل منكما الآخر، وفهم جيدا ان الحديث يجري عن صفقة "هات وخذ!"".
قال شارون: "اذا كان الامر كذلك فلديك ضوء اخضر للتحدث معه في التفاصيل، وحاول ان تضغط عليه من اجل تخفيض المبلغ ليصل الي 100 ألف او 120 الف (700 الف جنيه تقريبا) دولار. كيف تنوي فعل ذلك؟ بالهاتف؟"
قال كمال: "لن يكون امامي سوي السفر الي القاهرة، فهو يلح منذ فترة لاقناعي بالسفر لزيارته. وسوف تكون تلك فرصة جيدة".
رد شارون: "وانا متكفل بكل نفقات سفرك. فقط افعل ذلك بأسرع ما يمكنك، فرجلنا (عزام) علي وشك الانهيار، والوضع يزداد سوءا وصعوبة كل يوم".
في الاستراحة بين شوطي المباراة، استغل كمال فرصة الهدوء النسبي وسأل شارون: "هل هناك فكرة محددة تريدني ان اطرحها عليه؟ اقصد هل هناك طلب محدد تريدني ان اطلبه منه؟".
اخذ شارون يفكر في السيناريوهات التي يمكن فيها الاستعانة برجل يعمل في مصلحة السجون المصرية، ولكنه رأي ان من الافضل الاحتفاظ بها لنفسه، ثم قال: "ينبغي ان اتحدث اولا مع رجالي في اسرائيل، وكل ما اطلبه منك هو ان تبحث مدي استعداد هذا الرجل للسير معنا وإلي اي مدي، وما هي نوعية المساعدة التي يستطيع تقديمها لنا؟".
إحياء الفكرة
في بداية نوفمبر 2004 ذهب دان تسالكا و "م.ه" الي مبني "ديزنجوف سنتر" في تل ابيب حيث يقع مكتب شموئيل بلاتو شارون، الذي دعاهما لمقابلته، مما اثار دهشتهما لاعتقادهما ان تهريب عزام من مصر عبر عملية كوماندوز كانت فكرة وماتت، لان شارون لم يتصل بهما مجددا منذ عرضا عليه الفكرة، حتي انهما توقفا عن التفكير عن الموضوع. وكم كانت مفاجأتهما كبيرة عندما اخبرهما شارون في هذا اللقاء ان "العملية دخلت في مرحلة متطورة للغاية، ويجب ان تنفذا كل ما تحدثتما عنه في المرة السابقة".
تساءل تسالكا مندهشا: "ماذا حدث؟ لقد اعتقدت انك تخليت عن الفكرة".
قال شارون: "طوال كل هذه الفترة كنت افكر في العملية، خطتكم جيدة 100% لكنها خطيرة. ولم يكن بوسعي ان اوافق علي ان تذهبوا للموت في مصر، اما الان فقد اصبح الوضع افضل كثيرا، لا اقول انه لم تعد هناك خطورة، ولكن الامر اصبح اكثر امانا". وحكي لهما شارون قصة علاقته بقائد الميليشيا المسيحية في لبنان داني شمعون، وجيرار كمال الذي يعرف رجلا يشغل منصبا كبيرا في مصلحة السجون المصرية.
تساءل تسالكا بعد لحظات من صمت الاندهاش: "ما مدي الثقة في هذا الرجل؟ ولماذا يبدي استعداده لمساعدتنا؟ والاهم طبعا كيف يستطيع مساعدتنا؟".
اجاب شارون: "اولا انا اثق في جيرار كمال الذي حدثتكم عنه بنسبة 120%. وقد زار صديقه في مصر الاسبوع الماضي، والرجل فعلا يشغل منصبا كبيرا في مصلحة السجون المصرية. ولا اريد ان اكشف منصبه بدقة، ولكنه قادر علي دخول كل سجون مصر! والمهم بالنسبة لنا ان لديه نفوذا كبيرا في سجن ليمان طرة المسجون فيه عزام".
كرر تسالكا سؤاله: "وبماذا سيساعدنا؟"
فتح شارون احد ادراج مكتبه واخرج مجموعة من الاوراق والخرائط والوثائق وقال: "لقد ارسل الينا الرجل بمجموعة من الخرائط والرسوم الكروكية للسجن، وصدقوني انه يستطيع مساعدتنا في اي شيء نطلبه، فسوف يحصل علي مبلغ كبير جدا مقابل تعاونه معنا، وهو بحاجة الي ذلك".
سأل تسالكا: "هل نستطيع مقابلته؟"
هز شارون رأسه بالنفي، وقال: "ولا حتي انا سأقابله، رجلي في فرنسا قابله وحصل منه علي موافقته للتعاون معنا، واتفقت معه علي الا اتحدث معه انا او اي احد من طرفي، هو يعرف الموضوع جيدا ومستعد للتعاون، ولكي نثبت له جديتنا، ارسلت إليه مبلغا محترما تحت الحساب امس".
بعد طول صمت تساءل "م.ه": "هل ما زلنا نتكلم عن الخطة التي وضعناها سابقا؟ اقصد مداهمة سجن ليمان طرة ليلة عيد الفطر؟".
هو شارون رأسه بالايجاب وقال: "كما هي بالضبط، واريدكم ان تبدأوا في تجنيد من سيشاركون في العملية، علينا اولا ان ننشئ نموذجا مجسما للسجن وموقعه كي نتدرب علي اقتحامه. اعرضوا مقترحاتكم، وعليكم ان تضعوا تصورا نهائيا للخطة. لديكم خريطة ورسومات يمكنها ان تساعدكم. ها هي.. ربما تجدون طريقة لاقتحام السجن غير التي تحدثتم عنها سابقا".
قال تسالكا: "هناك مشكلة واحدة ولكنها كبيرة لم تخطر علي بالنا. لقد انتهي شهر رمضان وعيد الفطر منذ 3 اسابيع، مما يعني ان علينا الانتظار 11 شهرا حتي رمضان القادم، أو أن نجد طريقة اخري لتنفيذ العملية".
ساد الصمت في المكتب المكيف، وتبادل الرجال الثلاثة نظرات الصدمة، وبدت علي ملامحهم مظاهر الشعور بخيبة الامل، وقال شارون: "من المفهوم طبعا انني لا اريد الانتظار لسنة اخري، فقد قضي عزام ما يكفي من السنوات في السجن، لذلك اقترح عليكم ان تعيدوا التفكير في خطة جديدة، لا لانني افهم اكثر منكم في ذلك، وانما لثقتي في قدرتكم علي وضع خطة جديدة عبر الاستعانة بهذه الخرائط التي وصلتنا من مصر".
قال تسالكا: "لا اعتقد ذلك.. لا اقصد التهوين من شأن الخرائط، ولكنني اشك في قدرتنا علي وضع خطة بديلة وناجحة اكثر من تلك التي وضعناها في البداية، صدقني لقد فكرنا في كل تفاصيل التفاصيل حتي وصلنا الي استنتاج ان هذه هي افضل خطة ممكنة.. انا اتفهم استعجالك لتنفيذ العملية، ولكني اؤمن بصحة المثل القائل "العجلة من الشيطان".
هنا قاطعه شارون قائلا: "يا سادة انتم محترفون في هذا النوع من العمل، وليس انا، ولم اتدخل في عملكم حتي الان، ولا اعتزم ان احدد لكم ما ستفعلونه. كل ما افعله انني احاول مساعدتكم في اماكن وامور استطيع تقديم المساعدة فيها، اذهبوا ثم عودوا كي نتوصل الي قرارات محددة، فاذا لم يكن هناك خيار سوف ننتظر! لماذا ينبغي ان نقرر الآن؟ فكروا عدة مرات وتعالوا لنقرر معا ما اذا كنا سنتبني خطة جديدة ام نلتزم بالخطة السابقة".
اننتظرونا في الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.