حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    10 سنوات إنجازات.. 3 مدن جديدة و10 آلاف وحدة سكنية لأهالي قنا    خبير اقتصادي يتوقع خفض الفايدة 2% في اجتماع لجنة السياسة النقدية سبتمبر القادم    حماس تطالب أمريكا بالضغط على إسرائيل للتوصل إلى وقف القتال في غزة    مجلس الأمن يعتزم التصويت اليوم على وقف حصار الدعم السريع لمدينة ‬الفاشر السودانية    أرمينيا تعلن نيتها الانسحاب من معاهدة أمنية تقودها روسيا    اندلاع حريق كبير بمصفاة نفط في كردستان العراق    الفيفا يصدم اتحاد الكرة في أزمة إيقاف الشيبي    "تحذير وانتقاد".. بيراميدز يصدر بيانا بخصوص أزمة رمضان صبحي (صورة)    "دوري مصري ونهائي السلة".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    بث مباشر افتتاح يورو 2024 بين ألمانيا واسكتلندا    عاجل.. تصريح مفاجئ من ضياء السيد حول انتقال يزن النعيمات إلى الأهلي    مصرع 4 أشخاص وإصابة اثنين في حادث تصادم ميكروباص بسيارة ملاكي بصحراوي المنيا    مصرع وأصابة 6 أشخاص فى حادث تصادم بالمنيا    الحج السياحي 2024.. وزارة السياحة والآثار توجه تحذيرا للشركات    هشام عاشور:"نيللي كريم عمرها ما رشحتني لدور وزواجي منها كان معجزة".. فيديو    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    أستاذ تراث ب«افتح باب قلبك»: العيد في مصر حاجة تانية وتراثنا ظاهر في عاداتنا وتقاليدنا    عيد الأضحى 2024.. ما المستحب للمضحي فعله عند التضحية    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    عاجل.. صدمة مدوية ل "اتحاد الكرة" وراء رفع إيقاف الشيبي    «نط من فوق السور».. محمد عبد الوهاب يكشف كواليس مثيرة بشأن تعاقد الأهلي مع نجم الإسماعيلي    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    إعلام فلسطيني: ارتفاع أعداد ضحايا العدوان على منزل في النصيرات إلى 3 شهداء    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    «الإدارية العليا» ترفض مجازاة مدير اختصامه جهة عمله.. وتؤكد: «اجتهد ولم يرتكب مخالفات»    المشدد 10 سنوات وغرامة 3 ملايين جنيه ل«مسؤول سابق بالجمارك»    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    صواريخ «حزب الله» تدك أهدافًا عسكرية ومدنية في إسرائيل (فيديو)    اعتقال شخصين في السويد على خلفية إطلاق نار قرب السفارة الإسرائيلية    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    صور.. دار الكتب تحتفل بمسار العائلة المقدسة    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    «الصحفيين» تعلن جوائز دورة هيكل الثانية في «تغطية النزاعات والحروب» (تفاصيل)    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    هيئة الدواء: توفير جميع الخدمات الدوائية خلال العيد.. وخط ساخن للاستفسارات    احذري تخطي هذه المدة.. أفضل طرق تخزين لحم الأضحية    خزين العيد.. أطعمة يجب شرائها قبل يوم الوقفة    وكيل صحة سوهاج يعقد اجتماع لمناقشة خطة التأمين الطبي أثناء العيد    صاحبة فيديو جرعة العلاج الكيماوي تكشف تفاصيل الواقعة    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    المزاد على لوحة سيارة " أ م ى- 1" المميزة يتخطى 3 ملايين جنيه    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    حكم ذبح الأضحية ليلا في أيام التشريق.. «الإفتاء» توضح    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    «الأوقاف» تحدد ضوابط صلاة عيد الأضحى وتشكل غرفة عمليات ولجنة بكل مديرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجاسوس عزام يهاجم مرتضي منصور ..ويكشف حجم المبالغ المالية التي أخذها منه فريد الديب الذي طلب منه يوم النطق بالحكم حجز تذاكر العودة إلي تل أبيب
نشر في صوت الأمة يوم 07 - 02 - 2010

· مصر رفضت محامياً مصرياً يعيش في لندن لأنه لا يجوز الكشف عن معلومات تمس الأمن القومي أمام شخص لا يقيم في مصر
· مرتضي منصور قاد مظاهرة من 3000 محام للمطالبة بإعدام عزام عزام أمام المحكمة في العباسية
كشفت "صوت الأمة" في الحلقة السابقة عن خطة وضعتها اجهزة الامن المصرية لاصطياد عميلتي الموساد بفراش الغرام في القاهرة، وكيف اجري عماد إسماعيل 4 مكالمات هاتفية مع عميلة الموساد "زهرة جريس" ليطلب منها اطفاء نار اشواقه ولو لليلة واحدة في طابا، وكيف فشل في اقناع عشيقته بالعمل كجاسوسة مزدوجة لصالح مصر. كما عرضنا تفاصيل 3 محاولات مصرية لتجنيد الجاسوس عزام عزام لصالح مصر مقابل الافراج عنه ومكافآت مالية سخية! وكيف رفض عزام العرض قائلا: لا يمكن أن اخون إسرائيل ولو بكنوز الأرض!.. فضحك الضابط المصري وقال: "والله عجبتني، كمان لحظة كنت هاديلك وسام البطولة!". كما عرضنا كيف قام القنصل الإسرائيلي ورجل اعمال مصري بالاتصال هاتفيا بالمسئولين المصريين لمعرفة مصير عزام، عقب القاء القبض عليه، وكانت الاجابة الوحيدة "لا نعرف شيئا عما تتحدثون".
بعد أن ادرك الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام ان انكاره وتدخلات الحكومة الإسرائيلية لن تنفعه، اتجه التفكير الي الاستعانة بمحامين مصريين للدفاع عن الجاسوس الإسرائيلي امام المحاكم المصرية.
يقول عزام، في مذكراته التي تحمل عنوان "هل كنت عميلا للموساد؟"، إن اصعب الايام التي مرت عليه في سجون مصر كان يوم تقديم لائحة الاتهام ضده، بعد ان تلاشت احتمالات الافراج عنه، خلافا لكل الوعود التي تلقاها من المسئولين الإسرائيليين. ووصف قرار الاتهام عزام بانه المتهم رقم واحد في قضية التجسس، وتهمته ادارة خلية تجسس عملت ضد الامن القومي المصري. وكان المتهم رقم اثنين هو عماد إسماعيل، بينما كان المتهم الثالث هو زهرة جريس، عشيقة عماد، والمتهم الرابع هو شادية أحمد الإسرائيلية التي قامت بتعريف عماد علي زهرة. ولعدم التمكن من القبض علي زهرة وشادية تمت محاكمتهما غيابيا.
كان هناك شخص متداخل في قضية عزام بشكل كبير يدعي اسعد اسعد، وهو عضو بالبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) عن حزب الليكود اليميني. وهو من مواليد 10 فبراير 1944، حامل شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية وتاريخ الشرق الأوسط من جامعة حيفا، وكان مستشارا لرئيس الحكومة الإسرائيلية للشئون الدرزية والشركسية، وكان عضوا في الوفد الإسرائيلي المشارك في مفاوضات السلام في مدريد وواشنطن.
ويقول عزام ان اسعد اجري زيارة لمصر آنذاك، والتقي بالعديد من المسئولين المصريين، وخرج بانطباع ان جميع من تحدث معهم يعتقدون ان مصر ستفرج عن عزام خلال وقت قصير، حتي قبل ان تبدأ محاكمته، "وجاء الواقع لينسف كل التقديرات والتنبؤات مجددا". وعند التشاور مع مسئولي السفارة الإسرائيلية في القاهرة، ديفيد جوبرين، وكوبي بروش، وشوكي جباي، تقرر انه من الضروري الاستعداد للمحاكمة. وتقرر ايضا انه من الافضل التنازل عن خدمات المحام شريف غراب، والبحث عن محامي اكبر واهم منه. وكان غراب يتعامل مع السفارة الإسرائيلية منذ مطلع الثمانينيات، وعند اكتشاف امره تمت احالته الي لجنة التأديب بنقابة المحامين المصريين عام 1984، للتحقيق معه بتهمة التطبيع والتعاون مع العدو الإسرائيلي، وعندما طلب مساعدة السفارة الإسرائيلية في المأزق الذي وقع فيه، زودته السفارة بقائمة تضم اسماء شخصيات مصرية اخري تتعاون مع اسرائيل للتدليل بها علي أن غراب ليس وحده الذي يتعامل مع السفارة الإسرائيلية في القاهرة. ورغم ذلك فصلته اللجنة باجماع الآراء من نقابة المحامين! ومع ذلك واصلت السفارة التعامل معه، وقررت فجأة الاستغناء عن خدماته عند ظهور قضية عزام.
ويقول عزام ان السفارة الإسرائيلية وافراد اسرته ادركوا سريعا ان الحكومة المصرية لا تنوي تسهيل مهمتهم في اختيار محام مصري للدفاع عن عزام. في البداية اعلنت مصر رفضها التام والقاطع السماح لاي محام اسرائيلي بتمثيل عزام. واوضحت هيئة المحكمة المصرية لاسرة عزام ان القانون المصري ينص علي انه لا يحق إلا للمحامي المصري فقط المثول امام المحاكم المصرية. وسارعت وزارة الخارجية الإسرائيلية الي بريطانيا حيث تم العثور علي محامِ في لندن يحمل الجنسية المصرية، ووافق علي الدفاع عن عزام امام المحكمة. لكن السلطات المصرية لم توافق علي ذلك ايضا بدعوي ان اجهزة الامن المصرية لن تتمكن من الكشف عن مسائل تمس صلب الامن القومي المصري امام شخص لا يعيش في مصر. وعندئذ بدأت وزارة الخارجية الإسرائيلية في البحث عن محام مصري يعيش في مصر.
وحصلت اسرة عزام من السفارة الإسرائيلية بالقاهرة علي قائمة تضم عددا من المحامين المصريين الكبار، وبدأت في مقابلتهم سعيا الي الاتفاق معهم للدفاع عن عزام. وفي محاولة مبكرة للغاية ادرك مسئولو السفارة الإسرائيلية واقارب عزام ان ايا من المحامين الذين وردت اسماؤهم في القائمة سيكون مستعدا للتضحية بمكانته والمخاطرة باسمه من اجل الدفاع عن اسرائيلي متهم بالتجسس علي مصر. ويدعي عزام ان ذلك يرجع بالاساس الي الضغوط الشعبية التي شهدتها مصر في تلك الفترة، والتي عبرت عن نفسها في مقالات تحريضية ضد اسرائيل في مختلف وسائل الاعلام المصرية التي طالبت باعدام الجاسوس الإسرائيلي مع من بعثه من الصهاينة"!
ويقول عزام ان مرتضي منصور، المحامي الشهير ورئيس نادي الزمالك الاسبق، كان احد المحامين الذين توجهت اليهم السفارة الإسرائيلية لتوكيله بمهمة الدفاع عن عزام عزام الذي يصف مرتضي منصور بانه "واحد من اكبر المحامين النشطاء في مصر".
وبحسب عزام، قال مرتضي منصور عند مقابلته ممثلي اسرة عزام والسفارة الإسرائيلية، في مكتبه الفاخر بالقاهرة: "سأقبل ملف القضية بشرط واحد، وهو ان اكون متأكدا من براءة عزام الكاملة، ادوني فرصة 24 ساعة عشان ادرس ملف القضية وارد عليكم".
وعندما عاد الإسرائيليون في اليوم التالي الي مكتب مرتضي منصور اخبرهم بانه للاسف لن يتمكن من قبول القضية للدفاع عن عزام، "رغم ان ملف القضية يؤكد انه لا يوجد أي شك في براءة عزام علي الاطلاق".. (وطبعا من الطبيعي أن يكذب عزام عزام ويهاجم مرتضي منصور الذي قاد ضده حملة شعواء داخل وخارج المحكمة خاصة أن مرتضي منصور معروف بمواقفه المضادة للتطبيع ) .
وبعد التشاور مع مسئولي السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، توجهت اسرة عزام الي مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية لشئون الدروز، اسعد اسعد، وطلبوا منه التوجه الي الدكتور اسامة الباز، المستشار الخاص بالرئيس حسني مبارك، كي يطلب منه المساعدة في هذا الموضوع.
وبحسب عزام، عندما توجه اسعد اسعد الي الباز، ربت علي كتفيه قائلا: "ايه المشكلة؟ انا هاديلك قائمة فيها اسماء شوية محامين تقدر تروح لهم، وانا متأكد ان أي واحد فيهم هيوافق علي انه يمسك القضية ويدافع عن عزام". ويحق للبعض ان يتساءل هنا: تري ما هي المعايير التي استند اليها الدكتور اسامة الباز في تحديد اسماء هؤلاء المحامين الذين يؤكد انهم لن يترددوا في الدفاع عن اسرائيلي متهم بالتجسس علي مصر؟ هل هي تقارير امنية تؤكد ان هؤلاء المحامين مستعدون لفعل أي شيء من اجل المال؟! ام ان اصحاب هذه الاسماء يرتبطون بعلاقات "رفيعة المستوي" مع المسئولين بالشكل الذي يسمح لهم بتولي قضايا حساسة من هذا النوع دون ان يتعرضوا لاي مضايقات؟!
ويقول عزام: "اشار الباز بدون تردد الي اسم فريد الديب المحامي". ويشير الي ان السفارة الإسرائيلية جمعت بعض المعلومات عن الديب، "فتبين ان الرجل صاحب خبرة طويلة في المحاماة، وسبق له العمل بالنيابة، وتولي العديد من القضايا الكبري، والاهم انه صاحب علاقات متشعبة مع اركان النظام في مصر، بفضل ماضيه كجنرال في الجيش المصري وعلاقاته الوطيدة بعائلة الرئيس المصري الراحل محمد انور السادات".
وعلم عزام ان فريد الديب لم يكن متفاجئا او شعر بالدهشة عندما زارته اسرة عزام وممثلو السفارة الإسرائيلية في مكتبه. ويقول عزام انه علي ما يبدو كان هناك من احاط الديب علما بهذه الزيارة قبل حدوثها!
طلب الديب اتاحة الفرصة له كي يطلع علي ملف القضية قبل ان يحدد موقفه من قبولها او رفضها. وبعد 5 ايام توجه ممثلو السفارة الإسرائيلية وعائلة عزام الي مكتب الديب مرة ثانية، فاخبرهم بانه اطلع علي ملف القضية، وان مستندات القضية لا يوجد فيها أي سند للاتهام، وينقل عزام عن الديب قوله: "اذا كان الكلام ده يخلوهم يتهموا عزام بالتجسس، يبقي يقدروا يتهموا أمي كمان بالتجسس!".
طلب الديب اتعابا قدرها 77 الف دولار، منها 40 الف دولار مقدما كشرط للبدء في تولي ملف القضية.من الطبيعي أيضاً ألا يكشف عزام عزام عن الأتعاب الحقيقية التي تقاضاها منه فريد الديب
ادرك سامي عزام، شقيق عزام، ان عليه ان يتصرف فورا لتدبير المبلغ المطلوب خلال 24 ساعة، فأمر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمساهمة الدولة الإسرائيلية في نفقات سفر افراد اسرة عزام في مواعيد الزيارات المحددة لزيارة عزام في سجنه بمصر. وينفي عزام ان تكون الدولة الإسرائيلية ساهمت في تدبير مبلغ ال77 الف دولار، اتعاب فريد الديب المحامي، بدعوي ان اسرة عزام "اتكسفت" تطلب مساعدة الحكومة الإسرائيلية بعد لفتتها "الكريمة" بالسماح لاسرته بالسفر بالمجان علي نفقة الدولة العبرية! رغم ان عزام كان علي وشك ان يواجه الاعدام ثمنا لعمله لصالح الموساد الإسرائيلي!
في نهاية اللقاء مع فريد الديب المحامي، اسرع سامي عزام الي الاتصال بشقيقه وفا عزام في اسرائيل، واخبره بالمبلغ المطلوب، قائلا: "لا اعلم كيف يتم ذلك، ولكن المطلوب منك هو جمع 40 الف دولار حتي الغد.. عليك ان تتصرف.. انا لازم اسلم المبلغ للمحامي في اسرع وقت ممكن كي يبدأ في بحث القضية".
ما ان وضع وفا عزام سماعة الهاتف حتي جمع افراد الاسرة واخبرهم بالمبلغ المطلوب، وعندما تبين انهم لن يستطيعوا جمعه بالسرعة اللازمة، قام بالاتصال هاتفيا بشخص يدعي "ديفيد كوهين"، يصفه عزام بانه احد اصدقاء الاسرة، وهو يهودي يعيش في القدس ورجل اعمال وصاحب شركة تعمل بمجال التكنولوجيا الحديثة، وعرض عليه المشكلة، فاجابه الرجل بانه لا مشكلة!
في ظهر اليوم التالي صعد الاخ الاكبر لعزام "قبطان" علي متن طائرة "العال" الإسرائيلية الي القاهرة حاملا المبلغ الذي طلبه فريد الديب. وكان بانتظاره في مطار القاهرة اعضاء السفارة الإسرائيلية. وبعد ساعة وضع سامي عزام المبلغ المطلوب علي المكتب الفخم لفريد الديب. وقال له سامي وهو يضغط علي يدي المحامي المصري: "المهم ان تعيد شقيقنا الي منزله". فأجاب الديب: "ان شاء الله هايحصل.
في صباح 24 ابريل 1997، نظر عزام من نافذة سيارة البوكس الزرقاء باتجاه مبني المحكمة العسكرية في العباسية، واخرس الخوف لسانه تماما. ومع ذلك كان عزام يشعر ببعض الاطمئنان بسبب ما نقله له اخوه من كلام فريد الديب المحامي، من انه مقتنع بانه لا سند للدعوي، وانه يعتقد انه سيتم الافراج عن عزام في نهاية الجلسة. وزاد من اطمئنانه ما قاله له عماد إسماعيل خلال جلوسهما معا في البوكس من انه سيقول للمحكمة ان اعترافاته انتزعت منه تحت وطأة التعذيب، ومع ذلك كانت المخاوف تلازم عزام.
ويقول عزام انه كان يشعر بان الجو متوتر للغاية في مصر، وانه شعر بان شوارع مصر بدت كما لو انها تستعد للحرب. كان عساكر الشرطة المرافقين لعزام وعماد إسماعيل مقيدين معهما بالكلابشات، وسبق سيارة البوكس موتوسيكلات تابعة للشرطة وحراسة عسكرية مشددة وجنود مسلحين باسلحة رشاشة ظاهرة للعيان.
عند انزال عماد وعزام من البوكس اصطف ما يقرب من 50 جنديا مسلحا لشق الطريق الي المحكمة، وليكونوا حاجزا بين عزام وعماد ومئات الصحفيين ومراسلي وكالات الانباء من مختلف انحاء العالم الذين كانوا ينتظرون في الشارع وتزاحموا لتغطية القضية وتصوير المتهمين. كما كان هناك مئات المصريين الذين كانوا يرددون هتافات تدعو للانتقام من عزام.. كان الزحام والصخب كبيرا جدا.. وشعر عزام بان كل ذلك لا يبشر بخير بالنسبة له. وهو نفس الاحساس الذي راوح ابناء اسرة عزام الذين بلغ عددهم امام المحكمة 22 شخصا! وكان اقارب عزام قد استأجروا ميني باص من اسرائيل اتي بهم الي رفح، ومن هناك استقلوا سيارة اخري كانت بانتظارهم نقلتهم الي فندق شهرزاد في العجوزة بالقاهرة.
كان موعد المحاكمة في التاسعة والنصف صباحا، ووصل في الموعد كل من حمزة وسامي عزام، شقيقا عزام، واسعد اسعد مستشار نتنياهو، قادمين من اسرائيل بعد ان ضاعت كل جهودهم سدي لاستئجار طائرة تابعة لشركة "اير سيناي" من مطار بن جوريون الي القاهرة.
ويقول عزام كان المشهد العام امام المحكمة يوحي بان الحرب قد اندلعت، بسبب انتشار الجنود والشرطة بصورة مكثفة للغاية حول المحكمة وفي الشوارع المحيطة بها، وداخل المحكمة ايضا. وزاد من درجة التوتر اندلاع مظاهرة امام المحكمة قوامها 3 آلاف شخص، من نقابة المحامين بالقاهرة، حمل المتظاهرون خلالها لافتات تدين "جرائم الحرب التي ارتكبتها اسرائيل في حرب لبنان"، ولم تتوقف الهتافات وصب اللعنات علي اسرائيل طوال الوقت. وقال المتظاهرون لمراسلي وكالات الانباء ووسائل الاعلام انهم يطالبون مصر بمحاكمة اسرائيل ومطالبتها بدفع تعويض قدره 100 مليون دولار بسبب ارتكابها مذبحة بحق مدنيين ابرياء في لبنان.
ويقول عزام: "كان علي رأس المتظاهرين مرتضي منصور، احد المحامين الذي توجهنا اليهم لمطالبته بالدفاع عني، وكان هو نفس المحامي الذي قال عقب اطلاعه علي ملف القضية ولائحة الاتهام انه لا توجد ادلة فعلية لادانة عزام، وان المحكمة ستفرج عن عزام في الجلسة الاولي".
في الجانب الايمن من قاعة المحكمة جلس المستشار هشام بدوي المحامي العام لنيابات امن الدولة، الذي حقق مع عزام فور اعتقاله، ويقول عنه عزام: "بدا هشام بدوي راضيا بالاجواء السائدة في القاعة، ومستمتعا بالاجواء العدائية السائدة ضد المتهمين".
علي الجانب الايسر من القاعة جلس المحامي فريد الديب، والي جواره محام آخر يدعي أحمد محمد بكر، الذي تم توكيله للدفاع عن عماد إسماعيل، المتهم رقم 2 في القضية. ورغم جلوس الاثنين الي جوار بعضهما لم يتبادلا معا ولو كلمة واحدة. ويقول عزام: "لم يكن من الممكن تجاهل التعالي الذي اظهره فريد الديب تجاه زميله الصغير". وخلفهما بعدة صفوف جلس افراد اسرة عزام، الذين فضلوا عدم لفت الانتباه اليهم، بسبب الغضب السائد في القاعة.
وسرت قشعريرة في جسد عزام عند دخوله الي قاعة المحكمة، وادخلوه الي القفص، حيث طلب منه احد السجانين ان يجلس علي كرسي حديدي في مقدمة القفص. وكان عزام يبحث بنظره عن افراد اسرته حين صاح الحاجب بصوت عال: "محكمة!". وبعد ثوان من الهدوء المفاجئ الذي ساد القاعة نهض الجميع واقفا في انتظار دخول القضاة، حتي دخل 3 قضاة من باب جانبي. وكان رئيس المحكمة هو المستشار محرم درويش، وكان مساعداه المستشار عبد الرحمن ابو المجد، والمستشار عبد الراضي ابو ليلة. ولم ينظر ثلاثتهم الي الجمهور، وتوجهوا الي مقاعدهم. وبعد 4 مرافعات استغرقت ساعة، انكر عزام كل التهم المنسوبة اليه، وكذلك فعل عماد إسماعيل الذي فقد اعصابه وراح يصرخ من القفص وهو يقول: "انا برئ.. انا برئ.. عذبوني عشان اعترف.. اجبروني علي التوقيع بالقوة.. انا برئ.. انا برئ!". وسادت ضجة كبيرة في القاعة. وسارع السجانون الي عماد إسماعيل واجبروه علي الجلوس علي مقعده. واقترب جلال، شقيق عماد، من القفص وقال له: "اقفل بقك! انت اتجننت؟! انت عاوزهم يقتلوك؟! انت عارف لو غيرت شهادتك ايه اللي هيحصل؟!".
مرت اكثر من 5 دقائق حتي عاد الهدوء مرة ثانية الي قاعة المحكمة. عندها وقف المستشار هشام بدوي وبدأ في القاء مرافعته "النارية" وكان الجمهور الحاضر في القاعة تزداد حماسته اكثر واكثر مع كل كلمة تخرج من فم بدوي. وكان السباب واللعنات يصب علي رأس المتهمين كلما اشار بدوي الي جرائمهما. كان صوت بدوي يجلجل في القاعة وهو يتحدث عن اعمال شبكة التجسس والحاقهم الضرر البالغ بأمن مصر. وبدا بدوي متأكدا من ان من شغل شبكة التجسس هو "الكيان الصهيوني العدو".
ويقول حمزة، شقيق عزام: "كان العداء والكراهية يملآن كل اركان القاعة الكبري. وكل الحاضرين كانوا معبأين بالحماسة وراغبين بشدة في تنفيذ حكم الاعدام في المتهمين فورا". ووجد عزام وافراد اسرته بعض المواساة في مرافعة فريد الديب للدفاع عن عزام امام المحكمة، فقد عرض الديب دفوعه. ويقول عزام: "بدا الديب كمحام محنك وشجاع، لم يتأثر باجواء الكراهية والعداء التي احاطت به في كل ارجاء القاعة. ولم يتردد في مرافعته في انتقاد هيئة المحكمة لانها قدمت لائحة اتهام، لا علاقة لها بالواقع".
وحظيت كلمات فريد الديب المدوية باشادة وتغطية واسعة من جانب وسائل الاعلام الإسرائيلية، بما كان يؤكد للسفارة الاسرائيلية وعائلة عزام انهم اختاروا الرجل المناسب، لانه يبذل قصاري جهده لاخراج عزام من السجن! وزاد من املهم انه بعد المرافعة تم تعديل موقع عزام في القضية، فبدلا من كونه المتهم الاول في القضية، واتهامه بتشغيل شبكة التجسس، تم تعديل لائحة الاتهام واصبح عزام هو المتهم الرابع في القضية، بتهمة المشاركة في شبكة التجسس فقط.
وحضر في هذه الجلسة مراقب دولي، وهو محام بلجيكي، الامر الذي زاد من ثقة اسرة عزام في اجراء محاكمة عادلة، خاصة ان فريد الديب قال لهم ان أسوأ احتمال هو ان يتم الافراج عن عزام بعد انتهاء القضية!
ويقول عزام ان ملف القضية تضمن تقارير التحريات التي اجرتها المخابرات المصرية، في مصر واسرائيل، عن المتهمين الاربعة: "عزام وعماد وزهرة وشادية". وكانت التقارير تتضمن وصفا دقيقا لكل مقابلات عماد إسماعيل في اسرائيل، بما في ذلك مقابلاته الغرامية مع زهرة جريس، وكذلك تقارير تصف خط سير عزام عزام في اسرائيل والقاهرة، وعلاقاته مع زهرة ومني وعماد إسماعيل. بالاضافة الي صور ميدانية تثبت ان اجهزة الامن المصرية كانت تراقب عزام وعماد طوال الوقت. ويشكك عزام في مصداقية هذه التقارير ويقول انها قامت فقط علي اعترافات عماد إسماعيل.
وزاد قلق عزام عندما علم من اقاربه ومسئولي السفارة الإسرائيلية بالقاهرة الذين جاءوا لزيارته في السجن انهم يواجهون مشاكل في العثور علي الشهود الذين طلب المحامي فريد الديب استدعاءهم الي المحكمة، كي يثبت للقضاة ان زيارات عزام الي القاهرة كانت في اطار عمله في مصنع "تيفرون" الاسرائيلي وفرعه المنتظر في القاهرة.
كان من بين من طلبهم فريد الديب رجلا الاعمال سمير رياض وعلاء عرفة، الشريكان المصريان، السابق والحالي، في الفرع المصري من المصنع الإسرائيلي "تيفرون ايجبت" في القاهرة. وكان هناك شاهد آخر وهو مواطن مصر اسمه "وجدي"، وهو الذي كان قد جاء للتدريب في مصنع "تيفرون" باسرائيل في اطار المجموعة التي كان عماد إسماعيل من بينها. وقدمت النيابة لهيئة المحكمة شهادة من وجدي هذا تفيد بانه كان شاهدا علي ان عزام هو من سلم لعماد إسماعيل الملابس الداخلية النسائية المشبعة بالحبر السري. وطلب فريد الديب استجواب الشاهد. وكانت المفاجأة الغريبة هي ان الشهود الثلاثة اختفوا من القاهرة وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم! وجاء المحضرون وابلغوا المحكمة بانهم لم يتمكنوا من العثور علي الشهود لتسليمهم امر الاستدعاء للشهادة. ويدعي عزام ان الثلاثة تلقوا اوامر من اجهزة الامن المصرية بمغادرة مصر فورا الي اوروبا وعدم العودة حتي انتهاء القضية!
ويشير عزام الي استدعاء خبير امني مصري يدعي جبر رضا، قال عنه انه لم ينجح في اخفاء عدم راحته للشهادة التي يدلي بها للتأكيد علي ان الملابس الداخلية النسائية التي عثر عليها بحوزة عماد إسماعيل كانت مشبعة بالحبر السري. وعندما شرع فريد الديب في استجوابه، قال له رضا: "هذا موضوع سري، ولا استطيع ان اتحدث عنه".
تحدد يوم 31 اغسطس 1997 للنطق بالحكم، وفي ذلك اليوم كان عزام يشعر ببعض الاطمئنان من كثرة ما قاله له مسئولو السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، الذين زاروه في السجن طوال الفترة التي سبقت ذلك اليوم، واكدوا له ان حكم البراءة بانتظاره اليوم.
ركب عزام وعماد إسماعيل نفس عربة البوكس الزرقاء، التي نقلتهما الي المحكمة في القاهرة، وكان عزام يشعر بانها المرة الاخيرة التي سيركب فيها هذه السيارة، حتي انه ضغط علي يد قائد السجن قبل لحظة من ركوبه سيارة البوكس، وكأنه يودعه! وتكرر هذه المرة ايضا مشهد التزاحم البوليسي والعسكري ومظاهرات المواطنين وهتافاتهم امام المحكمة وداخلها. وعند دخولهما الي القاعة ادخلاهما القفص مجددا، واقترب "شلومي ألدار" مراسل القناة الاولي بالتليفزيون الإسرائيلي وسأل عزام عن الحكم الذي يتوقع صدوره، فاجاب عزام مبتسما: "اتوقع ان ارحل من هنا عائدا الي بيتي!". وكان شقيقه سامي مقتنعا بنفس الامر، بسبب تأكيدات فريد الديب: "لا يوجد أي دليل لديهم ولا توجد محكمة يمكن ان تدين شقيقك بموجب هذه الادلة الهشة التي قدمها الادعاء.. يمكنك ان تذهب لتنام مطمئن البال، فسوف يتم الافراج عن اخيك، وتقدر تحجز له تذاكر الطيران علي الظهر!". وما زاد من اطمئنان اسرة عزام ان الديب ابلغهم مسبقا انه لا ينوي حضور جلسة النطق بالحكم، لانه واثق من البراءة! وبالفعل في اليوم المقرر للنطق بالحكم كان فريد الديب يقضي عطلة خاصة في فرنسا!
ويقول عزام ان بدء جلسة النطق بالحكم تأخر لساعتين، الامر الذي اثار الريبة في صدره، وحاول مسئولو السفارة الإسرائيلية بالقاهرة تهدئته، بينما بدأت الدموع تنسال من عينيه. ويشير الي ان المراقب الدولي الذي كان يتابع نظر القضية لاحظ بكاء سامي، شقيق عزام، فتوجه الي اسعد اسعد مستشار نتنياهو وقال له: "انت تقدر تهديه، فوفقا لملف القضية الذي بحثته واستنادا الي الادلة التي تم تقديمها خلال المحاكمة، اشك كثيرا في وجود سبب لبكاء صديقك. تقدر تقول له ان انا شخصيا متأكد من انه خلال دقائق قليلة سيكون اخوه رجلا حرا".
فقط في الساعة 11 ونصف اعلن الحاجب بصوته المرتفع: "محكمة"، وساد الهدوء في القاعة، حتي دخل القضاة الثلاثة. وخلال توجه رئيس المحكمة المستشار محرم درويش الي مقعده اختل توازنه فجأة وكان علي وشك السقوط لولا ان زميليه لحقاه وسانداه، وسقط ملف القضية الذي كان يضعه تحت ابطه علي الأرض وتبعثرت اوراق القضية في ارضية المحكمة، وجمعها الحاجب.
بعدها اعلن الحكم بسرعة: "حكمت المحكمة بالسجن المؤبد والاشغال الشاقة علي المتهم الاول عماد إسماعيل ، والمتهمتين الثانية والثالثة، زهرة جريس وشادية أحمد". وساد القاعة حالة من الفوضي وسط هتافات من الحاضرين: "يحيا العدل.. الموت للجواسيس". وبعد ذلك قال القاضي: "وقد وجدت محكمة امن الدولة ان المتهم الرابع عزام عزام مذنبا، وحكمت عليه بالجسن 15 سنة مع الاشغال الشاقة".
محمد البحيري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.