· هيه البلد ما فيهاش غير هيكل والبرادعي .. فين التجديد وعلي المعارضة أن تقدم حلولاً عملية · الأفضل أن تكون مدة الرئاسة محددة ولابد من وجود مجموعات ضغط لتحقيق الإصلاح · المصريون لا يهتمون بالإصلاح السياسي وتعديل الدستور ونزاهة القضاء وهمهم الوحيد«لقمة العيش» · أتوقع انفصال جنوب السودان قريباً .. ولا تبالغوا في دور إسرائيل مايكل فارس تصوير : عيد خليل الحوار مع شخصية مثل الدكتور بطرس غالي رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان والوزير الأسبق وسكرتير عام الأممالمتحدة الأسبق، محفوف بالمخاطر فأنت أمام شخص يحمل رصيدا كبيرا من الخبرات اكتسبها طوال سنوات عمره وعمله في مجالات دبلوماسية متنوعة، علاوة علي مهارة خاصة جدا في المناورة لم يكن حوارنا سهلا مع «غالي» ، فهو يقول ما يريده هو وبعباراته هو، لكن يبقي في النهاية أن آراءه واضحة ثابتة تتفق مع غيرها من الآراء خاصة في القضايا الكبيرة وإن اختلفت في «تغليفها» الذي فرضه عليه عمله الطويل في المناصب الرسمية. وقد تناول حوارنا مع غالي الكثير من القضايا الداخلية من التعديلات الدستورية، والنمو الديمقراطي ومبادرة هيكل وترشيح البرادعي للرئاسة، إلي غيرها من القضايا الخارجية خاصة في العلاقة مع أفريقيا. ربما يكون غالي قد فاجأنا برأيه في ترشيح البرادعي ومبادرة هيكل فهو ليس علي يقين - أصلا - من ترشح البرادعي وهو يعتبر مبادرة هيكل وغيرها من المبادرات مجرد كلام نظري يهتم بالأمور الهامشية ويتجاهل القضايا الأساسية التي تخص المجتمع المصري. ثم فاجأنا غالي عندما قال إن تعديل الدستور والإصلاح السياسي وانتخابات الرئاسة هي جميعا أمور ثانوية لا يهتم بها المواطن العادي المهموم والمغموس حتي أذنيه في البحث عن لقمة العيش؟ ما تفسيرك لعدم نجاح بعض الدول ومنها مصر في تحقيق الديمقراطية؟ - هناك أسباب كثيرة، هناك دول تقدمت ونجحت في التغلب علي العقبات ودول لم تتغلب، الهند والصين من الدول التي نجحت ودول لم تنجح فنيجيريا لم تنجح ودول من أمريكا اللاتينية لم تنجح. ما رأيك في مبادرات بعض القوي الوطنية للاصلاح كمبادرة هيكل وغيرها؟ - ضحك قائلا: أنتوا عندكم 20جريدة ومش عارفين تملوها ازاي فليست العبرة بالمبادرات بل بالعمل، إما أن نكتب ونقول «عايزين نعمل مجلس أمناء» كما طرحها هيكل وأعتقد أنه كلام نظري فقط وليس عمليا. ولكن هؤلاء مثقفون ووضعوا رؤيتهم للاصلاح في مصر، فهل لدي الدولة إرادة سياسية لتبني تلك المبادرات أو علي الأقل مناقشتها؟ لا أرتاح للكلام النظري، أنا رجل عملي فبدلا من أن أكتب «عايزين مجلس أمناء، مجلس مفكرين، أعيان،...!» علشان أطلع صفحة املأها بهذا الكلام وانشرها هذا غير منطقي. لذا علينا أن نكون عمليين فنعمل تحليلا دقيقا مثلا عن حوادث القطارات، الاقتراحات التي يجب أن نقدمها للدولة عن طريق دراسات جادة حقيقية، فيجب فتح الملفات الحقيقية داخل مصر، وأن نسأل لماذا لا يوجد خط قطار بين القاهرة والخرطوم رغم أنه كانت هناك وحدة بين مصر والسودان منذ 1899! ألا يعكس ذلك الإرادة السياسية وما تريده؟ - دعك من الارادة السياسية علينا أن نتساءل ما هي الخطوات العملية الواجب اتخاذها في مصر؟ فكيف حتي الآن لا توجد «مجموعة ضغط» لتفكر في إنشاء موضوع معين وتحقيقه. هناك بالفعل مجموعات ضغط ولكن ليس هناك استجابة من النظام؟ - أؤكد لكم لو هناك دراسة جيدة ومجموعة تهتم اهتماما كافيا فسوف تتحقق نتيجة. محمد البرادعي قال إنه مستعد للترشيح للرئاسة بشرط ضمان نزاهة الانتخابات.. فما تعليقك؟ - أنا لا أرد علي هذا الكلام - فهو كلام تملأون به صفحات الجرائد - وهو كلام فقط وليس واقعا، وأنا أرفض أن اهتم بهذه الموضوعات الهامشية فهذه ليست المشاكل الحقيقية في مصر - فالمشكلة الحقيقية هي أزمة المياه القادمة علي الأبواب، وأن منسوب البحر سيرتفع بعد 20سنة، عندك 80 مليون مواطن سيصلون إلي 100 مليون بعد 15سنة هذه مشاكل خطيرة فأين الدراسات التي تمت لمعالجة تلك الكوارث؟ كيف لم نفكر في توسيع الشوارع مثلا؟ ولكن تلك رؤية نظام يجب أن يكون لديه خريطة لمشاكل مجتمعه ومحاولة حلها؟ - لو مفيش خريطة.. علينا أن نسير خطوة خطوة، فلنقدم دراسات لمعالجة قضية بعينها ونهتم بها. كمواطن أم كمسئول؟ - كمواطن طبعا.. فانظر للمظاهرات التي تحدث في فرنساوانجلترا كيف تحدث مظاهرة لأنهم يرفضون هدم منزل أثري في شارع. هل نفهم من ذلك.. أن موضوع التنمية أهم؟ - أيوة.. عليكم الاهتمام بالمشاكل الواقعية وادرسوها وليس الافتراضات ولكنكم كصحفيين مستعجلين تريدون كلمتين وعنوان وخلاص أنا عملت 20سنة بالصحافة وفي الأهرام الاقتصادي والسياسة الدولية وعارفكم كويس. يا دكتور لم تجبنا عن شرط البرادعي بأن يضمن نزاهة الانتخابات للترشيح للرئاسة؟ - «أنتوا مهتمين بالحاجات السطحية وسايبين الموضوعات المهمة»! ولكننا علي مشارف 2011 والشعب مرتبك ويتساءل عن القادم؟ - الناس مرتبكة علشان عناوينكم التي تنشرونها بالجرائد، علينا أن نركز علي الموضوعات الجادة مثل التي ذكرتها فيما سبق. هل أنت راضٍ عن مستوي حقوق الإنسان في مصر؟ - نحن مازلنا في بداية الطريق عملنا خطوات وأمامنا خطوات كثيرة، وهذه القضية لن تحل في سنة أو اثنتين فمثلا أخذنا 70سنة للقضاء علي العنصرية في جنوب أفريقيا، و200 سنة للقضاء علي تجارة الرقيق، فنحن نحتاج وقتا هناك تقدم يراه البعض بطيئا والآخر يراه جيدا، ولكن المهم أن هناك تقدما، هل حققنا المثل الأعلي طبعا لا فهناك فرق شاسع علينا اجتيازه. ماذا سيفعل المجلس القومي لحقوق الإنسان في حال عدم استجابة الدولة ل 17 قانونا طالب بتعديلها لمخالفتها الاتفاقيات الدولية التي صدقت عليها مصر؟ - نحن مجلس استشاري، وعملنا ما يجب عمله! أنتم متخصصون في حقوق الإنسان، لذا فعدم استجابة الدولة يعكس مدي إرادتها في الإصلاح؟ - ليس لدينا أي سلطة في ذلك، وهذا ليس عندنا فقط بل كل المجالس مثل انجلترا والارجنتين، وأنا مهمتي أن اقترح قوانين وأقدمها للحكومة وأرسلها للمجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف أو المندوب السامي لحقوق الإنسان فإذا ارسلوا خطابات مثلا للضغط علي الحكومة المصرية لاقرار تلك القوانين فهذا دورهم. ما رأيك في مطالبات القوي الوطنية بتعديل المادتين 76و77؟ - ليس لدي رأي في هذا الموضوع لأني «مش فاكر» نص المادة 76 «انتوا شباب وحافظينها» وبالنسبة للمادة 77 يستحسن أن تكون مدة الرئاسة محدودة سواء بسنتين أو ثلاث أو حتي سنة واحدة وذلك يختلف باختلاف البلاد والظروف. هل نفهم من ذلك أنه من الأفضل أن تكون مدتين فقط وليست مفتوحة؟ - ضحك قائلا انت عايز تخليني أقول كده! عموما أنا شخصيا أؤيد أن تكون هناك مدد محددة ولكن هذا سُيطبق في المستقبل! ماذا عن المادة 76 والشروط المقيدة التي وضُعت للمرشح للرئاسة؟ - حتي أكون أمينا معكم - أنا لم أقرأ هذه المادة!..«وأنا مش باتهرب» ولكن بالفعل لم أقرأها لذا لا أستطيع أن أعلق عليها- وسؤالكم هذا بسبب أنكم تتكلمون نظريا فقط دون دراسة المشاكل الحقيقية فهذا السؤال يتردد، وفلان سأله يبقي الكل هيسأله وكل إعلامي يسألني نفس السؤال والمشاكل الحقيقية لم يدرسوها. يادكتور الناس مهتمة بتعديلات الدستور واستقلال القضاء والتزوير في الانتخابات..؟ - هذا غير صحيح الناس مهتمة بثمن العيش، بالمواصلات ومشاكلهم المادية. ولكن عندما يأتي لك صحفيون كثيرون ويسألونك عن تلك الأسئلة فهذا يعكس الحراك الفكري والثقافي لدي المجتمع؟ - لا إنه يعكس كسلا عقليا - بصراحة - وأنا مزاجي كده النهارده أتكلم بصراحة! لم يأتني منذ شهرين أحد بفكرة جديدة بل كلام متكرر تجد الناس تصحي فجأة علي حادث العياط وبعدها بيومين يناموا، ولا يتحدثون عما حدث ولا المتابعة للموضوع ولا الإصلاحات التي يجب إقرارها. يا دكتور ذلك بسبب أن المواطن المصري مُنهك يعمل اليوم كله لتوفير قوت يومه - في ترد نفسي شديد فماذا نريد من مواطن يعمل 18 ساعة يوميا لتوفير ألف جنيه شهريا ليعول أسرته؟ أنا لا أتحدث عن ذلك المواطن أنا أتحدث عنكم مثلا كصحفيين الذين يسألونني عن هيكل والبرادعي، أين تفكيركم وتجديدكم للأفكار أنتم تسألونني عن البرادعي كمرشح للرئاسة وهو كان طالبا عندي في الخارجية هو شخصية جميلة ولطيفة، ولكنني غير متأكد إنه سيقدم نفسه بالفعل كمرشح للرئاسة أم لا؟! تصاعدت الجبهات والمبادرات الرافضة لتوريث الحكم لجمال مبارك؟ فما تعليقك؟ - من حق كل شخص التقدم للرئاسة وكل شخص حر في رأيه إذا رفضوه أو قبلوه فهذه هي الديمقراطية! ماذا عن رأيك الشخصي في ترشيح جمال مبارك؟ - ليس لي رأي شخصي في هذا الموضوع أنت عايز تخليني أقول أيوه أو لأ وأنا أقول إن كل شخص له الحق في الترشيح. ما تقييمك للعلاقة بين مصر وأفريقيا في الوقت الراهن لاسيما بعد عقد مؤتمر شرم الشيخ؟ - أعتقد أن علاقات مصر مع الدول الأفريقية «طبيعية» وإن كان الأمر يحتاج إلي تفعيل ودفع العلاقات خاصة أن أفريقيا تتجه الآن بقوة نحو التنمية في جميع المجالات.. لذلك لابد من العمل والمزيد من الزيارات المتبادلة والندوات لتعبئة الرأي العام المصري نحو أهمية القارة الأفريقية، لأنني أري أن الرأي العام في مصر مازال ينظر إلي الشمال إلي أوروبا علي حساب الجنوب أي القارة الأفريقية. هل تري أن المؤتمر ساهم في تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية؟، وما أهم الطرق للتواصل مع أفريقيا؟ - المؤتمر سيساهم إلي حد ما في تعزيز العلاقات أما أهم الطرق للتواصل فهي تفعيل الصندوق المصري للتعاون الفني بوزارة الخارجية لتقديم المعونات الفنية لدول القارة واستقبال كوادر للتدريب في مصر في مجالات التنمية الأفريقية. في رأيك هل من الممكن أن تشارك دول عربية أو أوروبية مصر في عملية التنمية الأفريقية لمواجهة التغلغل الإسرائيلي في القارة؟ -عندما كنت وزيرا عام 1985 عقدت اتفاقية مع اليابان تم بموجبها تنظيم برامج تدريبية مشتركة حيث وافقت اليابان علي التعاون الثلاثي بين مصر وأفريقيا واليابان وفي الوقت الذي نجحت في الحصول علي موافقة اليابان، لم أنجح مع بعض الدول الأوروبية للدخول في مشروعات ثلاثية.. لذلك أري ضرورة وجود شراكة عربية مع مصر لاقامة مشروعات مشتركة داخل القرن الافريقي. من وجهة نظرك ما الأسباب التي دفعت مصر للتخلي عن أفريقيا أو العكس خلال ال«20سنة الأخيرة»؟ - استبعد فكرة تخلي مصر عن أفريقيا أو العكس وفي الواقع يجب ألا ننسي أن القضية الفلسطينية ومفاوضات السلام والغزو العراقي للكويت والحرب الأهلية في اليمن كل ذلك شغل الخارجية المصرية عن الاهتمام الكافي بأفريقيا. ما الآليات الإسرائيلية التي استخدمتها إسرائيل في التغلغل في أفريقيا؟ - يجب ألا نبالغ في دور إسرائيل لأنها دولة صغيرة لها ارتباطات مع أوروبا وأمريكا أكثر مما لديها مع باقي القارات.. وقد اهتمت بأثيوبيا في وقت من الأوقات لأنه كانت هناك جالية يهودية أثيوبية «الفلاشا» وكانت إسرائيل تساعدهم علي الهجرة إليها. هل هناك تراجع في العلاقات المصرية السودانية؟ - كان هناك تكامل بين مصر والسودان وبرلمان وادي النيل وزيارات شبه أسبوعية بين الطرفين وانتهي كل ذلك بسبب الحرب بين الشمال والجنوب والنزاع في دارفور ولابد من عودة الأوضاع إلي ما كانت عليه. هل من الممكن أن ينفصل الجنوب السوداني؟ - أتوقع حدوث ذلك قريبا، خاصة أن هناك لجانا شكلت لرسم الحدود بين الشمال والجنوب. هل تري أن مصر اختزلت علاقاتها بأفريقيا في قضية المياه فأهملت الجوانب الاقتصادية والسياسية؟ - لا أعتقد ذلك، لأن المياه قضية أمن قومي لمصر وضروري الاهتمام بها.. وقد أطلقت مبادرة لإنشاء تجمع لدول حوض النيل ترتبط بها مصر وهو التجمع الذي ولد عام 1983 وأطلقنا عليه اسم تجمع «الإتدوجو» وهي كلمة سواحلية أفريقية تعني الإخاء، وذلك لتجنب استعمال كلمة عربية ولكي نؤكد انفتاحنا علي اللغات الافريقية علي قدم المساواة مع اللغة العربية، وهذا التجمع يعتبر إطارا إقليميا للتشاور والتنسيق والعمل المشترك بين هذه الدول ويهدف إلي تنمية وتعزيز علاقات التعاون بينها في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.