العلاقة بين الدعاة ورجال الدين والنظام الحاكم في مصر تستحق التوقف والتأمل فهي أحياناً تكون علاقة زواج ومصاهرة وأحيانآً تنقلب إلي عداء وما بينهما يقوم النظام باستخدام ورقة الدعاة ورجال الدين لتحقيق مآربه. وللمساعدة في «تغييب» الناس من باب «وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم»! وينقسم رجال الدين في هذا الأمر إلي نوعين أولهما يرفل في نعيم السلطان وثانيهما ينكوي بناره، ولأن الأمن هو العصا الغليظة التي يقبض عليها النظام بكلتا يديه فإن له دوراً كبيراً في التعامل مع الدعاة ورجال الدين و«تأديبهم» فليس من الغريب وجود قائمة سوداء من هؤلا يضعها الأمن لكل من يري أنه تجرأ وتجاوز الخطوط الحمراء. وهذه القائمة يعاني أصحابها من التضييق الأمني الذي يصل إلي حد الطرد من مصر وتحريم ظهورهم علي الفضائيات الدينية. وفي السطور القادمة نستعرض أهم 5 أسماء ضمن هذه القائمة السوداء أولهم هو الداعية الشاب «عمرو خالد» الذي منع من تصوير برنامجه «المجددون» مع احدي القنوات الفضائية المصرية ورفضت احداها انتاج البرنامج الذي كان من المقرر أن تذيعه حصرياًَ! ويتردد أن عمرو توجه إلي لندن في رحلة طويلة وأن زيارته للقاهرة قصيرة وعلي فترات متباعدة بشرط ألا يتواجد إعلامياً أو يقوم بأي أنشطة عامة خلال تلك الزيارات. وأمام ذلك جمد عمرو مشروعاته في القاهرة وحجز مكاناً لابنه في احدي مدارس لندن. بدايات عمرو مع الأمن جاءت بعد إعلانه عن مشروع «إنسان» الذي طلب فيه 70 ألف متطوع لمساعدة 35 ألف أسرة مصرية فقيرة علي مواجهة الفقر والتسرب من التعليم وامتد المشروع لعدة دول عربية لكنه اصطدم بمشروع الحزب الوطني لتنمية ألف قرية فقيرة وهو الذي يستخدم للترويج لجمال مبارك، وزادت شعبية عمرو خالد بحملة «حماية» لمواجهة الإدمان لكنه فاجأ الجميع ببيان عن توقف المشروع والحملة في مصر فقط!! الداعية الشاب يواجه هذا التضييق بقوله «لست رجلاً سياسياً ولا أحب السياسة ولا أريد أن يرتبط اسمي بالسياسة تحت أي حال من الاحوال وهناك اناس مسموح لهم بأي شيء للأبد، ولو كنت أريد أن أكون منهم لاصبحت لأنني لست تائهاً عن العنوان» ويأتي الداعية اليمني «الحبيب الجفري» بعد عمرو خالد والجفري خرج من مصر من 7 سنوات لأسباب لا يعلمها حتي هذه اللحظة عندما طلبت جهات أمنية منه أن يغادر مصر. الجفري يؤكد أنه يحب أن يكون الدين في طاعة الله وليس في طاعة الحاكم وأن تكون هناك مخافة لله ولابد أن يملأ الدين قلب كل سياسي وكل حاكم! الداعية اليمني قابل عدة مشكلات في مصر منها الترويج بأنه «شيعي» أما عن عودته لمصر مرة أخري فجاءت بعد أن تلقي اتصالاً هاتفياً من جهات أمنية مسئولة مصرية تقول له إن الظروف قد اتضحت ويمكنك العودة مرة أخري لمصر!! الممنوع الثالث هو الدكتور عمر عبدالكافي والذي أبعد عن مصر منذ سنوات طويلة لأسباب مجهولة بالنسبة له وإن كان سبق وصرح بأن العداء والصدام بين الأجهزة الأمنية والرسمية في الدول الإسلامية بشكل عام، وبين الدعاة أمر مرفوض ويجب ألا يحدث، بل أن علي هذه الجهات احتضان هؤلاء المخلصين. ومازال عبدالكافي رغم تواجده في عدد من القنوات الفضائية الدينية الخليجية محروماً من العودة لمصر أو الظهور علي قنواتها الفضائية!! ولأسباب مجهولة تم ابعاد الداعية الشيخ «وجدي غنيم» الذي ارتبط اسمه أخيراً بقضية التنظيم الدولي للإخوان لينتقل إلي عدة عواصم عربية وغربية محروماً من العودة لبلده. الغريب أنه كان ممنوعًا عليه الخروج من مصر وإلا قوبل بموقف قوي من النظام ولكنه سافر لأداء العمرة لتخبره الحكومة عقب ذلك أنه طالما عصي الأوامر فسيتم اعتقاله إذا عاد لمصر!! وأخيراً يأتي د. أحمد صبحي منصور زعيم القرآنيين الذي اختار الولاياتالمتحدة منفي اختياريًا لتضييق السلطات عليه ولهذا فليس غريباً أن يؤكد أن أمريكا أكثر إسلاماً من الدول الإسلامية التي يحكمها مسلمون! منصور يعارض النظام المصري لكنه لا يريد هدمه وإنما إصلاحه لذا فهو لا يمانع في أن يصبح جمال مبارك رئيساً لمصر بشرط أن يؤسس دولة علمانية ديمقراطية تحترم حقوق الانسان.