رئيس جامعة قناة السويس يتفقد كلية طب الأسنان (صور)    وزير الرى: احتياجات مصر المائية تبلغ 114 مليار متر مكعب سنويا    تقديم معهد معاوني الأمن 2024.. الشروط ورابط التقديم    بالصور.. مركز إعلام أسوان يحتفل بعيد العمال    تعليم البحيرة: 196 ألف طالب وطالبة يؤدون امتحانات الشهادة الإعدادية وأولى وثانية ثانوي    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي الخامس عشر    الرئيس السيسي مازحا مع مصطفى مدبولي عن محطة "الحمام": ما تسموا اسم غير ده    وزير التعليم يستقبل الأمين العام للمدرسة الرقمية (تفاصيل)    مرسيدس تتخلى عن خطة إنتاج سلسلة موديلات تقتصر على السيارات الكهربائية اعتبارا من 2028    جامعة بني سويف التكنولوجية تفوز بجائزة التميز في تكنولوجيا البيئة والطاقة الخضراء    وزير الخارجية سامح شكري يتلقى اتصالاً من وزير الخارجية الأمريكي    " فاينانشيال تايمز": آمال بايدن الانتخابية تتراجع مع ارتفاع الأسعار والتضخم مرة أخرى    روسيا: مقتل15 شخصا على الأقل في هجوم على مجمع سكني في بيلجورود    وزيرة التضامن تشارك في أعمال المنتدى الدولي لريادة الأعمال ومبادرة العيش باستقلالية بالبحرين    وزيرة خارجية جنوب إفريقيا: نطمح في وقف إطلاق نار دائم بغزة    كاماكو حكما لمواجهة مصر ضد بوركينا فاسو بتصفيات كأس العالم.. وإسماعيل أمام بيساو    ضبط قائد السيارة المتسبب في وفاة مواطن عقب عبوره الطريق بالنزهة    ضبط 600 لتر سولار قبل بيعها في السوق السوداء بقنا    إحالة المتهم بقتل جاره بالأميرية إلى محكمة الجنايات    ما هو موعد عيد الاضحى 2024 في الجزائر؟    مدحت العدل: ليس مطلوب من محمد هنيدي أن يقدم أعمالاً ناجحة    مناظرة بين إسلام بحيري وعبد الله رشدي يديرها عمرو أديب.. قريبا    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. الإفتاء توضح    الرعاية الصحية: لدينا 13 ألف كادر تمريضي بمحافظات التأمين الصحي الشامل    السيسي: تطوير الطرق هدفه تعظيم الاستفادة من الأراضي الصالحة للزراعة    وزير الإسكان يُصدر قراراً بحركة تكليفات جديدة وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن    برعاية الرئيس.. مصر تستضيف الاجتماعات السنوية المشتركة للهيئات المالية العربية لأول مرة    بدءا من 10 يونيو.. السكة الحديد تشغل قطارات إضافية استعدادا لعيد الأضحى    مد فترة التقديم على وظائف المدارس التطبيقية الدولية حتى 20 مايو الجاري    تشمل 13 وزيرًا.. تعرف على تشكيل الحكومة الجديدة في الكويت    الرئيس السيسي يوجه بتعديل اسم محطة "الحمام" لتحلية المياه    الرئيس السيسي عن تطوير مسجدي السيدة زينب والحسين: بيت ربنا ما يتعملش إلا صح    توقعات برج العقرب من يوم 13 إلى 18 مايو 2024: أرباح مالية غير متوقعة    خلال 12 يوم عرض بالسينمات.. فيلم السرب يتجاوز ال24 مليون جنيه    وزير الثقافة الفلسطيني السابق: موشي ديان هو أكبر سارق آثار في التاريخ    عودة أنشطة حديقة الفنون بمناسبة بدء الإجازة الصيفية    مصر تُبلغ "رسالة" لوسطاء مفاوضات غزة.. مصدر رفيع المستوى يكشفها    عبدالرزاق يفتتح أعمال الجلسة العامة للشيوخ لمناقشة السياسات المالية والضريبية    ريال مدريد يستعد لدورتموند.. وأتلتيكو يأمل في حسم بطاقة دوري الأبطال    بالفيديو.. لماذا حج سيدنا النبي مرة واحدة؟.. أمين الفتوى يجيب    بنك التعمير والإسكان يرعى الملتقى التوظيفي 15 بجامعة أكتوبر للعلوم الحديثة    شعبة الأدوية توجه نداء عاجلا لمجلس الوزراء: نقص غير مسبوق في الأدوية وزيادة المهربة    "صدر المنصورة" تحصد المركز الأول ضمن فعاليات مؤتمر جميعة الأمراض الصدرية    وكيل تعليم الشرقية: لا شكاوى من امتحانات الفصل الدراسي الثاني لمراحل النقل    موقف السولية وعبد القادر من المشاركة في نهائي إفريقيا    دعبس: لا خلاف بين فيوتشر وتامر مصطفى.. وجنش من ركائز الفريق الرئيسية    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمشروع سد «جوليوس نيريري» الكهرومائية بتنزانيا    تداول 15 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و806 شاحنات بموانئ البحر الأحمر    اليوم.. «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية في ديرمواس ضمن «حياة كريمة»    للسيدات.. تعرفي على أعراض سرطان المبيض    الترسانة يواجه ديروط لحسم بطاقة التأهل الأخيرة لترقي الممتاز    تعرف على الحالة المرورية بالقاهرة والجيزة    الافتاء توضح حكم ارتداء المرأة الحجاب عند قراءة القرآن    أرتيتا يثني على لاعبي أرسنال    فضل الأشهر الحرم في الإسلام: مواسم العبادة والتقرب إلى الله    سيناتور أمريكي مقرب من ترامب يطالب بضرب غزة وإيران بسلاح نووي    الأقصر تتسلم شارة وعلم عاصمة الثقافة الرياضية العربية للعام 2024    ليس الوداع الأفضل.. مبابي يسجل ويخسر مع باريس في آخر ليلة بحديقة الأمراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيمن الظواهرى: الإخوان ينقلبون على الحاكم إذا ساعدتهم القوى العظمى
نشر في صوت الأمة يوم 11 - 11 - 2012

فى كتابه «الحصاد المر، الإخوان المسلمون فى ستين عاما»، قال د. أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الحالى فى الباب الثانى والمعنون ب«مواقف الإخوان مع الحكومات فى مصر خلال ستين عاماً» وفى الفصل الثانى منه: مثلى ومثل الإخوان المسلمين كمثل طبيب يعالج مريضا بسرطان المعدة يوشك أن يهلكه ويفتك به، وشدد على أن حسن البنا مؤسس الجماعة وإن كان رمزا للحركة الإسلامية فهو فى النهاية ليس معصوما، وهو أيضا شخصية عامة من حق أى دارس أن يتناولها بالنقد والدراسة.
وبدأ الظواهرى الفصل الثانى والمعنون ب«الإخوان والحكام»، يقول عن بداية العلاقة بين الإخوان والملك بما ذكره البنا فى مذكراته أنه فى فترة وجود الجماعة بالإسماعيلية وشى به البعض لدى السلطات واتهموه بالسب فى الذات الملكية، وثبت من التحقيق بطلان التهمة، وأن البنا كان يملى على طلبته موضوعات فى الثناء على الملك، ويعدد مآثره، كما أنه دفع العمال يوم مرور الملك بالإسماعيلية إلى تحيته، وقال لهم: «لازم تذهبوا إلى الأرصفة وتحيوا الملك حتى يفهم الأجانب فى هذا البلد أننا نحترم ملكنا ونحبه، فيزيد احترامنا عندهم». وكان ذلك دافعاً لأنّ يكتب أحد رجال البوليس تقريراً بهذه المناسبة يقترح فيه تشجيع الحكومة للجماعة وتعميم فروعها فى البلاد لأن فى ذلك «خدمة للأمن والإصلاح» ؛ وعندما مات فؤاد رثته صحيفة الإخوان بمقال بعنوان «مات الملك يحيا الملك» كان الغرض من ورائه هو جذب عطف ولى عهده الملك الجديد -فاروق.
وفى التاسع والعشرين من يوليو [1937] انتهت الوصاية على فاروق، حيث بلغت سنه ثمانية عشر عاما قمرية، وأصبح ملكاً رسمياً على البلاد، وعقد الإخوان مؤتمرهم الرابع للاحتفال بهذه الذكرى وحشدوا عشرين ألفاً أو يزيد -تشاركهم جماعة الشبان المسلمين- من فرق الرحالة (الجوالة) ووفود شعبهم فى الأقاليم، وهتفوا بمبايعتهم للملك المعظم مع هتافات إسلامية، ولم يحدث مايعكر صفو المظاهرات، وانهمر سيل الإخوان إلى ساحة قصر عابدين رافعين أعلامهم يهتفون: «الله أكبر ولله الحمد، الإخوان المسلمون يبايعون الملك المعظم، نبايعك على كتاب الله وسنة رسوله» .
وتغالى جريدة الإخوان المسلمين – فيما يرويه الظواهرى - فى مدح فاروق، بل قد وصل الأمر بالصحيفة إلى التغنى بمكارمه والإشادة إلى تأثر رجال الوعظ والإرشاد به وقولهم الشعر فيه رغم أنهم لا يصوغونه إلاّ لدافع قوى يتصل بمهمتهم فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وتحت عنوان [الفاروق يحيى سنة الخلفاء الراشدين] لا تعتبره «النذير» مجرد خليفة، ولكنها أصرت على أنه يحيى سنة الخلفاء الراشدين، وذلك على إثر خطبته فى رمضان، والتى حملت بين طياتها الترضية للجماعة فيما يختص بالسعى لخير مصر والأمم الإسلامية .
ويأتى حادث4 فبراير [1942]، وفيه فرض الإنجليز على الملك أن يولى الوزارة للوفد بقوة السلاح، وتزداد كراهية الإخوان للوفد، ولكن الملك لم يسترح لحسن البنا الذى استخدم سياسة منتصف العصا بين الوفد والملك – بحسب الظواهرى - وأدرك فاروق ذلك، ومن ثم تصرف المرشد العام بسرعة، وبإعادة إصدار صحيفة الإخوان فى [29] أغسطس[1942]، يتصدر الغلاف صورة فاروق وفى يده المسبحة، ويذهب وفد برئاسة حسن البنا إلى قصر عابدين لرفع هذا العدد «إلى صاحب الجلالة الملك المحبوب أيده الله»، وتتكرر نفس الصورة مرة ثانية مع الاحتفال بعيد الهجرة، ومرة ثانية وهو ملتح وكتب تحتها «القدوة الصالحة». وراحت بعض الأقلام تسطر عن تاريخ محمد على ومآثره ؛ ويرأس حسن البنا وفداً من المركز العام، ويسافر به إلى القصاصين عقب حادثة الملك، وتنتقل إليها وفود من شعب الأقاليم وفرق الجوالة، وتصفهم صحيفة الإخوان بأنهم «يحدوهم جميعا شعورهم نحو مليك البلاد حفظه الله وعجل له بالعافية وسرعة الشفاء» .
وتكتب صحيفتهم بمناسبة ذكرى تولى فاروق سلطاته الدستورية تقول: «إذا كانت الأحداث الماضية وعلى رأسها الحرب ثم يوم 4 فبراير المشؤوم قد أظهرت وطنية الملك المفدى فى أحلى صورة، فقد كللت معركة فلسطين هامته بفخار تزهو به مصر، ويباهى به التاريخ، قدنا يامولاى ماشئت، فالأمة من ورائك والله من حولك خير حافظ وأقوى معين». هذا فى الوقت الذى كان فيه فاروق متورطاً فى قبض عمولات من صفقة الأسلحة الفاسدة للجيش المصرى بفلسطين وكانت القضية منظورة أمام المحاكم، وكان فاروق فى ذلك الوقت -منتصف [1948]- قد بلغ الغاية فى المجون والفجور وقد شاعت فضائحه الأخلاقية فى شتى أنحاء مصر بحسب كتاب الظواهرى .
ولا تنسى مجلة الدعوة تهنئة فاروق بعيد جلوسه على العرش فعلى غلاف العدد [15] تظهر صورة الملك فى وسط الصفحة وبجانبها كتبت المجلة: «عيدان سعيدان احتفل يوم الأحد الماضى فى جميع أنحاء وادى النيل بعيد جلوس حضرة صاحب الجلالة الملك فاروق الأول على عرش أجداده العتيد....كما احتفل بزواج جلالته بحضرة صاحبة الجلالة الملكة ناريمان..... والدعوة إذ تتقدم بعظيم التهنئة بالعيدين، تبتهل إلى الله العلى الكبير أن يحفظ ذات الملك، وأن يجعل أيامه كلها أعياداً سعيدة، وأن يعزه بالإسلام، ويعز الإسلام به».
هذا الدعاء فى الوقت الذى كانت المظاهرات تهتف فيه ضد مباذل فاروق، حتى لقد هتفت الجماهير عندما طلق زوجته الأولى «خرجت الطهارة من بيت الدعارة».
تدخلت السراى إلى جانب البنا لإعادته إلى القاهرة بعد نقله إلى الصعيد بأمر من حسين سرى -رئيس الوزراء- وبوحى من الإنجليز. وكذلك تدخلت للإفراج عنه ووكيله بعد اعتقالهما سنة [1941]، و ينقل محمود الصباغ عن العدد [45] من مجلة المسلمون البرقية التالية للسفير البريطانى عقب إعادة البنا بتأثير السراى من الصعيد «إن القصر الملكى بدأ يجد فى الإخوان أداة مفيدة، وأن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديرى الأقاليم «المحافظين» بعدم التدخل فى أنشطة الإخوان.
ويذكر الكتاب نقلا عن د. لطيفة محمد سالم: «عندما وقع اختيار الملك على تولى إسماعيل صدقى الوزارة، بعث برسول إلى حسن البنا ليستشيره فى أمر مجيء رئيس الوزراء الجديد، ولم يخب ظن فاروق، فقد سر المرشد العام من أنه أصبح يستشار فى السياسة العليا ووافق موافقة تامة على الاختيار، وفى اليوم التالى لتأليف الوزارة، ذهب إسماعيل صدقى إلى المركز العام للإخوان وترك بطاقة، ورد له حسن البنا الزيارة، وعندما اغتيل حكمدار القاهرة، وعقب اغتياله بأربعة أيام أصدر النقراشى أمراً عسكرياً فى [8 ديسمبر 1948] بحل جماعة الإخوان وفروعها بالأقاليم ومصادرة أموالها، وجاء من بين التهم التى وجهت إليها أنها تعد للإطاحة بالنظام السياسى القائم عن طريق الإرهاب، مما أدى بالمرشد العام للاستغاثة بكريم ثابت المستشار الصحفى للملك، وطلب وساطته، وأبرز له أهمية حركة الإخوان ومدى الفائدة التى يكسبها العرش إذا عرف كيف يستفيد من نشاطها الديني، واعترف أن اشتغالهم بالسياسة كان خطأً، وأن عليهم قصر رسالتهم على خدمة الدين.. وطلب من كريم ثابت نقل هذا الحديث للملك مع الرجاء بأن يتدخل بنفوذه لدى «النقراشى» ليوقف تدابير الحل والمصادرة، وليبقى على الإخوان كهيئة دينية تنصرف إلى تأدية رسالتها الأخلاقية دون أن تجاوزها، واختتم حديثه بأنه إذا وافق الملك، فهو مستعد تسهيلاً لمهمة الحكومة إذاعة بيان يعلن فيه أن الإخوان لن يشتغلوا بالسياسة بتاتا، وأنهم سيوجهون جهودهم للأغراض الدينية وحدها، وعندما هم كريم ثابت بالتوسط، وجد فاروق فى شدة الغضب على حسن البنا رحمه الله، حيث أخرج من أحد الأدراج نتيجة من النتائج التى تطبعها مصلحة المساحة ومنزوع منها صورته وملصق مكانها صورة المرشد العام، وعلق عليها بأنها صورة الملك الجديد، وكان رجال المباحث قد عثروا عليها فى دمنهور ومن ثم فشلت الوساطة.
اختير حسن الهضيبى مرشداً عاما للإخوان المسلمين بعد وفاة حسن البنا ، فى تخط لقانون الجماعة، إذ لم يكن من الإخوان المسلمين، وأراد التيار الذى اختار الهضيبى لمنصب المرشد العام تحصيل عدة فوائد منها إرضاء الملك وإرضاء القضاة وإبعاد التيار المتطرف وخاصة قيادات النظام الخاص عن القيادة, كما أن الحوادث نفسها أثبتت أن حسن الهضيبى سعى لإرضاء القصر وللقضاء على الجانب المتشدد من الجماعة.. وينقل الظواهرى فى كتابه عن د. لطيفة محمد سالم أنها تؤكد أن المرشد قد ذهب ومعه بعض القيادات للقصر الملكى وفى احدى الزيارات يوقع الهضيبى فى سجل التشريفات فى [25/5/1952] رافعاً ولاءه مستنكرًا الصيحات التى تعالت ضد الأعتاب السامية مبرئاً الإخوان من الاشتراك فى مثل هذه الأعمال . يقول الكاتب إن الإخوان يعلنون ولاءهم للحاكم، ويؤكدون على شرعيته، ويتزلفون إليه، ويرشحونه لمنصب الخلافة، ولكنهم يخرجون عليه ويسقطون شرعيته إذا وجدوا أن فرصة نجاح الخارجين راجحة، وأن القوى العظمى تؤيدهم، ويقول أيضا أن الإخوان لايتحرجون من الانتقال من النقيض للنقيض، فهذا هو الهضيبى الذى يهرول إلى سجل تشريفات قصر عابدين ثم إلى لقاء الملك فى أول شهر من توليه منصب المرشد العام، ثم يتوجه بعد ذلك مرتين ليسجل ولاءه للملك فى سجل التشريفات فى 16/1/1952 وفى 25/5/1952 -أى قبل أقل من شهرين من قيام الثورة- لايجد أى حرج فى أن يرسل رجاله ليتفاوضوا مع جمال عبد الناصر لقلب نظام فاروق, ويضيف: إن الإخوان كانوا يعرفون تركيبة الضباط الأحرار، فجمال عبد الناصر اختلف مع الإخوان لأنهم متزمتون، ولامانع عنده من أن يضم أى ضابط وطنى لتنظيمه ولو كان من غير دين الإسلام ؛ وصدر عدد كامل من الدعوة بتاريخ 17 محرم 1372، 7/10/1952 عن حركة الجيش - التى زعم الإخوان أنها حركتهم، يقول الظواهرى : فتأمل - وعلى صفحته الأولى صورة محمد نجيب بمساحة الصفحة كلها، وهى نفس الصفحة التى كانت تحتلها صورة فاروق قبل خمسة أشهر .
بعد الثورة بأشهر فى أوائل سبتمبر 1952 عرض جمال عبد الناصر على الإخوان دخول الوزارة، ولكن مكتب الإرشاد رفض، واتصل الضباط بالباقورى، واستمالوه لجانبهم، فقبل الوزارة، فضغط عليه الهضيبى ليستقيل من الإخوان، وأعلن ذلك فى الصحف، وفى الصباح التالى توجه المرشد إليه فى مكتبه بوزارة الأوقاف مهنئاً له.. يقول الظواهرى : أى تخبط وارتباك فى الأفكار والموازين كانت تحويه جماعة الإخوان، وأنه ليس هناك أى مقاييس أو ثوابت شرعية تقاس بها الأمور، وإنما المسائل عواطف وأهواء ومتابعات ومصالح وآمال، فاعتراض الإخوان لم يكن على مبدأ الاشتراك فى الوزارة، وإنما كان اعتراضهم على حساب المكاسب والخسائر السياسية ، والقضية كلها متناقضة: فلماذا طردوا الباقورى ثم ذهبوا فى الصباح يهنئونه؟ وإذا كانت الحكومة الجديدة إسلامية فلماذا رفضوا مشاركتها؟ وإذا لم تكن حكومة مسلمة فلماذا يؤيدونها؟ وبعد تولى الرئيس السادات، يقول «عمر التلمسانى» عن جولات اتفاقه مع الحكومة وعن استعداده دائما للتعاون: «وجاءنى فى عام 1973 فضيلة الشيخ «سيد سابق». أخبرنى أن السيد «أحمد طعيمة» -وكان وزيرا فى عهد السادات- جاءه، وأخبره أن السادات على استعداد للقاء بين الإخوان المسلمين المعروفين لإزالة مافى النفوس والتعاون على خدمة الوطن. وكان ذلك قبل استبعاد الخبراء السوفييت بقليل، فرحبت بالفكرة، وذهبت إلى فضيلة المرشد «حسن الهضيبي» الذى كان فى الأسكندرية، وأخبرته بحديث الشيخ سيد سابق معي، فقال لى فضيلته إن الفكرة لابأس بها إن صحت النوايا عند أصحابها، وكلفنى أن أستمر فى المفاوضات التى سارت سيرا حثيثا، وصل إلى الدرجة التى طلب منى فيها الشيخ سيد سابق -طبقا لما طلب منه السيد أحمد طعيمة- أن أقوم بتكوين لجنة من الإخوان تقابل السادات فى الأسكندرية لوضع الصيغة النهائية للاتفاق، واتصلت بالسيد أحمد طعيمة تليفونيا، وأعلمته بأسماء الإخوة الذين سيقابلون السادات بناء على طلبه، ثم حدث توقف تام، لم أدر ماأسبابه؟ إلى أن التقيت بالشيخ سيد سابق مصادفة عند الأزهر، وسألته عن النتائج، فأخبرنى أن الجماعة -يقصد السادات- رأوا إرجاء الأمر إلى حين».
وفى لقاء عمر التلمسانى المشهور مع السادات والذى يفخر بأنه واجهه فيه، اعترف التلمسانى بشرعية رئاسة السادات فقد قال له: «لو أن غيرك وجه إليَّ مثل هذه التهم لشكوته إليك. أما وأنت يا محمد يا أنور السادات صاحبها، فإنى أشكوك إلى أحكم الحاكمين، وأعدل العادلين لقد آذيتنى يا رجل وقد ألزم الفراش أسابيع من وقع ماسمعت منك»، ثم دعاه السادات إلى لقاء خاص فى القناطر، يقول التلمسانى: «المرة الثانية كانت بعد ذلك، كان لقاء خاصا فى القناطر الخيرية، وفى هذا اللقاء أضفى على من الصفات ماجعلنى أخجل، وعرض على عضوية مجلس الشورى واعتذرت»، ويقول معترفا بفضله: «وإنصافا للسادات -رحمنى ورحمه الله وغفر لى وله- أنه أتاح للإخوان جوا من الحرية لابأس به، فأعدنا إصدار مجلة الدعوة، وكنا نقيم الاحتفالات الدينية فى شتى أرجاء القطر». وكان المقابل هو ضمان الإخوان لمهاجمة أى تحرك إسلامى ضد السادات.. ونقل الظواهرى عن التلمسانى فى موقفه من حكم مبارك قوله أنه يذكر له الحسنات، أما أى موقف شرعى فليس له فى كلامه أثر، فيقول عمر التلمسانى «سألنى الكثيرون عن موقفنا من حكم السيد «محمد حسنى مبارك» رئيس الجمهورية، وكان جوابى الذى لم يتغير أنه بدأ عهده بداية طيبة، فأفرج عن المعتقلين السياسيين، ومنع الصحف من مهاجمة حكام البلاد العربية، وإن كنت أود لو أن هذه الصحف سلكت ذلك الطريق دون أمر أو توجيه، ولكنها لاتزال تظهر نفسها بأنها لاتتوجه إلا بتوجيه.. كما أنه أطلق لصحف المعارضة حقها فى النقد، كما أنه حريص فى كل مناسبة على التصريح بالتزامه جانب الحرية، وأنه لن يعدل عنها، كل هذه مبشرات، ومن حقه علينا أن نذكرها له».. ويتابع الكتاب : وعمر التلمسانى لم يتوقف عند الاعتراف برئاسته وشكره ولكنه، يعلن على الملأ ثقته فيه فيقول «هل فقدنا الثقة فى بعض؟ رئيس الجمهورية لايثق فيّ وأنا لاأثق فيه. نحن نثق فى رئيس الجمهورية إنما هم....!»، هذا الكلام - يقول الظواهرى - يقوله عمر التلمسانى فى عام 1406ه- 1986م، أى بعد خمس سنوات من حكم المجرم مبارك ملأها بالجرائم ضد شعبه وأمته والإسلام والمسلمين، بئست الثقة وبئس الموثوق به .
أما المرشد الرابع حامد أبو النصر فيقول ليس هناك داع أن أقدم نفسى للسيد الرئيس وأقول له إننى أريد كذا وكذا وكذا... ولكنه هو كرئيس للجمهورية، وباعتبار أن الأمة كلها جنوده وشعبه، فإنه يستطيع أن يحل مشكلاتنا التى يعرفها جيدا دون أن نحرج أنفسنا أو نحرجه» ؛ ويعقب الكاتب : قد يكون أبو النصر من جنود مبارك كما يدعي، ولكنا نحن لسنا من جنوده.
نشر بالعدد 621 بتاريخ 5/11/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.