اخطر مراحل الصراع هى المرحلة التى تتداخل فيها المعارك الحقيقية باشباه المعارك ... فتفقد الامة قدرتها على تمييز صورة العدو ... ومع توارى العدو عن الانظار تتراجع قدرة المواطن على التفرقة بين الصالح العام والمصلحة الشخصية ... بل ان البعض قد يرى فى العماله والانحلال وجهة نظر، وتلك هي النتيجة الطبيعية لإختفاء العدو. فالعدو أدرك في لحظة انكشافة يوم 30 يونيو، ان عليه اعادة انتاج نفسه بصور متعددة ومختلفة، وأن يعيد مرة أخرى انتاج خريطة تحالفاته في ضوء معطيات الواقع الجديد الذى فرضته حركة الجماهير والتي طالبت مرة أخرى بعودة الدولة الوطنية كخيار للمصريين جميعاً. اختفى العدو، واختفت معه حماسه الجمهور، وبدا الشك يزحف في نفوس الناس، وبطبائع الأمور بدأ يحل الشك محل الثقة، وبدأ العدو يخوض حروبه بالوكالة ضد جسم الدولة، وقد أعاد هذا العدو بناء جسور التواصل والتعامل مع مجموعات مصالحة التي شكلت في أوقات سابقة القدرة على الضغط على الدولة وتسيير النظام السياسي وفق رغباتها، وقد بدأت عملية الردع والتركيع ضد الدولة في إطار سياسة التخفى. للحرب النفسية علامات هي 1- تواتر عدة أحداث خاصة بموضوع واحد فى فترة قصيرة ومتواصله . 2- تغطية اعلامية تستهدف الربط بين الاحداث. 3- استخدام مصطلحات اعلامية تخدم حالة الشك والحيرة وانعدام الثقة. 4- كثرة الاسئلة وقلة الاجابات . 5- أخيراً يتقن مستخدم تقنيات الحرب النفسية عندما يصنع الشك لديك فى كل المعطيات . التاريخ يسجل الأحداث، لكنه لا يدرك بطبيعة الأحوال ما يدور في الكواليس؟، والناس لها الظاهر وليس عليها أن تستنتج ما دار وما يًدار وما يخطط له أصحاب اللعبة، لكن الغريب هو أن العدو تخفى لدرجة بات من السهل اقناع الجمهور العام بأن الحرب داخل جسم الدولة في حين ان حقيقتها أنها صراع لوبيات الخارج في في الداخل، فالمواطن الذى انهكته الظروف ومرحلة الشد والجذب لأربعة سنوات لم يعد يرى العدو الذى كان يواجهه. عندما يختفى العدو تظهر تناقضات اللحظة، ويبدا معها حالة الصدام بين كل مكوانت المشهد، ولا يبقى أمامنا سوى انتظار حالة صراع شامله بين مكونات المشهد وصولاً لنقطة انعدام التعايش بين الأطراف المختلفة، وهنا يكون قد أعاد انتاج الفوضى مرة أخرى. العدو لن يظهر الأن ولا في المراحل اللاحقة، لكن وجوهه على الساحة متعدده، وهو معروف للكل لكن أحدا لن يسعى للكشف عنه، فهو يعرف ان اختفاءه يعتبر أهم أسباب نجاحه. أنه هو قائد الحرب النفسية، ومحركها وهو المستفيد الأول فيها، والغريب ان ادواته في الداخل هم أول ضحايا هذه المعركة، أن مشكلة مصر هي أنها تخوض مسرح صراعا إقليميا له ابعاد دولية، ومن لم يستطيع أن يرد عليك في مناطق الصراع المفتوحة في سوريا والعراق واليمن واثيوبيا والصومال، سيسعى الى نقل المعركة الى الداخل المصرى.