شيخ العمود «إلكتروني».. شرح 60 كتاباً على يد كبار العلماء أسبوعياً بالأزهر    افتتاح الملتقى التوظيفي الأول لطلاب جامعة الفيوم    آخر تحديث.. تراجع جديد للدينار الكويتي مقابل الجنيه في البنوك    «صديقة الخباز» فى الصعيد.. رُبع مليار دولار استثمارات صينية    كتائب القسام في لبنان تعلن إطلاق عشرات الصواريخ تجاه أهداف عسكرية إسرائيلية    الهند.. مخاوف من انهيار جليدي جراء هطول أمطار غزيرة    طلب مفاجئ من محمد صلاح يقلب الموازين داخل ليفربول.. هل تحدث المعجزة؟    إمام عاشور يمازح جماهير الأهلي قبل نهائي أفريقيا.. ماذا فعل؟    رسميا.. المقاولون يطلب إعادة مباراة سموحة ويستشهد بالقانون وركلة جزاء معلول أمام الزمالك    آخر تطورات الحالة الجوية بالإمارات.. توقعات بسقوط أمطار غزيرة على عدة محافظات    مصري بالكويت يعيد حقيبة بها مليون ونصف جنيه لصاحبها: «أمانة في رقبتي»    تعرف على موعد عزاء المؤلف عصام الشماع    باسم خندقجي.. الأسير الفلسطيني الذى هنأه أبو الغيط بحصوله على «البوكر»    الأربعاء.. قصور الثقافة تحتفل بعيد العمال على مسرح 23 يوليو بالمحلة    إيرادات الأحد.. فيلم شقو يتصدر شباك التذاكر ب807 آلاف جنيه.. وفاصل من اللحظات اللذيذة ثانيا    خالد الجندي: «اللي بيصلي ويقرأ قرآن بيبان في وجهه» (فيديو)    «الرعاية الصحية»: نتطلع لتحفيز الشراكة مع القطاع الخاص بالمرحلة الثانية ل«التأمين الشامل»    رئيس جامعة كفر الشيخ يطمئن على المرضى الفلسطينيين بالمستشفى الجامعي    لجنة الصلاة الأسقفية تُنظم يومًا للصلاة بمنوف    برلماني: زيارة أمير الكويت للقاهرة يعزز التعاون بين البلدين    صندوق تحيا مصر يطلق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم الفلسطينيين في غزة    محمد حفظي: تركيزي في الإنتاج أخذني من الكتابة    استعدادًا لامتحانات نهاية العام.. إدارة الصف التعليمية تجتمع مع مديري المرحلة الابتدائية    انطلاق القافلة «السَّابعة» لبيت الزكاة والصدقات لإغاثة غزة تحت رعاية شيخ الأزهر    إخلاء سبيل المتهمين فى قضية تسرب مادة الكلور بنادى الترسانة    السفير محمد العرابي يتحدث عن عبقرية الدبلوماسية المصرية في تحرير سيناء بجامعة المنوفية    الإصابة قد تظهر بعد سنوات.. طبيب يكشف علاقة كورونا بالقاتل الثاني على مستوى العالم (فيديو)    تأجيل نظر قضية محاكمة 35 متهما بقضية حادث انقلاب قطار طوخ بالقليوبية    الصين تشارك بتسعِة أجنحة في معرض أبوظبي الدولي للكتاب ال33    تأجيل محاكمة مضيفة طيران تونسية قتلت ابنتها بالتجمع    لتطوير المترو.. «الوزير» يبحث إنشاء مصنعين في برج العرب    زكاة القمح.. اعرف حكمها ومقدار النصاب فيها    مايا مرسي: برنامج نورة قطع خطوات كبيرة في تغيير حياة الفتيات    بعد انفجار عبوة بطفل.. حكومة غزة: نحو 10% من القذائف والقنابل التي ألقتها إسرائيل على القطاع لم تنفجر    تردد قنوات الاطفال 2024.. "توم وجيري وكراميش وطيور الجنة وميكي"    طريقة عمل الكيك اليابانى، من الشيف نيفين عباس    صحتك تهمنا .. حملة توعية ب جامعة عين شمس    النشرة الدينية .. أفضل طريقة لعلاج الكسل عن الصلاة .. "خريجي الأزهر" و"مؤسسة أبو العينين" تكرمان الفائزين في المسابقة القرآنية للوافدين    تنظيم ندوة عن أحكام قانون العمل ب مطاحن الأصدقاء في أبنوب    بعد أنباء عن ارتباطها ومصطفى شعبان.. ما لا تعرفه عن هدى الناظر    وزير المالية: نتطلع لقيام بنك ستاندرد تشارترد بجذب المزيد من الاستثمارات إلى مصر    وزير التجارة : خطة لزيادة صادرات قطاع الرخام والجرانيت إلى مليار دولار سنوياً    رئيس الوزراء الإسباني يعلن الاستمرار في منصبه    تجليات الفرح والتراث: مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم 2024 في مصر    أمير الكويت يزور مصر غدًا.. والغانم: العلاقات بين البلدين نموذج يحتذي به    شروط التقديم في رياض الأطفال بالمدارس المصرية اليابانية والأوراق المطلوبة (السن شرط أساسي)    الصين فى طريقها لاستضافة السوبر السعودى    بشرى سارة لمرضى سرطان الكبد.. «الصحة» تعلن توافر علاجات جديدة الفترة المقبلة    السيسي عن دعوته لزيارة البوسنة والهرسك: سألبي الدعوة في أقرب وقت    فانتازي يلا كورة.. دي بروين على رأس 5 لاعبين ارتفعت أسعارهم    إصابة 3 أطفال في حادث انقلاب تروسيكل بأسيوط    رئيس جهاز حدائق العاصمة يتفقد وحدات "سكن لكل المصريين" ومشروعات المرافق    فضل الدعاء وأدعية مستحبة بعد صلاة الفجر    اتحاد الكرة: قررنا دفع الشرط الجزائي لفيتوريا.. والشيبي طلبه مرفوض    مصطفى مدبولي: مصر قدمت أكثر من 85% من المساعدات لقطاع غزة    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الاثنين 29-4-2024 بالصاغة بعد الانخفاض    حالة وفاة و16 مصاباً. أسماء ضحايا حادث تصادم سيارتين بصحراوي المنيا    شبانة: لهذه الأسباب.. الزمالك يحتاج للتتويج بالكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هؤلاء عزفوا سيمفونية النجم الأسمر أحمد زكى!
نشر في صوت الأمة يوم 04 - 04 - 2015

لا لم يبتعد بل اقترب، عشر سنوات باعدت اليوم بيننا وبينه لنكتشف أنه يزداد اقترابا من مشاعرنا. فى تاريخ فن الأداء الدرامى عبر شاشة السينما لا يمكن إلا أن نتوقف بدهشة ممزوجة بالإعجاب أمام النجم الأسمر «أحمد زكى».. «أحمد» لم يكن فقط فناناً مبدعاً بل هو يشكل علامة فارقة تستطيع أن تدرك ببساطة صدى تأثير «أحمد زكى» على كل الجيل الذى ظهر بعده.. لو أمعنت النظر ستكتشف أن منهج «أحمد زكى» قابع بداخلهم ليسوا بالضرورة صوراً منه لكنه الأستاذ الذى لم يلقنهم الدرس داخل الفصل الدراسى وإنما عبر الشرائط السينمائية القادرة كلها عند عرضها على أن تؤكد أن الأستاذ لا يزال يلقى دروسه!!
ما هو سر «أحمد زكى»؟.. نستطيع الآن أن نقرأ مفردات الصورة ونمسك بكل جوانبها من خلال سيمفونية إبداع خماسية الأوجه والمقاطع..
«سعاد حسنى» و«التمثيل» و«الزمن» و«الجمهور» و«النقاد» ولكن عليك أن تضع كل ذلك وتصهره فى بوتقة اسمها « صلاح جاهين « لم يكن صلاح أحد أركان السيمفونية ولكنه المايسترو الذى بدونه لا تستطيع أن تستمع للسيمفونية.
«سعاد» المقطع الأول.. إنها الحلم الذى تمنى أن يقف أمامها بطلاً وضاع عليه اللقاء الأول فى «الكرنك» عام 75 وجاء له بعد ثلاث سنوات «متولى» حيث لعبت هى دور «شفيقة» فى ملحمة «شفيقة ومتولى» لمخرج الكرنك على بدرخان، سعاد وأحمد وجهان لعملة إبداعية واحدة!
«التمثيل» المقطع الثانى يريد أحمد زكى أن يقدم كل الأدوار.. موهبته تفيض على أى قيود من الممكن أن يحاول أحد أن يضعه فيها إنه ليس نهراً ولا بحراً أو محيطاً له شاطئان فهو يتمرد على أى شاطئ يرسو عليه.. إنه أرض شاسعة بلا نهاية والسماء فوقها مفتوحة بلا نهاية!
«الزمن» المقطع الثالث يكبر أحمد زكي.. لم يعد هو الفتى الأسمر الذى عرفناه منذ السبعينيات وحتى الثمانينيات.. امتلأ الوجه قليلاً وتغير اللون إلى درجة أفتح كثيراً واكتشف أحمد زكى فجأة أنه يحمل على أكتافه سنوات تربو على الخمسين وبدأ الشعر الأبيض يرفع رايات الانتصار وكان أحمد لا يزال يشعر بنهم لتمثيل كل الأدوار طفل، عجوز، قديس، عربيد، رجل، امرأة كل الشخصيات تشتعل بداخله بينما الأيام تتسرب سريعاً من بين يديه!
«الجمهور» المقطع الرابع.. لو كان ممكناً لفعلها إنه يريد أن يجلس إلى 70 بل 300 مليون ناطق باللغة العربية.. إنه يتمنى من كل واحد منهم جلسة صداقة خاصة حتى يتأكد مباشرة أنهم يصدقونه ويصادقونه.. وآه لو اكتشف أن هناك واحداً فقط من بين 300 مليون لم يصدقه ويصادقه.. إنه يضيع عليه بهجة ال 300 مليون.. أحمد لا يريد فقط إعجابك الفنى، ولكنه يطمع فى صداقتك قبل إعجابك!
«النقاد» المقطع الخامس.. شد وجذب فهو قارئ نهم لكل ما يكتب عنه وعن غيره.. علمته الأيام أن يتسامح مع كل الآراء ولم يكن كذلك فى بداية المشوار وليس معنى التسامح أن تقبل الرأى الآخر ولكن أن تتقبله، وهكذا كنت أراه فى السنوات الأخيرة أكثر مرونة وتقبلاً لكل الآراء.
سعاد.. التمثيل.. الزمن.. الجمهور.. النقاد.. خمسة محاور أو مقاطع رسمت ملامح أحمد زكى إبداعياً.. وكانت هذه خطوطاً عريضة للصورة واسمحوا لى فى السطور التالية أن نضع عليها ظلالاً وألواناً.
عرفت أحمد زكى فى أول مشوارى الصحفى، وأنا مازلت طالباً فى كلية الإعلام وأتدرب فى مجلة «روز اليوسف» وكان أحمد يعيش واحدة من أزمات بداية المشوار، حيث ضاع عليه دور البطولة أمام سعاد حسنى فى «الكرنك» وشاهدته لأول مرة وجهاً لوجه فى مكتب المخرج الراحل «د. سيد عيسى» الذى كان يعد مشروع فيلم «شفيقة ومتولى»، ورشح أيضاً أحمد زكى للبطولة وصور عدداً من المشاهد ثم اختلف سيد عيسى مع سعاد أثناء التصوير بإحدى قرى محافظات الدقهلية واسمها «بشلا».. التقيت المخرج وحصلت على سبق صحفى ساخن لأن سيد عيسى يفتح نيران الغضب ضد أهم نجمة جماهيرية «سعاد حسنى».
بينما أحمد زكى الذى كان حاضراً اللقاء لا يتكلم ولا يعترض ينصت فقط.. وغادرت مكتب سيد عيسى أريد أن أهرول مسرعا إلى المجلة بهذا السبق ولحقنى أحمد زكى على السلم وطلب منى أن ألعب دور حمامة السلام وأخذ يحكى لى عن مأساة جيل من الفنانين يسعون لإثبات وجودهم وتجولنا فى شوارع العاصمة وبالكاد وبين الحين والآخر كنت أرى مواطناً وقد تعرف على وجه أحمد (الشاعر) فلم يكن أحد يعرف اسمه، بل دوره أحمد الشاعر فى مدرسة المشاغبين كنت أشعر أنا أيضاً بزهو لأننى أتجول مع أحد صعاليك الفن وفى النهاية أقنعنى «أحمد زكى» بأن على أن أحصل على حديث من «سعاد حسنى» حتى تتقارب وجهات النظر بين «سعاد» و»سيد عيسى» وهو ما لم يحدث وضاع على السبق الصحفى الساخن.
كنت أتابع قفزات أحمد زكى السينمائية فى أدوار البطولة وبيننا علاقة حميمة ولكن بالطبع لم يكن أحمد زكى فى تلك السنوات قادراً على التجول بحرية فى الشوارع ولم يكن أيضاً لدى قدرة على تدعيم الصداقة مع أحمد زكي.. أحمد زكى الإنسان يحتاج فى من يقترب منه أن يتحلى بفضيلة الصمت والاستماع وأنا أعشق الاستماع بقدر ما أعشق الحديث!
ظلت مساحة التلاقى الوجدانى بيننا قائمة وأنا أرى انتصاراته السينمائية وأكتب عنها لا يهم أن نلتقى فأنا فى لقاء دائم معه على الشاشة.
قبل رحلة البطولة كانت هناك طرقات على الباب لم تستغرق كثيراً من الوقت ولكنها بالتأكيد صنعت أحمد زكي.. كان من الممكن لو لعب دور البطولة فى «الكرنك» وهو الدور الذى أسند بعد ذلك لنور الشريف لكان من الممكن أن يختصر هذا الدور سنوات من 1975 إلى 1978 حتى وقف بطلاً أمام سعاد حسنى فى «شفيقة ومتولى»، وكانت الجرائد أشارت بعد «الكرنك» إلى أن أحمد زكى قد أقدم على الانتحار وأوضح لى أن ما حدث هو أنه كان يشرب كوباً من الماء فى مكتب مدير الإنتاج وعندما علم بخبر استبعاده ضغط على الكوب وحطمه وجرحت يده وتم تضخيم الواقعة فى الصحافة باعتبارها انتحاراً ومع الاسف لا يزال البعض كلما جاء ذكر أحمد ينسى كل شئ ويتذكر فقط تلك الواقعة التى أنكرها تماما!
فى أفلام البدايات شارك فى «بدور» و«أبناء الصمت» و«صانع النجوم» كان اسم أحمد زكى يأتى تالياً لممثل مغمور مثل الراحل «أبو الفتوح عمارة» ولكن هذا لم يغضبه بقدر ما أثار حزنه أن أحد زملائه فى إحدى المسرحيات لفرقة الفنانين المتحدين صعد على السلم وأمسك بجردل مياه يمحو اسم أحمد زكى لأنه جاء فى أفيش المسرح سابقاً على اسمه هذا الموقف آلمه كثيراً لأنه طعنة من زميل وكان هذا الزميل هو «يونس شلبى» ،ملحوظة يجب أن نستعيد هذه الواقعة فى إطارها التاريخى فلقد كان يونس فى تلك السنوات قد حقق قدرا من النجومية فى المسرحية بشخصية ابن الناظر « إللى مابيجمعش» وبالفعل كان يضمن قدرا من الضحك فى الصالة لا يمكن إنكاره بعد بطلى العرض عادل إمام وسعيد صالح !
جاءت القفزة الجماهيرية لأحمد زكى فى «الباطنية» بطولة نادية الجندى وإخراج حسام الدين مصطفى، كان أحمد زكى هو ضابط الشرطة المزروع فى العصابة، الذى نراه فى البداية صعلوكاً يلتقط رزقه من بقايا أثرياء حى المخدرات الشهير «الباطنية» أتاحت له جماهيرية نادية الجندى مساحة عريضة من المشاهدين لأن الفيلم الذى عرض عام 1980 حقق إيرادات غير مسبوقة، كان أحمد زكى به كل ملامح البطل التقليدى المنقذ فى نهاية الأحداث عندما نكتشف أنه ضابط شرطة كل هذه السمات الزاعقة على الورق لشخصية البطل كانت كفيلة بصعود أحمد زكى واقترابه من الجمهور الذى كان فى شوق لبطل يرى فيه ملامحه لم يسلم الأمر وقتها من بعض مشاحنات بينه وبين نادية الجندى.
بذكاء من الكاتب والمخرج رأفت الميهى يلتقط «أحمد زكى» بعدها مباشرة فى التجربة الوحيدة بينهما وفى أول علاقة له بالإخراج فى فيلم «عيون لا تنام» مأخوذة عن مسرحية «يوجين أونيل» «رغبة تحت شجرة الدردار» حقق الفيلم نجاحاً جماهيرياً أقل من الباطنية، لكن أحمد زكى وجد مساحة فى الأداء أكبر كما أن هناك قناعة مطلقة من رأفت الميهى بأحمد زكى كما أن هذه الشخصية ظلت واحدة من أقرب الشخصيات الدرامية لقلب أحمد زكى.
الأقرب إلى أحمد زكى هما محمد خان، وعاطف الطيب وعدد كبير من الأدوار التى أسندها خان أو الطيب لنجم آخر تجد أن أحمد هو الترشيح الأول ولكن ربما حالت مشكلات إنتاجية أو مشاغبات هنا وهناك بين النجم والمخرج دون تحقيق اللقاء! على سبيل المثال فيلمى « الحريف « و» فارس المدينة» كان أحمد زكى هو الترشيح الأول وفى اللحظات الأخيرة اعتذر ولعب دوره فى الفيلم الأول عادل امام وصار واحدا من أهم ثلاثة أدوار أداها عادل طوال تاريخه كما أن «فارس المدينة» كان هو منصة انطلاق محمود حميدة كنجم جماهيرى ولكن يبقى الكثير من الايقونات المضيئة جمعت بين خان وزكى.
كان بين خيرى بشارة وأحمد زكى لقاء من نوع آخر.. خيرى يرى نفسه فى أحمد زكى فى «العوامة 70»و «الأقدار الدامية» و»كابوريا».. أحمد زكى هو خيرى بشارة إنسانياً ودرامياً ولهذا يظل حسن هدهد بطل «كابوريا» حالة استثنائية واضحة المعالم عالية النبض دالة على الامتزاج الكامل بين مخرج ونجم!
مع داود عبد السيد لقاء واحد فى «أرض الخوف» كان هو الفكرة والمادة.. الروح والجسد، ولهذا جاء محملاً بكل هذا الزخم فى تلك الشخصية التى نراها على المستويين الواقعى والميتافيزيقى ولا يمكن أن يصل الفيلم إلى الناس دون أن تتوازى عبقرية التأليف والإخراج مع الأداء، كان أحمد هو المرشح الأول لسارق الفرح وعندما اعتذر أسند دوره إلى ماجد المصرى فى أول بطولة له، وكان من المنتظر أن يتجدد لقاؤهما فى « رسائل بحر» ولكن القدر لم يمهله فأسند الدور إلى آسر ياسين ،ملحوظة كان أحمد زكى قد اتفق على أن يرتدى قميصاً واقياً على صدره لأداء المشاهد التى تصور على البحر برغم أن نزلة البرد بالنسبة لمريض سرطان الرئة تساوى الموت ولكن عشقه للوقوف أمام الكاميرا فى دور يحبه جعله على استعداد للتضحية بما تبقى له من أيام.
يتنازع أحمد زكى الإبداع الفنى الخالص والذى يصل إلى أقصى حدود الابتعاد عن كل ما هو سائد عند الجمهور فهو على استعداد أن يرتاح وينام وهو مطمئن على وسادة الفن النقى الذى لا يضع للجمهور أى حساب ونجد ذلك فى أفلام مثل «طائر على الطريق» و«موعد على العشاء» محمد خان «الدرجة الثالثة» شريف عرفة «البداية» صلاح أبو سيف.. لكن سرعان ما يستيقظ داخل أحمد زكى النجم المتعطش إلى الإقبال الجماهيرى والذى لا يرضى لغيره بديلاً لنجده يصل إلى حده الأقصى فى أفلام مثل «درب الهوى» حسام الدين مصطفى و«أبو الدهب» كريم ضياء الدين و»حسن اللول» نادر جلال « و»مستر كاراتيه» محمد خان و»المخطوفة» و«ولاد الإيه» شريف يحيى!
لكن التجربة تثبت لأحمد زكى أن النجاح الجماهيرى ممكن بدون اللهاث وراء مفردات الشباك التقليدية مثل فيلم «زوجة رجل مهم» محمد خان الذى أصاب نجاحاً جماهيرياً ونقدياً ولا يزال حتى الآن يحقق كل هذا النجاح كلما أتيح عرضه فى الفضائيات.
إن القراءة لأفلام أحمد زكى تؤكد أنه حتى عندما يراهن تجارياً لا يصل إلى الحد الأقصى فى شباك التذاكر.. سقف أحمد زكى ارتفع إلى الذروة فى «أيام السادات» محمد خان حيث تجاوز 12 مليون جنيه وهو رقم لم يصل إلى نصفه فى أنجح أفلامه تجارياً!
عاطف الطيب هو المخرج الذى تستطيع أن تضبط عليه موجه أحمد زكى السينمائية.. محمد خان هو المخرج الذى بينه وبين أحمد زكى – على حد قول أحمد زكى – حبل سري! إنهما توأم من نفس البويضة الفنية، ولهذا مثل الأقطاب المتشابهة تتنافر وتتناحر ويذهب كل منهما إلى طريق ويقسم أن هذا الفيلم هو نهاية الطريق ثم لا يلبث كل منهما أن يرى نفسه فى الآخر ويلتقيا على نفس الطريق!
إنها عشرة فنية ذروتها «أحلام هند وكاميليا» وإن كان البعض يرى الذروة مع «زوجة رجل مهم» لكن فى «أحلام هند وكاميليا» دور أصغر فى الحجم حيث أن البطولة لنجلاء فتحى وعايدة رياض ولكن تفاصيل الدور أعمق وأبدع.
أما عاطف الطيب فأحمد هو الممثل الأول والاختيار الأول عند عاطف و«البريء» هو الذروة و«الهروب» ذروة موازية، حالة من النشوة تستطيع أن تلمحها فى أدائه للدورين.
إن أحمد زكى قادر على إثارة الدهشة حتى لمخرج يفهم كل أصول التعبير وكل أسلحة الممثل وهذا هو ما أكده لى أكثر من مرة «عاطف الطيب» فى حواراته معي.
مع إيناس الدغيدى هناك ملمح وزاوية أخرى.. إنه أحمد زكى الممثل خفيف الظل فى فيلمى «امرأة واحدة لا تكفى» و«استاكوزا» والفيلمان أعتبرهما فى مشوار أحمد زكى مثل أغنيتى «فيك عشرة كوتشينة» و«حبيبى لعبته الهجر والجفا» لمحمد عبد الوهاب.. فهما أغنيتان خفيفتان لا بأس بهما فى مشوار ملحن ومطرب رصين.. وهكذا «امرأة واحدة لا تكفى» و«استاكوزا» فى مشوار أحمد زكى ومن الممكن أن نضيف إليهما «البيه البواب» و«سواق الهانم» لنفس المخرج حسن إبراهيم.
مع جيل الكبار كان عاطف سالم له علامة فارقة مع «أحمد زكى» فى «النمر الأسود» وقال لى عاطف سالم: «إنه واجه حرباً شرسة فى التوزيع الخارجى للفيلم بسبب إصراره على أحمد زكى بطلاً، فهو كان اسم الشباك الوحيد ولا يوجد معه سوى الوجه الجديد «وفاء سالم».
جاء الفيلم بمثابة إنقاذ لأحمد زكى، فلقد كان يستعد لبطولة فيلم «الحريف» إنتاج مشترك لمحمد خان، عاطف الطيب وبشير الديك، وحدثت مشكلات مع أحمد زكى لأنه يرفض أن يلتزم بتسريحة الشعر التى طلبها منه «محمد خان» ووجد الثلاثة أن اسم عادل إمام أكبر فى توزيع الفيلم، وقبل بدء التصوير بأيام قليلة أخبر خان «أحمد زكى» أن الدور ضاع عليه الدور وذهب إلى منافسه الأول «عادل إمام».. كان الدور للاعب كرة فى أحد الأحياء الشعبية وكان أحمد زكى يحلم بالدور ويعيش مفرداته وفجأة ضاع منه الحلم.. فى نفس اللحظة جاءه عاطف سالم بدور البطولة فى «النمر الأسود» حيث يؤدى دور مخترع ولاعب ملاكمة عالمى، ويعرض الفيلمان فى نفس التوقيت عام 84 ويحقق «النمر» إيرادات أعلى تحدث توازناً نفسياً لأحمد زكي.
عندما أراد المخرج الكبير صلاح أبو سيف أن يحقق نوعاً من التمرد خارج دائرة الواقعية التى كان هو رائدها واتجه إلى الفانتازيا فى فيلم «البداية» كان سلاحه هو أحمد زكى الذى انطلق به إلى شاطئ بعيد فى أدائه، وكان أحمد زكى هو أمضى سلاح.
أحمد زكى كان هو شاعر المطحونين وترمومتر الموهوبين فهو الوجه الذى يتوحد مع البسطاء والمهمشين وهو أيضاً النجم الذى تقاس من خلاله كل المواهب الأخرى فى فن الأداء بمدى اقترابها وابتعادها عن مؤشر أحمد زكى الإبداعى وحتى الآن.. إنه الفنان الذى رأى فيه الناس ملامحهم على الشاشة.. الإنسان الذى استمع من خلاله الفنانون إلى نبضاتهم فى الحياة!!
ولا نزال نرى فيه مشاعرنا ونبضاتنا كلما شاهدنا أفلامه التى تعيش ولا تزال معنا وفينا!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.