كعادتها صباح كل يوم تخرج "الست صباح" كما يطلق عليها جيرانها من حجرتها الصغيرة،لا تملك من حطام الدنيا شيئا، تتكئ علي عصاها، فهي بمثابة قدم ثالثة تعينها علي الحركة والتنقل حتى تصل إلي مقر مسجد نصر الإسلام بميدان فيكتوريا بشبرا، لتقف أمامه تستعطف المارة لمنحه جنيهات قليلة تعينها علي الحياة. "الست صباح" كما يلقبها جيرانها، تتمتع بالهدوء الشديد ودائما في حالها،لا يعلم عنها أحد شيئا ،فهي تعاني من الوحدة الشديدة بعد وفاة زوجها وسفر نجلها للخارج ،وزواج ابنتها الوحيدة المقيمة بالمنصورة، لا تتلقي بأحد ولا يعلموا شيئا عن حياتها فهى تخرج في الصباح وتعود ليلا.
ترتدي ثوبا أسود من القماش المهلهل،يستر جسدها، وعليه معطف كاد أن يتحول إلى خيوط من كثرة ارتدائه، تستخدمه في الشتاء،لتحتمي به من سقيع البرد القارس .
رغم سنواتها الخمسين فقد تخلي عنها أبناءها،بعد سهرها الليالي من أجل تربيتهم وتعليمهم ،فكان رد الجميل بعد أن اشتد عودهم،وتخرجوا في الجامعات أن تركوها تعيش بمفردها في منزلها الصغير، لا تجد جنيها واحدا يعينها علي نفقات الحياة ،لتجد نفسها تقف أمام أبواب المساجد تستجدي المارة أن يمنحوها الجنيهات لتكمل حياتها.
خرجت "الست صباح" في يوم من الأيام تتلمس خطواتها المرهقة من أجل الوقوف أمام المسجد كعادة كل يوم، ولكنها لم تعد لمنزلها، فقد أهدر أحد اللصوص دمائها علي أبواب المسجد، طمعا في الأموال التي تحصلت عليها من الشحاذة، ليجد بحوزتها 47 جنيها فقط لاغير فيتركها ويفر هاربا.
تلقي قسم شرطة شبرا مصر بلاغا من الأهالي مفاده العثورعلى جثة مجهولة لسيدة أمام أحد المساجد ، لتبدأ المباحث في دورها حيث عثر على جثة سيدة في منتصف العقد الخامس من العمر وترتدي ملابسها كاملة ومصابة بعدة طعنات بمناطق متفرقة من الجسم ودلت التحريات أن المجني عليها تقطن بمنطقة روض الفرج.
استغل القاتل إن المجني عليها متسولة فاعتقد أنها تحتفظ بمبالغ مالية،ليتسلل ليلا مستغلا خلو الشارع من المارة ليهاجمها بعدة طعنات نافذة أودت بحياتها في الحال، وبعد تفتيشها وجد بحوزتها 47 جنيها فقط ليحملها للتخلص منها وألقى بها بمكان العثور عليها.