حذر المحلل السياسي وأستاذ الفلسفة السياسية بجامعة تونس الدكتور فريد العليبي من مخاطر عودة الإرهابيين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة من العراقوسوريا إلى بلدانهم ما يشكل خطرا كبيرا على المجتمعات العربية نظرا لأنهم سيعودون بخطاب تكفيري ممزوج بتجربة قتالية. وقال العليبي، في تصريحات صحفية، إن سلوك هؤلاء سيكون مبني على فكر تكفيري لقاعدة أوسع من المجمتع والاعتقاد بأن عودة الناس إلى الصراط المستقيم لن يتأتي إلا من خلال قتالهم والشدة والغلظة في التعامل معهم، ما يجعل تلك العودة من شأنها زيادة مشاعر الخوف لدى الشعوب. وأشار إلى أن تونس على سبيل المثال شهدت حالات شبيهة حيث مورس فيها الذبح وقطعت رؤوس جنود بالجيش وتم التمثيل بجثث من قبل الجماعات الإرهابية. ورأى المحلل السياسي أن الحرب ضد الجماعات الإرهابية التكفيرية في تونس لم تبدأ بعد أو أنها في بدايتها، خاصة وأن الجماعات المسلحة في الجبال تنشأ حاليا قواعد وتحفر أنفاقا وتنتدب عناصر جديدة، وقد يمثل العائدون من بؤر الإرهاب النشطة رافدا آخرا لاستعداداتها القتالية بما سيقوي ساعدها فمن التحق بجماعات تكفيرية مسلحة في بلدان بعيدة يمكن أن يغريه الانضمام لمثيلاتها في تونس. وحول أسباب انضمام الشباب التونسي إلى تلك الجماعات والتنظيمات، قال العليبي إن التحاق التونسيين بتلك الجماعات لا يقتصر فقط على الشباب بل على التونسيات أيضا وذلك لأسباب مثلها مثل بقية البلدان تكون سياسية واقتصادية اجتماعية. وأوضح أنه عندما هيمن اليمين الديني على السلطة في تونس بعد الثورة فتح الأبواب على مصراعيها لإرسال شبان تونسيين إلى سوريا بشكل خاص للقتال إلى جانب الجماعات التكفيرية وكان قادة سياسيون وشيوخ دين ينادون بذلك علنا ويوجهون الدعوات لهذا الغرض لإضفاء المشروعية الأخلاقية على ذلك العمل. ونوه إلى أن جماعات تسفير التونسيين لإلحاقهم بتلك التنظيمات نشطت بقوة ورصدت أموالا طائلة لهذا الغرض لأنها كانت مرتبطة بأجهزة استخبارات لدول متورطة في الحرب السورية. ولفت إلى أن المؤتمر الذي انعقد في تونس تحت عنوان أصدقاء سوريا شهد قطع العلاقات الدبلوماسية بين تونس ودمشق ما عزز هذا التوجه وانخراط هؤلاء في الارهاب والذي لم يكن منفصلا عن رغبة السلطة السياسية في تلك الأثناء. وأوضح أن الأوضاع الاقتصادية مثل البطالة والحرمان والتهميش التي كانت متفشية في المجتمع التونسي في ذلك الوقت بين أوساط الشباب مثلت تربة خصبة تم استغلالها لتلك الغايات. وأكد العليبي ضرورة إعادة فتح هذا الملف في تونس ونشر الحقائق وتحميل المسؤولية عما جري لاصحابها وبالتأكيد هناك أصناف مختلفة من هؤلاء الذين قاتلوا في سورياوالعراق وغيرهما والفرز في هذا المجال مهم والقضاء يمكن أن يؤدى وظيفته على هذا الصعيد، غير أن ذلك لا يمثل الحل الأمثل فهناك عمل عميق يجب القيام به على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية فالحرب على الإرهاب التكفيري طويلة وهي ذات جوانب عديدة ومتشابكة.