قادتني قدماي وقت الظهيرة إلي منطقة بولاق وتحديداً إلي سوق منطقة ناهيا فسمعت "خناقة" بين صاحب محل لبيع الدجاج وإحدي السيدات، وسمعته يقول "ياستي الرجول خلصت في هياكل لو عايزة "فسألتها "رجول؛ إيه فقالت "رجول الفراخ" اشتريها واطبخ عليها لاولادي. اسمها عواطف حسن 37 سنة أم لست بنات أكبرهن 9 سنوات، مات زوجها منذ عام في حادثة وكان يعمل نجار مسلح وتتقاضي الآن 150 جنيهاً معاش لها ولبناتها الست، وتعيش في غرفة أسفل أحد المباني في منطقة ناهيا ببولاق الدكرور. سألتها عن أحوالها واسرتها وكيف تعيش وماذا تأكل فأجابت اللحم والفراخ والأسماك لا تدخل البيت إلا إذا كانت هبة من أهل الخير في المواسم والأعياد ، والفاكهة بأنواعها لا يعرفون عنها شيئاً، كل الملابس للبنات تأتي من هبات أهل الخير، والعلاج عند المرض في المستوصفات الخيرية التي لا ندفع فيها شيئاً ، وعن بناتها قالت الست عواطف إن أكبرهن صفاء 9 سنوات، وابحث لها عن عمل كي تساعد في الصرف علي أخواتها، وللأسف لن استطيع أن اعلم أيا منهن لان "الحال زي ما أنت شايف" أضافت عواطف، أنها تشتري أرجل الفراخ أسبوعيا لتطبخ عليها أكلة لبناتها ذلك لارتفاع أسعار هياكل الفراخ والتي وصل سعر الكيلو منها إلي خمسة جنيهات. وقال أبو إسلام صاحب محل دجاج في سوق ناهيا: هناك صراع يوميًا علي الهياكل وأرجل الفراخ حيث إنه يبيع يميا ما يقارب من 60 كيلو أرجل فراخ، و200 كيلو هياكل، كما أن زبائن الرجول أكثر من 20 شخصا يوميا، وذلك يعتبر معدل اقل من المعتاد لأن الحكومة منذ أن قررت إغلاق محلات الفراخ ومنع تداولها هناك أزمة في إيجاد الفراخ وبالتالي لا يوجد أرجل ولا هياكل كي نبيعها للناس. أسرة عواطف مثال صارخ لملايين الأسر المصرية التي تدفعها الظروف الاقتصادية والغلاء المفرط إلي التضحية بالحد الأدني من آدميتها وتلجأ إلي أكلات يطعمها البعض لحيواناتهم. د. عبد المطلب عبد الحميد عميد البحوث والدراسات بأكاديمية السادات قال: لم يهتم احد بإجراء إحصائيات أو تقارير عن نسبة الأفراد الذين يأكلون أرجل وهياكل الدجاج ولكن نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر معروفون حسب آخر تقرير ويمثلون 40% من الشعب المصري، ولو قلنا إن نصف هذه النسبة لا يتحصلون إلا علي خسمة جنيهات يوميا، فسنجد أنه حوالي 20% من الشعب المصري يأكلون أرجل وهياكل الدجاج وهذه السلع تسمي السلع الدنيا جدا، ولا أعتقد أن أحداً حاول أن يحصر مثل هذه الفئات. أكد د. أحمد عبدالله زايد أستاذ الاجتماع وعميد كلية الآداب بجامعة القاهرة إن هؤلاء الناس يلجأون إلي مثل هذه الأكلات نظرا لفقرهم الشديد، وهناك كلمة شهيرة تقول" العند يولد الكفر" لكنني أقول هنا " الفقر يولد الكفر"، ذلك لان الفقر يجعل كل شئ مباح خاصة إذا كانت البطون فارغة، وغياب الوعي عند المصريين وارتفاع نسبة الأمية تجعل الناس تأكل أي شئ، والمعروف عن معدة المصريين أنها تهضم أي شئ وهذا بالنسبة للفقراء فقط. والغريب في الأمر إن الفئات الفقيرة تستمتع بهذه الأكلات وتتفنن في طهوها لأنه لا يوجد لديهم غيرها وللأسف هذا واقع حال الناس في مصر. وأضاف زايد ليس المصريون فقط الذين يأكلون أرجل وهياكل الدجاج إنما هذا حال جميع الفقراء في مختلف انحاء العالم خاصة بعد الأزمة الاقتصادية العالمية، وما نتج عنها من ارتفاع نسبة الفقر والفقراء علي مستوي العالم، ولذلك لا يجب أن نبالغ في رد فعل الشارع المصري لان الإنسان المصري قادر علي التكيف، ولذلك يجب أن نروض أنفسنا ونغير ما بأنفسنا ونقف أمام التغيرات التي تحدث في المجتمع. د. عبد الرحمن محمد عطية خبير التغذية قال إن حبوب منع الحمل التي يتردد إن البعض يعطيها لدجاج تكون هرمونات مخلقة لا يتم تمثيلها في جسم الطائر، تترسب كما هي في الجلد والدهون وتؤدي لزيادة في الوزن نتيجة لتراكم الماء حولها ولا تتأثر بالتخزين" التجميد" أو الطهي، تظل حتي يأكلها الإنسان، خطورتها تكمن أكثر مع الأطفال لان الآثار التراكمية للهرمونات تظهر مع البلوغ، بل تؤثر علي ظاهرة البلوغ الجنسي، بلوغ مبكر للفتيات والعقم للذكور. كما أكد عطية أن الهياكل والرجول غير آمنة لأنها لا تحتوي علي اي مواد غذائية والبروتين النباتي أفضل من الهياكل والأرجل لأنه لن يضر صحة الإنسان.