أغلقت قوات حكومية الطرق في الشطر الهندي من إقليم كشمير بالأسلاك الشائكة والحواجز الفولاذية اليوم الجمعة لمنع مسيرة احتجاجية ينظمها انفصاليون من الوصول إلى قرية قتلت فيها قوات هندية أربعة مدنيين وأصابت خمسة عشر آخرين في وقت سابق من الأسبوع الحالي. تحسبا لاحتجاجات مناهضة للهند بعد صلاة الجمعة في الإقليم ذو الأغلبية المسلمة، جابت عشرات الآلاف من عناصر القوات الحكومية في المنطقة. ورغم التدابير القوية اندلعت مظاهرات في عشرات الأماكن من كشمير وردد المتظاهرون هتافات معادية للوجود الهندي، كان من بينها "عودوا إلى الهند، عودوا." واندلعت اشتباكات في ما لا يقل عن 20 موقعا بعد إطلاق القوات الحكومية قنابل الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية على المتظاهرين الذين حاولوا الوصول إلى الطرق الرئيسية، وهو دفع المتظاهرين إلى الرد برشق قوات الأمن بالحجارة. كانت السلطات الهندية قد لجأت الى لفرض حظر تجوال صارم إضافة إلى حجب الاتصالات عدة مرات، غير أن ذلك كله لم ينجح في وقف الاحتجاجات طيلة ستة أسابيع، بالرغم من المعاناة التي يكابدها السكان في ظل نقص الطعام والدواء ومواد أخرى ضرورية. لا تزال المتاجر والشركات والمدارس مغلقة بسبب حصار أمني واضرابات احتجاجية منذ مقتل زعيم للمتمردين ذائع الصيت في الثامن من يوليو / تموز الماضي، ما أشعل فتيل عدد من أكبر الاحتجاجات ضد الحكم الهندي في السنوات الأخيرة. وقتل ما لا يقل عن ثلاثة وستين مدنيا وأصيب آلاف آخرون معظمهم برصاص وخرطوش القوات الحكومية التي استهدفت متظاهرين كانوا يلقون الحجارة. كما قتل شرطيان في الاشتباكات، وأصيب المئات من عناصر القوات الحكومية في الاشتباكات. ومنع المصلون من أداء صلاة الجمعة في المساجد الكبيرة للأسبوع السادس على التوالي، لكن السلطات سمحت لهم بالصلاة في المساجد الصغيرة. وفي إشارة على تصاعد الحملة ضد المتظاهرين المناهضين للوجود الهندي في الإقليم منذ الأسبوع الماضي، كثفت شرطة مكافحة التمرد وجنود الجيش من المداهمات المنهجية للأحياء واقتحام المنازل وضرب السكان لتخويف المتظاهرين. عكف متطوعون محليون على بذل قصارى جهدهم لتوفير الطعام والدواء لسكان الاحياء المحاصرة وتوزيع مساعدات في جنح الليل أو قبل الفجر في أغلب الأحيان. المتطوعون يديرون أيضا مطاعم اهلية في كل مستشفيات سريناغار الكبرى تقريبا وبلدات أخرى لتوفير الطعام للمصابين وذويهم. وقال اللفتنانت جنرال دي إس هودا، وهو أعلى مسؤول عسكري في كشمير، للصحفيين اليوم الجمعة إنه سيتم نشر جنود لتأمين الطرق السريعة وحركة المرور. حث هودا على الهدوء، وقال إن الجيش يأسف لمقتل استاذ جامعة في مركز احتجاز للجيش الخميس. وأضاف "هذه الأشياء لا تخضع للعقاب في أي مستوى (داخل الجيش).. هذا أمر غير مقبول" في هذه الأثناء، اندلعت معركة بالأسلحة النارية في قطاع كارناه بالقرب من خط العسكري الفاصل بين شطري كشمير، بعدما هاجم متمردون مستودع ذخيرة خاص بحرس الحدود الهندية، حسبما أفاد ضابط جيش تحدث شريطة التكتم على هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وأضاف الضابط أن ثلاثة جنود على الأقل أصيبوا ونقلوا جوا إلى مستشفى عسكري. وفي إسلام أباد، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية نفيس زكريا إن رئيس الوزراء الباكستاني كتب إلى مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان في جنيف يحثه فيها على إرسال بعثة للتحقيق "في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في كشمير التي تحتلها الهند". وفي وقت متأخر من ليل الخميس، أصيب سائق سيارة إسعاف بعدما أطلق عليه أحد عناصر قوات الأمن النار وهو يقود السيارة بوسط مدينة سريناغار حاملا مريضا بحاجة للرعاية العاجلة، حسبما أفادت الشرطة. تمكن السائق من توصيل المريض إلى مستشفى سارع لعلاجه هو الآخر. من جانبه، قال كيه.كيه شارما، وهو مسؤول أمني كبير، إنه صدر أمر بالتحقيق، مشيرا إلى وقف الشرطي الذي أطلق النار على السائق. أكثر من مائة سيارة اسعاف تعرضت لأضرار على مدار الأسابيع الستة الماضية خلال نقل مصابين لعدة مستشفيات. أنحى سائقو سيارات الاسعاف وجماعات حقوقية باللائمة على كل من القوات الحكومية والمتظاهرين في مهاجمتهم. كشمير منقسمة إلى شطرين أحدهما يخضع لسيطرة الهند والآخر لسيطرة باكستان وكلا الدولتين تزعم حق السيادة على الإقليم بالكامل. غير أن معظم سكان الإقليم يريدون إنهاء الحكم الهندي ويفضلون الاستقلال أو الانضمام إلى باكستان. أكثر من ثمانية وستين ألف شخص لقوا حتفهم منذ بدأت الجماعات المتمردة قتال القوات الهندية عام 1989 وخلال الحملات العسكرية الهندية اللاحقة.