الأربعاء القادم تبدأ فعاليات مهرجان المهرجانات "كان" في دورته التي تحمل رقم "62".. يواجه هذه الدورة مأزقين كل منهما يضرب بقوة المهرجان في مقتل.. الأول الأزمة الاقتصادية والسينما في نهاية الأمر مشروع اقتصادي.. كما أن المهرجانات تحركها أيضاً معادلات اقتصادية ولا يمكن أن نتصور أي مهرجان يقام فقط لأن هناك إدارة تريد أن تجمع الأفلام ولكن أي مهرجان له عشرات من أوجه النشاط يحتاج ميزانية ضخمة تصل إلي 20 مليون يورو.. والحياة في المهرجان تتأثر بذلك مثلاً السوق والدعاية.. وهكذا من الممكن أن تشعر مسبقاً بأن هناك تراجعا علي مستوي حالة الإنفاق والميزانيات التي ترصدها شركات الإنتاج لأفلامها.. كما أنه علي المقابل تتضاءل بالضرورة أعداد الصحفيين والنقاد ومحطات التليفزيون التي تعودت علي تغطية هذا الحدث العالمي لأن قنوات التليفزيون بعد الأزمة خفضت الميزانيات وأيضاً الصحف التي كانت ترسل محرريها إلي المهرجان تراجعت عن ذلك ومن المنتظر أن يتقلص عدد الصحفيين والنقاد قرابة 20% أي أن العدد المتوسط والذي كان يصل إلي 5 آلاف سوف يتقلص إلي 4 آلاف وربما يصل العدد إلي 3 آلاف!!ولم تضرب أنفلونزا الأزمة الاقتصادية فقط المهرجان ضربة قاسمة ولكن أنفلونزا الخنازير التي تتلخص شروط الوقاية منها في كلمة السر الوحيدة وهي الابتعاد عن التجمعات والارتباط الشرطي للمهرجان - أي مهرجان - هو الزحام الذي يصل إلي حد التدافع أي أنك عندما تذهب للمهرجان فأنت تضرب عرض الحائط بأول تحذيرات كل منظمات الصحة في العالم.. الناس تظل بالساعات الطويلة أمام قصر المهرجان وأمام الفنادق الكبري التي يقيم فيها النجوم العالميون ولا يستطيع أحد أن يتحرك بسهولة وسط هذه الكتل البشرية المتزاحمة.. أليست هذه هي أولي طرق العدوي خاصة إذا علمت أنك لكي تدخل إلي دار عرض تجد عشرات وربما مئات من الصحفيين والنقاد يتزاحمون قبلك علي الباب وإذا دخلت إلي دار العرض فإن السينما عادة مكتظة عن آخرها بكل البشر ومن كل الجنسيات أمريكا، كندا، الصين، المكسيك والتي يزداد فيها يومياً عدد ضحايا أنفلونزا الخنازير مما أضفي علي مجرد ذكر كلمة المكسيك خوفا من العدوي بهذا المرض القاتل أتصور أن الأمر سيصبح مع بداية فعاليات المهرج أشد خطورة ورغم ذلك فإن من يسافر إلي "كان" وتتعدد مرات حضوره مثل كاتب هذه السطور يصبح الأمر أقرب إلي حالة الإدمان ومن أجل الحصول علي جرعة الأفلام السينمائية تهون كل المخاطر!!من أهم ملامح هذه الدورة افتتاح المهرجان بفيلم رسوم متحركة ثلاثي الأبعاد "مجسم" اسمه "أعلي" ومن المنتظر أن توفر الشركة المنتجة نظارات يتم توزيعها قبل الدخول لمشاهدة الفيلم .. بالمسابقة 20 فيلماً روائياً بينها فيلم واحد عربي "الزمن المتبقي" لإيليا سليمان المخرج الفلسطيني وهو من عرب إسرائيل أي أنه ولد بعد 1948 - عام النكبة - داخل الشريط الأخضر وسبق وأن شاهدت لإيليا فيلمه الروائي "سجل الاختفاء" في منتصف التسعينيات ثم "يد إلهية" عام 2002 وهو يقدم في الأفلام الثلاثة همه الشخصي حيث يتناول علاقته كعربي بإسرائيل.. الفيلم الأخير كما أشار موقع المهرجان يتناول البعد التاريخي للاحتلال الإسرائيلي ويروي فيه حكايته الشخصية مع عائلته!!سوف تجد هذا الفيلم في جناح إسرائيل بالسوق حيث إن جهة الإنتاج هي إسرائيل والفيلم يحصل علي جنسيته من الإنتاج.. إلا أن الوجه الآخر للصورة هو أن المخرج المبدع فلسطيني والقصة أيضاً فلسطينية!! "إيليا" هو أحد أهم المخرجين العرب وهو يحرص دائماً علي إعلان هويته العربية وفيلمه "يد إلهية" الذي اشترك رسمياً في المهرجان قبل 7 سنوات حصل علي جائزة لجنة التحكيم الخاصة وهي الجائزة التالية للسعفة وسبق أن حصل عليها اللبناني "مارون بغدادي" عن فيلمه "خارج الحياة" عام 1991.. لكنه تظل أهم الجوائز التي حصلت عليها السينما العربية من المهرجان هي تلك التي كانت من نصيب "محمد الأخضر حامينا" - المخرج الجزائري المعروف - عام 1968 جائزة "الكاميرا دور" لأفضل عمل أول عن فيلم "ريح الأوراس" ثم بعد ذلك في عام 1975 حصل "حامينا" علي "السعفة الذهبية" - أفضل فيلم - عن "وقائع سنوات الجمر" ولا ننسي بالطبع "يوسف شاهين" العنوان المضيء للسينما العربية في "كان" حيث اشترك 12 مرة وحصل في اليوبيل الذهبي للمهرجان - 50عاما علي انطلاق المهرجان - 1997 علي جائزة عن مجمل أعماله حيث شارك في المسابقة الرسمية بفيلم "المصير" للسينما المصرية بعض المشاركات الرسمية ولكن خارج المنافسة علي الجوائز مثل "باب الشمس" إخراج "يسري نصر الله" عام 2004 وأيضاً الفيلم التسجيلي "البنات دول" إخراج "تهاني راشد" عام 2006 وتظل هذه الدورة برغم كل المخاطر التي تواجهها إلا أنها بمثابة أكبر تظاهرة تشمل عمالقة وأساطين المخرجين وأغلبهم لديهم أكثر من "سعفة ذهبية" مثل "المودوفار" الأسباني "أحضان محطمة" ومن أمريكا المخرج "كوينتين تارانتينو" بفيلم "أوغاد سيئو السمعة" يعود المخرج في الفيلم إلي الحرب العالمية الثانية.. ومن الأسماء الكبري بالمهرجان الاسترالية "جين كامبيون" بفيلم "نجمة لامعة" ولدينا أيضاً المخرج "لارس فون تراير" الدانماركي" بفيلم "المسيح الدجال" و الفيلم البريطاني "البحث عن إريك" إخراج "كين لوتش" والمخرج الصيني "انج لي" يقدم الفيلم الأمريكي "أخذ وود ستوك" ويترقب المهرجان خارج المسابقة في إطار المهرجان الرسمي وفي افتتاح قسم هام جداً وهو "أسبوعي المخرجين" المخرج الكبير "فرانسيس فورد كوبولا" بفيلم "تيترو".. و"كوبولا" قدم العديد من الأفلام الهامة مثل "الأب الروحي" ، "صفر الرؤية الآن".. هذه هي الدورة رقم "41" لقسم أسبوعي المخرجين" الذي بات يشكل أهمية كبري لدي كل المتابعين للمهرجان.. وكان قد سبق لمخرجنا الراحل "يوسف شاهين" أن عرض فيلمه "القاهرة منورة بأهلها" في هذا القسم عام 91 كما أن المخرج "عاطف الطيب" عرض فيلمه "الحب فوق هضبة الهرم" عام 1983 في هذا القسم وهي من المرات القليلة جداً التي اشتركنا فيها بالمهرجان خارج نطاق أفلام "يوسف شاهين" الذي حقق رقماً قياسياً علي المستوي العالمي!!نعم ربما كان فيلم الرسوم المتحركة الضاحك "أعلي" بداية حتمية حتي يتبدد الخوف من مخاطر الأزمة الاقتصادية التي تكشر أنيابها بقوة وأيضاً لمواجهة مخاطر أنفلونزا الخنازير التي لا تكفي لمواجهتها الكمامات ولكن ربما تنجح أكثر الضحكات في تحقيق حماية وأمناً لجمهور المهرجان!! ******* «المومياء» يبعث من جديد علي شاطئ الريفييرا !الساعة الرابعة مساء الجمعة القادمة بتوقيت مصر يعرض فيلم "المومياء" لشادي عبد السلام وهذا الفيلم هو أفضل أفلام السينما المصرية علي إطلاقها طوال تاريخها طبقاً لكل الاستفتاءات وهو الفيلم الروائي الوحيد الذي أخرجه "شادي عبد السلام" عام 1975 وظل علي مدي عمره حتي رحيله عام 1986 وهو يحلم بفيلمه الروائي الثاني "إخناتون" لكن الدولة كانت قد توقفت عن الإنتاج.. الفيلم لعب بطولته "نادية لطفي" ، "أحمد مرعي" ، "أحمد حجازي" ، "زوزو حمدي الحكيم" و"عبد العظيم عبد الحق".. قالت لي "نادية لطفي" إنها قررت أن تقدم دور ضيفة شرف صامتة في هذا الفيلم حتي تتحمس الدولة للإنتاج حيث إن الفيلم ليس به نجوم كما أن إيمانها بإبداع "شادي عبد السلام" كان حافزاً لا يمكن مقاومته لكي تقف بجانبه.. ولم تكن هذه هي المرة الأولي التي تتولي الدولة فيها مسئولية ترميم فيلم "المومياء" قبل أقل من عشره سنوات تم الترميم وتردد أن خطأ في المعمل أفسد النسخة ورصدت وزارة الثقافة هذه المرة 400 ألف جنيه لترميم نيجاتيف الفيلم وسوف يقدم "المومياء" المخرج العالمي "مارتن سكورسيزي" وذلك من خلال تظاهرة "سينمات العالم" وهي تظاهرة كنا نشاهد من خلالها كل عام أفلام العديد من دول العالم ولكن مصر تقاعست طوال تلك السنوات عن الحضور!!التواجد المصري سنراه مكثفاً هذه الدورة من خلال جناح قررت وزارة الصناعة إنشاءه لأول مرة وذلك بالتعاون مع غرفة صناعة السينما التابعة للوزارة ومن المنتظر أن تعرض من خلال الغرفة مقاطع من أفلام "احكي يا شهرزاد" ليسري نصر الله بطولة "محمود حميدة" ، "مني زكي" ، "أحمد الفيشاوي".. و"المسافر" إخراج "أحمد ماهر" بطولة "عمر الشريف" و "سيرين عبد النور" وهو أول فيلم تنتجه الدولة بعد 35 عاماً وذلك بغرض التسويق.. أيضاً تعرض في السوق أفلام "دكان شحاتة" إخراج "خالد يوسف" بطولة "هيفاء وهبي" ، "عمرو سعد" ، "عمرو عبد الجليل" ، "غادة عبد الرازق".. "واحد صفر" إخراج "كاملة أبو ذكري" بطولة "نيللي كريم" ، "إلهام شاهين" ، "زينة".. أما يوم الخميس فسوف تقيم شركة "جوود نيوز" أول عرض لفيلمها "إبراهيم الأبيض" إخراج "مروان حامد" بطولة "أحمد السقا" و "هند صبري".وهكذا تعود مصر للتواجد بقوة في السوق بعد أن اختفينا حتي من السوق في السنوات الأخيرة بعد أن تخلت وزارة الثقافة عن التواجد في السنوات الأخيرة فلعبت وزارة الصناعة هذا الدور ولكن يظل أن طموحنا الحقيقي والجدير بالسينما المصرية أن تعرض أفلامنا في المسابقة الرسمية ولا أتصور ذلك حلماً بعيد المنال!!