وزير التعليم العالي الفلسطيني يشيد بالدعم المصري لبلاده    الكندوز وصل ل 250..تراجع أسعار اللحوم في الأسواق    عاجل| مصدر أمني يكشف حقيقة استشهاد جندي آخر في حادث الحدود برفح    مجلس الوزراء يعقد جلسته عبر الاتصال المرئي برئاسة خادم الحرمين الشريفين    روسيا تطور قمرا جديدا للاتصالات    انتظام 24 لاعبا في معسكر منتخب مصر استعدادا لمباراتي بوركينا وغينيا بيساو    إصابة 12 شخصا إثر اصطدام ميكروباص بملاكي في البغدادي بالأقصر    عاجل.. براءة متهم من تهمة تزوير أوراق لتسفير عناصر الإرهاب إلى الخارج    وزيرة الثقافة تعلن أسماء الفائزين بجوائز الدولة للتفوق    خالد عبدالغفار: يجب تسريع وتيرة العمل للنهوض بصحة سكان إقليم شرق المتوسط    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    «عياد»: «دليل التوعية الأسرية» نتاج للتعاون بين الأزهر والكنيسة و«الصحة»    بيت الزكاة والصدقات ينتهي من المسح الشامل لقريتين في بورسعيد    رئيس جامعة دمياط يتفقد اللجان الامتحانية بالكليات    روسيا: لم نتلق وثائق رسمية من بولندا بشأن قيود مفروضة على تحركات دبلوماسيينا    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    التشيك تؤيد حق أوكرانيا في ضرب أهداف في الأراضي الروسية    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    إلغاء قطاري 1191 و1190 المارين بالمنوفية أيام الجمع والعطلات    جريمة جديدة داخل سيارة تابعة لتطبيقات النقل الذكي.. والضحية «راجل»    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق المحيطة    «بيت الحاجة» عرض لفرقة مصطفى كامل بمهرجان نوادي المسرح    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    شبانة: لجنة التخطيط تطالب كولر بحسم موقف المعارين لهذا السبب    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    تشكيل الدوري الإنجليزي المثالي بتصويت الجماهير.. موقف محمد صلاح    وزير الإعلام البحريني يزور جناح مدينة الإنتاج الإعلامي في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية بقرية البراجيل في ملوي غدًا    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    بالأسماء.. حركة تغييرات تطال مديري 9 مستشفيات في جامعة الإسكندرية    بشرى للمواطنين.. تفاصيل حالة الطقس ودرجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    الجنايات تعاقب عامل بالسجن 3 سنوات لإدانته بالاتجار في الحشيش    خلال زيارته للمحافظة.. محافظ جنوب سيناء يقدم طلبا لوفد لجنة الصحة بمجلس النواب    رئيس إسكان النواب: سنتابع أسباب عدم توفير الاعتماد المالي لشبكات الشرب في المنوفية    محافظ الجيزة: تطوير وتوسعة ورصف طريق الطرفاية البطئ    تفاصيل الساعات الأخيرة في حياة فؤاد شرف الدين.. «كان يقاوم الألم»    فيلم السرب الأول في شباك تذاكر أفلام السينما.. تعرف على إجمالي إيراداته    سعر كيلو السكر في السوق اليوم الثلاثاء 28-5-2024    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    حل وحيد أمام رمضان صبحي للهروب من أزمة المنشطات (تفاصيل)    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    مراسل القاهرة الإخبارية: الآليات الإسرائيلية تسيطر ناريا تقريبا على معظم مدينة رفح الفلسطينية    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    مواعيد مباريات الثلاثاء 28 مايو - كأس مصر.. ودوري السلة    مشيرة خطاب: النيابة العامة من أهم السلطات الضامنة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    الأهلى يواجه سبورتنج فى نهائى دورى سيدات السلة    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    عاجل| وفاة الشاعر اللبناني محمد ماضي    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-5-2024    حمدي فتحي: أتمنى انضمام زيزو لصفوف الأهلي وعودة رمضان صبحي    جولة ل«المصري اليوم» بسوق الأضاحى فى شبين القناطر.. الخروف يبدأ من 12 ألف جنيه    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"ألف جناح للعالم".. رحلة أسطورية للبحث عن النهار
نشر في صوت الأمة يوم 11 - 06 - 2016

لا يمكن قراءة الرواية الأخيرة للروائي المصري محمد الفخراني "ألف جناح للعالم"، والصادرة أخيراً عن دار "الكتب خان" بالقاهرة بمعزل عن تجربته الإبداعية السابقة، فهي بمقدار بعدها عن روايته الأولى شديدة الواقعية "فاصل للدهشة"، بمقدار قربها من عوالم ثلاثيته القصصية التالية لها، أو مجموعاته القصصية الثلاث "قصص تلعب من العالم"، و"قبل أن يعرف البحر اسمه"، و"طرق سرية للجموح".
في المجموعات الثلاث، يخترع محمد الفخراني عالماً من البداية، قبل وجود الإنسان، ويعيد تشكيله وفق هواه، محتفظاً ببعض القواعد التي تربط هذا العالم، مثل العلاقات بين المحسوسات والجماد والحيوان، لكن في روايته الجديدة، التي تصلح لأن تكون "فاصلاً حقيقياً للدهشة"، يعيد تحطيم كل هذه الفواصل، بل تحطيم أي شيء تعرفه أو تتخيله عن العالم، ويعيد تشكيله من جديد، حتى أنك يمكن أن تلمس الموسيقى، وتأكل النور، بل يحطم المنظومة التقليدية للتناسل، فنرى بطلة الرواية بلا أب ولا أم، لأنها تنتمي إلى نسل يتكون من حفيدة، وجدة، وهكذا إلى ما لا نهاية.
قد لا يصدق، أو يتوقع قارئ رواية الفخراني الأولى "فاصل للدهشة" التي كانت ترصد عالم المهمشين في مصر بتفاصيل شديدة الواقعية والألم، أن تكون روايته الثانية قفزة لعالم آخر، شديد الرقة والخيال، فإذا كانت روايته الأولى غارقة في عنف الواقع ومأساته، فإن روايته الثانية تسبح في عوالم حلمية، وتطرح أسئلة شديدة البساطة، شديدة التعقيد شديدة الجديدة حول ماهية الكون وطريقة تكوينه، حتى تبدو الإجابات التي تقدمها أسئلة متنكرة، كما يقول في صدر روايته. ويراهن الفخراني بهذا البون الشاسع بين الروايتين على قارئ مختلف، قد يكون مختلفاً عن قارئ روايته الأولى التي لاقت رواجاً كبيراً، ودون أن يعيد نفسه حتى يحافظ على هذا النجاح. بل يمكن القول إن الفخراني يتحدى نفسه بهذه الرواية التي يراهن بها على قوة الفن، وسطوته وقدرته على النجاح، وجذب قراء من شرائح مختلفة، وطرح مشروع لعالم روائي مختلف لم تطأه قدم من قبل.
يتبادر إلى ذهن قارئ رواية "ألف جناح للعالم" سؤال منذ صفحاتها الأولى، مع كم الغرائب، والمفارقة للخيال في كل تفاصيل الرواية، هل هذه رواية أسطورية على غرار "ألف ليلة وليلة"؟، وهل لو قيض لكاتب "ألف ليلة وليلة" أن يكتبها في عصرنا هذا، مع ملاحظة التطور التكنولوجي والمعرفي والحسي، ستكتب بهذه الطريقة؟، فعلى غرار العجائب التي كان يقابلها سندباد، أو عبد الله البري أو عبد الله البحري في رحلاتهم، تقابل بطلة الرواية "سيمويا" عجائب أخرى في رحلتها الاستكشافية، في روايتين متوازيتين، تبحث في إحداهما عن النهار، والأخرى في مهمة لا نعرف كنهها ولا نعرف متى تنتهي، لكن الرحلة في النصين المتوازيين المتداخلين، تتحول إلى رحلة أسطورية، نرى فيها القبطان المذهول، والفتاة التي تخيط قلبها، والأم التي تطعم أطفالها من جسدها، وشجرة العيون، والكنجارو الرسام، وشجرة الخبز، وجبل النور، وبيوت المشاعر، والوحش الحنون، وعوالم الجن، وأرض البسكويت وأرض الملابس الجديدة وأرض الشيكولاته، وبيت الخوف، والمدخل إلى اللا ليل لا نهار، ومقابر الورد، والمدن الطافية، وغيرها من العوالم المبتكرة التي يعيد بها الفخراني تشكيل العالم وتشكيل حواسه أيضاً.
نحن أمام عشرات الحكايات العجائبية الصغيرة، الممتزجة ببعضها والمتضافرة، والتي يمكن قراءة كل منها على حدة كنص مستقل، كما يمكن قراءتها في سياق رحلة سيمويا الغرائبية، والرحلة هي جوهر هذه الرواية، سواء كانت للبحث عن النهار، أو البحث عن الحب، كما يحدث في النصف الأخير من الرواية مع سيمويا، أو حتى لاكتشاف الذات،، وحل اللغز، هل سيمويا تقرأ قصتها أم قصة أخرى، وهل سيحبها دوفو أم لا؟ وهل يحدث ما قرأته في كتاب القدر(أوراق الليل) أم لا، وإذا كان بعضه قد حدث فلماذا لم يحدث باقيه؟ وهل الإنسان مجبر أم مخير؟ هل بإمكانه أن يغير مستقبله وقدره، هل الحياة مجرد دائرة لا تنتهي تتكرر أحداثها مع تكرار التسلسل البشري في شجرة الحياة؟ عشرات الأسئلة المتعلقة بالزمن، وعلاقة الإنسان والكون به، والتي تنساب في خفة تنقل الفراشات وسعي سيمويا وراءها بحثاً عن إجابة أسئلتها الوجودية، والتي تستدعي من القارئ أن يخلع ذاكرته المعرفية ويستسلم لعالم آخر، بأحداث وتركيبات مغايرة لما اعتاد، حتى يستطيع أن يعثر على إجابة.
قد يظن القارئ في الصفحات الأولى للرواية أنه بصدد رواية من الخيال العلمي، خاصة مع أجواء الرواية التي يبدو أنها تدور في المستقبل القريب، لكن الفخرانئ ما يلبث أن يأخذ في أجوائه الأسطورية، في روايتين متوازيتين، غير متماستين، لا تتقاطعان إلا في الصفحات الأخيرة، إحداهما تبحث عن النهار، والأخرى تقرأ عن الليل. من الممكن هنا طرح عشرات التفسيرات، وإعادة تفسير العالم، وإعادة تفسير تصنيف الرواية التي بالرغم من ذلك تمتاز برقة شديدة، فهي تدور في أجواء حلمية، بل تكسر الحاجز بين الحلم والواقع، فيتداخلان، ومع وجود كل التفاصيل التي كان يمكن أن تحولها إلى رواية شديدة الرومانسية، من حب بطلة الرواية للشيكولاته مروراً بالفراشات، والبحر والنجوم، التي تتنقل بين صفحات الرواية، إلا أن الفخراني استطاع أن ينجو بها من هذا الفخ، ليقدم رواية عن أسئلة الحب، (من أحب نجا)، عبر قصة حب، تطرح الأسئلة ولا تقدم الإجابات.
يدرك القارئ أن هذه رواية صعبة، سواء في قراءتها أو كتابتها، ففي قراءتها يفاجأ القارئ في كل صفحة من صفحاتها التي قاربت الخمسمائة، وربما في كل سطر، بتغير جديد في عالمه الاعتيادي، أما صعوبة كتابتها فتجعل القارئ يشفق على المؤلف، لأنه ليس من السهل نسف الذاكرة المعرفية للإنسان وإعادة بناء عالم متكامل ومبهر في كل تفاصيله بهذا الشكل.
في روايته الجديدة يقفز "ألف جناح للعالم"، يقدم محمد الفخراني ألف حكاية مغايرة وألف سؤال متنكر في هيئة إجابة، وألف دعوة للنجاة بالحب، ويقفز قفزة كبيرة في بناء عالمه الروائي الخاص والمتميز، والذي لا يشبه أحداً غيره، ويبدو شغوفاً بأن يقدم عالماً جديداً ورواية متفردة، وقد فعل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.