حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام العربى» تعيد تقديم الروائى العالمى..أمين معلوف "مغامر" بالكتابة فى وجه الريح
نشر في الأهرام العربي يوم 29 - 09 - 2014


مصطفى عبادة - رشا عامر
منذ ما يقرب من العام دخل «أمين معلوف» (المولود فى 25 فبراير 1949) القصر الرئاسى فى بيروت لأول مرة فى حياته، كان بصحبة وزير الخارجية الفرنسى، الذى انبرى بفخر فى تعريف القادة اللبنانيين بمعلوف عضو الأكاديمية الفرنسية والروائى الشهير، وفى الحدث ذاته كان معلوف ضيفا على معرض الكتاب الفرنكفونى، وتحدث آنذاك عن "عائلة أمه ذات الأصول الشامية التى هاجرت إلى مصر"..كانت الإنجليزية والفرنسية والعربية لغات تعكس مشارب العائلة المتعددة، لكن الدرس الأول والأهم الذى تعلمه "معلوف" هو "الأخطاء الإملائية فى اللغة العربية ممنوعة" ولأننا كلنا فى الهم شرق، فبعد أيام من تكريم "معلوف" فى القصر الجمهوري، بمنحه وسام الأرز، وطباعة بريد تذكارى باسمه، كانت الجرافات تهدم المنزل الذى قضت فيه أسرته أربعين عاما.
لقد استوردنا "معلوف" من لغة أخرى، لم نكتشفه إلا بعد أن تناقلت اسمه وكالات الأنباء فائزا بأرفع الجوائز العالمية، بعدها صار "موضة فى الكتابة لدينا" لكننا تغافلنا عن رفضه للتشابه حين قال: "هل هناك ما يدعو للاغتباط لرؤية البشر أكثر تشابها؟ أى أن نكون سائرين نحو عالم رمادي، لن نتكلم فيه عما قريب سوى لغة واحدة، ويتقاسم فيه الجميع الحد الأدنى من المعتقدات، ونتابع فيه على شاشة التلفاز المسلسلات الأمريكية عينها، ونمضغ الشطائر نفسها"..هكذا تكلم صاحب "الهويات القاتلة" وهذا ما تكشف عنه فى هذا الملف سيرته الذاتية، مثلما يكشف الملف أيضا عن أن الروايات العربية لا خيال فيها، فكلها يكتب التاريخ بطريقة ما، لكن الوعى الحقيقى يأتى من جيل الكتاب والنقاد الشباب، بما أنجزه "معلوف" كاتبا وروائيا كبيرا هو فى النهاية ابن ثقافتين، لذا يبحث دائما فى نقاط التاريخ المفصلية وانعكاساتها على شخصياته الدرامية.
الأهرام العربى وهى تقوم بهذه الزيارة إلى عوالم «معلوف» تعيد تقديمه إلى القارئ العام والخاص.
من القاهرة إلى بيروت إلى الأكاديمية الفرنسية.. «لبنانى» يضىء مرافئ الغرب
المنفى والرحيل هما تيمة ثابتة فى أعماله الأدبية كلها،حيث يقسو على نفسه وعلى العرب بكشف عدم القدرة على التسامح لديهم.
توقف طويلا عند مسألة الأقليات ومع قضية المرأة التى تشكل من وجهة نظره أبرز مؤشر للتقدم الأخلاقى أو العودة إلى الوراء، إنه أمين معلوف الكاتب اللبنانى الذى هاجر إلى فرنسا ليصبح واحدا من أشهر روائييها بل ويجلس على مقعد الأنثروبولوجي الكبير الراحل كلود ليفي ستروس بالأكاديمية الفرنسية.
ولد أمين معلوف فى بيروت فى 25 فبراير 1949 لكنه قضى سنوات طفولته الأولى فى مصر، حيث تربى فى منزل جده لأمه الذى كان يعمل بالتجارة محققا ثروة طائلة، لكن سرعان ما عاد معلوف الى بيروت مع عائلته عام 1935، حيث كان والده صحفيا وشاعرا ورساما معروفا فى الأوساط اللبنانية، فضلا عن أنه ينحدر من عائلة تربوية أغلب أفرادها من المعلمين ومديرى المدارس، وبرغم أن معظمهم ينتمون إلى طائفة من الروم الكاثوليك والأرثوذكس، فإن بعضهم تحول إلى البروتستانتية. كانت والدة معلوف من عائلة مارونية فرانكفونية ولها فرع فى إسطنبول مما كان له عظيم الأثر على خياله، حيث شكلت رمزية عالية فى أعماله، ولعل تعدد الأوطان ذلك هو الذى يفسر لنا لماذا يشعر دوما بأنه أقلية وغريب عن العالم، فهو فى الوطن العربى "مسيحى" وفى العالم الغربى "عربى" ! تلقى معلوف دراسته الأولية فى بيروت فى مدرسة الجيزويت الشهيرة، وكانت أولى قراءته للأدب باللغة العربية بما فى ذلك كلاسيكيات الأدب الغربى، فإن أولى محاولاته فى الكتابة كانت باللغة الفرنسية التى كانت بالنسبة له فى ذلك الوقت لغة الظل بينما العربية هى لغة النور، درس معلوف علم الاجتماع والاقتصاد فى جامعة القديس يوسف ببيروت، حيث التقى "أندريه" وهى معلمة متخصصة تزوجها عام 1971 قبل أن يصبح صحفيا فى جريدة النهار اللبنانية، التى نشر فيها العديد من التقارير الدولية..اندلعت الحرب اللبنانية عام 1975 مما أجبر معلوف على مغادرة لبنان قبل أن تلحق به زوجته بصحبة أطفالهما الثلاث لتستقر الأسرة فى فرنسا هربا من جحيم الحرب. نجح معلوف فى العمل كصحفى بإحدى المجلات الاقتصادية الفرنسية المتخصصة قبل أن يتولى رئاسة تحرير مجلة "جون أفريك " والتى تعنى بالعربية "إفريقيا الشابة". والغريب أن محاولات معلوف فى الكتابة الأدبية لم تخرج أبدا إلى النور حتى ذلك الحين.
لكن عندما جاء عام 1981 وقع معلوف أول عقد أدبى له مع جون كلود لاتييه الذى نشر له أول أعماله الأدبية وهو "الحروب الصليبية كما رآها العرب" والذى نشر عام 1983 لتأتى بعدها روايته "ليون الإفريقى" والتى ظهرت للنور عام 1986 والتى حققت نجاحا منقطع النظير فور صدورها ليقرر بعدها معلوف التفرغ للكتابة الأدبية..توالت روائع معلوف الأدبية، حيث جاءت رائعته الجديدة "سمرقند" التى دارت حول عمر الخيام باعتباره أهم شخصية أدبية فى الرواية التاريخية المغرقة فى سحر الشرق..وفى عام 1992 جاءت روايته «القرن الأول بعد بياتريس»، مختلفة عن باقى رواياته، إذ أخذت طابعا غير نمطى، ينقل لنا نظرة قلقة على مستقبل الحضارات، وذلك قبل أن يأتى عام 1993 حاملا لمعلوف أول مفاجأة سارة فى حياته الأدبية وهى فوزه بجائزة جونكور الأدبية عن رائعته "صخرة طانيوس" التى دارت حول جبال لبنان التى قضى فيها معلوف طفولته وكان يعود إليها كل بضعة أشهر ليستقر هناك فى كوخ أحد الصيادين، مواصلا كتاباته الأدبية، لكنه أبدا لم يتناول الحرب اللبنانية إلا عام 1996 فى روايته "موانئ الشرق" التى تحدث فيها عن الحرب التى اضطرته لمغادرة وطنه الأم.
جاءت الألفية الثانية لتحمل توجها مختلفا لدى معلوف ففى عام 2000 قرر خوض تجربة كتابة نص أوبرالى عنوانه "الحب عن بعد" مع أحد الملحنين الفنلنديين لتعرض هذه الأوبرا فى مهرجان سالزبورج، وقد لاقت نجاحا كبيرا واستحسانا من قبل الجمهور والنقاد، مما شجعه على كتابة ثلاث أوبرات أخرى لاقت قبول الجميع أيضا بعد عرضها فى "أوبرا دى ليون" ..قرر معلوف التركيز على الأعمال التى تدور حول سيرته الذاتية، فبعد مؤلفه "رحلة بالداسارى" كتب «اختلال العالم»..وفى عام 2012 أصدر "التائهون.. التأثير والإلهام". بدا معلوف متأثرا بأعمال توماس مان وألبير كامو وليو تولستوى وتشارلز ديكنز، وكذلك عمر الخيام ومعظم الأشعار العربية، وتميزت روايات معلوف بتجاربه مع الحرب الأهلية والهجرة، كما وضحت فيها فكرة التجول بين الأراضى المختلفة وما تحمله من لغات وبين الأديان أيضا. ففى كتابه «الهويات القاتلة» يتناول المشاعر الإنسانية والسلوك البشرى ساخرا منهما عندما تتعارض رغبته فى إثبات هويته مع الآخر، صرخة غضب كبيرة وحادة أراد منها معلوف أن يحذر الجميع، بأن الباخرة على وشك الغرق، لكن هناك بصيصا أمل لا يزال موجودا، من هنا جاء النداء بأنه يجب تدارك الأمر قبل فوات الأوان. استمد معلوف -الذي أصبح في 2012 ثاني كاتب عربي يدخل الأكاديمية الفرنسية بعد الجزائرية آسيا جبار - روح أغلب رواياته من المادة الخام التي توفرها الوثائق التاريخية فالغوص في الجذور هو ما فعله طيلة ثلاثين سنة من الكتابة..على المستوى الإنساني يؤكد معلوف أن أى شخص يستطيع البقاء وفيا لقيمه التى ورثها دون تهديد القيم التى يحملها الآخرون، وقد ظهر ذلك جليا فى كل أعماله، ففى "سمرقند" تدور القصة حول مخطوطة عمر الخيام التى تضيع فى نهاية المطاف فى حادث غرق السفينة تايتانيك. وفى رواية «مرافىء الشرق» يلتقى الكاتب نفسه مع بطل الرواية ويجرى معه الحوارات بينما فى "رحلة بالداسار" فإن البطل هو بائع الكتب الذى يكتب قصته فى أربع مخطوطات مختلفة يخسر ثلاثة منها فى سلسلة متوالية من المغامرات بينما البطل فى ليون الإفريقى هو حسن الوزان التاجر والدبلوماسى والكاتب العربى الأندلسى الذى تناولت الرواية قصة حياته تماما مثلما تناولت "سمرقند" السيرة الروائية للشاعر عمر الخيام..سعى معلوف إلى بناء جسور التواصل بين الثقافات والحضارات متمسكا بخوض معركته الأساسية ضد كل أنواع التمييز فى اللون والعرق والدين والطائفة والطبقات، مؤكدا أنه حتى لو كان تغيير العالم عن طريق الكتابة هو مجرد وهم ..لكنه فى النهاية وهم صحي، من دونه لا معنى لا للكتابة ولا للحياة برمتها..ترجمت أعمال معلوف إلى لغات عديدة ونال عدة جوائز أدبية فرنسية منها جائزة الصداقة الفرنسية العربية عام 1986م عن روايته ليون الإفريقي، وحاز على جائزة جونكور، كبرى الجوائز الأدبية الفرنسية، عام 1993 عن روايته صخرة طانيوس. وبشكل عام تميز مشروعه الإبداعي بتعمقه في التاريخ من خلال ملامسته أهم التحولات الحضارية التي رسمت صورة الغرب والشرق على شاكلتها الحالية كما ارتكزت فلسفته الكتابية على ما أسماه بالنظرة المتطرفة التي سادت منذ ثمانينيات القرن الماضي، إنها الطائفية التى تشكل نفيا لفكرة المواطنة والمشكلة من وجهة نظره أنه لا يمكن بناء نظام سياسي حضاري على هذا الأساس.. ويرى معلوف أن ما حدث من ثورات هو أهم ما حصل في العالم العربي منذ قرون، فهذه النهضة الجديدة وهى نهضة الحريات والمطالبة بالديمقراطية ستغير العلاقة بين العالم العربي وأوروبا وبين العالم العربي وإفريقيا، ستغير النظرة إلى العالم العربي ليس فقط من قِبل الغرب، لكن أيضاً من قِبَل العرب أنفسهم، فقد كان العرب على حد تعبيره في علاقة سيئة مع أنفسهم وكانت نظرتهم إلى أنفسهم نظرة عدم ثقة وكانت أحياناً نظرة ازدراء للذات وهذا بدأ يتغير.
كتاباته كشفت موت الخيال عند الكتاب العرب.. التاريخ غير موجود فى روايات «معلوف»
إذا سمعت كلمة «الرواية والتاريخ»، فإن نتيجة منطقية واحدة سوف تتبادر إلى ذهنك وهى: أن الروائى الذى فعل ذلك، ولجأ إلى التاريخ إنما يريد مساءلة ماضيه، وأحيانا محاكمته، ليضىء بتلك المساءلة قضية معاصرة له، يخشى تناولها بشكل مباشر، خوفا أو رهبة أو جبنا، وأحيانا طمعا فى ذهب الحاكم، كما رأينا فى الروايات التاريخية المكتوبة لصدام حسين فى عزه وسطوته..من المسئول عن هذا الربط المنطقى الذى شع فى ذهنك وصار ارتباطا شرطيا إزاء مقولة «الرواية والتاريخ»؟ هل هو الروائى؟ أم طبيعة العصر الذى نعيش فيه ونظام الحكم السائد فى ذلك العصر؟ أم هى حاجة القراء لاستهلاك هذا النوع من الفن؟
فى الواقع إن حاجة القراء وذوقهم لا دخل لها فى هذا الأمر على الإطلاق، الآن على الأقل، باستثناء الفترة الزمنية التى كتب فيها جورجى زيدان رواياته التاريخية، وصار رائدا فى هذا الاتجاه ليس رائدا فى فن الرواية، بحكم حركة النهضة المصرية وقتها، وإنما فى هذا النوع من القراءة للتاريخ، فالقصد هو الرواية التاريخية الآن، فى لحظة يستطيع فيها أى تلميذ أن يذهب إلى مرحلة معينة من التاريخ فى غمضة عين، والأسئلة السابقة كلها مسئولة عن هذا الربط الشرطى بين النتيجة والمقولة..هل نجحت الرواية العربية فى استلهام التاريخ؟ ذلك ما لم يجب ولن يجيب عنه أى باحث أو ناقد لماذا؟ ببساطة: لأن الرواية العربية بكل تنوعها وغناها وأجيالها هى رواية تاريخ ليس بمعنى الماضى، بل بمعنى أنها واقعة دائما فى فخ النظر تحت قدميها، فخ التأريخ للواقع المعاش، رواية تخاصم الخيال، لا تعرف إليه طريقا، وإن ابتعدت عن الواقع كواقع، لجأت إلى سيرة حياة الكاتب نفسه، انظر إلى مرحلة نجيب محفوظ ما بعد أعماله التاريخية الصريحة، تأمل مثلا: ميرامار، أو اللص والكلاب، أو السمان والخريف، وما قولك فى «عودة الوعى»، و«السلطان الحائر» لتوفيق الحكيم دعك من: «عصفور من الشرق»، أو «زهوة العمر» لأنهما فى صلب فن السيرة الذاتية بامتياز، وقل لى أين الخيال فيما كتب هذان الكبيران؟ لقد كانا واقعين تحت رحمة الواقع، باعتباره تاريخهما المعاين، وصرنا نطلق على نجيب محفوظ، حتى وهو بيننا، مؤرخ القاهرة القديمة، وفق هذا التفسير يمكنك فهم روايات من مثل: عمارة يعقوبيان، لعلاء الأسوانى، و«الفاعل» لحمدى أبو جليل، و«فاصل للدهشة» لمحمد الفخرانى، وكل روايات سعد القرش، على أنها تاريخ محض، فالأسوانى وأبو جليل والفخرانى أرخوا بالمعنى المباشر لواقعهم، ولم يلجأوا إلى الماضى البعيد، ليلبسوا شخصيات تاريخية رؤاهم المعاصرة، وهكذا يمكنك أن تعامل الكثير من الروايات التى تصدر الآن، ذلك أن المأزق الحقيقى، الذى هو كارثة العرب «إنه الخيال» يا عزيزى، وأمة بلا خيال، كيف يمكن أن ترى مستقبلها؟
هذا عن الكاتب والروائى العربى، المقيم فى هذه المنطقة، فما الذى يدفع كاتبا عربيا مقيما فى الغرب، وصار أقرب إلى المستشرق، ما الذى يدفعه إلى اللجوء إلى الرواية التاريخية بمعناها الحرفى وأعنى به «أمين معلوف»..يجيب معلوف نفسه فى حواره مع عبده وازن بالقول:فى رواياتى بشكل عام عندما آخذ شخصية تاريخية معينة تكون الأمور المعروفة عنه تاريخيا محدودة. هذا ما فعلته مع «ليون الإفريقى»، ومع «عمر الخيام»، أو«مانى»، آخذ الأشياء الثابتة تاريخيا وهى غالبا يمكن إيجازها فى عشرين صفحة، لكننى أجرب أن أقرأ كل ما أستطيع أن أجده عن تلك المرحلة، تاريخيا واجتماعيا وسياسيا، وعندما أحكى عن هذه الشخصية أحاول قدر الإمكان أن أحترم الأمور المعروفة عنها، وعندما أتكلم عن المرحلة أحترم أيضا الأمور التى حصلت فعلا فى تلك المرحلة، مثلا لا آتى ببطل من الهند وأجعله يحتل طهران.
الملاحظ هنا أن أمين معلوف يجعل من التاريخ الوقائعى المتعلق بالأشخاص أو المراحل الزمنية، نقطة انطلاق يبنى عليها بشكل خيالى رؤية جديدة لتاريخ قديم، أى أنه يحاول تفسير التاريخ، بما أتيح له فى عصره من معارف جديدة، لكن السؤال يبقى معلقا فوق رؤوس الجميع هل التاريخ نقطة انطلاق أم لحظة وصول، غالبا كل روائيينا بما فيهم معلوف نفسه، يجعلون التاريخ قاعدة انطلاق، لا محطة وصول، ومحطة الوصول تعنى الهدف من وراء استدعاء التاريخ، إذن هل استعادة الماضى تعنى إلقاء ضوء جديد على الحاضر، ولدى معلوف بالتحديد، الإجابة نعم، كما يراها معلوف نفسه: «صحيح كليا»، لكننى أقول إن هذا القول لا ينطبق فقط على الرواية التاريخية، كتابتنا التاريخ هى مقاربة لفهمنا التاريخ اليوم، وكما نحتاج إليه اليوم، التاريخ بحد ذاته غير موجود، هناك كمية لا نهاية لها من الأحداث، إننا ننتقى من كل مرحلة تاريخية ما نعتبر أنه يملك معنى، وهو معنى يختلف عن المعنى الذى كان يقال به قبل مائة سنة أو مائتين، ثم نعطيه تفسيرا وسياقا يعنيان لنا شيئا، فنحن فى الحاضر اليوم واهتماماتنا مختلفة، وكلما نظرنا إلى التاريخ ننظر إليه فى طريقة تجعله يصل إلينا نحن المعاصرين، لذلك حين نتحدث عن الرومان اليوم، يختلف كلا منا عن كلام الذين تحدثوا عن الرومان فى القرن السادس عشر وما قبل الأحداث نفسها، يصبح لها على مر الزمن معنى آخر، وهذا صحيح للرواية التاريخية مثلما هو صحيح للتاريخ أيضا.
هذا الكلام يفسر لك لماذا صار أمين معلوف فى مرحلة ما موضة فى القراءة، ومن ثم مغريا بالتقليد لدى بعض كتابنا، إنه أولا فى رؤيته للتاريخ أقرب إلى المستشرق الذى يقدم لك تفسيرا مختلفا لتاريخك، وثانيا يستفيد فى عمله من المعارف الجديدة لمجريات التاريخ القديم ومحاولة توظيفها فى السياسات الحالية، وثالثا وهو الأهم إنه يقدم كتابة تعجب الغرب، الذى لم ينس تاريخه يوما، وتذكر أن أول كلمة قالها بوش الابن بعد ضرب برجى التجارة: إنها «حرب صليبية»، وتذكر أن الرئيس كلينتون كان دائم القراءة فى كتاب «سقوط الإمبراطورية الرومانية».
أمين معلوف من الذكاء بحيث يدرك هذه الروح الغربية ثم يحاول إشباعها، الأغرب أن يفعل ذلك من يعيشون بين ظهرانينا فيسيرون فى هذه الطريق نفسها، فيكتب طارق إمام «الحياة الثانية لقسطنطين كافافيس» دون النظر إلى روح الاستغراب فى هذا الأمر، وإلى الميول القرائية لدى الجمهور.
إذا كان أمين معلوف كسر القاعدة، وخلق لهذا النوع من الروايات جمهورا هو غربى بالأساس، فأيهما يجد صدى لدى القراء الآن؟
رواية تربط قدميها بالواقع وبأحداث التاريخ أم رواية خيالية، قائمة على تخيل محض، الإجابة تتمثل فى رواية «العطر» لباتريك زو سكيند، أو فى مائة عام من العزلة لماركيز، وغيرها من عشرات الروايات التى كان الخيال حاديها، وعلى ضوء ذلك لابد أن نسأل السؤال الأساسى: هل نحن فى حاجة إلى أمين معلوف؟ هل نحن فى حاجة إلى التاريخ؟
مبدعون ونقاد يرسمون صورة له من قريب.. المغترب الأبدى صاحب الرؤية الاستشراقية
عرفناه من وكالات الأنباء لا من منجزه الروائى، وعبر المترجم المهم «عفيف دمشقية» فعن طريقه صار «معلوف» هو الروائى الأكثر استهلاكا فى فترة ما، بل إنه تحول إلى صرعة روائية، وامتدت قراءته لأجيال متعاقبة، وكل لديه رؤية خاصة عن كتاباته المختلفة، فكيف تلقى أبناء هذا الجيل ما كتبه «معلوف» وكيف تفاعلوا معه واشتبكوا مع أطروحاته التى اشتبكت بدورها مع اللحظات المفصلية فى تاريخ العالم أو تلك المنطقة المنكوبة بالصراع بين الهويات، وإقصاء الآخر. هنا شهادات كتبها مبدعون ونقاد شباب عن رؤيتهم لكتابات معلوف.
د. أيمن بكر: مبدع عابر للثقافات
يصعب فهم كتابات أمين معلوف بعيدا عن تكوين ثقافى أتاح له الانفلات من أحادية الرؤية التى تسجننا فيها الثقافات الأم واللغات الأم، أمين معلوف لبنانى تزوج والداه فى القاهرة وعاش حياته معظمها فى أوروبا (فرنسا تحديدا) وكتب الرواية والمسرحية والتحليل السياسى بأكثر من لغة من منظور المثقف العضوى المنخرط فى هموم جنسه الإنسانى وتطلعاته، ولعل هذا ما يتضح فى رواياته التى تشكل الجانب الأعظم من إنتاجه الإبداعي. أتيح لى أن أقرأ عدة روايات لمعلوف كان أكثرها قربا منى روايته المشهورة «سمرقند» وبعدها تعرفت إلى كتاباته السياسية لتكتمل لدى صورة عن مثقف مبدع يقترب كثيرا مما كان يتحدث عنه إدوارد سعيد.
ينخرط معلوف فى لحظته التاريخية بوعى نافذ ويقف فى الوقت نفسه على مسافة ضرورية للمثقف المنظر الراغب فى فهم الواقع الثقافى العالمى وليس الساعى لفرض رؤاه على هذا الواقع من زاوية ثقافة بعينها، كما أن حالة الاغتراب اللصيقة بمسيرة حياته أتاحت له ما يشير إليه إدوارد سعيد من الوقوف على مسافة تمنحه القدرة على إدراك العلاقات بين الأحداث، هنا يمكننا اقتباس فقرة من كتاب معلوف «اختلال العالم: حضاراتنا المتهافتة» ويصف فيها طريقته فى معالجة موضوعات كتابته بما يؤكد التصور السابق عنه، يقول فى مقدمة الكتاب: «فى الصفحات التى تلى لن أعالج الاضطرابات المختلفة كملفات منفصل بعضها عن بعض، ولا على نحو منهجي، سيكون مسعاى أقرب إلى مسعى ناطور ليلى لبستان غداة مرور عاصفة، وفيما تنذر بالهبوب عاصفة أخرى أشد عنفا ، يجول الرجل بقدمين حذرتين حاملا مصباحه ناقلا ضوءه من مكان إلى آخر، مستكشفا الممرات، منحنيا فوق شجرة عتيقة اقتلعتها العاصفة؛ ثم يتوجه إلى مرتفع ويطفئ مصباحه، ويحاول إلقاء نظرة شاملة على المشهد بكامله».
المقطع السابق يوضح ما أردت الإشارة إليه من طبيعة الوعى الذى تصدر عنه كتابات معلوف: محاولة إدراك العالم فى كليته بعين المثقف المنخرط فى الأحداث والقادر على الانفصال عنها ليقدم فهما موضوعيا لها، ويجدر بنا فهم إصرار معلوف على نفى «المنهجية» عن تحليلاته فى المقطع السابق فى إطار مخاطبة الذات للحفاظ على أعلى درجات تحررها فى النظر والتحليل؛ إذ إن كتابات معلوف وتحليلاته الثقافية منضبطة منهجيا بدرجة كبيرة إذا وضعناها فى إطار النقد الثقافي، أحسب أن معلوف صاحب وعى ثقافى عميق يستحق الاحتفاء والدراسة المتأنية.
إبراهيم فرغلى: خيال المستشرقين
أمين معلوف بالنسبة لى هو المعادل الحداثى لكاتب الرواية التاريخية العربية الأشهر جورجى زيدان، بل ربما هو النسخة الأحدث، والأكثر فنية وتركيبا، فبينما كان زيدان ميالا لتقديم الشرق بوصفه مجالا للإنجاز والانتصارات، منحازا لإضاءة مناطق تاريخية واسعة من تراثنا العربى والإسلامي، فى صيغة أدبية رصينة ورشيقة، منتصرا للخير فى النهاية على قوى الشر والظلام، فإن معلوف فى تقديرى أصبح ابنا أو ربما حفيدا أيضا نجيبا له، لأنه نهل من التاريخ مثل زيدان، لكنه اقترب من النوازع البشرية ومن تصوير دقائق الحياة بشكل ينتمى لطبيعة النصوص الحداثية، كما مزج ذلك كله فى مزيج أعطى لنصه سمتا عالميا، أى أنه عاد للتاريخ لكنه لم يركز فقط على البطولة الشرقية الإسلامية، بل قدم نماذج المجتمع الشرقى بطوائفه المتعددة من غير المسلمين أيضا، وبينها اليهودى وغيره، مما أسبغ على نصوصه سمتا عالميا، أى جعل من نصه نصا إنسانيا فى النهاية، ولعل ليون الإفريقى كنص روائى تاريخى أحد أبرز النماذج على تلك القدرات، وفى تقديرى أن هذا ما يفسر لنا كيف تروج نصوصه المكتوبة بالفرنسية، وحين تقرأها مترجمة ترى مقدار العناية باللغة وجمالها فى الوقت نفسه، وفصاحتها وقوة مدلولاتها، وهذا التمكن اللغوى على ما يبدو فى تقديرى أحد عوامل نجاح نصوصه من جهة وتقدير الفرنسيين له ككاتب أضاف للغة الفرنسية ولخيالها وتراثها الأدبي، بنفس القدر الذى فعله بالنسبة لتراثنا العربى حين ترجمت أعماله للعربية.
مع ذلك لا يمكن أن نتجاهل أنه ككاتب فرانكفونى يتوجه لقارئ غربى وفرنسى تحديدا أولا، يمكن أن يجد فى المزاج الغربى الميال لقراءة الشرق بوصفه «خيال المستشرقين» أو ذلك العالم الإكزوتيكي، ما يغويه، على الأقل كان ذلك هو الطابع الذى وسم روايته «صخرة طانيوس».
بعيدا عن الأدب يظل كتابه «الهويات القاتلة» من أحد الأعمال الملهمة لى شخصيا فى كيفية معالجة صناديق الهوية المغلقة، وكشف السبيل إلى استعادة قيمة التسامح الموؤدة فى ثقافتنا العربية والإسلامية المعاصرة، كاشفا الكيفية التى تؤدى إلى تحويل الهوية كمكون يتشكل من مناهل عديدة منها اللغة والاهتمامات والتراث والأفكار والذوق العام.. إلخ، والتى ينبغى الاعتداد بها من أجل بناء المستقبل إلى مجرد مكون صغير هو الطائفة أو المذهب أو العقيدة، متناسية أن خصوبة الهوية فى الأساس يعود إلى تعدد مكوناتها، وبالتالى تحولها إلى فتيل مشتعل قابل للانفجار.
د. يسرى عبد الله: قدم فى الماضى وأخرى فى الحاضر
ربما كانت جدلية العلاقة بين الشرق والغرب الموضوعة المركزية فى كتابات الروائى اللبنانى أمين معلوف، ومن ثم كان التاريخ فضاء مكانيا، ونفسيا، ودلاليا لجدل خلاق بين سياقين متمايزين ومتعارضين فى الآن نفسه « الشرق/ الغرب» ويمتاز معلوف باختياره الدال للحظات فارقة من عمر العالم، يبنى عليها نصه متعدد الدلالات والتأويلات.
ففى «ليون الإفريقى» تبدو جدلية الشرق والغرب بوصفها مركز الثقل فى الرواية، ف « حسن الوزان» والذى تسقط مدينته «غرناطة» وتنتهك إنسانية من فيها من العرب، ويبدأ الوزان رحلته فى مدن مختلفة: «فاس/ القاهرة/ روما/ تلمسان/ تومبوكتو» وحين يدنيه منه البابا ليون العاشر لما لمسه منه من علم ومعرفة عميقين، ويطلق عليه ليون الإفريقى، لا تلبث أن تهتز الدنيا من تحت قدميه مرة أخرى، فالعالم ذاته محل صراع دائم، ومعلوف يخلق أبطالا إشكاليين بامتياز، والأهم أنه لا يقدم الشرق وفق صيغة نمطية مكررة وساذجة تداعب الخيال الغربى وتصوراته الاستشراقية عن المشرق، لكنه يقدم عالما يختلط فيه التاريخي/ التسجيلى بالجمالي/ التخييلي، ويخلق منهما بنية روائية متجانسة، مسكونة بالتنوع والثراء الفنى والمعرفى والإنساني..يستحضر أمين معلوف التاريخ ببراعة هائلة، فيضع قدما فى الماضي، وأخرى فى الحاضر، وما بين ارتحالات الزمان والمكان المتوترة يؤسس معلوف لنصه المختلف، والذى لا يلعب فيه فى فضاء التاريخ فى الحقيقة، ولكنه يمارس لعبا مع التاريخ ذاته، مثلما نرى فى روايته الشهيرة « سمرقند»، والتى ترجمها كسابقتها المترجم البارز عفيف دمشقية، ففى سمرقند ثمة زمنان مركزيان، أولهما تاريخي/ ماضوى ويمثل الإطار الحاكم للنص» زمن عمر الخيام»، بمخطوطه محل الفعل السردي، وشخوصه المدهشين المستجلبين من حضن التاريخ كالخيام تماما «حسن الصباح، ونظام الملك، وفرقة الحشاشين» والزمن الآخر معاصر هو زمن السارد الرئيسى بنيامين عمر لوساج، الباحث عن مخطوطة الخيام والمرتحل خلفها إلى باريس وتركيا وإيران، ثم عثوره عليها، وصولا إلى تسرب الحلم/ المخطوط بالغرق فى حادث السفينة تيتانيك فى المحيط الأطلنطى عام 1912.
يبقى القول إن أمين معلوف لا يكتب نصا تاريخيا يخاصم الراهن، ولكنه يكتب نصا يجعل من التاريخ أداة لفهم الواقع ومستجداته، ويتعاطى معه بوصفه مادة خاما قابلة دوما للتطويع والتشكيل، وللمزيد من الحكايا الإنسانية الآسرة.
صبحى موسى: مايسترو الكتابة التاريخية
أمين معلوف أحد أهم كتاب الرواية التاريخية فى العالم العربى الآن، ربما لأنه حقق شهرة بارزة ومهمة فى المركزية الأوروبية، وربما لأنه عكف على إنتاج عدد من الروايات التاريخية التى حققت له هذا الذيوع والانتشار، فى مقدمتها بالطبع روايته الأولى "الحروب الصليبية" التى قدم من خلالها للعالم الغربى رؤية المؤرخين العرب لما يزيد على قرنين من الغزو الأوروبى لأراضيهم، قدم الطرح الشعبى أو الموروث الشعبى فى المخيلة العربية عن هؤلاء الصليبيين الغزاة، وفى روايته الثانية، وهى التى حفرت بجلاء اسمه ككاتب كبير "ليون الإفريقى" رصد حياة واحدة من الشخصيات العربية التى سكتت عنها المدونات العربية لكن الغرب احتفى بها كثيراً، ربما لأنه كان بمثابة برومثيوس الذى سرق النار من الشرق إلى الغرب، وهى شخصية الحسن بن محمد الوزان الذى ولد فى غرناطة قبل سقوطها ثم رحل ضمن الهجرات الموريسكية الأولى إلى فاس بالمغرب التى عرفت بما يسمى بالجهاد البحرى ضد الإسبان والبرتغال، لكنه نبغ فى علوم الجغرافيا والفلك وأصبح سفيراً لسلطانها محمد البرتقالى الذى أرسله سفيرا له إلى تمبكتو فى إفريقيا، وقد تعددت سياحاته من تمبكتو إلى مصر إلى شبه الجزيرة العربية وتركيا، وفى إحدى رحلاته توقفت سفينته بجزيرة جربة فوقع فى الأسر، وحمل كهدية إلى البابا ليون العاشر أحد أبطال حلقات الحروب الصليبية فحمله الأخير على التنصر، وكأنه فر من غرناطة بدينه كى يتنصر على يد البابا نفسه فى روما، لكن فيما يبدو أن الإبقاء على حياته جاء ضمن صفقة يقوم فيها بالتدريس للغربيين، فى هذه الفترة أنجز عدداً مهماً من الكتب من أشهرها وصف إفريقيا، وقد عرف الوزان فى الغرب بأسماء عدة منها يوحنا الإفريقى وليون الإفريقي، وغير معروف تاريخياً أين مات ولا كيف مات ولا هل نجا من أسره أم استسلم لتنصره وعاش كمواطن مسيحى بقية حياته فى روما؟ هذا ما تناوله معلوف فى روايته، وهى الرواية التاريخية المعروفة عن الحسن الوزان.لكن رواية "سمرقند" تعد من وجهة نظرى درة الأعمال التاريخية لدى معلوف، وهى تقوم أيضاً على تفصيلة حقيقية فى التاريخ لم ينتبه إليها الكثيرون، وهى أن عمر الخيام وحسن الصباح ونظام الملك كانوا أصدقاء فى الصبا، لكن كلا منهم اتخذ طريقاً مختلفاً، فالخيام صار الفلكى الشهير والشاعر العظيم، بينما أصبح نظام الملك هو أسد الدولة الغزنوية، والمناضل فى وجه التتار والدعوة الشيعية، أما حسن الصباح فقد تحول إلى النقيض، حيث استولى على قلعة الموت وأعاد الدعوة للنزارية الفاطمية، وأصبح رمزاً للرعب والصدام الدائر بين المد الشيعى والدولة السنية فى غزنوى.
أسامة حبشى: ممنوع فى تركيا
بدأت علاقتى بكتابات معلوف متأخرة، بدأت بسمرقند الصادرة فى العام 1988 وتحديدا عقب الضجة المثارة فى تركيا عندما قام والد أحد الطلبة بطلب منعها بحجة أنها تسيء إلى الإسلام، وسمرقند كانت بداية دهاليز معلوف عندى، وصولا إلى رواية "التائهون" المفضلة جدا عندي، وجدت معلوف مثلا أعلى لمن يريد كتابة التاريخ بشكل قصصى مذهل، ومعلوف هو كاتب الهوية بلا شك كمحمود درويش شاعر الهوية، وما يميزهما ليس الدفاع عن هوية بعينها لكن الدفاع عن الإنسان أينما كان، معلوف هو الكاتب الذى أفسح المجال للآخر ليتحدى ويتصارع مع الهو، أمين معلوف فيلسوف الكلمة وهو الوحيد القادر على تحويل المستقبل إلى تاريخ حاضر أمامنا، معلوف هو الرحيل المتواصل والتجديف الذى لا ينقطع داخل أنهار الكتابة والتأمل: "أنا لم أرحل إلى أى مكان، بل لقد رحل البلد.... لربما تصرفت مثله لو بقيت فى البلاد"، "إننا نجد بسهولة العزاء لفقدان الماضي؛ ولكن ما من شيء يعزينا لفقدان المستقبل" معلوف المهاجر أصلا منذ البداية مسكون بالهويّات: "إن هويتى هى التى تعنى أننى لا أشبه أى شخص آخر".
أدرك "معلوف" مأساة التشتت وقد عمقها فى كتاباته بشكل يكاد لا ينازعه فيه أحد، وهو الذى عمق فكرة التسامح فى كتاباته وتناول أيضا ثنائية الشرق والغرب بشكل مذهل وعميق، وأذكر لمعلوف كيفية تناوله للحرب والحنين وطرحه لجدلية الأنا والآخر فى "التائهون" بشكل جعلنى أفكر كثيرا فى كتابة عمل يطابقه، وأذكر كيف شعرت بالغيرة وكيف تمنيت أن أكون كاتبا لمثل هذه الرواية، معلوف بالنسبة لى هو الثورة فى الأدب، وهو فيلسوف الرواية بلا منازع، هو السابح فى الحدود ما بين الشرق والغرب، الباحث عن المخطوطات، التى تعود لقرون، هو ليون الإفريقى والخيام، هو لبنان الحرب وفرنسا الحرية، معلوف أخيرا هو المغامر المقامر بالكتابة فى وجه الريح.
هشام علوان: صورة ذهنية عن الشرق
فى تبريره لمغادرة لبنان عام 1976، بعد قيام الحرب الأهلية بها، يقول أمين معلوف: "لكل امرئ الحق فى الرحيل، وعلى وطنه أن يقنعه بالبقاء".
و لعله وجد الأمان الذى ينشده، أو بالأحرى يقنعه بالبقاء فى باريس، لكن حنيناً ما دفعه للكتابة مُتَكِئاً على التاريخ، واستهوته هذه الطريقة، وتميّز بها كروائى وجد ضالته فى تلك الحيلة السردية، نجده فى روايته "ليون الإفريقي" مثلاً، والتى تقوم على بناء يشبه أدب الرحلات بدرجة ما، حول قصة الحسن الوزان، الملقب ب ( ليون الإفريقى ) فى الفترة من 1488 وحتى 1527 مع أفول شمس العرب عن الفردوس الأندلسي، قَسّمَها معلوف إلى أربعة كتب كالتالي: كتاب غرناطة، كتاب فاس، كتاب القاهرة، وكتاب روما. .تناول كل كتاب مرحلة زمنية محددة، ونجح فى أن يفلت ببراعة من تقريرية السرد التاريخي، وجفاف ومباشرة الأحداث، أو الانحياز الفنى والجمالى على حساب الواقعى الحقيقي، ليبرز لنا مشروعه الإبداعي، الراصد لأهم التحوّلات الحضارية، التى شكلّت صورة ذهنية للغرب عن الشرق أو للشرق عن الغرب.
أحمد سراج: المغامرة تدفع إلى الحوار
يعد أمين معلوف كاتبًا متخصصًا فى كتابة التاريخ معلنًا منذ البداية أنه يسجل وجهة نظر؛ ففى "الحروب الصليبية كما رآها العرب" يسرد كيف رأى الإخباريون العرب الحروب الصليبية لا كيف كانت على وجه الحقيقة؛ إنه يقف بالكلية لينقل لنا كيف رأى طرف بعينه الأمر كله، فكأن ضمير المتكلم السردى ينقل للقارئ رؤية طرف، ويتركه ليحكم على الرؤية وعلى الموقف المنقول.
ولعل هذه المغامرة تدفع الكثيرين إلى مهاجمة القائم بها بتهمة عدم الحياد وافتقاد الموضوعية لكن النظرة المتأنية تجد أن هذه المغامرة تدفع القارئ إلى التحاور مع النص منذ بداية قراءته وحتى بعد ذلك.
إن انهماك معلوف فى مغامرة الكتابة التاريخية: تأريخًا وفنا، تستوجب الوقوف وقوف شحيح ضاع فى التراب خاتمه؛ لأنها تدفع قارئه إلى النقد منذ أن يطل على العتبة الأولى؛ العنوان؛ فإما أن يوافق وعليه أن يحدد أسبابه، وإما يختلف معه، وعليه أن يجهز أفكاره ويرتبها.
إبراهيم حمزة: يعيش فى فرنسا بروح عربية
"الحياة فى صوبة" هذا تعبير قرأته على لسان الكاتب بهاء طاهر أثناء إقامته فى سويسرا، كان يقول: "أعيش فى صوبة من عبير الوطن" وأظنه يصدق تماما على أمين معلوف، فمنذ غادر لبنان منذ ما يقارب أربعين عاما، وهو يتنفس الوطن، الوطن العربى كله..يقول فى حوار معه: " صار لى خمس سنوات وأنا أنظر إلى ما آلت إليه الأمور فى العراق وأبكي" ويقول متحدثا عن الأمة العربية: "لسنا ضيوفا على هذا الكوكب، فنحن ننتمى إليه بقدر ما ينتمى إلينا، وماضيه ملك لنا وكذلك مستقبله" ويقول تعليقا على عام الربيع العربي: " يمكن أن أقول لك إننى لم أشعر بالفخر والاعتزاز مرة فى حياتى كما شعرت منذ بداية هذه السنة". .فى رواياته لا يخرج معلوف عن متكئات ثابتة: الاهتمام بالتراث، خاصة التاريخ العربي، الاعتماد على بطل فرد عاشق للترحال، شخصية الوزان فى "ليون الإفريقي" منحها المبدع روحا متألقة، وحسا إنسانيا، وضمخها بالتاريخ، من خلال وجهة نظر واضحة، يبدأها بقوله: " خُتِنتُ، أنا حسن بن محمد الوزان ، يوحنا – ليون دومديتشي، بيد مُزيِّن وعُمّدت بيد أحد البابوات، وأُدعى اليوم «الإفريقى» ولكننى لست من إفريقيا ولا من أوروبا ولا من بلاد العرب، وأُعرَف أيضاً بالغرناطى والفاسى والزيّاتي، ولكننى لم أصدر عن أى بلد، ولا عن أى مدينة، ولا عن أى قبيلة، فأنا ابن السبيل، وطنى هو القافلة وحياتى هى أقل الرحلات توقعاً". .وفى " سمرقند " اختار أمين معلوف شخصية عمر الخيام برحلاته وغموضه، وفلسفته، عبر لغة شديدة الشاعرية، ربما كان لمترجمه المبدع الدكتور عفيف دمشقية دوره الكبير فى نقل روح اللغة من الفرنسية، يقول فى " سمرقند": "ولقد كتب عمر فى تلك الحقبة يقول ما من سلطان أسعد حالا مني، ولا سائل أشد بؤسا "..لنا – فى مصر – الكثير فى أمين معلوف، نحن أخواله، إذ ولدت أمه فى طنطا، قبل انتقال أسرتها إلى القاهرة، وهو ذاته كاتب عروبى رؤيوي، يكتب قليلا، ويتأمل كثيرا، ويوازن بحب بين هويتيه: العربية والفرنسية، ومهما حصل على جوائز، أو وجد نفسه فى مجمع الخالدين فى فرنسا – الأكاديمية – فالهواء الذى يتنفسه يظل عربيا معبأً برائحة التاريخ والبارود والطيبة والجهل، والتأخر والتدين، أمين معلوف كاتب يعيش فى فرنسا بروح عربية.
هكذا تكلم أمين معلوف
«أستلهم فترة شبابى بتصرف شديد فقد عشتُ تلك الفترة مع أصدقاء كانوا يؤمنون بعالم أفضل ومع أنَّ لا شبه بين أبطال هذه الرواية وبين أشخاص حقيقيين، فهم ليسوا من نسج الخيال تماماً فلقد نهلتُ من معين أحلامى واستيهاماتى وحسراتى بقدر ما نهلتُ من معين ذكرياتي».
من رواية «التائهون»
تحمل أدريانا، الشابة الشغوف، إثر تعرُّضها للاغتصاب تحاول شقيقتها أن تقنعها بألا تحتفظ بالطفل، فتجيبها أدريانا: "هذا ابنى وليس ابن المغتصب وسوف يشبهني!" لكنها تعيش فريسة الشك، وتظل تتساءل بوجلٍ لسنوات طويلة إن كان ابنها يوناس الذى تجرى فى عروقه دم الضحية ودم الجلاد، سيتحول إلى قابيل أم إلى هابيل. يقسم يوناس بعد أن أصبح شاباً أن يقتل أباه ترمقه أمه يمضى ولا تحاول أن تثنيه عن عزمه سوف تنتظر عودته لتقول له: "كان ذلك الرجل يستحق أن يموت ولكنك أنت يا بنى لا تستحق أن تصبح قاتلا."
من رواية "الأم أدريانا"
"سألني:
- بماذا تريد أن نبدأ الحديث؟
- الأفضل أن نبدأ من البداية من ولادتك ..تمشى دقيقتين كاملتين بصمت ثم أجاب بسؤال :
- أواثق أنت أن حياة الإنسان تبدأ يوم ولادته؟
لم يكن ينتظر جوابا بل كان سؤاله مجرد أسلوب لبدء روايته، فتركت له الكلام مصمما على التدخل بأقل قدر ممكن."
من "موانئ الشرق"
"سيداتى سادتي، فى الأكاديمية عندما نحصل على شرف الدخول فى قلب عائلة كما عائلتكم الكريمة، لا نأتى بأيادٍ فارغة وإذا كان المدعوّ مشرقيًا كما هى حالي، فيأتى بيدين مُحملتين مع امتنانى الكبير لفرنسا كما لبنان، أحضر معى كلّ ما منحنى إيّاه هذان البلدان، جذوري، لغاتي، لهجتي، إداناتى، شكوكى، وأكثر من هذا كلّه حلمى فى التناغم والتقدّم والتعايش.أحلامى اليوم يُساء إليها جدار يرتفع فى بلدان الشرق الأوسط فى وجه العوالم الثقافية التى أطالب بها هذا الجدار، لم أكن أنوى تجاوزه لأعبر من ضفّة إلى أخرى جدار المقت هذا، جدار الكراهية بين أوروبيين وأفارقة وبين الغرب والإسلام وبين اليهود والعرب، طموحى هو هدمه إزالته محوه هذا كان دائمًا علّة حياتي، علّة كتابتى هذا هو همّى وسأتابعه داخل مؤسستكم تحت ظلّ حماية أسلافنا الكبار تحت نظر شتراوس".
من خطابه أمام الأكاديمية الفرنسية
غيرى قد يتحدث عن «الجذور»... تلك ليست مفرداتي، فأنا لا أحب كلمة «جذور»، وأقله صورتها فالجذور تتوارى فى التربة، تتلوى فى الوحل، تنمو فى الظلمات، تبُقى الشجرة أسيرة، منذ ولادتها، وتغذيها لقاء ابتزا: «لو تحرَّرتِ، تموتين!» ترضخ الأشجار لأنها بحاجة إلى جذورها بعكس البشر إننا نتنفس النور ونطمح بالسماء، ومتى غصنا فى التربة، فلنتعفنَّ ولا يصعد نسغ الأرض عبر أقدامنا إلى رأسنا، وأقدامنا إنما تصلح للسير لا تهمنا سوى الدروب هى تسيِّرنا من الفقر إلى الغنى، أو إلى فقر آخر، من العبودية إلى الحرية أو إلى الموت العنيف تعيدنا، تحملنا، تقذفنا، ثم تتخلى عنا فننفقُ، كما ولدنا من رواية بداياتنا، على حافة طريق لم نخترها أصلاً".
من رواية بدايات
"لقد كنت فى رومة "ابن الإفريقى" وسوف تكون فى إفريقية "ابن الرومي" وأينما تكون فسيرغب بعضهم فى التنقيب فى جلدك وصلواتك، فاحذر أن تدغدغ غريزتهم يا بني، وحاذر أن ترضخ لوطأة الجمهور، فمسلماً كنت أو يهودياً أو نصرانياً عليهم أن يرتضوك كما أنت، أو أن يفقدوك، وعندما يلوح لك ضيق عقول الناس فقل لنفسك أرض الله واسعة ورحبة هى يداه وقلبه، ولا تتردد قطّ فى الابتعاد إلى ما وراء جميع البحار، إلى ما وراء التخوم والأوطان والمعتقدات».
من "ليون الإفريقى"
"وحدهم الذين يعرفون بأنهم عاجزون عن المضى بعيداً، يفاخرون ببلوغ الهدف".
"هل هذا عصرٌ يصح فيه المجيء إلى العالم؟" "كان يجب أن أبتعد، وبسرعة.. أن أسترجع، فى الرحيل، صفائى وسكينتي، وعندما أصبح بمأمن من البشر، ربما أتعلم من جديد، أن أحبهم".
من "القرن الأول بعد بياتريس"
"هل العولمة شيء آخر غير الأمركة؟ ألن تكون إحدى عواقبها فرض لُغة واحدة، ونظام سياسى واقتصادى واجتماعى واحد؟ وأسلوب عيش واحد، وسُلّم معايير واحد، أى تلك التى تخص الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا سلمنا بما يقوله البعض، فظاهرة العولمة لا تغدو عن كونها قناعًا وتمويهًا وحصان طروادة تُخفى وراءها مُحاولة للسيطرة على العالم .
أمين معلوف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.