أيدت محكمة النقض يوم السبت، الحكم الصادر بحق الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك ونجليه «جمال وعلاء» فى قضية «قصور الرئاسة»، بعدما رفضت الطعن الثاني المقدم من الرئيس الأسبق لإلغاء حكم سجنهم 3 سنوات. كانت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن حسانين، فى شهر مايو الماضي، قد عاقبت مبارك ونجليه بالسجن المشدد 3 سنوات، وتغريمهم متضامنين مبلغ 125 مليون جنيه، وإلزامهم برد مبلغ 21 مليون جنيه للدولة، لاتهامهم بالاستيلاء على 125 مليون جنيه من الأموال الخاصة بالقصور الرئاسية، وإنفاقها على ممتلكاتهم الخاصة. بذلك بات الحكم نهائيا وغير قابل للطعن عليه مجددا بأي صورة من صور التقاضي، ليصبح الرئيس الأسبق «فاسدا» بحكم محكمة، ولتكون تلك القضية الوحيدة التى فشل آل مبارك فى الهروب منها بسبب شجاعة ضابط فى هيئة الرقابة الإدارية يدعى «معتصم فتحى». عمل «معتصم» في الرقابة الإدارية من عام 1998، وهو جهاز مناط به التحقيق في جرائم فساد موظفي الحكومة والقطاع العام، وبعد ثورة يناير قدم بلاغات ضد مبارك ورئيس الهيئة اللواء محمد فريد التهامى- رغم استقالته من منصبه، يتهم فيها الأول بالفساد فى مجال تخصيص الأراضي والوحدات السكنية، والثانى بالتستر على عشرات التقارير التى كتبها ضباط الهيئة ضد شبكات الفساد فى مصر. ظهر اسم «معتصم» قبل ثورة 25 يناير بعدما كشف عدد من قضايا الفساد كان أشهرهم رشوة قضاة مجلس الدولة مع رجل الأعمال فريد خميس وشركة حسن علام، والمبيدات المسرطنة، وتاجر الآثار المحبوس طارق السويسى، وقضايا فساد محمد إبراهيم سليمان. قرر الضابط الشجاع الإستقالة من الرقابة الإدارية فى بداية يناير عام 2011، بعدما قدم تقارير تدين وتفضح فساد وزير الإسكان إبان حقبة مبارك محمد إبراهيم سليمان، لكن تجاهل الهيئة للتقارير دفعه للإستقالة. يقول «فتحى»: إبراهيم سليمان ارتكب جميع جرائم المال العام، التى نص عليها القانون ولم ينظر له أحد وظلَّ الفاسد آمنًا لا يُمس فعلم وقتها أن الفساد في مصر يحكم ولا يحاكم، فغادر منصبه احترامًا لنفسه». عقب ثورة يناير صدر قرار جمهورى رقم 153 لسنة 2012 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية وتعيين محمد عمر وهبي، هيبة رئيسًا لهيئة الرقابة الإدارية، وتعيين بدوي حمودة إبراهيم حمودة، نائبًا لرئيس هيئة الرقابة الإدارية، والإطاحة بالتهامي من منصبه، بعدها تمكن «معتصم فتحى» من العودة إلى منصبه من جديد بحكم محكمة في يوم 25 يناير 2013. وبعد عودته للرقابة الإدارية من جديد نجح«فتحى» فى كشف فساد وزارة الإسكان والإعلان عن قضية قصور آل مبارك، مبينا كيف استولى مبارك عى 125 مليون جنيه من الأموال العامة عبر شركة المقاولون العرب لتجديد الممتلكات الخاصة بهم، لتحال القضية إلى المحكمة. شكلت ثورة 30 يونيو نقطة فارقة فى حياة «معتصم فتحى» حيث نقل بشكل مفاجئ إلى فرع صغير للرقابة الإدارية بمحافظة البحيرة، وقبل انتهاء السنة تم تجريد فتحي من رتبته، وبعدها تم نقله لوظيفة مدنية مكتبية في إدارة الشئون القانونية بوزارة التجارة. ورغم أن الكثير اعتبر الأمر بمثابة تأديب وعقاب له على شجاعته وجسارته فى كشف فساد مبارك، إلا أن الحكم الأخير جاء ليرد له جزءا من حقه الذى فقده، وليصبح الضابط الوحيد الذى نجح فى تجريد مبارك من كافة الأوسمة والنياشين التي حصل عليها خلال مدة حكمه، ومن بعض حقوقه السياسية لمدة 6 أعوام.