ما إن تردد من أنباء عن تهجير الأقباط من إحدي القري التابعة لحي العامرية بالإسكندرية علي إثر مشاجرة بين مسيحيين ومسلمين حتي اتجهت «صوت الأمة» إلي قرية شربات - محل الحادث - وتزامن هذا مع وجود لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان.. القرية ذات طابع خاص كوكتيل من عرب وصعايدة وفلاحين يعتمدون في أغلب شئونهم علي التحكيم للمجالس العرفية وكبار القرية.. يوم كامل قضته «صوت الأمة» تلتقط صور المنزل المحروق والمحل التجاري الذي خيم السواد عليه من اثر النيران التي اشتعلت فيه.. وترصد روايات مختلفة عن سبب الحادث.. ناس تتحدث بتلقائية ورغم ما حدث من مشاكل بين أقباط ومسلمين لكن كلا الطرفين كان بينهما مودة ومحبة لكن «الشرف» هناك خط أحمر والتعرض لفتيات المسلمين لا يرد عليه إلا بالرصاص ولاتنتهي المشكلة إلا بالدم أو الطرد من القرية. «هنا قرية شربات» حيث خيام العرب وصالون الحلاقة الشعبي وعيادة الدكتور الطيب ومكتب المحامي البيه.. «هنا قرية شربات» أبو دنيا الترزي للرجال والنساء للمسلمين والأقباط.. ومحمد وجرجس وكريستين وخديجة تجمعهم جيرة طيبة يتبادلون التهاني في المناسبات وصباح الخير مع شروق الشمس. لم يغير طابع الناس غير الفتنة التي أطلت عليهم برأسها كالحية وألقت بظلالها السوداء علي القرية.. فخيم الحزن علي الوجوه وارتدت السيدات الجلباب والطرح السوداء.. نظرت رعب متبادلة بين المسلمين والأقباط كلا الطرفين يعتقد أن الآخر سينتقم منه.. مشايخ وقساوسة ونواب وقيادات محلية تحاول حل المشكلة.. تجمعات كبار وصغار ونساء ورجال وشباب وبنات وذعر يخيم علي القرية التي كانت هادئة. البعض أرجع سبب الأزمة إلي مشاجرة أطلق فيها «ابسخيرون خليل عثمان» وشهرته أبوسليمان النار علي المسلمين فتبادل آخرون إطلاق النار.. فسكبوا البنزين علي منزله واشعلوا فيه النار.. البعض الآخر قال إن سبب الأزمة أن مراد «الترزي» الذي تربطه علاقة صداقة ب«ابسخيرون» قام بتصوير إحدي المسلمات علي هاتفه في أوضاع مخلة وأرسل الصور لجاره في المحل «محمود الحلاق» الذي كشف السر.. جناح ثالث ذهب إلي أن «ابسخيرون أو أبوسليمان» تاجر كبير ومشهور في القرية وهناك من دبر ورتب ما حدث للانتقام منه بدافع الغيرة.. فأين الحقيقة؟! الشيخ أبو علي قال ل«صوت الأمة»: المشكلة كانت عرض وشرف بسبب مراد والست اللي يعرفها وحلناها بأنه يرحل هو وعيلته بس عيال أبوسليمان لما ضربوا النار هيجوا البلد ولموا علينا القري المجاورة والبلطجية ولما طلبنا الشرطة النور قطع في القرية كلها ومحدش شاف مين بيحرق ولا بيسرق وجيران أبوسليمان المسلمين طلعوا علي السطح وهربوا الحريم والعيال بس البيت والمحلات اتحرقت وبيوت نسايبه كمان عشان محدش يتجرأ ويضرب نار علي الأهالي. الشيخ أحمد المحلاوي حكي أن المسلمين والمسيحيين نسيج واحد وشركاء في الوطن ولن تؤثر علي علاقتهم مثل هذه الأحداث الفردية ونحن نثق في القضاء العادل الذي سوف يعيد هيبة الدولة أما الجلسات العرفية فهي تتم في البدو والقري والحضر منذ عصور طويلة وهي مساعدة للقضاء في حل الخلافات الصغيرة بالتوافق والتراضي وليس بالقوة. لكن القمص بؤتر نفي ما ترددد عن وجود فتنة ولكنه خلاف نشأ بسبب علاقة غير شرعية وللأسف الأسر المسيحية دفعت ثمن غلطة شاب لأن الأهالي تعتقد وجود رابط بين الأقباط في القرية وحتي لا يتفاقم الخلاف تنازلنا عن حقوقنا في سبيل أمان باقي الأسر المسيحية التي قام شباب المسلمين بحمايتها! نبيل جرجس شقيق مراد قال: أنا في الإسكندرية عند أقاربي ولم يتصل بي أحد ولم أحضر في جلسة الوساطة أو الجلسة العرفية ولم يبلغني أحد بوجود هذه اللجنة وهذا لا يجوز لأني طرف في الأحداث وقد تم حرق محل مستلزمات الكمبيوتر الذي أمتلكه وكذلك مشغل أخي ثم اتفقت الجلسة العرفية علي طردي أنا وأسرتي وأبي المريض بدون ذنب فلا يوجد دين أو قانون يعاقب أسرة بأكملها علي جريمة ارتكبها أحد أفراد الأسرة غير أن أخي لم تثبت إدانته ولم يشاهد أحد هذا الفيديو المزعوم وأنا أرجو من اللجنة أن تسمح لي بالعودة إلي قريتي. النواب بدورهم اجتمع بعضهم مع قيادات من المنطقة الشمالية العسكرية ومحافظ الإسكندرية لبحث المشكلة وبعد انتهاء الاجتماع بدأت فعاليات اللجنة مع ممثلي لجنة الوساطة واللجنة العرفية والقمص بؤتر والأب بيشوي ممثلين عن الكنيسة وكذلك ممثل من شباب ماسبيرو والنائبين أحمد شريف وشريف الهواري وهما نائبا المنطقة واللذان مثلوا مشايخ الجلسة العرفية وذلك للتوصل إلي بيان يرضي جميع الأطراف. علي عمر - نائب منطقة غرب عن الكتلة المصرية - قال ل«صوت الأمة» لقد ذهبت إلي القرية عدة مرات منذ اندلاع الأحداث وتحدثت مع الأهالي وعمدة القرية والجميع يرحب بعودة أبوسليمان وقد اتفقت اللجنة علي ذلك بالفعل ولكن الأهم هو حقوق المصابين جراء هذه الأحداث فلابد من تعويضهم.. وتساءل: هل يجوز في عام 2012 أن يتم التعامل مع عمليات سطو وإتلاف ممتلكات الغير بالجسات العرفية؟ ثم رد علي نفسه: لا طبعا وسوف تعود الحقوق بالقانون ولكن عادات العرب وأهالي الصعيد هي الجلسات العرفية ..هناك علي رأس الحضور كان محافظ الإسكندرية أسامة الفولي الذي تدخل في الحدث قائلا لقد كانت هذه المشكلة منتهية منذ أسبوعين ولكن الإعلام أفسد ما تم بنشر أكاذيب وقصص ملفقة وقد تعهدت بمعالجة المصابين في المستشفي الجامعي علي نفقة الدولة وإعادة أسرة أبوسليمان للقرية. لكن النائب حسني حافظ عن حزب الوفد فجر مفاجأة حيث قال: لقد لعب فلول الحزب الوطني دورا مهما في هذه الفوضي الممنهجة وحالة الانفلات الأمني وكذلك هذه الجلسة العرفية فقد تدخل فيها أعضاء سابقين في المجلس المحلي وساعدوا علي شق الصف بين أهالي القرية بالإضافة إلي الإعلام القائم علي تزييف الحقائق وإثارة غير مبررة علي حساب الأهالي. هناك أيضا كان النائب حسن عبدالعزيز - حزب الوفد - الذي هاجم الإعلام في حديثه ل«صوت الأمة» قائلا: أولا أن أدين بشدة كل الإعلام المستفز القائم علي إثارة الفتن والسياحة تتأثر تأثرا شديدا بمثل هذه الأحداث فكيف يشعر السائح بالطمأنينة في دولة غاب عنها القانون وسادت فيها التفرقة العنصرية؟ وكيف يتثني لنا اللحاق بركب الدول المتقدمة ونحن نعيش علي طريقة العصور الوسطي التي لا تعترف بالدولة ومؤسساتها وقضائها العادل. النائب إبراهيم عبدالوهاب عن حزب المصريين الأحرار كان له رأي مختلف تماما حيث قال: اللجنة اكتشفت أن المشكلة ليست كما أثير في مجلس الشعب أو علي الفضائيات بل هي مشكلة تضارب مصالح وتجارة فأبوسليمان يستحوذ علي أغلب المحلات بالقرية ويحتكر السوق التجاري ويقوم بالتقسيط للأهالي بأسعار زهيدة وقد شعر بعض التجار بالغيرة فقرروا استبعاده من القرية، وقد توصلت اللجنة لإلغاء كلمة تهجير وعودة المواطنين الأقباط إلي منازلهم بعد ترميمها ولابد من الحفاظ علي القانون في أي بقعة في هذا الوطن ولكن فقط مراد لا يمكن أن يعود حتي عودة الهدوء والأمان للقرية. أما رئيس لجنة الوساطة عضو المجلس المحي السابق عصام موسوليني فقد روي الأحداث بطريقة مختلفة وهي أنه حمي مراد الترزي الذي قام بتصوير الفتاة المسلمة في وضع مخل حتي تأتي قوات الأمن ولكن للأسف لويس ابن اسخارون «أبوسليمان» أطلق أعيرة نارية في الهواء من سلاح آلي تضامنا مع مراد لأنه صديقه ولم يتعرض أحد لهم بل رد عليه شقيقه من منزلهم الآخر برشاش وهنا أطلق أهالي من القرية نار ردا عليهم وأصاب أحد المسلمين شاب في بطنه والآخر في زراعه وحينما حضرت القوات إلي القرية عند المغرب لم تستطع إيقاف الحرائق والهرج الذي حدث من تجمع أهالي القري المجاورة ولذلك نظمنا لجنة الوسطاء وكانت تضم ممثلين من حزب النور والحرية والعدالة ثم شكلنا لجنة عرفية من الشيخ حميدة عمران والشيخ أبوبكر الجرياني وعصام عبدالواحد والمقدس بشاي وأبونا بؤتر ونادر مرقص عضو المجلس الملي وقد انتهت اللجان إلي رحيل أبوسليمان عن القرية وافق علي ذلك لحماية باقي الأسر المسيحية.