وزير التنمية المحلية يشارك فى احتفال الطائفة الإنجيلية بعيد القيامة المجيد    التنمية المحلية: عدم إصدار تراخيص المباني الجديدة وشهادات المطابقة دون اشتراطات الكود الهندسي    تراجع كبير في سعر الذهب عالميا.. «وصل لأدنى مستوياته منذ شهر»    بعد حملات المقاطعة.. تراجع في سعر السمك البلطي ليسجل 50 جنيها بالأسواق اليوم    كاتب صحفي: مصر جعلت القضية الفلسطينية ومعاناة شعبها «همها الأكبر»    إطلالة جديدة ل محمد صلاح    موعد مباراة النصر والوحدة في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    كشفتها الأقمار الصناعية.. الأرصاد توضح حقيقة الأتربة الوردية في سماء مصر    لقيامه بحركات استعراضية.. القبض على طالب بتهمة تعريض حياته للخطر    والد الطفل ضحية دهس سيارة الحضانة بالمنوفية متوعّدًا: «العقاب قدركم فتحمّلوه»    تشييع جثمان الإذاعي أحمد أبو السعود من مسجد السيدة نفيسة.. والعزاء غدا (فيديو)    رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب    وزير الإسكان: دفع العمل بمشروعات الطرق والمرافق بالأراضي المضافة لمدينتي سفنكس والشروق    الانتهاء من 45 مشروعًا فى قرى وادى الصعايدة بأسوان ضمن "حياة كريمة"    عفروتو يكشف تفاصيل مكالمته مع محمد صلاح    تداول 13 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة و842 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    مبادرة "سيارات المصريين بالخارج" تجني ثمارها.. مليار و976 مليون دولار قيمة أوامر الدفع للمستفيدين    محافظ أسوان يهنئ البابا تواضروس والإخوة الأقباط بمناسبة عيد القيامة    مصرع شخص صعقا بالكهرباء في العياط    الخارجية الروسية: تدريبات حلف الناتو تشير إلى استعداده ل "صراع محتمل" مع روسيا    أحمد السقا يتصدر التريند مرتين خلال أسبوع    ما حكم تلوين البيض في عيد شم النسيم؟.. "الإفتاء" تُجيب    محافظ المنوفية يحيل 37 من المتغيبين بمستشفيات الرمد والحميات للتحقيق    الشرقية: فحص 1536 مواطنا خلال قافلة طبية مجانية بالعاشر من رمضان    فيديو وصور| نصائح لتناول الفسيخ والرنجة بأمان في شم النسيم    شم النسيم، طريقة عمل بطارخ الرنجة المتبلة    كرة السلة، أوجستي بوش يفاجئ الأهلي بطلب الرحيل    توفيق عكاشة: شهادة الدكتوراه الخاصة بي ليست مزورة وهذه أسباب فصلي من مجلس النواب    خبير تربوي: التعليم التكنولوجي نقلة متميزة وأصبحت مطلب مجتمعي    شم النسيم.. رفع درجة الاستعداد بمنشآت التأمين الصحي الشامل    حسين هريدي: الخلاف الأمريكي الإسرائيلي حول رفح متعلق بطريقة الاجتياح    «جنايات المنيا» تنظر 32 قضية مخدرات وحيازة سلاح    إيقاف حركة القطارات بين محطتى الحمام والعُميد بخط القباري مرسى مطروح مؤقتا    متحدث التعليم يكشف تفاصيل عدم فصل التيار الكهربائي عن جميع المدارس خلال فترة الامتحانات    3 أحكام مهمة للمحكمة الدستورية العليا اليوم .. شاهد التفاصيل    أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 473 ألفا و400 جندي منذ بدء العملية العسكرية    السيسي يعزي في وفاة نجل البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني    ماريان جرجس تكتب: بين العيد والحدود    أبرزها متابعة استعدادات موسم الحج، حصاد وزارة السياحة والآثار خلال أسبوع    دعاء يحفظك من الحسد.. ردده باستمرار واحرص عليه بين الأذان والإقامة    الباقيات الصالحات مغفرة للذنوب تبقى بعد موتك وتنير قبرك    روسيا تسقط مسيرتين أوكرانيتين في بيلجورود    القوات المسلحة تهنئ الإخوة المسيحيين بمناسبة عيد القيامة المجيد    «مياه القناة»: زيادة الضخ من المحطات في أوقات الذروة خلال الصيف    التموين: توريد 1.5 مليون طن قمح محلي حتى الآن بنسبة 40% من المستهدف    مستشار الرئيس للصحة: مصر في الطريق للقضاء على مسببات الإصابة بسرطان الكبد    وزير الرياضة يُشيد بنتائج اتحاد الهجن بكأس العرب    قبل نهائي أفريقيا..لاعبة طائرة الأهلي: نعلم قوة الزمالك.. ولكن واثقون من قدرتنا في التتويج    مي سليم تروج لفيلمها الجديد «بنقدر ظروفك» مع أحمد الفيشاوي    رئيس الوزراء يتفقد عددًا من المشروعات بمدينة شرم الشيخ.. اليوم    موسم عمرو وردة.. 5 أندية.. 5 دول.. 21 مباراة.. 5 أهداف    ما حكم تهنئة المسيحيين في عيدهم؟ «الإفتاء» تُجيب    هل بها شبهة ربا؟.. الإفتاء توضح حكم شراء سيارة بالتقسيط من البنك    إيرادات فيلم السرب على مدار 3 أيام عرض بالسينما 6 ملايين جنيه ( صور)    برج «الحوت» تتضاعف حظوظه.. بشارات ل 5 أبراج فلكية اليوم السبت 4 مايو 2024    محمود بسيوني حكما لمباراة الأهلي والجونة في الدوري    المطرب هيثم نبيل يكشف كواليس فيلم عيسى    هبة عبدالحفيظ تكتب: واقعة الدكتور حسام موافي.. هل "الجنيه غلب الكارنيه"؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المؤامرة.. كلاكيت ألف مرة
نشر في الشروق الجديد يوم 14 - 11 - 2015

نظرية المؤامرة هى أسوأ نظرية دمرت وأخرت العقل العربى والإسلامى عن الانطلاق.. وهى نظرية مريحة للعقول الكسولة والجماعات والدول والأمم التى أدمنت سطحية التفكير والتى تكره المنطق العلمى والتفكير العقلانى.. فالمؤامرة هى الشماعة الجاهزة التى نعلق عليها أخطاءنا وسلبياتنا وقصورنا.. وقد نأت هذه الشماعة بكثرة ما علق عليها من أخطاء.
نظرية المؤامرة هى نظرية بائسة فاسدة.. فالمؤامرة موجودة فى الحياة وفى السياسة الداخلية والخارجية والعلاقات الدولية.. ولكنها لا تحول بين أمة وبين النجاح والتقدم والنصر إذا أخذت بأسبابها.. ولا تجعل أمة تنهزم وتندحر وتتأخر إلا إذا دب فيها الفساد وعمها الإهمال وسادتها الرشوة أو اصطدمت بسنن الكون وسنن النفس البشرية.
فمن أخذ بأسباب النصر والتقدم والتحضر انتصر وساد حضاريا حتى لو كان كافرا.. ومن أخذ بأسباب الهزيمة والتخلف الحضارى هزم وقهر وتخلف إنسانيا وحضاريا حتى ولو كان مؤمنا عابدا.. والله ينصر ويرفع الأمة أو الدولة أو الجماعة العادلة وإن كانت كافرة.. ويخذل فى الوقت نفسه الأمة أو الدولة أو الجماعة الظالمة الفاسدة وإن كانت مسلمة.
فسنن الله لا تجامل مؤمنا لإيمانه ولا تضطهد كافرا لكفره.. فمن سار مع سنن الله ونواميسه فى خلقه انتصر وتقدم.. ومن اصطدم مع سنن الله فى كونه وخلقه ونواميسه كسرت رأسه ورغم أنفه وتخلف حضاريا وإن كان مسلما.. والله لن يغير سننه ونواميسه من أجل أحد « فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَةِ اللَهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَةِ اللَهِ تَحْوِيلا».
والغريب فى الأمر أن معظم الشعوب العربية ومؤسسات دولها تعشق نظرية المؤامرة.. والأغرب أن طيفا واسعا من الشعب المصرى تشرب النظرية من أيام الستينيات، حيث تولى الثقافة والتوجيه معظم عشاقها.
وتاريخ نظرية المؤامرة فى مصر عجيب فقد تلقفها اليساريون أولا ثم ترسخت لدى الإخوان فى أواخر الخمسينيات والستينيات.. وكانت حلا مثاليا وتفسيرا مريحا لكل ما أصابهم.
كما كانت نظرية المؤامرة هى أساس الخطاب الإعلامى فى العهد الناصرى.. وتم تفسير معظم الأحداث الكبرى بها مثل هزيمة 5 يونيو.
ثم انتقلت النظرية فى السبعينيات من الإخوان إلى معظم الحركات الإسلامية التى فسرت معظم الأحداث الكبرى التى مرت بها بهذه النظرية البائسة وفسرت كل انكسارتها بها.. ولم تكتف بذلك بل كتبت تاريخها والتاريخ الحديث كله بهذه الفلسفة العقيمة مثل كتابات د. جمال عبدالهادى التاريخية رغم أدبه وفضله، وذلك كله تسبب فى تأخر العقل الإسلامى.
والغريب فى الأمر عشق الجميع للنظرية رغم اختلافهم فى كل شىء.. فهزيمة يونيو 1967 ليست بسب الخلل السياسى والعسكرى الذى أصاب القيادة السياسية والعسكرية ممثلة فى ناصر وعامر ولكن بسبب المؤامرة الإمبريالية الصهيو أمريكية.
ورغم تقديرى للمرحوم جلال كشك إلا أن معظم كتاباته تنبع من نظرية المؤامرة.. فثورة 23 يوليو مؤامرة أمريكية يهودية على الإسلام وعبدالناصر أصله يهودى والإخوان يكررون ذلك.. وهذا كلام ساذج لا يستحق مجرد القراءة.
ونفس ما قاله الإخوان عن عبدالناصر قالوه مع خصومهم بعد 30 يونيه فكل خصومهم من الحكام وخاصة الذين قدموا من الجيش جعلوا أمهاتهم يهوديات.. كيف ذلك؟.. لا تدرى؟!
أما أحداث 11 سبتمبر وتفجير البرجين فهو عند معظم الإسلاميين من تدبير الموساد الإسرائيلى واليهود ويسوقون لذلك أدلة ساذجة مع أن كل من يعرف ألف باء صحيحة عن القاعدة يدرك أنها هى التى قامت بهذا التفجير وهى تفخر به فى أدبياتها وكتبها ورسائلها وتعده من بطولاتها.. ويعرف الجميع دور كل من قاموا بالحدث بداية من الفكرة وحتى تمام التنفيذ.. وهؤلاء ينسون أن الموساد أذكى من ذلك.
وأغرب ما فى نظرية المؤامرة أنها تعطى اليهود قوة خارقة تتحكم فى الكون كله وتسيره وتلغى جميع الإرادات وتقهر كل رغبات التغيير الإيجابى لمن أراده من الشعوب.. فكل الأدبيات الإسلامية لا تعرف قوة فاعلة فى الكون سوى اليهود والماسونية.. والناصريون كانوا يرونها فى الإمبريالية العالمية والصهيونية.
وعلى نفس المنوال يسير بعض الإعلام المصرى الآن متبنيا نظرية المؤامرة بإفراط وسذاجة.. فالأمطار أغرقت الإسكندرية والبحيرة لأن خمسة من الإخوان سدوا البلاعات فى الإسكندرية.. وهل ذلك هو الذى أدى لكل الأضرار الخطيرة التى دمرت عشرات الآلاف من الأفدنة ومئات المنازل والمخازن والجراجات والصيدليات فى عدة محافظات.
وإذا ارتفع الدولار وانخفض الجنيه فحسن مالك هو السبب فى ذلك.. فلماذا لم ينخفض الدولار بعد القبض عليه؟ أم أنه يزاول نشاطه فى السجن.
وإذا حدث تفجيرات فى مقار الشرطة أو الجيش أو اغتيل النائب العام «هشام بركات» أو أحد الضباط فمعظم أبناء تحالف الشرعية ينطقون بلسان واحد بداية من فراش الصحة إلى أستاذ الجامعة أن ذلك من تدبير المخابرات للإيقاع بالإسلاميين وتبرير سجنهم.. فإذا قلت له لماذا النائب العام قال لك: لأن دوره قد انتهى فإذا حاولت إفهامه بأن المخابرات والأجهزة الأمنية أذكى بكثير من أن تفعل ذلك ولا حاجة لها بذلك.. وأنه يكفى أن يشار لأكبر موظف بإشارة فقط ليستقيل من تلقاء نفسه.. وقد حاولت ثلاث ساعات إثناء عضو من التحالف عن قناعته الخاطئة بأن المخابرات هى التى تقف خلف محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق «محمد إبراهيم» دون جدوى رغم سخف الحجج التى ساقها.
أما اغتيال السادات فهو من تدبير مبارك أو المخابرات الأمريكية عند معظم الإسلاميين وكلاهما برىء من ذلك.. والحادث بكل تفاصيله من بدايتها لآخرها وأشخاصه معروفون للجميع ولم يكن لأحد تأثير عليهم سوى أفكارهم وقناعاتهم.
إن سياقات نظرية المؤامرة تحمل فى طياتها استخفافا بالعقول وغفلة عن الأسباب الحقيقية للمشكلة وبعدا عن حلها..
المؤامرة لا تنجح إذا كنت جادا مجتهدا.. المؤامرة لا تنجح إذا كان نظامك الإدارى والسياسى والاقتصادى والتعليمى والأمنى والتقنى قويا محكما صلبا.. المؤامرة لا تنجح إذا كان مجتمعك قويا اجتماعيا وحضاريا وعلميا وثقافيا.. ولا تنجح إذا كان المجتمع والدولة يحترمان الفقير والمسكين والضعيف والمريض والسجين وحقوق الإنسان الأخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.