ومن الحب ما قتل، وأخشى أن يكون حبنا الخاطئ والمشوه والحماسى للاعب المصرى المحترف فى إيطاليا محمد صلاح سببا فى القضاء عليه مبكرا. هذا ليس كلاما فى الرياضة فأنا لست ناقدا رياضيا، بل مجرد مشاهد يستمتع باللعبة الحلوة، وأحاول ترويض نفسى على عدم التعصب للزمالك بل تشجيع اللعبة الحلوة فى كل مجالات الحياة. صلاح لاعب سريع وموهوب للغاية، لكن الطريقة التى يتعامل بها الإعلام المصرى معه، كفيلة لا قدر الله بإفساد هذه الموهبة. إن ليونيل ميسى وكريستيانو رونالدو أفضل لاعبين فى العالم يخسران أحيانا بعض المباريات مع برشلونة وريال مدريد، ويضيعان ضربات الجزاء، وذلك يحدث مع بقية أمهر لاعبى العالم، إلا أن إعلامنا يتعامل مع صلاح بطريقة ستدمره إذا استمرت بنفس الطريقة، وهذا التعامل يجعل الضغط النفسى من قبل غالبية المصريين أخطر سلاح ضد هذا اللاعب المتميز. عندما كان صلاح يلعب فى تشيلسى الإنجليزى صببنا جام غضبنا على المدير الفنى العالمى مورينيو لأنه لم يشركه إلا للحظات قليلة، وعندما انتقل إلى فيورنتينا الإيطالى وتألق فى المباريات الأولى خصوصا عندما سجل هدفين فى اليوفنتوس، اعتقد معظمنا أن هناك عصا سحرية فى قدم صلاح ورأسه قادرة على تسجيل الأهداف فى كل لحظة يشاء؟!. جزء من الإعلام الرياضى المصرى صار مثل «الوحش الجائع» فى تعامله مع صلاح، يريد منه أن يفوز فى كل مباراة، حتى يتم كتابة خبر عاجل أو صورة فى صدر الصفحة الأولى، وصفحة كاملة فى الداخل أو حتى صفحتين. هذا الإعلام المجنون يصب جام غضبه على اللاعب إذا تعثر فى أى مباراة. هذه الطريقة فى التفكير تنسى أن صلاح بشر، ولا يمكنه أن يكون نموذجيا وكاملا فى كل وقت. هذا الأمر لا ينطبق فقط على صلاح بل على كل شخص، خصوصا القادة فى كل المجالات. هذه الطريقة التى تسعى بكل الطرق إلى بناء وتأسيس البطل السوبر تنسى أنه لا يمكن أن يظل شخصا فوق القمة طول الوقت. ثم إن هذه الطريقة تقتل تماما فكرة الفريق لصالح النجم الواحد السوبر. هى طريقة ترى الخلاص فى صورة البطل وليس صورة الفريق أو الشعب. النجم له دور مهم بالطبع فى صناعة التاريخ لكنه لا يغنى عن الفريق. لا يوجد لاعب مهما كان موهوبا يفوز بمفرده فى مواجهة 11 لاعبا، وبالتالى فهو يحتاج إلى عشرة زملاء يقومون بالتخديم عليه ومساعدته. ثم إذا افترضنا أن لدينا صلاح الموهوب، ألم نفكر ونحن نتغنى به ليل نهار أن هناك لاعبين آخرين موهوبين بجواره؟! إذا كنا نفعل معه ما نفعل، فماذا نتوقع من الشعب الأرجنتينى وهو يرى أعاجيب ومعجزات ميسى، أوالبرتغالى مع رونالدو، والبرازيل مع نيمار والأوروجوانى مع لويس سواريز؟!. لدينا صلاح واحد، والدول الكبرى لديها مئات مثله، والبلدان العربية خصوصا الإفريقية، تونس والجزائر والمغرب لديها عشرات المحترفين المؤثرين فى الدوريات الأوروبية. ما ينطبق على صلاح يمكن تطبيقه على كل النجوم فى جميع المجالات من أساتذة الجامعة إلى رئيس الجمهورية. من المفيد أن نفرح بالموهوبين ونشجعهم، لكن من المهم ألا ننسى أنهم بشر، وألا ننسى الفريق أو الشعب، علينا أن نشجع ثقافة الفريق مع حفظ كل حقوق النجم، علينا أن نحافظ على نجومنا ولا نقتلهم بالحب الزائد عن الحد. علينا أن نتحلى بالتواضع، وعلينا أن نعرف حقيقة وضعنا بين الأهم فى كل المجالات حتى لا نغرق فى الأوهام.