بعد شهرين من بدء الهجوم الإقليمي على جماعة بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، يبدو التعاون العسكري بين دول حوض بحيرة التشاد متعثرًا فيما تندد الدول المجاورة بعدم تعاون أبوجا بشكل كاف في مواجهة الإسلاميين. فقد نشرت تشادوالكاميرونوالنيجر قواتها لمساعدة نيجيريا على مواجهة تمرد الإسلاميين الدامي الذي يهدد بالامتداد إلى كل المنطقة. لكن نيجيريا حيث تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية، السبت، لا تنظر بعين الرضا إلى وجود قوات أجنبية على أراضيها. وآخر مثال على الغموض والفوضى السائدين على الأرض يتمثل في استعادة الجيشين التشاديوالنيجري لمدينة داماساك النيجيرية القريبة من النيجر في التاسع من مارس. وبعد ثلاثة أسابيع من ذلك لم يكن أي جندي نيجيري قد وصل إليها بعد.. والحالة نفسها في غامبورو على الحدود مع الكاميرون. فقد استعادت القوات التشاديةالمدينة مطلع فبراير وانسحبت قبل خمسة عشر يومًا. لكن الجيش النيجيري لم يحل مكانها فاستغل الإسلاميون ذلك لمهاجمة المدينة حيث قتلوا 11 مدنيًا؛ ما أرغم الجنود التشاديين على العودة. ولم يعد الرئيس إدريس ديبي اتنو، الذي يعتبر رأس الحربة في محاربة بوكو حرام يخفي امتعاضه. وقال في حديث لمجلة "لوبوان" الفرنسية، "إن الجيش التشادي يخوض وحيدًا معاركه داخل نيجيريا.. وهذا يمثل مشكلة. كنا نتمنى أن يكون هناك وحدة نيجيرية على الأقل معه. حتى إن ذلك كان طلبًا ملحًا من الحكومة النيجيرية، لكن لأسباب نجهلها لم نتمكن حتى الآن من العمل سويًا". وأضاف ديبي، "بعد شهرين على بدء هذه الحرب.. لم نتمكن من إجراء اتصال مباشر، على الأرض، مع وحدات من الجيش النيجيري. وهذا ما أرغم مرة إضافية القوات التشادية على استعادة مدن"، مؤكدًا على خلاف ذلك "العلاقات الجيدة جدًا" مع النيجريينوالكاميرونيين. وتعزى هذه المشاكل في التفاهم خصوصًا إلى ريبة نيجيريا الناطقة بالإنجليزية تجاه جيرانها الناطقين بالفرنسية وإلى خلافات قديمة. ولم يسمح للكاميرونيين الذين كانوا في نزاع في الماضي مع النيجيريين - خاصة بسبب شبه جزيرة باكاسي - بعبور الحدود وبقوا محتشدين في موقع دفاعي في وجه الإسلاميين. وقال مصدر أمني كاميروني، بغضب، "نتساءل فعلاً عما يضمره النيجيريون". وثمة مثال آخر على هذا التنافر المتكرر، غياب نيجيريا في خلية التعاون والاتصال المتمركزة في نجامينا في المقر العام لعملية برخان الفرنسية لمحاربة الجهاديين. والخلية "مكتملة" منذ حوالى 15 يومًا، كما يقال من جهة برخان. ويتبادل ضباط اتصال فرنسيون وبريطانيون وأميركيون ونيجريون وتشاديون وكاميرونيون يوميًا المعلومات الاستخباراتية عن بوكو حرام . لكن أبوجا لم تلب الدعوة. أما ميدانيًا، فلم يمنع نقص التنسيق جيوش المنطقة من تسجيل مكاسب على الأرض في الأسابيع الأخيرة حيث طردوا الإسلاميون من بعض معاقلهم. وتفوق التشاديون على ضفاف بحيرة تشاد، ما يسمح بتوفير أمن نسبي للحدود مع الكاميرونوالنيجر. لكن الجيش النيجيري الذي انتقد طويلاً لعدم احتوائه التمرد الإسلامي الذي أوقع أكثر من 13 ألف قتيل في خلال ست سنوات، فأعلن مؤخرًا عن انتصارات غير مسبوقة. وبحسب أبوجا، فقد تم تحرير اثنتين من الولايات الثلاث؛ حيث عاثت بوكو حرام فسادًا وهما يوبي واداماوا. وبات الأمر يتعلق من الآن فصاعدًا بإعطاء إطار قانوني لتدخل قوة إقليمية قوامها حوالى عشرة آلاف رجل. وهنا أيضًا يسجل جمود. فقد قدمت تشاد مشروع قرار إلى الأممالمتحدة للحصول على دعم سياسي ومالي في محاربتها جماعة بوكو حرام الإسلامية النيجيرية. وأفاد دبلوماسيون في مجلس الأمن الدولي، أنه غضب خصوصًا لموقف نيجيريا المفاجىء. فبعد أن شاركت في صياغة مشروع قرار خلال أسابيع اعترضت أبوجا على تضمينه الفصل السابع الذي يجيز استخدام القوة على أراضيها. ويفترض أن تملك القوة الإقليمية (تشاد، نيجيريا، الكاميرون، بنينوالنيجر) في الواقع إمكانية "العمل بحرية" في منطقة محددة، بحسب الاتحاد الإفريقي الذي صادق على إنشائها مطلع مارس. وأكد ضابط فرنسي، بلهجة تفاؤل، "أنها دول لم تعتاد على العمل سويًا"، مضيفًا "يجب قطعًا الانتقال تحت قيادة عملانية للقوة المتعددة الجنسيات. فمع هيئة أركان مشتركة ستستتب الأمور بصورة تدريجية"، لكن شرط أن تتعاون نيجيريا.