ندد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ونائبه جو بايدن، أمس الاثنين، بأعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين حذروا بشكل مباشر القادة الايرانيين، في بادرة غير معتادة، من أن أي اتفاق نووي يمكن أن يلغيه الرئيس المقبل. وفي رسالة مفتوحة وجهت إلى "قادة إيران"، حذر 47 من 54 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ، الايرانيين من أن الكونجرس يملك وحده سلطة رفع العقوبات المفروضة على إيران والتي صدرت على شكل قوانين في الأعوام الماضية. وشدد الجمهوريون على أنه إذا كان أوباما يملك سلطة تعليق العقوبات الأمريكية على إيران عبر إصدار مرسوم، فإن "الرئيس المقبل قد يبطل اتفاقا تنفيذيا من هذا النوع بجرة قلم كما أن أعضاء الكونجرس الجدد قادرون على تعديل شروطه في أي وقت". وأراد الجمهوريون ضمنيا التعبير عن معارضتهم الاتفاق الذي ترتسم ملامحه بين مجموعة 5+1 (الصينوالولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والمانيا) وايران. وعمد هؤلاء إلى رفع السقف في محاولة لافشال هذه المفاوضات، وطالب بعضهم بالتفكيك الكامل للبنية التحتية لتخصيب اليورانيوم أو بان تشمل أي تسوية مجالات أخرى مثل "دعم الارهاب". واستنكر الرئيس الأمريكي مبادرة الجمهوريين، وقال "من المفارقات أن يشكل بعض البرلمانيين في الكونجرس جبهة مشتركة مع الايرانيين المؤيدين لاعتماد نهج متشدد". وأضاف "في هذه المرحلة سنرى ما إذا بامكاننا التوصل إلى اتفاق، وإذا حصل ذلك فسنتمكن من الدفاع عنه أمام الأمريكيين". ومساء الاثنين، ندد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن بلهجة شديدة بزملائه السابقين أعضاء مجلس الشيوخ، وقال في بيان أنه "على مدى 36 عاما أمضاها في الكونجرس لم يشهد أبدا مثل هذه البادرة المتمثلة بقيام أعضاء في مجلس الشيوخ بتوجيه رسالة إلى قائد أجنبي لتحذيره من أن الرئيس الأمريكي ليس لديه سلطة ابرام اتفاق". وقال بايدن، في بيان إن "الرسالة التي وجهها في التاسع من مارس 47 سناتورا جمهوريا الى الجمهورية الاسلامية في إيران والتي أعدت خصيصا من أجل تقويض رئيس يمارس مهماته وذلك في منتصف مفاوضات دولية حساسة لا تليق بمؤسسة احترمها". وأضاف أن "هذه الرسالة، بحجة إعطاء درس دستوري، لا تأخذ بالاعتبار قرنين من التقاليد وتهدد بتقويض قدرة أي رئيس أمريكي مقبل أكان ديموقراطيا أم جمهوريا على التفاوض مع دول أخرى باسم الولاياتالمتحدة". وشدد على أن "هذه الرسالة توجه رسالة مضللة جدا، رسالة خاطئة بقدر ما هي خطيرة". وقال "بوسع الشرفاء الاختلاف في السياسة لكن هذه ليست طريقة لجعل أميركا اكثر أمانا أو قوة". وهذه الرسالة تظهر المنحى الحزبي الذي يأخذه الملف النووي الايراني في الكونجرس الخاضع لسيطرة الجمهوريين منذ يناير. والأسبوع الماضي دعا الجمهوريون وفي تحد أيضا للبيت الأبيض، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى القاء خطاب أمام الكونجرس وخصصه إلى حد كبير لملف إيران، وقد قاطعه العديد من البرلمانيين الديموقراطيين. وتمكن البيت الأبيض حتى الآن من احتواء الكونجرس. فقد تم حتى 24 مارس على الأقل تعليق مشروع عقوبات وقائية تطبق تلقائيا اعتبارا من يوليو في حال فشلت المفاوضات. وينسجم هذا الموعد إلى حد ما مع المهلة التي حددها المفاوضون للتوصل الى تسوية سياسية (نهاية مارس مع اتفاق تقني قبل 30 يونيو). وفي طهران، اعتبر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، أن التحذير الذي وجهه جمهوريو الكونجرس لا ينطوي "على قيمة قانونية". وقال ظريف، بحسب ما نقلت عنه وسائل الاعلام الايرانية "نعتبر أن هذه الرسالة تفتقر إلى أي قيمة قانونية وهي من باب الدعاية". في هذا الوقت، أعلنت الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية جون كيري سيلتقي مجددا نظيره الايراني محمد جواد ظريف يوم الأحد 15 مارس في لوزان السويسرية في إطار جولة تفاوض جديدة. وأمس الاثنين، قال السناتور توم كوتون الذي يقف وراء الرسالة عبر قناة فوكس نيوز "لا نعلم المضمون النهائي للاتفاق، لكننا نعلم بأن مستشارة الرئيس للأمن القومي سوزان رايس سبق أن أعلنت أن إيران ستمتلك قدرة مهمة على تخصيب اليورانيوم". وفي الثاني من مارس، اعتبرت رايس أن إمكان تخلي طهران عن قدرة تخصيب اليورانيوم "ليس أمرا واقعيا ولا قابلا للتطبيق". ولفت كوتون، أيضا إلى شائعة مفادها أن مدة الاتفاق ستكون عشرة أعوام، وقال "هاتان النقطتان وحدهما تجعلان الاتفاق مرفوضا وخطيرا على الولاياتالمتحدة والعالم".