تلبيةً لرغبات العديد من الدول.. الأزهر يطلق برنامجًا لنشر اللغة العربيَّة حول العالم    ميسي يكشف سبب غيابه عن أولمبياد باريس مع الأرجنتين    رئيس بلدية المحلة ليلا كورة: متفائل بنقل مبارياتنا للسويس    بدء تصعيد حجاج الجمعيات الأهلية لصعيد عرفات غداً    نجوم الفن يحتفلون مع سلمى أبو ضيف بعقد قرانها.. صور    سعر جرام الذهب فى مصر اليوم الخميس 13يونيو 2024    محافظ الفيوم: استعدينا بكل طاقتنا لفترة أقصى الاحتياجات المائية للزراعات    ميناء دمياط يعلن تداول 63 طن بضائع متنوعة    محافظ دمياط تعتمد خرائط الأحوزة العمرانية للانتهاء من إجراءات التصالح    ميلونى ترحب بالمشاركين بقمة مجموعة السبع.. وحرب أوكرانيا على رأس الطاولة    وزير خارجية العراق: موقفنا ثابت تجاه وقف إطلاق نار دائم فى غزة    الكويت: نقل ضحايا حريق المنقف بطائرات عسكرية إلى بلدهم الهند وصرف تعويضات    قرار جمهوري بتعيين الدكتورة حنان الجويلي عميدًا ل«صيدلة الإسكندرية»    جنوب الوادي تتقدم 200 مركزًا دوليًا في مجال الطاقة النظيفة    شباب ورياضة بني سويف تطلق ماراثون الدراجات الهوائية    مفتي الجمهورية يُهنئ الرئيس والشعب المصري بمناسبة عيد الأضحى    مصرع سائق ميكروباص في حادث تصادم بطريق الضبعة اتجاه القاهرة    ضبط (354) قضية مخدرات ,(134) قطعة سلاح وتنفيذ (84355) حكم قضائى متنوع    إغلاق عقار سكني تم تحويله لمدرسة بدون ترخيص    تزامنًا مع حلول العيد.. ضبط 171 مخالفة تموينية متنوعة في المنيا    ضبط القائمين على تسريب امتحانات الثانوية العامة بجهينة سوهاج    مدير تعليم دمياط يستعرض رؤية المديرية خلال الفترة المقبلة    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    خريطة من كتاب وصف مصر.. توثيق معالم القاهرة وتحديد موقع المتحف القومي للحضارة    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة    تزيد من اتساخه.. 3 أخطاء احذريها عند تنظيف المطبخ    وصفات دجاج بديلة للحوم في عيد الأضحى    إخماد حريق داخل محل فى إمبابة دون إصابات    محافظ بني سويف يتلقى التهاني بعيد الأضحى من قيادات وممثلي الطوائف والمذاهب الكنسية    الشرقية تتزين لاستقبال عيد الأضحي المبارك    اعتماد المخطط التفصيلي للمجاورة رقم «G&H» بمدينة العبور الجديدة    بعد رأس الحكمة.. تفاصيل أكبر صفقة لهيئة المجتمعات العمرانية بالقاهرة الجديدة    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    تسيير 3 خطوط طيران مباشرة إلى دول إفريقية.. "الهجرة" تكشف التفاصيل    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    توقيع الكشف الطبي على 142 مريضا من الأسر الأولى بالرعاية في المنيا    عقوبات أمريكية لأكثر من 300 فرد وكيان يساعدون روسيا على حرب أوكرانيا    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    انتشار الحملات المرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    اليوم.. موعد عرض فيلم "الصف الأخير" ل شريف محسن على نتفليكس    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر بشأن التمويل الإنساني للمدنيين في أوكرانيا    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    "الله أكبر كبيرا.. صدق وعده ونصر عبده".. أشهر صيغ تكبيرات عيد الأضحى    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    الخارجية الروسية: كل ما يفعله الناتو اليوم هو تحضير لصدام مع روسيا    حظك اليوم برج الأسد الخميس 13-6-2024 مهنيا وعاطفيا    لأول مرة.. هشام عاشور يكشف سبب انفصاله عن نيللي كريم: «هتفضل حبيبتي»    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»:«هنجيبه في دقيقتين».. «التعليم» تحذر من هذا الفعل أثناء امتحانات الثانوية العامة.. ماذا أقول ليلة يوم عرفة؟.. أفضل الدعاء    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى الاستعباط السياسى
نشر في الشروق الجديد يوم 01 - 08 - 2009

هذه صدفة خير من أى ميعاد. إذ فى اليوم الذى نشر لى فيه تعليقى على ظاهرة التدخل الرسمى فى نتائج الامتحانات لرفع نسبة الناجحين، أعلنت نتائج استطلاع الرأى الذى أجراه الحزب الوطنى فى مصر. ولم تخيب النتائج الظن والرجاء. وإنما جاءت مؤكدة على أن الحزب أمتن مما نتصور وأن الإعلام المصرى «زى الفل»، وأن أغلب المتفائلين بمستقبل البلد امسكوا الخشب هم من الفقراء والمطحونين والأميين (!).
ليس فيما ذكرته شىء من الهزل والمبالغة. لأن بعض صحف الأربعاء 29/7 نشرت هذه المعلومات على صفحاتها الأولى باعتبارها خبرا مهما، هلل له حملة المباخر قائلين ما معناه هكذا تكون الاستطلاعات وإلا فلا. أما الصحف «المستقلة» فلم ألحظ أنها أوردته ضمن رسومها الكاريكاتورية أو فى باب العجائب والطرائف، ولا حتى تحت عنوان «صدق أو لا تصدق». وإنما قالت الصحف بكل جدية إن المجلس الأعلى للسياسات بالحزب الوطنى عقد اجتماعا برئاسة جمال مبارك. وفيه تمت مناقشة نتائج استطلاع الرأى الذى أجراه الحزب وتناول أداء الحكومة والشأن السياسى العام. ومن النتائج التى أثارت الانتباه فى الكلام المنشور أنه فى الإجابة على سؤال تعلق بثقة المواطنين فى الأحزاب كانت النتيجة كالتالى: الحزب الوطنى احتل المرتبة الأولى ووصلت نسبة الواثقين فيه إلى حوالى 58٪. أما حزب الوفد فإن حظه من الثقة لم يتجاوز 4٪، وحزب التجمع «فاز» بنسبة 3٪. أما المستقلون (الذين يدخل فيهم الإخوان) فلم تزد نسبة الثقة فيهم على 2٪. من النتائج التى لفتت الانتباه أيضا فى ذلك الاستطلاع أن نسبة عالية من المتفائلين بمستقبل البلد (64٪) ينتمون إلى طبقة الفقراء والأميين فى مصر.
هذه النتائج تثير على الفور السؤال التالى: إذا كان الحزب الوطنى بهذه القوة والمتانة فى الشارع المصرى، فلماذا يستعين بالأمن وبجهاز الإدارة للتزوير وترهيب المنافسين فى الانتخابات النيابية والمحلية، وإذا كانت تقارير اللجنة العليا للانتخابات، والدراسات التى أصدرها المتخصصون فى مركز الدراسات الاستراتيجية بالأهرام قد أكدت أن نسبة التصويت للحزب الوطنى فى انتخابات مجلس الشعب لسنة ألفين كانت 38٪، وإن هذه النسبة تراجعت فى انتخابات عام 2005 بحيث لم يتجاوز 32.5٪، فكيف يقال فى 2009 إن نسبة الثقة فى الحزب فى حدود 58٪؟
عندى تفسير من واقع الخبرة العملية التى أكدتها معلومات مقالتى التى تصادف نشرها فى نفس اليوم. خلاصة ذلك التفسير أن النسبة كانت كما هى عليها فى الانتخابات الأخيرة، ولكن الذى حدث أن القائمين على أمر الاستطلاع رفعوها إلى 58٪. ذلك أنه إذا كان من أهل السلطة من تجرأ ورفع نسبة النجاح فى الثانوية العامة، وإذا كان أحد العمداء لم يتردد فى رفع نسبة نجاح طلاب الهندسة من 60 إلى 80٪، فما الذى يمنع من رفع نسبة الثقة فى الحزب الوطنى من 32 إلى 58٪؟ وألا يعد ذلك إعمالا للعرف السائد والتزاما بالتقاليد المرعية فى الشأن العام؟
ربما اعتبر الذين حددوا تلك النسبة أنهم تواضعوا وجعلوها 58٪ فقط. رغم أن البلد كله مرهون للحزب ومكتوب باسمه. ولكن ذلك التفاوت الهائل بين حظ الحزب وحظوظ الأحزاب الأخرى يدين النظام القائم ولا يحسب له. لأن من حق أى باحث أن يتساءل قائلا: أية ديمقراطية هذه التى جعلت من الحزب الحاكم فِيَلاً بعد 30 سنة من ممارسة التعددية السياسية فى حين أن الأحزاب الأخرى لا يتجاوز حضورها حجم النمل أو الصراصير؟ وألا يذكرنا ذلك بالحياة الحزبية المغشوشة فى الدول الشيوعية؟
بقية النتائج المعلنة أثبتت أن خبراتنا فى تزوير استطلاعات الرأى أضعف منها فى تزوير نتائج الانتخابات، بما يجعلنا نشك فى أن الاستطلاع تم تحت إشراف مباحث أمن الدولة ولم يقم به خبراء قياس الرأى العام. وإلا كيف يقال إن قناتى التليفزيون الأولى والثانية هما الأعلى مشاهدة؟ وهل يعقل أن يقال إن أغلب الفقراء هم المتفائلون بالمستقبل؟ وكيف يقال إن 40٪ فقط لم يسمعوا بالأزمة الاقتصادية العالمية، فى حين أن 80٪ تطحنهم الأزمة ولم يعرفوا غيرها طيلة حياتهم. إن أخطر ما فى الاستطلاع الذى تم، أن نتائجه دلت على أن الحزب مُصّر على ألا يعرف شيئا عن الواقع المصرى، الأمر الذى يرشحه بجدارة لأن يكون شهادة تفوق فى الاستعباط السياسى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.