حضرت هنا هذا الأسبوع، ومعى أكثر من 40 شركة بريطانية من أجل دفع الاستثمار فى مصر وزيادة حجم التبادل التجارى بين بلدينا. وتعتبر هذه البعثة هى أكبر بعثة تجارية بريطانية على مستوى العالم فى الأشهر ال12 الماضية، كما أنها أكبر بعثة تجارية بريطانية تأتى إلى مصر خلال أكثر من 10 سنوات. وتؤكد هذه البعثة التجارية التزام بريطانيا بمساعدة الشعب المصرى على بناء مستقبل ناجح لبلده حتى تكون مصر أكثر أمنا وأكثر ديمقراطية، وأكثر إدماجا. والمفتاح لتحقيق هذا المستقبل هو الاقتصاد الديناميكى الذى يخلق فرص العمل ويوفر الفرص للجميع. إن الاستثمارات البريطانية أساسية لتحقيق هذه الرؤية وستظل كذلك. بريطانيا هى بالفعل المستثمر الأول فى مصر حيث فاقت قيمة تدفقات الاستثمار فى العام المالى الماضى 5 مليارات دولار أمريكى. وتعد هذه البعثة التجارية جزءا من الجهود الملتزمة على المدى الطويل بزيادة هذا الاستثمار إلى ما هو أبعد من ذلك، وتعزيز الروابط التجارية بين بلدينا. والشركات البريطانية مزدهرة بالفعل فى مصر. تقوم شركة بريتيش غاز BG وبريتيش بتروليوم BP بتزويد مصر بالطاقة الأساسية. وفودافون مصر هى جزء من مجموعة فودافون القائمة بالمملكة المتحدة وتعد أكبر شركة للهاتف المحمول فى البلاد. ويقوم المزيد والمزيد من شركات تجارة التجزئة البريطانية، مثل دبنهامز، بتوسيع عملياتها فى مصر بالإضافة إلى دخول أسماء كبرى أخرى فى السوق لأول مرة مثل توب شوب، وتوب مان وهامليز. ويحدونى الأمل القوى بأن الشركات الحاضرة معى هنا هذا الأسبوع وهى الشركات الرائدة فى مجالات الطاقة والبناء، وتجارة التجزئة سوف تقرر أن الآن هو الوقت المناسب لها أيضا لبدء القيام بالأعمال التجارية فى مصر. إن حجم الاستثمار البريطانى فى مصر وعمق الشراكة الاقتصادية والتجارية لدينا يقدمان لنا منظورا فريدا بشأن مستقبل مصر الاقتصادى. وأرى أن مجموعتين من الإصلاحات الاقتصادية تمثلان أهمية خاصة. وتنطوى المجموعة الأولى على جعل مصر بيئة أكثر جاذبية للأعمال والاستثمار، وهما أمران أساسيان لتحفيز النمو الاقتصادى. أما المجموعة الأخرى فتنطوى على التأكد من أن النمو الاقتصادى يفيد جميع المصريين ويلبى مطالبهم الحقيقية والملحة بتحقيق العدالة الاجتماعية. فهذه الإصلاحات مجتمعة تعنى أن مصر يمكنها أن تبنى اقتصادا ديناميكيا قويا من شأنه إيجاد فرص عمل وانتشال الناس من الفقر حتى يعيشوا حياة أفضل وأكثر كرامة. والحكومة المصرية تعترف بالفعل بضرورة تنفيذ المجموعة الأولى من الإصلاحات، التى تعد ضرورية لخلق بيئة أكثر جذبا للشركات والمستثمرين. وهى تتخذ خطوات مبدئية إيجابية لاستعادة استقرار الاقتصاد الكلى. وبريطانيا مستعدة للمساعدة فى معالجة تحديات أخرى مثل تحسين الشفافية وبناء الثقة فى سيادة القانون، وتقليص نفوذ البيروقراطية. ويخبرنى كبار رواد الأعمال والمستثمرين بأن هذه الإصلاحات مهمة بالنسبة لهم. إنهم يريدون أن يعرفوا أنهم يمكنهم المنافسة والفوز بعقود على أساس من الشفافية. إنهم يريدون أن يكونوا على ثقة من أن النظام القضائى محايد، وخالٍ من التحيز السياسى، وأنه سوف يقوم بإنفاذ العقود بإنصاف. كما أن الحريات السياسية التى تسمح بالابتكار، وبالاختلاف فى الرأى، وبإجراء نقاش مجتمعى حقيقى تمثل هى أيضا أهمية فى هذا الصدد. وأخيرا، إنهم يريدون إجراء إصلاح شامل للقيود الصارمة المفروضة على النقد الأجنبى ولنظام الجمارك وهما أمران يجعلان من الصعب القيام بأعمال تجارية فى مصر. وهذه مسائل تقنية يمكن لبريطانيا، وشركاء آخرين مثل المؤسسات المالية الدولية، أن تقدم للحكومة المصرية الخبرة الفنية الفعلية. كما يمكن لبريطانيا أن تقدم الدعم أيضا فى مجال المجموعة الثانية من الإصلاحات، وهى التى يجب أن ترتكز على العدالة الاجتماعية وضمان وصول فوائد النمو الاقتصادى إلى كل مصرى. ونحن أنفسنا، كحكومة بريطانية، قد أنفقنا منذ عام 2011 أكثر من 50 مليون دولار أمريكى على مشاريع التنمية إيمانا منا بأن المورد الأكبر لمصر هو شعبها. وفى الوقت نفسه، يمكننا تقديم التعاون التقنى لكى يتسنى للسياسات الاقتصادية الوطنية تحفيز إيجاد فرص العمل، وتوفير التعليم والتدريب على تطوير المهارات للشباب، وحماية الفئات الأكثر ضعفا فى المجتمع. ومعا، يجب علينا أن نضمن ألا يترك أى مصرى فى الخلف. وأنا أعلم من تجربة العمل فى الحكومة أن تنفيذ الإصلاح الاقتصادى يمكن أن يكون صعبا وبطيئا حتى يسفر عن نتائج. وتلك التجربة ذات قيمة. ولدى مصر فى بريطانيا صديق وشريك سيظل ملتزما نحوها، على المدى الطويل، لرؤية مصر وهى تنجح وهو على استعداد لتقديم مساعدة فعلية لتحقيق ذلك. ومن خلال علاقاتنا الوثيقة فى مجالات الأعمال والتجارة، والاستثمار، ومن خلال التعاون الوثيق بين حكومتينا، والأهم من كل ذلك من خلال العلاقات التى تربط الشعبين البريطانى والمصرى الواحد بالآخر، سوف نعمل معكم من أجل بناء مصر الآمنة والمزدهرة والتى تنعم بالديمقراطية - مصر التى نريد جميعا أن نراها.