رغم إعلان تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش»، رسميا موقفا معاديا لجماعة الإخوان، وتكفيرها للرئيس المعزول محمد مرسى، إلا أن التقدم الذى يحرزه «داعش» على أرض العراق «ينعكس معنويا على قواعد الجماعة ممن سئموا العمل السياسى وكفروا بالسلمية فى مواجهة السلطة، وهو ما حذرت منه مصادر داخل الجماعة، بالإضافة لمراقبون أثاروا التساؤل عن إمكانية انخراط إسلاميون فى صفوف «داعش»، وتنفيذ عمليات مماثلة ضد قوات الجيش والشرطة. وحذر الباحث فى شئون الحركات الاسلامية أحمد بان، من خروج شريحة من شباب الإخوان خارج السرب ممن سئموا العمل السياسى وكفروا بالسلمية، وهو ما وصفه ب«التهديد المحتمل»، قائلا ل«الشروق» قد نجد من يعلن عن انتهاجه ل«النضال المسلح»، والرئيس السيسى سبق وألمح فى مناسبات مختلفة لتصديه لما وصفه ب«خطر متنامى» لقوى الإرهاب. ولفت بان إلى أن «داعش» استولت على ما يقرب من نصف مليار دولار من المصرف المركزى فى المُوصل، بالإضافة لسيطرتها على مصاف نفطية ضخمة، وأحكمت قبضتها على 17% من الاحتياطى البترولى العراقى، وقد تعد الجهاديين فى مصر بحصة من «غنائم» العراق، بالإضافة للتسهيلات اللوجيستية المعتادة، وإمدادات السلاح عبر خطوط التهريب إلى سيناء لتعزيز قدرات العناصر المتشددة داخل مصر. وبشأن التقارب المحتمل بين «داعش» وعناصر إخوانية بالداخل قال بان: «دعونا لا ننسى أن أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة الحالى كان عضوا بالإخوان فى السابق خلال فترة الستينيات، مشيرا إلى أن «داعش» تمتلك بالفعل معسكرات مخصصة لتدريب العناصر حديثة الانضمام ولديها جميع التجهيزات لذلك الغرض وتسعى إليه. وطالب الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، النظام الجديد بسرعة احتواء قواعد الإخوان لتفويت الفرصة على أية بذور إرهابية قد تنمو داخل البلاد. وقال الباحث فى الشئون السياسية، نبيل عبدالفتاح، إن الأمر لن يقتصر على التأثير النفسى على أعضاء الإخوان فقط، فالمظلومية التى يشعر بها الإسلاميون الراديكاليون تولد مع أية نجاحات ولو محدودة ردود أفعال مبالغا فيها عند الأطراف الأخرى، وظهر ذلك جليا عندما وصل الإسلاميون للسلطة فى السودان، ليتمكن بعدها إخوان فلسطين من السيطرة على قطاع غزة والوصول إلى الحكم هناك عبر حركة حماس. وأضاف عبدالفتاح: يجب علينا عدم الاستهانة بالصدمة التى يعانى منها عناصر الإخوان نتيجة خسارتهم للسطلة بعد الوصول إليها، وأتوقع عمليات ذات طبيعة انتحارية من جانب الجهاديين، لفتا لأنظار كوادر «داعش» بالإضافة لعرقلة الحكومة الجديدة ونظام السيسى. وكشف قيادى إخوانى وعضو اللجنة الإعلامية للجماعة، عن تنامى مشاعر الكفر بالديمقراطية ورفض شكل الدولة الحديثة والانتخابات داخل قطاعات واسعة من شباب الجماعة وهو ما يظهر بوضوح فى الأحاديث فى اجتماعات الأسر الإخوانية حيث ترى هذه القطاعات أن قواعد الديمقراطية لم تضمن بقاء مرسى فى الرئاسة التى وصلها عبر هذه القواعد. وقال القيادى الإخوانى ل«الشروق»، إن مجموعات من شباب الإخوان بعد الأزمات الأخيرة ترفض استخراج بطاقات شخصية أو جوزات سفر حتى لا يعترفوا بالدولة وسلطتها، محذرا من سهولة انسياق تلك العناصر التى وصفها ب«المحدودة حتى الآن» وراء الخطاب المتشدد والتكفيرى وانضمامهم لجماعات جهادية مسلحة تاركين جماعة الإخوان المسلمين. من جانبه، قال الخبير العسكرى اللواء محيى نوح، إن الخطر الآن لا يقتصر فقط على احتمالية تحول عناصر إخوانية إلى جهادية مسلحة، ولكن يكمن أيضا فى إمكانية تسلل عناصر «داعش» نفسها إلى مصر عبر ليبيا أو السودان، مطالبا الجيش المصرى باليقظة الكاملة. وأوضح نوح، أن هناك اختلافا فى معطيات الوضع بين مصر والعراق بما يكفى لمنع تكرار سيناريو التسعينيات فى الوقت الحالى، مشيرا إلى أنه فى حالة كانت هناك بيئة حاضنة لتنظيم «داعش» ستكون فى جبال الحلال والمغارة والطور وكاترين بشبه جزيرة سيناء، استغلالا للمناطق التى تحد فيها اتفاقية كامب ديفيد للسلام من انتشار قوات الجيش المصرى وتسليحه. يشار إلى أن التحقيقات مع عناصر من تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الذين اعتقلوا مؤخرا فى مصر كشفت عن مساعى أبوبكر البغدادى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية فى العراق والشام «داعش» ضم جماعات أخرى إلى صفوف تنظيمه على غرار «أجناد مصر» و «أنصار بيت المقدس».