تشهد منطقة الشرق الأوسط تحركات دبلوماسية أمريكية نشطة تستهدف التمهيد لإعادة إطلاق عملية السلام فى الشرق الأوسط على أساس حزمة ترتيبات متفق عليها مسبقا، من بينها تحرك إسرائيل نحو وقف الاستيطان، وتعهدها بعدم شن هجوم عسكرى على إيران، واتخاذ العرب خطوات تطبيعية «ملموسة» مع إسرائيل، وتوفير مظلة دفاعية لحلفاء واشنطن فى المنطقة مما يوصف بأنه الخطر الإيرانى. ضمن هذه التحركات، كان من المقرر أن يلتقى المبعوث الأمريكى للشرق الأوسط، جورج ميتشل، أمس فى القدسالمحتلة مع رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنامين نتنياهو، فى مباحثات أعلن أنها ستركز على سبل التعامل مع وقف الاستيطان الإسرائيلى فى الضفة الغربيةالمحتلة، بما فيها القدسالشرقية، تمهيدا لاسئناف عملية السلام. وبالرغم من ان المصادر العربية والأمريكية لم تقدم ما يفيد بحدوث انفراجة حقيقية فى موقف الحكومة الإسرائيلية المتعنت من رفض وقف الاستيطان إلا أن تقارير صحفية إسرائيلية وأمريكية تفيد بأن الطرفين أوشكا على التوصل إلى اتفاق حول هذه المسألة محل الخلاف من شأنه «إرضاء العرب، وعدم تعريض ائتلاف نتنياهو الحاكم للانهيار». وبعد هذا اللقاء سيتوجه ميتشل إلى البحرين فى ختام جولة قادته أيضا إلى كل من رام الله وسوريا والأردن ومصر. وأمس الأول دعا ميتشل فى القاهرة الدول العربية إلى اتخاذ خطوات تطبيعية نحو إسرائيل لتشجيعها على استئناف المفاوضات. غير أن الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، شدد على أن لا تطبيع مع إسرائيل قبل تحركها نحو وقف الاستيطان. بموازاة تحركات ميتشل، وصل وزير الدفاع الأمريكى، روبرت جيتس، أمس إلى العراق فى زيارة غير معلنة تستمر يومين، ويسعى خلالها إلى حض العراقيين على حل خلافاتهم قبل الانسحاب الأمريكى التام نهاية العام 2011. ويبحث جيتس مع المسئولين العراقيين إمكانية تزويد العراق بأسلحة، وخصوصا مقاتلات من طراز «اف 16»، لزيارة القدرات الدفاعية للعراق. ووصل جيتس العراق قادما من عمان، حيث أجرى محادثات مع العاهل الأردنى، الملك عبدالله الثانى، ركزت على العلاقات الثنائية بين الولاياتالمتحدة الأردن، وعملية السلام فى الشرق الأوسط، بما فيها حل الدولتين بين الفلسطينيين وإسرائيل. كما كان جيتس أجرى أمس الأول مباحثات مع نظيره الإسرائيلى، إيهود باراك، تركزت بالأساس على الملف النووى الإيرانى. وصرح باراك عقب اللقاء بأن بلاده لن تتخلى عن أى خيار فى التعامل مع إيران، فيما بدا رفضا لطلب جيتس من تل أبيب التخلى عن الخيار العسكرى لإتاحة الفرصة أمام الحوار الذى تتجه إدارة أوباما لإجرائه مع طهران لإقناعها بوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم. كانت وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلارى كلينتون، قد حاولت طمأنة حلفائها فى المنطقة من أن الحوار المرتقب مع طهران لن يكون على حساب مصالحها، وأن واشنطن تعتزم إقامة مظلة دفاعية لحماية حلفائها فى منطقة الخليج من إيران، رافضة الكشف عن أية تفاصيل أخرى. وإضافة إلى جولتى ميتشل وجيتس، يزور كل من مستشار الأمن القومى الأمريكى، جيمس جونز، ومستشار الرئيس الامريكى لشئون إيران والشرق الأوسط، دينيس روس، إسرائيل فى وقت لاحق هذا الأسبوع، حيث سيركزان بالأساس على الملف النووى الإيرانى. وفى واشنطن، بدأ عضوان يهوديان بارزان فى مجلس الشيوخ الأمريكى حملة جمع توقيعات من بقية الأعضاء على خطاب يطالب الرئيس الأمريكى باراك أوباما بالضغط على الدول العربية لتقديم مبادراتِ تطبيع مع إسرائيل؛ بغية إنهاء المقاطعة العربية لها. هذه الحملة يقودها السيناتور الديمقراطى، إيفان بايه، عضو لجنتَى القوات المسلَّحة والاستخبارات، والسيناتور الجمهورى، جيمس ريش، عضو لجنتى العلاقات الخارجية والمخابرات. وجاء فى الخطاب، الذى وصل أوباما نسخة منه: «هذه الخطوات (التطبيعية) يمكن أن تتضمن (إعلان) إنهاء مقاطعة الجامعة العربية لإسرائيل، والالتقاء العلنى بمسئولين «إسرائيليين، وإقامة علاقات تجارية مع إسرائيل، وإصدار تأشيرات دخول لمواطنين إسرائيليين، ودعوة إسرائيليين للمشاركة فى المؤتمرات الأكاديمية والمهنية والأحداث الرياضية». وشدد الخطاب على أنه «على الدول العربية أن تُنهِيَ بشكل فورى ودائم حملات الدعاية الرسمية التى تشيطن إسرائيل واليهود. ويمتدح الخطاب ما يصفه ب«المبادرات الإسرائيلية» تجاه الدول العربية، ومن بينها إعلان نتنياهو قبوله بوجود دولة فلسطينية. وكان نتنياهو قد تحدث عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح، وليس من حقها إقامة تحالفات عسكرية، على أن يكون مجالها الجوى تحت السيطرة الإسرائيلية، مع تخلى اللاجئين الفلسطينيين عن حق العودة، وبقاء القدس عاصمة موحدة وأبدية لإسرائيل، وهو ما رفضه الفلسطينيون.