المثل يقول «بيضاء واقطع وسمراء وأوصف» هكذا تلخص السيدة عزة، 50 عاما، والتى تشتهر فى أحد النوادى الرياضية بتوفيق «رأسين فى الحلال»، رأى قطاع لا بأس به من الرجال المصريين المقبلين على الزواج. ومغزى المثل أن العروسة كفاية تكون بيضاء من أجل الحصول على تأشيرة مرور لقلب وعقل الرجل أما إذا كانت سمراء فلابد أن تبدأ الست الخاطبة فى تعديد الصفات: «هى سمراء، لكنها بنت عائلة ودمها خفيف ومثقفة» إلخ.. نفس الفكرة طرحها «منتدى المواعيد للشباب» على شبكة الإنترنت، متسائلا عن مدى «سخونة» المرأة البيضاء مقارنة بنظيرتها السمراء. ورغم تفاوت الأجوبة فإن قطاعا لا بأس به من الشباب أقر أن «فى كل الأحوال تكون البيضاء مغرية، إن لبست أى لون يطلع عليها حلووو.. وإن استحت توردت خدودها! (أتحدى السمرا لو بان عليها). هذه النظرة ذات الطابع العنصرى متأصلة فى العقلية العربية كما يقول الكاتب الصحفى خالد القشطينى فى مقال له عنوانه «ثمن البنت السمراء والبنت البيضاء».. «بالطبع نحن نعرف أنه فى سوق النخاسة كان سعر القينة البيضاء أكثر من سعر القينة السمراء، والقينة السمراء أغلى من القينة السوداء». تعزز بعض الحملات الإعلانية، التى تروج لمنتج تفتيح البشرة هذه النظرة الدونية تجاه السمراوات. فمثلا يشير الإعلان إلى فتاة أرادت الالتحاق بعمل ما وفشلت بسبب بشرتها الداكنة، بل لم تنجح فى حياتها العملية إلا عندما قامت بتفتيح بشرتها. فى حين يظهر إعلان آخر راقصة باليه موهوبة استخدمت منتج تفتيح اللون لكى تنجح عروضها الفنية. ومن أجل إرضاء الذوق العام تجرى الكثيرات من الفتيات وراء الحصول على بشرة بيضاء. بين مواقع الإنترنت التى تقدم وصفات سحرية تجعل البشرة أكثر بياضا تقضى الكثيرات من بنات حواء أوقاتهن من اجل تحقيق حلم البياض. تطالعنا إعلانات كل يوم تقدم مائة منتج من أجل تفتيح لون البشرة الداكن. وفى الواقع توجد عدة وسائل لتبييض البشرة أهمها الكريمات، التى تحتوى على مادة تعمل على إيقاف إفراز الميلانين، فهناك ما يقارب خمسين منتجا تظهر كل عام وتعمل بآليات مختلفة منها ما يعتمد على المادة الفعالة كالهيدروكينون وخلاصة التوت، التى تعمل على تثبيط إنتاج: مادة الميلانين الملونة للجلد. ومستحضرات التبييض الحاوية على مادة الهيدروكينون تعتبر الأكثر فعالية والأرخص سعرا ولكنها الأكثر خطورة. وحاليا يدرس المختصون عملية منع بيع هذه المستحضرات بغير وصفة طبية لحصر المخاطر وتوجيه الجمهور. وقد أثبتت العديد من الدراسات العلمية أن مادة الهيدروكينون المستخدمة فى مستحضرات التبييض بتراكيز عالية قد تكون مسرطنة. وهناك كريمات مقشرة تعمل على إزالة طبقات الجلد، وهى عبارة عن مواد كيميائية حمضية أو قاعدية تخلط مع بعضها بنسب معينة للحصول على تفاعل يؤدى إلى إزالة طبقات الجلد والحصول على طبقة أو طبقات جديدة. وأخيرا تأتى أشعة الليزر التى قد يؤدى استعمالها إلى أن يصبح لون البشرة داكنا ومحمرا. وقد حذرت دراسة فرنسية قامت بها الدكتورة أنتونى بيتيت من مستشفى سانت لويس بباريس ذوى البشرة السمراء الداكنة من استخدام مستحضرات تبييض البشرة. من ناحية أخرى تابع الباحثون الباريسيون 46 شخصا من ذوى الأصول الأفريقية، ممن ظهرت لديهم تغيرات فى الجلد فوق مفاصل الأصابع أو ضمور الجلد أو خطوط شد الجلد أو التهاباته. وتبين بسؤالهم أن 25 منهم، أى حوالى 55%، يستخدمون مستحضرات تبييض البشرة. وأن 12 منهم، أى تقريبا نصفهم، يُحاولون وقف استخدامها. وأن سبعة استخدموها فى الماضى، ثم توقفوا عن ذلك. والمعدل الزمنى لاستخدامها كان 14 سنة، تراوحت بين سنة لدى بعضهم و39 لدى بعضهم الآخر! وتهدف عمليات تبييض الوجه، التى تجرى بعمليات جراحية إلى تغيير المظهر العام ربما ليتماشى مع فكرة «التحول العرقى»، أو بواسطة المستحضرات الكيميائية للحصول على لون أفتح للبشرة يميل أكثر إلى البياض. وقد يتفق ذلك مع ما يقوله الدكتور يحيى الأحمدى، أستاذ الطب النفسى الذى يرى أن عقدة الخواجة موجودة عندنا من زمان. فأعناقنا دائما مشرأبة نحو الشمال لاعتقادنا الدائم أنه المثل الواجب اتباعه حتى فى المظهر الخارجى. «هناك ثمة تخلى عن الجذور فبشرتنا السمراء هى جزء من مكوناتنا القومية مثل العلم والنشيد وألوان البلد الطبيعية الخ.. لذا فيمكن أن نصف هذه الظاهرة أنها حالة من غسيل عرقى من أجل الانسلاخ من الأصل». وعلى العكس من ذلك كله، تشير دراسة أجرتها جامعة سيتى بلندن إلى أن الرجال العصريين يحبون الذكاء والعقل الكبير والمتفتح، وهو ما يميز السمراوات بصورة أساسية. ولاحظ هؤلاء فى دراستهم بشأن العلاقة بين لون البشرة والشعر ودرجة الجاذبية، أن 51% من الرجال يعتقدون أن السمراوات أكثر جاذبية من الشقراوات!