منذ ظهورها الأول فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، أثارت حركة «تمرد» جدلا كثيرا حولها، فهى تشبه حركات شبابية كثيرة خرجت من رحم المعارضة المصرية لرفض النظام الحاكم، وتقترب تفاصيلها كثيرا من حركة كفاية التى أنشأها سياسيون فى 2004، لوقف مشروع التوريث للرئيس الأسبق حسنى مبارك، ولكنها كسبت التحدى مع الوقت بسقوط مرسى، فى زمن قياسى لم يتجاوز الأشهر الثلاثة منذ تدشينها فى أبريل 2013. اعتقد كثيرون أن ينتهى دور الحركة بعد إسقاط الرئيس المعزول، إلا أنها شاركت بقوة فى صياغة القرار السياسى، وكانت آلة حشد جديدة فى يد النظام المؤقت، مما أثار حفيظة رفاق الدرب من شباب الثورة، الذين اعتبروها ظهيرا ثوريا للنظام، أخذت معه مسارا جديدا فى دعم قرارت السلطة، وتجلى ذلك فى حشدها لمليونيات التفويض والاحتفالات بالأحداث الثورية وذكرى الثورة بميدان التحرير. وتوجت مكاسب الحركة بانضمام مؤسسها الأول محمود بدر ورفيقه محمد عبدالعزيز إلى لجنة الخمسين التى صاغت دستور 2013، وأصبح لهما مكانة سياسية، وأذاع التليفزيون المصرى بيانا لمؤسسها بدر، لتأييد مليونية «التفويض»، فى سابقة تعد الأولى من نوعها، أن يذيع التليفزيون الرسمى خطابا لشاب سبق له أن تمرد على أنظمتها السابقة. ويبدو أن الانقسام المكتوم الذى خزنته المواقف السياسية للحركة، خضع أسيرا لفتنة «السيسى صباحى»، بعد أن خالف حسن شاهين ومحمد عبدالعزيز، قرار الحركة المُعلن بدعم المشير عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، فى الانتخابات الرئاسية، حال ترشحه، وإعلانهما تأييد حمدين صباحى، رئيسا لشباب الثورة بصفتهما عضوين ب«تمرد»، وهو ما دفع محمود بدر لإعلان تجميد عضويتهما مع آخرين أعلنوا دعم صباحى، كما تضرب الحركة موجة استقالات من الوجه البحرى، تهدد بها مشروعها، ما دفعها للتفكير فى الخروج من الأزمة بحزب سياسى، يلم شملها ويكون لها بمثابة «طوق النجاة». الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية، حلل ل«الشروق» ظاهرة «تمرد» برفضه المبالغة فى حجمها السياسى، قائلا: «تمرد كانت حالة سياسية فقط وليست حركة، ساهمت فى تحريك المياه الراكدة أثناء حكم الإخوان، بعد نجاحها فى جمع التوقيعات من خلال استمارة سحب الثقة»، وشدد على أن «سعى رموز الحركة لتحويلها إلى حزب سياسى لن ينجح، لأن ذلك مرتبط بقاعدة جماهيرية، والتعبير عن فئة سياسية بعينها»، موجها لهم النصيحة بإعلانهم تحقيق مرادهم، والعودة إلى مراكزهم التى كانوا عليها قبل الثورة. وأضاف: «لو أصر قيادات الحركة على تسمية أنفسهم بصناع ثورة 30 يونيو، ستكون بداية النهاية لهم، حيث إنها تمثل ارتباكا فى الحياة السياسية المصرية، ووجودهم سيسمح بعودة رموز مبارك إلى الصورة مرة أخرى».