أمام شاطئ ميامى بالإسكندرية، يمشى حمادة محمد، 19 سنة، بائع متجول، يتلفت يمينا ويسارا قبل أن يقفز من فوق سور الكورنيش إلى داخل الشاطئ. تذكرة الدخول إلى الشاطئ «المميز» سعرها 2 جنيه. إلا أن الموظف الحكومى الجالس على بوابة الشاطئ يفرض على المصطافين أن يدفعوا ضعف ثمن التذكرة. ويطلب من حمادة أن يدفع أكثر حتى يسمح له بالدخول إلى الشاطئ ببضاعته. يعمل حمادة طوال العام فى بيع الحمص والحلاوة، ولكن فى الصيف يبيع الفريسكا. الحلوى السكندرية الشهيرة التى تتكون من طبقتين رقيقتين من البسكويت، بينهما فول سودانى مشبع بالعسل الأبيض. «الفريسكا دى بدأت تختفى من سنتين تقريبا، مبقاش فيه حد بيبيعها» يقول حمادة. الآن يبيع حمادة وغيره نوعا غريبا من الحلوى، ينتسب إلى الفريسكا الأصلية بالاسم فقط. الفريسكا الجديدة هى نسخة شعبية مشوهة من حلوى التفاح بالكراميل الغربية، التى تنتشر فى الولاياتالمتحدة أثناء عيد القديسين (الهالوين). تتكون الفريسكا المقلدة من تفاحة صغيرة مغموسة فى العسل الأبيض والشربات، تتكفل حرارة شمس الإسكندرية بزيادة التفاح عطبا، وتسييح العسل والشربات إلى سائل مقزز. الكثير من المصطافين لا يعرفون الفريسكا الحقيقية، التى اشتهرت بها شواطئ الإسكندرية لعشرات السنين، فيقبلون على شرائها على سبيل التجربة. يشترى حمادة قطعة الفريسكا بخمسين قرشا ويبيعها بجنيه. يعمل 12 ساعة يوميا تقريبا ويتراوح مكسبه ما 20 و30 جنيها فى اليوم. «أهم حاجة إن بتوع الإزالة مايخدوش منى البضاعة»، فبالرغم من أن حمادة يحمل بضاعته على كتفه، إلا أنه لا يسلم من شرطة الإزالة التى قد تصادر ما يملكه من حلوى. لذلك، يحاول حمادة أن يندس بين المصطافين على الشواطئ ولا يقضى كثيرا من الوقت على الكورنيش. أثناء وجود حمادة داخل الشاطئ، اندلعت معركة بين بعض المصطافين من محافظة البحيرة، ورجال أمن الشاطئ نتيجة مشادة كلامية. ارتفع نواح النساء على الرجال المتصارعين بالكراسى وعواميد الشماسى. اضطر حمادة إلى الابتعاد عن الشاطئ والتوجه إلى الكورنيش حتى يتفادى المتصارعين، إلى أن تدخل أمين شرطة فى فض الخناقة بعد أن هدد الجميع بأنهم سيبيتون ليلة فى القسم إن لم يتوقفوا عن الشجار. انتظر حمادة قليلا أن يبتعد أمين الشرطة، ثم قفز من فوق السور متوجها إلى الشاطئ مرة أخرى.