أحمد ماهر، ومحمد عادل، وأحمد دومة.. ثلاثة أسماء مثيرة للجدل، تغيرت مواقفهم من السلطة مرارا، وتغيرت تحالفاتهم وأعداؤهم وأصدقاؤهم، إلا أن ما لم يتغير هو أنهم يعودون دائما إلى موضع الاتهام من كل سلطة، وتعود أوامر الضبط والإحضار، وكذلك الأحكام القضائية، للصدور ضدهم. «بوابة الشروق» تقدم سيرة مختصرة لمسيرة النشطاء الثلاثة، في محاولة لرصد أسباب مواقفهم ومواقف الأنظمة المختلفة منهم. «أحمد ماهر.. مهندس 6 أبريل» رغم ابتعاده عن منصب المنسق العام لحركة 6 أبريل، بعد انتخاب عمرو على في أكتوبر الماضي خلفا له، إلا أن اسم الحركة لا يمكن أن يُذكر بدون ذكر اسم مؤسسها أحمد ماهر. ولد ماهر في الإسكندرية عام 1980، تخرج في كلية الهندسة بالقسم المدني، وشارك منذ عام 2005 في مظاهرات حركة كفاية، التي كانت الشرارة التي أطلقت الحراك السياسي المتصاعد في سنوات ما قبل الثورة. شهد عام 2008 الميلاد السياسي الحقيقي لأحمد ماهر، بعد مشاركته في الدعوة للإضراب العام يوم 6 أبريل 2008، تضامنا مع عمال غزل المحلة، وذلك عبر الصفحة التي أنشأتها إسراء عبدالفتاح على موقع «فيس بوك». تم اعتقال أحمد ماهر على أثر تلك المشاركة في مايو 2008، ثم فكر بعد خروجه في استثمار الزخم الكبير الذي اكتسبه، بتأسيس حركة شبابية معارضة، تحمل نفس الاسم، وهكذا ولدت حركة 6 أبريل في مؤتمرها التأسيسي في 28 يونيو 2008، وبسبب ذلك تكرر اعتقال ماهر. ظلت حركة 6 أبريل تنظم المظاهرات عبر 3 سنوات، رافعة نفس شعار حركة كفاية «لا للتمديد.. لا للتوريث»، كما أنشأت فروعًا لها داخل الجامعات المختلفة، التي طالما اقتصر النشاط السياسي فيها على طلاب الإخوان. في يونيو 2010، نظمت الحركة مظاهرة ضخمة للتضامن مع خالد سعيد، وبعدها شارك ماهر في الإعداد لمظاهرات يوم 25 يناير مع عدد من النشطاء الشباب من مختلف القوى السياسية، الذين حددوا خطوط سير مظاهرات اليوم الأول. وشارك ماهر في غرفة عمليات المظاهرات، ثم انضم إلى المسيرة القادمة من ناهيا بالجيزة. الحركة تنقسم حدث خلاف داخل الحركة حول آليات الانتخابات الداخلية، حيث رأى أحمد ماهر ومن معه أنه لا يمكن فتح باب الترشح والانتخاب لكل أعضاء الحركة بما يساوي بين القدامى المؤسسين والجدد، وبما يفتح احتمالية الاختراق الأمني، بينما رأى آخرون أن الديمقراطية يجب أن يتم تطبيقها داخليا قبل أن المطالبة بها على مستوى مصر، بالإضافة إلى رغبة ماهر في تحويل الحركة إلى منظمة رسمية تحت قانون الجمعيات الأهلية، بينما رفض آخرون. في 11 يوليو 2011 تم الإعلان رسميا عن تأسيس «حركة 6 أبريل - الجبهة الديموقراطية»، ومنذ ذلك الوقت أصبحت 6 أبريل الأم تسمى «6 أبريل - جبهة أحمد ماهر»، رغم إعلان ماهر مرارا ضيقه من هذا الاسم واعتباره أن 6 أبريل حركة واحدة هي التي يمثلها. صراع مع المجلس العسكري في 22 يوليو أصدر المجلس العسكري البيان 69 والذي اتهم فيها حركة 6 أبريل بحمل أجندة خاصة، والسعي لإيقاع الفتنة بين الشعب والجيش، وفي نفس الوقت هاجم اللواء الرويني الحركة بشدة، واتهمها بتلقي تمويل وتدريبات من الخارج، مشيرا إلى رحلة صربيا التي قام بها ماهر ورفاقه قبل الثورة، للتعرف على حركة أوتبور التي أسقطت سلوبودان ميلوسوفيتش، رئيس صربيا. لكن لجنة تقصي الحقائق تحت إشراف وزير العدل، التي قامت بالتحقيق في تلقي منظمات مصرية لتمويل من جهات خارجية لم تثبت صحة أي اتهام موجه للحركة. وشاركت الحركة في أحداث المرحلة الانتقالية التي رفعت شعار «يسقط حكم العسكر». قصة درامية مع محمد مرسي في الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة لم يعلن ماهر أو حركة 6 أبريل تأييد أي مرشح، لكن قبل الجولة الثانية أعلن ماهر تأييد الحركة لمحمد مرسي، وهو ما أثار انتقادات داخلية لاتخاذه القرار دون الرجوع لقواعد الحركة، كما شارك ماهر في اجتماع فندق فيرمونت الذي أعلنت فيه شخصيات سياسية وثورية تأييدها لمحمد مرسي كممثل للثورة، مقابل أحمد شفيق- ممثل النظام القديم. بدأت علاقة ماهر بالإخوان تتوتر، بعد أن أعلن انسحابه من لجنة المائة لكتابة الدستور في 18 نوفمبر 2012، احتجاجا على طريقة عمل اللجنة، واعتباره أن هناك تجاهلًا متعمدًا لآراء القوى المدنية، وبعدها بأيام في 22 نوفمبر، وصلت العلاقة بين الطرفين إلى طريق مسدود، فقد أصدرت الحركة بيان «هذا فراق بيننا وبينك»، قالت فيه إن مرسي خيب آمالها، بعد استشهاد «جيكا» في الاشتباكات التي وقعت أثناء إحياء ذكرى محمد محمود. شارك أحمد ماهر وحركة 6 أبريل في المظاهرات المعارضة للإخوان، كان أبرزها مظاهرة شهيرة مثيرة للجدل أمام منزل وزير الداخلية تحت شعار «الداخلية عاهرة كل نظام»، رفع خلالها المشاركون من أعضاء الحركة ملابس داخلية نسائية، وتم حبس 4 من أعضائها لمدة 45 يوما، وعلى أثر هذه المظاهرة أصدر النائب العام حينها المستشار طلعت عبدالله، أمر ضبط وإحضار لماهر، وتم اعتقاله في مايو 2013 لمدة يومين. ماهر المتردد بين الثورة والانقلاب شارك ماهر في مظاهرات 30 يونيو، وترددت أنباء عن مشاركته في وفد سيسافر للخارج لجلب الدعم الدولي لخارطة الطريق، إلا أنه نفى تلك الأنباء، مؤكدًا أن حركته رفضت سفر الشباب، معتبرة أن التنسيق الخارجي مسؤولية الدولة. في 12 يوليو كتب ماهر على حسابه بموقع تويتر- خلال نقاش مع الناشط وائل عباس- «30 يونيو انقلاب، بس محدش عنده الجرأة يقول كده»، وبرر عدم إعلانه وحركته ذلك بأن هذه هي رغبة الشعب، إلا أنه عاد لينفي ذلك الكلام، ويقول إن حديثه فُهم خطأً بعد أن ثارت ضده انتقادات داخل وخارج حركته. «محمد عادل.. العميد ميت» رغم التطابق التام بين المسيرة السياسية لمحمد عادل ورفيقه ماهر، منذ تأسيس حركة 6 أبريل، إلا أن البدايات مختلفة. كان عادل عضوا بجماعة الإخوان المسلمين، قبل أن ينفصل عن الجماعة ليكون جزءًا من الحركة الوطنية، وعضوا بحركة كفاية مثل أحمد ماهر، متخذًا معه نفس المسار السياسي، حتى أصبح عادل متحدثًا باسم حركة 6 أبريل، وعضوًا بمكتبها السياسي. أبرز محطات عادل كانت اعتقاله في 2008 بسبب زيارته عبر الأنفاق لغزة، وظهر في صور يحمل سلاحًا، وأيضًا يقف بجوار «أم نضال فرحات- إحدى أهم رموز حماس»، التي فقدت 3 من أبنائها أثناء تنفيذهم عمليات مقاومة ضد إسرائيل. عادت الصور إلى الواجهة بعد اتهام الرويني ل6 أبريل بتلقي تدريبات خارجية، حيث تداولت بعض المواقع صور عادل القديمة على أنها صور له في صربيا، وهو ما سارع بنفيه. «أحمد دومة.. لا أبالي بالسجون» لا أبالي من سجونك أو عذابك والقيود أيها الجلاد عربد.. أنت للنار الوقود هكذا يظهر دومة في فيديو قديم يقرأ فيه بعض أشعاره، بينما يظهر خلفه على الجدار شعار جماعة الإخوان المسلمين، في مفارقة غير متوقعة من الناشط الذي عرف عنه شدة عدائه للإخوان. أتى «دومة» من خلفية إخوانية صرفة، فوالده سعد دومة من قيادات الجماعة بالبحيرة، إلا أنه خرج من الجماعة منذ عام 2008 احتجاجًا على موقفها من إضراب 6 أبريل. «دومة» شارك في تأسيس حركة كفاية في عام 2005، كما شارك في تأسيس حركة شباب من أجل الحرية والعدالة عام 2006. تعددت مرات اعتقال دومة خلال عهد مبارك، حتى بلغ مجموعها 5 سنوات، وواصل نشاطه المعارض بعد الثورة، وكان في طليعة الهاتفين «يسقط حكم العسكر»، حتى تم اتهامه بالتحريض على حرق المنشآت العامة، وأودع في سجن طنطا من ديسمبر 2011 حتى أبريل 2012. أثناء عهد الرئيس مرسي تحول دومة إلى أحد أبرز معارضيه، وكان ظهوره الأشهر في مارس 2013، حين ذهب مع عدد محدود من المتظاهرين إلى مكتب الإرشاد، وكتب على الأرض «حظيرة الخرفان» مع سهم يشير إلى مقر الإخوان، قبل أن يقوم أفراد من الإخوان بضربه مع الناشطة ميرفت موسى، وهو ما أدى بعدها لأحداث جمعة رد الكرامة التي سقط بها 234 مصابًا من الطرفين. شارك «دومة» في مظاهرات 30 يونيو، وأعلن فرحته بسقوط نظام مرسي، وتم تعيينه بالمجلس الأعلى للثقافة، إلا أنه عاد للتظاهر رفضًا لما اعتبره عودة لقمع الداخلية وللنظام القديم. وفي 30 نوفمبر صدر حكم على دومة بالغرامة 20 ألف جنيه، بتهمة إهانة الرئيس، على خلفية هجومه على مرسي في أحد البرامج التلفزيونية.